إذا كنت من مدمني المسلسلات ومستعداً لأن تجلس بالساعات أمام شاشة الحاسوب والتلفاز دون أن تنهض من على الأريكة، أنت في خطر لا تعرف عنه شيئاً بعد!
لا بد أنك سمعت مسبقاً بمصطلح (Binge - watching)، تم إعلان هذا المصطلح مصطلح العام في 2015 في قاموس كولنز في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعني مشاهدة المسلسلات والبرامج التلفازية بشكل متواصل دون توقف ولساعات، لدرجة أن تقوم بإنهاء حلقات موسم كامل أو جزء كامل دون أن تنهض من سريرك أو من على الأريكة! ولكن ما لم تكن تعرفه أن هذا قد يسبب لك الموت بسبب خثرة دموية في الرئة، تتكون بصمت أثناء جلوسك مستمتعاً بالمشاهدة!
يبدأ الانصمام الرئوي عادة بخثرة دموية تتشكل في القدم أو الحوض نتيجة قلة الحركة والنشاط البدني ما يؤدي إلى نقص في تدفق الدم. وقد تنطلق هذه الخثرة من المنشأ حتى تستقر في أحد الأوعية الدموية في الرئة، مشكلة تهديداً خطيراً وإنذاراً لكارثة قيد الصنع.
تجنب الأخطار الصحية أثناء المشاهد بهذه الخطوات
إذا كنت ممن يحبون قضاء وقت طويل أمام التلفاز أو أمام شاشة حاسوبك لمشاهدة حلقات مسلسلك المفضل، تستطيع القيام بالخطوات البسيطة التالية للتخفيف من احتمال إصابتك بالانصمام الرئوي:
- بعد ما يقارب الساعة على جلوسك أمام الشاشة، انهض وقم ببعض حركات التمدد البسيطة، امشي في أنحاء المنزل.
- إذا لم تجد في نفسك القدرة على التوقف عن المشاهدة، وأنت جالس حاول أن تمد وتبسط عضلات قدميك على مدى 5 دقائق كاملة.
- قد يساعدك شرب الماء إلى حد ما.
- حاول أن تقاوم الرغبة في مشاهدة الحلقة التالية!
دراسات حديثة وأرقام
قبل أن نبدأ بتناول بعض الدراسات في هذا الصدد، فلننظر قليلاً إلى بعض الإحصائيات والأرقام في الوطن العربي عن مشاهدة التلفاز. في إحصائية تم إجراؤها على ما يقارب 1000 مشاهد من قبل شبكة التلفزيون OSN عام 2013 وجد أن:
- في مصر:
- 37% من المصريين يمضون 3 إلى 5 ساعات يومياً أمام التلفاز.
- 26% من المصريين يمضون ساعة إلى 3 ساعات يومياً أمام التلفاز.
- 15% من المصريين يمضون ما معدله 5 إلى 7 ساعات يومياً خلال فترة شهر رمضان أمام التلفاز.
- في المملكة العربية السعودية:
- 33% يمضون 3 إلى 5 ساعات يومياً أمام التلفاز
- في الكويت:
- 30% يمضون 3 إلى 5 ساعات يومياً أمام التلفاز
- في الإمارات العربية المتحدة:
- 32% يمضون 3 إلى 5 ساعات يومياً أمام التلفاز
دراسة يابانية
في دراسة حديثة نشرت في " Journal Circulation" شملت أكثر من 86,000 ياباني تتراوح أعمارهم بين 40 - 70 عاماً لمراقبة ساعات مشاهدتهم يومياً للتلفاز، تم تتبع حياة كل منهم لمدة 19 عاماً، ليتوفى خلال هذه الفترة منهم 59 شخصاً بسبب الانصمام الرئوي. ووجدت الدراسة أن احتمال الوفاة من الانصمام الرئوي عند من سجل أنهم يقضون 2.5 - 4.9 ساعات يومياً في مشاهدة التلفاز ازداد بنسبة 70% مقارنة بمن كانوا يقضون أقل من 2.5 ساعة يومياً أمام التلفاز. ومع كل ساعتين إضافيتين في مشاهدة التلفاز وجد أن نسبة احتمال الإصابة بالانصمام الرئوي ازدادت بنسبة 40%. أما الأشخاص الذين كانوا يشاهدون التلفاز لمدة 5 ساعات أو أكثر فإن احتمال إصابتهم بالانصمام الرئوي ازداد بمقدار 2.5 ضعف.
