قانون العمل الأردني

كتابة:
قانون العمل الأردني

العمل

إن للعمل أهميّةً كبيرة على الصعيد الشخصيّ والمجتمعيّ والدَّوْليّ، فهو الطريق الذي من خلاله تحقق غايات وأهداف الإنسان المختلفة، ويلبّي احتياجاته واحتياجات أفراد أسرته، من مأكل ومشرب ومسكن وملبس، كذلك يعدّ العمل الوسيلة التي تطور القدرات وتنمي مهارات التواصل الاجتماعية مع الغير، كما أنّه يشغل الإنسان ويبعده عن أي أفعال غير أخلاقيّة قد يلجأ إليها في وقت فراغه، والعمل يطوّر المجتمع، ويعمل على استغلال فرص العمل المتاحة كافّة بشكلٍ مناسب، وفي ذلك سيتمّ بيان نشأة وتطور قانون العمل، ومكانة العمل في الشريعة الإسلامية، وقانون العمل الأردني، والأهمية الاجتماعية لقانون العمل الأردني.

نشأة قانون العمل وتطوره

إنّ العمل شرط أساسيّ لبقاء الإنسان وأفراد أسرته على قيد الحياة، حيث ارتبطت حياته في العصور القديمة بالطبيعة، فكان يعمل على قطع الحجارة وشقّها لتأمين معيشته، ومع التطوّر أصبح صنعه للأدوات أكثر إتقانًا وتطورًا، حيث إنّه قسم العمل في أول مراحله حسب العمر والجنس، ثم تمّ استعمال الأدوات في الصيد البحري ليصبح أهم مصدرًا للرزق، ثم انتقل شيئًا فشيئًا إلى العمل الزراعي على شكل تعاون لاستثمار الأرض، ومن ثمّ تطوّرَ العمل الإنساني مع الزمن، وأصبح الفرد قادرًا على إنتاج فائض من حاجاته الشخصية، مما أدى إلى ظهور التبادل السلعي بين الأشخاص، ومع التقدم وتراكم الخبرة الإنتاجية، نشأت حضارات مختلفة، كالحضارة الرومانية التي اشتهرت بصناعة الخشب والبرونز، كذلك الحضارة الفرعونية، والتي اشتهرت بإنجاز مشاريع في غاية الإتقان كالأهرامات.[١]

أمّا في العصر الحديث، فقد زاد الطلب على فرص العمل، وكثُرت أعداد العمال وأصحاب العمل في شتّى المجالات، وحتّى لا يتمكّن الطرف القوي بالتغوّل على الطرف الضعيف، كان لا بُدّ من وجود أساس قانوني تحكم علاقات العمل، وتحترم حق العامل ومصلحته، ولا تضر بحقوق أرباب العمل، فلجأت الدول إلى تشريع قانون يسمى بقانون العمل، كذلك المشرع الأردني الذي نظم أحكام قانون العمل الأردني بشكل متوازن بين رَبّ العمل والعامل.[١]

العمل في الشريعة الإسلامية

نظّمت الشريعة الإسلامية أحكام العمل تنظيمًا محكمًا، وبيّنت أهميته في حياة الفرد والأسرة، كما أنّ العديد من الآيات الكريمة بينت قيمة العمل وأهميته وحثّت عليه، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[٢]، فهذه الآية الكريمة دعت الإنسان إلى العمل ورغبت به، وأوصته على العمل بأمانة وإخلاص، ويجب أن يكون العمل متناسبًا مع الأجر المقابل له.[٣]

كذلك يجب المحافظة على صحّة العامل، وعدم تشغيله إلّا في أوقاتٍ محدّدة، وتوفير وقت للراحة له، وعدم تحميله طاقةً فوق مقدرته، ويجب على العامل احترام ربّ العمل والمحافظة على أسرار عمله، والقيام بعمله بإتقان، والمحافظة على أدوات العمل وعدم التفريط بها، ويتضح من ذلك أن للعمل أهميّةً ومكانة عالية في الشريعة الإسلاميّة.[٣]

