فرضية النظافة هل التعرض للجراثيم يحمي طفلي من الأمراض؟

كتابة:
فرضية النظافة هل التعرض للجراثيم يحمي طفلي من الأمراض؟

فرضية النظافة

على الرغم من أنّ النظافة من الأمور المحببة والتي تساعد في الوقاية من العديد من الأمراض، لكن ظهر مصطلح في أواخر الثمانينات يُعرَف بفرضية النظافة، ويشار إلى أنّه على العكس ممّا هو متوقع، فإنّ النظافة الزائدة قد تزيد من خطر إصابة الطفل ببعض الأمراض، فما هي فرضية النظافة هذه؟ وما الأمراض التي ترتبط بها؟

فرضية النظافة (Hygiene Hypothesis) نظرية تشير إلى أنّ البيئة التي يعيش فيها الطفل الصغير التي تبدو نظيفة للغاية تشكل تحدّيًا لنظام المناعة الخاص بالطفل، فقد لا يتطوّر بصورة تجعله مُستعدًا للاستجابة للتهديدات المختلفة خلال مرحلة نضوجه، فعندما يبدو الطفل جنينًا يُعتَقَد أنّ الجهاز المناعي يُثبّط لتجنب رفضه أنسجة الأم، لكن عند الولادة يبدأ هذا الجهاز التعرف إلى المستضدات التي قد ترتبط بالعدوى الضارة، وإذا كانت البيئة نظيفة للغاية تشير هذه الفرضية إلى أنّ جهاز المناعة لن ينضج بطريقة صحية، وقد لا يتفاعل بطريقة صحيحة مع الجراثيم سواء أكانت فيروسات أم بكتيريا أم فطريات أم طفيليات أم محفزات بيئية أخرى؛ مثل: حبوب اللقاح ووبر الحيوانات لاحقًا في الحياة، إذ تشير هذه الفرضية إلى أنّ نقص استجابة المناعة نتيجة عدم التعرض لهذه المحفزات يؤدي إلى الإصابة بأمراض متعلقة بالمناعة؛ مثل: الربو في وقت لاحق.[١]


هل التعرض للجراثيم يحمي الطفل من الأمراض؟

تفترض فرضية النظافة أنّ تعرض الأطفال للجراثيم في سن مبكرة يساعد في تقوية مناعة الطفل لمقاومة الأمراض في المستقبل، ولفهم هذه الفرضية يُلخَّص في الآتي تطور جهاز المناعة عند الطفل كما تفسّره هذه النظرية:[١]

  • يؤدي تحفيز جهاز المناعة عند التعرض للجراثيم إلى تكاثر عدد من أنواع الخلايا المناعية؛ مثل: الخلايا التائية والخلايا البائية والبلاعم والحمضات والخلايا القاتلة، وبعضها قد يهاجم الجراثيم والمواد الضارة مباشرةً، أمّا بعضها الآخر فيُنتِج بعض المواد؛ مثل: الأجسام المضادة والسيتوكينات التي تسبب نوبات مناعية أو تٌقوّيها.
  • تشير فرضية النظافة إلى أنّ التأخير في التعرض للجراثيم الطبيعية في الجسم والعوامل الأخرى المسببة للأمراض يجعل الاستجابة المناعية ضعيفة، وهذا قد يؤدي إلى إضعاف قدرة جهاز المناعة على التعرف إلى الاستجابة الالتهابية والاستجابة لها عندما يحددها.
  • يقترح الباحثون أنّ الجراثيم عندما تواجه نظام مناعة ناضجًا تتسبب في استمرار التطور الطبيعي لهذا الجهاز، وبالتالي وفقًا لفرضية النظافة فقد لا تواجه أجهزة المناعة في الرضع والأطفال الصغار التحديات المناسبة لحدوث نمو طبيعي، مما قد يؤدي إلى تطوير مشكلات؛ مثل: الربو والحالات الأخرى المتعلقة بالمناعة.

يُعدّ إثبات فرضية النظافة أمرًا صعبًا ومعقّدًا؛ بسبب تعقيد جهاز المناعة، وصعوبة إجراء دراسات -من ناحية أخلاقية- على الأطفال والرضع، ومثل العديد من الفرضيات، ما تزال الدراسة في أجزاء من هذه الفرضية باستخدام الطريقة العلمية، وعلى الرغم من الجدل الواسع التي أثارته هذه الفرضية، لكن يوجد العديد من الأدلة التي تشير إلى أنّ تعرّض الأطفال في سن مبكرة للجراثيم قد يسهم في وقايتهم من الإصابة بالعديد من الأمراض في المستقبل.[٢][١]


