فضل سورة الدخان

كتابة:
فضل سورة الدخان

سورة الدخان

تعدُّ سورةُ الدخان من السور المكية، حيثُ نزلت على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، وهي في الجزء الخامس والعشرين، رقمها من حيث الترتيب في المصحف الشريف 44، عدد آياتها 59، سمِّيت سورة الدخان بهذا الاسم لأنَّ الله تعالى جعل الدخانَ آيةً من آياته التي يُرهبُ بها الكافرين وقد ذكرَه في هذه السورةِ؛ قال تعالى: "يومَ تَأتي السَّماءُ بدُخانٍ مبينٍ" [١]، وسنبيِّنُ في هذا المقال فضل سورة الدخان وبعضَ ما تضمَّنته من عبرَ وأحكام.

مضامين سورة الدخان

تتحدَّث آيات سورة الدخان في بدايتِها عن نزولِ القرآن الكريم في ليلةٍ مباركةٍ وهي ليلةُ القدرِ؛ يقول تعالى: "إنَّا أنزلنَاه في ليلةٍ مباركةٍ إنَّا كنَّا منذرين" [٢]، ثمَّ تدورُ الآياتُ في فلكِ التوحيد والآياتِ العظيمة التي تدلُّ على وحدانيةِ الخالق -تبارك وتعالى-، ثمَّ تتطرَّقُ الآياتُ للحديثِ عن قصَّة موسى -عليه السلام- وفرعونَ وبيي إسرائيل، قال تعالى: "ولقَدْ فتنَّا قَبلهُمْ قومَ فرعوْنَ وجاءَهُمْ رسُولٌ كَرِيمٌ"،[٣]، ثمَّ تتناول منكري البعث والنشور بردٍّ مبينٍ من لدُن حكيمٍ خبيرٍ، وتشيرُ إلى عقوبة الكافرين والعذاب الشديد الذي أعدَّه الله تعالى لهم؛ قال تعالى: "إنَّ شَجرَتَ الزقُّومِ (43) طعامُ الأثِيمِ (44) كالمُهْلِ يغْلِي في البطُونِ (45) كغلْيِ الحمِيمِ (46) خذوهُ فَاعتِلوهُ إلَى سَواءِ الجحِيمِ (47) ثمَّ صبُّوا فَوقَ رَأسهِ منْ عَذابِ الحمِيمِ (48) ذقْ إنَّكَ أنْتَ العزِيزُ الكرِيمُ (49) إنَّ هَذا ما كُنتمْ بهِ تَمترُونَ (50)"،[٤]، ثمَّ تنزلُ بقيَّة الآيات بردًا وسلامًا على قلوبِ المؤمنين عندما تصفُ نعيم الجنَّة وما أعدَّه الله تعالى لهم؛ قال تعالى: "إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54)"،[٥].[٦].

فضل سورة الدخان

كغيرها من سوَر القرآن الكريم وردَ في فضل سورة الدخان العديدُ من الأحاديثِ الشريفة، كما في الحديثِ الذي يبيِّنُ فضل قراءة سورة الدخان في ليلةِ الجمعة، قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من قرأَ سورةَ الدخان في ليلةِ الجُمعة؛ غُفِر لهُ"،[٧]. وفي حديثٍ آخرَ قالَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من قرأَ سورةَ الدخان في ليلةٍ أصبحَ يستغفرُ له سبعونَ ألفَ ملك" [٨]. وكما في فضل قراءة القرآن كلِّه فإنَّ قراءةَ سورة الدخان له أجرٌ كبير كما في الحديثِ الذي قالَ فيه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ".[٩].[١٠].

