محتويات
الموت
قد أعطى الله -تعالى- الإنسان الحياة الدنيا لتكون دار العمل والاستزادة؛ وللاستعداد لمرحلة الموت وما بعدها؛ قال -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)؛[١] وذلك لأنّ الميت سيُحاسب عن كل ما قام به في حياته.
وحينها لن تنفعه سوى الأعمال الصالحة التي قام بها؛ لذا لا بدّ من الاستعداد جيداً قبل الندم؛ قال -تعالى-: (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ).[٢]
فضل الصدقة عن الميت
استناداً إلى الأدلة التي تحثّ على الصدقة عن الميت؛ أجمع علماء المسلمين أنّ القيام ببعض الأعمال عن الميت يصل أجرها إليه، وتفيده في قبره؛ ومن هنا جاء الحديث عن فضل الصدقة عن الميت؛ فمن ذلك:
- وصول الأجر للميت
إذ إنّ التصدّق عن الميت يُعتبر من الأعمال التي لا تنقطع أجرها رغم انتهاء الأجل؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له).[٣][٤]
ومن الجدير بالذكر أنّ من الأفضل أن تكون الصدقة أو أية أعمالٍ أخرى تقدّم للميت من ولده، كما أنّ أفضل الصدقات ما كان من مال الميت نفسه، ثم من مال أولاده من الذكور والإناث، ولا بأس من تصدّق المحبين والأصدقاء.
- التكفير عن الميت
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ: (رَجُلًا قالَ للنبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهلْ يُكَفِّرُ عنْه أَنْ أَتَصَدَّقَ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ).[٥] وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أن الصدقة عن الميت تكفّر الذنب وتمحوه؛ لا سيما إن لم يوصِ أو جاءه الموت على غفلة.[٦]
- حصول الأجر للمتصدّق والمتصدّق عنه
عن عائشة -رضي الله عنها-: (أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّ أُمِّيَ افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا، وإنِّي أَظُنُّهَا لو تَكَلَّمَتْ تَصَدَّقَتْ، فَلِي أَجْرٌ أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ).[٧][٨]
- انتفاع الميت بالصدقة
سواء أكان بالتخفيف، أو بالمغفرة؛ أو نحو ذلك، ففي صحيح البخاري: (أنَّ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنْه- تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهو غَائِبٌ عَنْهَا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيءٌ إنْ تَصَدَّقْتُ به عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فإنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا).[٩][٨]
أشكال الصدقة عن الميت
تتعدد أشكال الصدقات وأعمال البرّ التي يُهدى إلى الميت أجرها؛ وفيما يأتي ذكر لبعض هذه الصدقات والأعمال:[١٠]
- سقي الماء؛ وهو أفضل أنواع الصدقة التي ينتفع فيها الميت، مثل توزيع الماء على الناس، أو حفر بئر للماء في مسجد، أو على الطريق لخدمة المارة، أو التبرع بكولر للماء في المسجد.
- المشاركة في بناء المساجد.
- طباعة المصاحف وتوزيعها على الناس.
- إطعام الطعام والتبرّع بالملابس.
- غرس الأشجار.
- مساعدة طلاب العِلم وتوزيع الأموال عليهم.
- المساهمة في تجهيز الجيوش للجهاد في سبيل الله -تعالى-.
الأمور التي ينتفع منها الميت
من خلال الاطلاع على نصوص القرآن الكريم، والسنة النبوية، والآراء المعتبرة لأهل العلم؛ نجد أنّ من الأمور التي ينتفع بها الميت ما يأتي:[١١]
- الدعاء والاستغفار له
حيث جاء في القرآن الكريم دليل على جواز الدعاء للميت: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ)،[١٢] وجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (اللَّهمَّ اغْفِرْ لحيِّنا وميِّتِنا).[١٣]
كما حثّ الصحابة على الدعاء للميت بعد دفنه والسؤال له بالتثبيت لأنّه سيُسأل، واستمر الصحابة من بعده على هذا النهج والدعاء لجميع المسلمين.
- الصوم
لما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- من ضرورة قضاء الصوم عن الميت الذي لم يستطع قضاءه في حياته؛ حيث قال: (مَن مَاتَ وعليه صِيَامٌ صَامَ عنْه ولِيُّهُ).[١٤]
- الحج
حيث يجوز للحي أن يحجّ عن الميت، ويصله أجر هذا الحج بإذن الله -تعالى-؛ فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال لمن سألت عن الحج: (نَعَمْ، حُجِّي عَنْها، أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَتَهُ؟، قالَتْ: نَعَمْ، فقالَ: اقْضُوا اللَّهَ الذي له، فإنَّ اللَّهَ أحَقُّ بالوَفاءِ).[١٥]
- قراءة القرآن الكريم
وهذا هو رأي أهل السنة، لكن ذهب بعض العلماء أنّ الأجر لا يصل.[١٦]
المراجع
- ↑ سورة الملك، آية:2
- ↑ سورة الزمر، آية:56
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن صحيح مسلم، الصفحة أو الرقم:1631، صحيح.
- ↑ [عبد الله حماد الرسي]، دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي، صفحة 7. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1630، صحيح.
- ↑ [محمد صالح المنجد]، دروس للشيخ محمد المنجد، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1004، صحيح.
- ^ أ ب [محمد بن إبراهيم التويجري]، موسوعة الفقه الإسلامي، صفحة 106. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2756، صحيح.
- ↑ "افضل الصدقات عن الميت"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/11/2022. بتصرّف.
- ↑ "انتفاع الميت بالصدقة عنه"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 6/11/2022. بتصرّف.
- ↑ سورة الحشر، آية:10
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن والد أبي إبراهيم الأشهلي، الصفحة أو الرقم: 1023، حسن صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1952، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:7315، صحيح.
- ↑ "القرءة يصل ثوابها للميت"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 6/11/2022. بتصرّف.