ما الأمراض المرتبطة بفرضية النظافة؟

ارتبطت فرضية النظافة في الأصل بحالات فرط الحساسية؛ بما فيها حالات حمى القش والربو، فقد أشارت هذه الفرضية إلى أنّ الأطفال الذين كبروا في مناطق ريفية توجد فيها الحيوانات كانوا أقل عرضة للإصابة بالربو مقارنة بالأطفال الآخرين، وافترضت فرضية النظافة أنّ ذلك قد يحدث بسبب التعرض المتزايد لفيروسات أو بكتيريا أو طفيليات معينة ساهمت في تقوية جهاز المناعة، مما أدى إلى أن يميّز الجسم بين المواد غير الضارة والمواد الضارة التي تحفز الربو، فحسب هذه النظرية، فإّن التعرض لجراثيم معينة يجعل جهاز المناعة لا يبالغ في رد الفعل المناعي في المستقبل؛ مما يقلل من خطر حدوث الحساسية؛ بما فيها الربو.[٣]

وارتبطت نظرية النظافة بالعديد من الأمراض الأخرى، ومنها ما يأتي:[٤][٥]

  • داء السكري من النوع الأول، هو من الأمراض التي أصبحت منتشرة في أنحاء العالم، وينتشر في الوقت الحاضر بين الأطفال الأصغر سنًا؛ بما في ذلك الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين.
  • التصلب المتعدد، فقد لاحظت الدراسات الوبائية جود علاقة بين انتشار التصلب المتعدد ومستويات النظافة، إذ لُوحظ أنّ المناطق التي تتمتع بمستويات عالية من النظافة ارتبطت بارتفاع خطر الإصابة بالتصلب المتعدد عند مقارنتها بمناطق التي تملك مستويات نظافة أقل.
  • أمراض الأمعاء الالتهابية، تتزايد في الوقت الحاضر حالات الإصابة بمرض كرون والتهاب القولون التقرحي وتشمع الكبد الصفراوي، وقد يعزى هذا الارتفاع إلى حدوث تطوّر في المستوى الطبي وتقنيات التشخيص، لكن لا يُربَط ذلك بهذه التفسيرات فقط؛ لذلك يُعتقد أيضًا أنّ ذلك قد يرتبط بالظروف البيئية وفرضية النظافة.


هل النظافة الزائدة خطيرة؟

معظم الجراثيم الموجودة في البيئة والتي تعيش على الأجسام ليست ضارة فحسب، بل وُجِدَت مع البشر منذ ملايين السنين، ومع تغيّر السلوك البشري خلال نصف القرن الماضي، اختفت العديد من هذه الميكروبات؛ مثل: بعض الذي يعيش في الأمعاء، وتؤدي هذه الميكروبات وظائف حيوية مهمة في الجسم؛ لذلك فإنّ لاختفائها عواقب وخيمة، وبعضها قد يبدو مفيدًا وبعضها قد يبدو ضارًا.

وعند اتباع ممارسة النظافة الزائدة عند التعامل مع الأطفال الرضع بهدف حمايتهم من الأمراض؛ بما في ذلك عمليات التعقيم المستمرة، قد يُحرَمون من فرصة بناء جهاز مناعة قوي قادر على مواجهة الأمراض المختلفة، وبالإضافة إلى حملات النظافة الزائدة التي تمنع الأطفال من التعرض للكائنات الحية الدقيقة الطبيعية المفيدة، وتوجد ممارسات خاطئة متعلقة بالنظافة والسلامة من الأمراض التي قد تؤثر في مناعة الأطفال؛ مثل: الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، الذي يساهم في جعل صحة الأطفال أقل وليس أكثر.

يُعدّ الحفاظ على الصحة الأطفال، كغيرها من جوانب الحياة المختلفة، مسألة إيجاد توازن بين الطرفين؛ لذلك يجب عدم المبالغة في النظافة، وفي الوقت نفسه عدم إهمال نظافة الطفل وتعريضه لبعض الميكروبات التي لا تتكيف مع جسم الإنسان، وتجنب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية؛ فاستخدامها المبالغ فيه قد يُضعِف جهاز مناعة الطفل ويزيد من خطر تعرّضه للأمراض.[٦]


المراجع

  1. ^ أ ب ت Charles P. Davis, MD, PhD, "The Hygiene Hypothesis"، medicinenet, Retrieved 28-6-2020. Edited.
  2. Michael Woods, MD, "he Hygiene Hypothesis: How Valid Is It?"، winchesterhospital, Retrieved 5-7-2020. Edited.
  3. James T C Li, M.D., Ph.D. (14-3-2019), "Does childhood exposure to germs help prevent asthma?"، mayoclinic, Retrieved 5-7-2020. Edited.
  4. Dr. Liji Thomas, MD, "The Hygiene Hypothesis and Autoimmune Disorders"، news-medical.net, Retrieved 5-7-2020. Edited.
  5. Dr. Liji Thomas, MD, "The Hygiene Hypothesis"، news-medical.net, Retrieved 5-7-2020. Edited.
  6. Roy Benaroch, MD (17-9-2014), "Is Dirt Good for Kids?"، webmd, Retrieved 28-6-2020. Edited.
4318 مشاهدة
للأعلى للسفل
×