تفسير آية يوم تأتي السماء بدخان مبين

اختلفَ العلماءُ في معنى الدخانِ المذكورِ في الآيةِ على عدَّة أوجهِ، فمنهم من قال: إنَّ ذلك الدخان كان حينَ دعا الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- على قومه أن يؤخَذوا بسنينَ كسني يوسف -عليه السلام- فأصابتهُم مجاعةٌ، والمقصودُ بالدخان ما كان يصيبُ أبصارَهم من شدَّة الجوع والعطشِ فيرون ما يشبهُ الدخان في السَّماء؛ كما وردَ في الحديث الذي رواه ابن جرير عن مسروق قال: "كنَّا جلوسًا عندَ عبد الله وهو مضطجعٌ بينَنا فأتاه رجلٌ فقال: إنَّ قاصًّا يقصُّ عندَ أبواب كِندةَ ويزعمُ أنَّ آيةَ الدُّخانِ تجيء فتأخذُ بأنفَاسِ الكفارِ ويأخذُ المؤمِنينَ منهُ كهيئةِ الزُّكام فجلسَ عبد الله وهو غضبَانُ فقالَ: يا أيُّهَا الناسُ اتقوا الله فمن علمَ منكُم شَيئًا فليقُلْ بهِ ومن لم يعلمْ فليقُلِ: الله أعلمُ؛ فإنَّهُ أعلمُ لأحدِكم أَنْ يَقول لمَا لا يعلمُ: اللهُ أعلمُ؛ قالَ الله -جلَّ وعلا- لنَبيِّه -صلَّى اللهُ عَليه وسلَّم-: "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ"،[١١]، إن رسُولَ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لمَّا رأى مِنَ الناسِ إدبارًا قالَ: "اللَّهمّ سَبعًا كسَبعِ يوسُفَ" فأخَذتهم سنةٌ حتَّى أكلُوا المَيتةَ والجلود ويَنظرُ أحدُهُم إلى السَّماءِ فيرى كَهيئةِ الدخانِ فجاءَه أبو سُفيانَ فقالَ: يا محمَّد، إنَّكَ جئتَ تأمرُ بطَاعةِ اللهِ وصلَةِ الرَّحم وإنَّ قومَكَ قد هلَكُوا مِن جوعٍ فادْع اللهَ لهم، قال اللهُ -جلَّ وعلا-: "فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ" [١]، إلى قولِه: "يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ" [١٢]، فالبَطشةُ يومُ بدرٍ، وقد مضت آيَة الدُّخان والبَطشةِ واللِّزامِ والرُّومِ"،[١٣]، وقد وافقَ ابنُ مسعود على تفسير الآيةِ بهذا التفسيرِ وكذلك وافقهُ جماعةٌ من السلف كمجاهد وإبراهيم النخعي والضحَّاك.

وأمَّا القول الآخر: فهو أنَّ الدخان علامةٌ من علامات الساعة الكبرى يظهرُ في السماء، ولم يأتِ بعد، ويروى ذلك عن علي وابن عباس وجمع من التابعين، وهذا ما رجَّحه الإمام ابن كثير، والله تعالَى أعلم.[١٤].

المراجع

  1. ^ أ ب {الدخان: الآية 10}
  2. {الدخان: الآية 3}
  3. {الدخان: الآية 17}
  4. {الدخان: الآيات 43، 44، 45، 46، 47، 48، 49، 50}
  5. {الدخان: 51، 52، 53، 54}
  6. سورة الدخان, ، "www.al-eman.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 19-10-2018، بتصرف
  7. الراوي: أبي بن كعب، المحدث: الألباني، المصدر: السلسلة الضعيفة، الصفحة أو الرقم: 4632، خلاصة حكم المحدث: ضعيف جداً
  8. الراوي: أبو هريرة، المحدث: ابن الجوزي، المصدر: موضوعات ابن الجوزي، الصفحة أو الرقم: 1/405، خلاصة حكم المحدث: تفرد به عمر بن راشد قال أحمد بن حنبل: لا يساوي شيئًا
  9. الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: المنذري، المصدر: الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 2/296، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما
  10. فضائل سور القرآن الكريم, ، "www.saaid.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 19-10-2018، بتصرف
  11. {ص: الآية 86}
  12. {الدخان: الآية 16}
  13. الراوي: عبدالله بن مسعود، المحدث: ابن حبان، المصدر: صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 4764، خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه
  14. تفسير فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين, ، "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 19-10-2018، بتصرف
4206 مشاهدة
للأعلى للسفل
×