سورة العلق
سورة العلق أو سورة اقرأ أو سورة اقرأ باسم ربّك واحدةٌ من قصار سور المفصَّل المكيّة، نزلت على الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غار حراءٍ في الليلة السابعة عشرة من شهر رمضان في العام الأربعين بعد عام الفيل، وتقعُ آياتها التسعة عشرة في الربع السابع من الحزب الستين من الجزء الثلاثين، وهي السورة السادسة والتسعون في ترتيب سُور المصحف العثماني، وتشتملُ السورة على سجدة تلاوةٍ في آخر آيةٍ منها، وهذا المقال يسلط الضوء على فضل سورة العلق.
مضامين سورة العلق
سورة العلق تضمّنت موضوعًا أساسيًّا هو بَدْء نزول الوحي الإلهيّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- وتكليفه بحمل الرسالة، ودعوة الناس إلى الدخول في الإسلام، وترك عبادة الأوثان من خلال نزول أو آيةٍ في القرآن وتلقينها للرسول وهو الأُمي الذي لا يقرأ ولا يكتب، كما تضمنّت السورة ما يأتي:
- تعظيم شأن القراءة والكتابة كمتطلذبٍ متلازمٍ مع القراءة، وفي ذلك إيماءةٌ واضحة إلى أنّ الإسلام ابتدأ بالاهتمام بالقراءة والعلم كونَهما المكوّنيْن الرئيسيْن لقيام الدول والشعوب.
- توجيه الناس إلى التفكّر في خلقهم وممّا خُلقوا، والغاية من خلق الناس ومصيرهم في الآخرة.
- التهديد والوعيد لكلّ من كذب النبيّ أو خالفه وآذاه، وأنّ الله سبحانه عالمٌ ومطلعٌ بهؤلاء الأعداء.
- حثّ الرسول الكريم على التقرب إلى الله بالعبادة والسجود والطاعة، وكونه منصورًا بقوة الله الغالبة لقوة مشركي قريشٍ ومن آزرهم من الأعراب. [١]
فضل سورة العلق
فضل سورة العلق الذي لا يُضاهيه فضلٌ بين سائر سُور القرآن الكريم أنّها أول سورةٍ نزلت على النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وهو معتكفٌ في غار حراء في شهر رمضان كعادته كلّ سنةٍ؛ فكانت بداية نزول الوحي كما جاء في الحديث الطويل الذي يُخبر عن بداية الوحي: "فكان يأتِي حِرَاءً فيَتَحَنَّثُ فيه، وهو التَّعَبُّدُ، الليالِيَ ذواتِ العَدَدِ، ويَتَزَوَّدُ لذلك، ثم يَرْجِعُ إلى خديجَةَ فتُزَوِّدُهُ لمِثْلِها، حتى فَجِئَهُ الحقُّ وهو في غارِ حِرَاءٍ، فجاءه المَلَكُ فيه، فقال: اقْرَأْ، فقال له النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأخَذَني فَغَطَّني حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأَخَذَني فغَطَّني الثانيةَ حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَني فقال: اقْرَأْ، فقُلْتُ: ما أنا بِقَارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثالثةَ حتى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ، ثم أَرْسَلَنِي فقال:"اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ"[٢] -حتى بَلَغَ- "عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"[٣]" [٤] سوى ذلك لم يصحَّ حديثٌ في فضل سورة العلق دون سائر السُّور؛ ففضل سورة العلق بالقراءة كغيرها، الحرفُ بحسنةٍ والحسنة بعشر أمثالها، وقال ابن كثيرٍ في فضل سورة العلق: "فأول شيء نزل من القرآن الآيات الكريمات المباركات، وهن أول رحمة رحم الله بها العباد، وأول نعمة أنعم الله بها عليهم". [٥][٦]
فليدع ناديه سندع الزبانية
قال تعالى: "فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ"[٧] نزلت هذه الآية الكريمة في أبي جهلٍ وهو أحدُ أسياد قريشٍ في الجاهليّة وكان له نادٍ يجتمع فيه مع بقيّة أسياد قريشٍ وأشرافها للتكلم في الشؤون كافّة، وكان سبب نزول الآية أنّ أبا جهلٍ مرَّ على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو يُصلّي عند المقام في البيت الحرام، فقال أبو جهلٍ للنبيّ: ألم أنْهِكَ، أيْ عن الصلاة في البيت الحرام، وتوعّدَ الرسول؛ فأغلظ الرسول له في الردّ، فقال له أبو جهلٍ: بأيّ شيءٍ تهدّدني يا محمد وأنا أكثر أهل الوادي ناديًا؛ فنزلت الآية الكريمة والتي قال عنها ابن عباس: لَو دَعَا نَادِيَهُ، أَخَذَتهُ زَبَانِيَةُ العَذَابِ مِن سَاعَتِهِ كما جاء في الحديث الذي صححه الألباني على شرط مسلم: "كان يُصلِّي عند المقامِ، فمرَّ به أبو جهلِ بنِ هشامٍ، فقال: يا محمدُ ألم أنهكَ عن هذا؟ وتوعَّدَه، فأغلظ له رسولُ اللهِ وانتهرَه، فقال: يا محمد بأيِّ شيٍء تُهدِّدُني؟ أما و اللهِ إني لأكثرُ هذا الوادي ناديًا، فأنزل اللهُ "فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ* سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ"[٧] قال ابنُ عباسٍ: لو دعا ناديَهُ أخذتْهُ زبانيةُ العذابِ من ساعتِه" [٨]
المراجع
- ↑ تفسير القرآن التحرير والتنوير سورة العلق،, "www.islamweb.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 16-10-2018، بتصرف
- ↑ {العلق: الآية 1}
- ↑ {العلق: الآية 5}
- ↑ الراوي: عائشة أم المؤمنين، المحدث: البخاري، المصدر: صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 6982، خلاصة حكم المحدث: صحيح
- ↑ سورة العلق،, "www.alukah.net"، اطُّلع عليه بتاريخ 16-10-2018، بتصرف
- ↑ في رحاب قوله تعالى: ﴿اقرأ وربك الأكرم﴾،, "www.kalemtayeb.com"، اطُّلع عليه بتاريخ 16-10-2018، بتصرف
- ^ أ ب {العلق: الآية 17- 18}
- ↑ الراوي: عبدالله بن عباس، المحدث: الألباني، المصدر: السلسلة الصحيحة، الصفحة أو الرقم: 275، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح على شرط مسلم