ويقول ناشر الدراسة، الدكتور تورو شيراكاوا، باحث في الصحة العامة في كلية الدراسات الطبية العليا في جامعة أوساكا، أن نتائج هذه الدراسة يجب أن تكون بمثابة جرس إنذار لدول أخرى مثل أمريكا، والتي يشاهد فيها السكان البرامج المتلفزة بنسبة أكبر من الشعب الياباني، ويضيف الدكتور شيراكاوا "إن الشعبية المتزايدة لمشاهدة البرامج والمسلسلات على التلفاز وشاشات الحاسوب لساعات دون توقف (Binge - watching)، قد تعني أن هذا الموضوع أصبح عادة عند كثيرين". ونستطيع ملاحظة تزايد الطلب على هذا كذلك في العالم العربي عن طريق قيام بعض الشبكات المتلفزة الكبرى بطرح قنواتها الخاصة على الانترنت والتي تنفرد من خلالها بعرض حلقات جديدة لم تعرض بعد على شاشة التلفاز، بالإضافة إلى سرعة توافر الحلقات حال بثها على التلفاز على شبكة الانترنت!
ومع أن الدراسة لم تستطع إثبات علاقة (سبب - نتيجة) مباشرة بين مشاهدة التلفاز وتكون الخثرات، يرجح الباحثون إلى أن خطر الموت من مشاهدة البرامج المتلفزة قد تكون أرقامه الحقيقية أكبر بكثير مما ورد في الدراسة، وذلك لأن هذه الحالة بالذات قد يصعب تشخيصها.
ومن الجدير بالذكر أن أبرز أعراض الانصمام الرئوي هي: ألم في الصدر وانقطاع في النفس (وهي أعراض لأمراض خطيرة أخرى كذلك). ويتطلب تشخيص الانصمام الرئوي تصويراً بالأشعة قد لا يكون متوافراً في الكثير من المشافي.
دراسة أمريكية
هل تسبب مشاهدة البرامج الاكتئاب؟ أم العكس؟
سجلت العديد من حالات الشعور بالاكتئاب والإحباط والفراغ والقلق والتوتر حال الانتهاء من مشاهدة الحلقات، ومع عدم وجود بحوث تؤكد ذلك بأرقام نظراً لحداثة ظاهرة ال "Binge-watching"، إلا أن دراسة أمريكية حديثة أشارت إلى ارتباط هذه الظاهرة بمشاعر الوحدة والاكتئاب. كما وجدت الدراسة أن من يشاهدون البرامج بهذه الطريقة غالباً ما يواجهون صعوبة في التوقف عن المشاهدة، ما يرجح احتمال دخول هذا النوع من السلوك في خانة الإدمان. ولكن، نوه القائمون على الدراسة إلى أن البحث الحاصل لم يعتمد على تأكيد علاقة (السبب والنتيجة)، هو فقط أكد ارتباط هذه الاعتلالات النفسية بالظاهرة المذكورة، بل ذهب بعض الباحثين إلى طرح تساؤل لم تحسم نتيجته بعد "هل تدفع الحالات النفسية السلبية الشخص لمشاهدة التلفاز دون توقف أم العكس؟".
لذا، في المرة القادمة التي تفكر فيها بالضغط على كبسة الحلقة "التالية"، فكر مرتين.