قانون العمل الأردني

يُعرف قانون العمل الأردني على أنّه: "مجموعة من القواعد القانونية التي تحكم علاقات العمل التابع المأجور، والذي يقوم به أشخاص مقابل أجر لحساب أشخاص آخرين وتحت توجيههم ورقابتهم"، وكانت العلاقات الناشئة عن عقود العمل قديمًا تخضع لأحكام القانون المدني، لكن بعد التطوّر التكنولوجي والثورة الصناعية التي أدت إلى صناعة الآلات الثقيلة وزيادة أعداد أصحاب العمل والعمال بصورةٍ كبيرة، ونظرًا إلى أنّ العمال في عقد العمل هم الطرف الضّعيف، كان لِزامًا على المشرِّع التدخّل لحمايتهم، فقام على تنظيم هذه العلاقات بناءً على أسس جديدة تحافظ على حقوق العمال دون إضرار بمصالح أرباب العمل، فشرع قانون العمل الأردني، حيث أعاد التوازن إلى أطراف علاقة العمل.[٤]

حيث استقلّ قانون العمل عن القانون المدني في العديد من قواعده وأحكامه، ولم يعد فرعًا من فروع القانون الخاص، بل أصبح فرعًا من فروع القانون العامّ، ومن المعروف أنّ قواعد القانون العام تتصف بالثبات؛ لأنّها تتعلّق بسيادة الدولة، ولا يجوز بأيّ حال من الأحوال الاتفاق على ما يخالفها أو التنازل عنها، وإلا عد ذلك باطلًا ولا يرتّب أيّ أثر.[٤]

الأهمية الاجتماعية لقانون العمل الأردني

إنّ قانون العمل الأردني يخاطب الطبقة العاملة، حيث إنّ هدف هذا القانون تحسين أحوال العمال وتنظيم ظروف معيشتهم، وتحقيق الحياة الكريمة لهم ولأفراد أسرهم، حيث إن للعمل دورًا أساسيًّا في الحياة الاجتماعيّة والصحيّة والنفسيّة والثقافيّة، وتنعكس قواعد قانون العمل على حياة العمال اليومية والفردية والعائلية، عن طريق تحديد ساعات العمل والإجازات السنوية والأسبوعية والمرضية، كما تحدد النسبة التي تعطى لهم أو لذويهم في حالة المرض أو الوفاة أو الإصابة.[٥]

ويرتبط قانون العمل بالأمن والسلام الاجتماعي، وينظّم العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، ومن الممكن أن تؤدي تبعية العامل لرب العمل إلى نوع من القلق والتوتر والصراع بينهما، مما يتطلب وضع قواعد لإقامة التوازن بين الطرفين وتوفير الحماية لهم، حيث إنّه عندما تنظم روابط العمل تنظيمًا سليمًا فإن هذا يؤدّي إلى انتشار التعاون بين العمال وأصحاب العمل، والقضاء على أيّ نوع من المشاكل والخلافات الاجتماعية والاقتصادية.[٥]

ولا يمكن إنكار دور الطبقة العاملة وتنظيماتها النقابيّة في المشاركة في الحياة السياسيّة، ودورها في سَنّ القوانين والحياة الحزبيّة والتمثيل البرلماني، حيث كان لها دورٌ كبيرٌ في صياغة وسَنّ قوانين العمل، التي كفلت حقوق العمال من أيّ اعتداء وتعسُّف من قِبل أرباب العمل.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب بشير هدفي (2006)، الوجيز في شرح قانون العمل، الجزائر: جسور للنشر والتوزيع، صفحة 15-17. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية: 105.
  3. ^ أ ب عز الدين التميمي (1987)، العمل في الإسلام، الجزائر: شركة الشهاب، صفحة 51-52. بتصرّف.
  4. ^ أ ب عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 42. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ت محمد حسين منصور (1995)، قانون العمل في مصر ولبنان، بيروت: دار النهضة العربية، صفحة 15-16. بتصرّف.
9677 مشاهدة
للأعلى للسفل
×