فن الكتابة في العصر العباسي الثاني

كتابة:
فن الكتابة في العصر العباسي الثاني


حال الكتابة في العصر العباسي الثاني

على الرّغم من التراجع السياسي في الحكم الفعلي للخلفاء العباسيين في الحقبة الثانية من عمر الدولة العباسية، إلا أن بذور المعرفة والثقافة التي نثرت في كل دروب الدولة منذ أيام العصر الذهبي الأول لها آتت أكلها بشكل ملحوظ في عصرها الثاني، فنلحظ نهضة واضحة في العلوم المختلفة والآداب عامة وازدياد واضح في الإقبال على صناعة الورق.[١]


عوامل تطور الكتابة في العصر العباسي الثاني

إنه لمن الصعب جدًا الحديث عن العصر العباسي الثاني دون الرجوع إلى العصر العباسي الأول، ذلك أن بدايات النهضة الحضارية والثقافية والتي عكستها وأوصلتها إلينا الكتابة بشكل عام بدأت بالنمو والتكاثر في العصر العباسي الأول نتيجة ما أولاه الخلفاء من اهتمام في كل مجالات العلوم والآداب، على عكس ما حصل في العصر العباسي الثاني من تراجع للخلافة العباسية مقابل النفوذ التركي الذي تحكم في مناصب الدولة الرفيعة.[٢]


وهكذا فإن الجهود المبذولة في سبيل تطور الكتابة في الحقبة الثانية من العصر العباسي كانت تعتمد بشكل أساسي على الكتاب أنفسهم، ويمكن تلخيص أبرز العوامل التي أدت إلى تطور الكتابة في العصر العباسي الثاني بهذه النقاط:[٢]

  • تطور حركة الصناعات الورقية في الدولة.
  • اتساع رقعة حدود الدولة العباسية مما أدى إلى تعدد واضح في الثقافات والحضارات كالهندية والفارسية واليونانية التي ألهمت الكتاب العديد من القصص ومواضيع الكتابة الجديدة وغير المسبوقة.
  • انتشار العلوم بشكل واسع مما كان لا بد فيه من تدوينها.
  • اشتراط وجوب معرفة وإتقان الكتابة لكل من يتم تعيينه في الدولة في أي من مناصبها.
  • المنافسة بين ولاة الدولة العباسية على اجتذاب الأدباء والكتاب.


مجالات الكتابة في العصر العباسي

تنوعت مجالات الكتابة في العصر العباسي تنوعًا كبيرًا وشملت كل نواحي الحياة، ومن مجالاتها:

الرسائل

اشتهرت كتابة الرسائل في العصر العباسي وانقسمت إلى نوعين اثنين هما: الرسائل الديوانية والرسائل الإخوانية.


  • الرسائل الديوانية

وهي الرسائل الخاصة بشؤون الدولة وما كان يصدر من الخليفة أو الوزراء والأمراء لتسيير شؤونها، وسميت بالديوانية نسبة لديوان الرسائل، وقد اشتهرت الرسائل الديوانية في العصر العباسي الأول بشكل كبير واستمر الأمر حتى العصر العباسي الثاني، ومن أشهر الرسائل الديوانية في العصر العباسي الثاني: رسائل نظام الملك، رسائل العلاء بن الموصلايا، رسائل الصابئ، وتعد الرسائل الديوانية وثائق الخلافة نفسها، وهي عبارة عن الرسائل التي كُتبت في ذلك الوقت من الخلفاء العباسيين إلى السلاجقة ووزرائهم وأمراء الولايات الإسلامية العباسية.[٣]


  • الرسائل الإخوانية

وهي الرسائل الخاصة التي كانت تُرسل بين الكتاب أنفسهم، وقد تعددت أغراضها بتعدد مناسباتها ومواضيعها مثل: التعزية، الاعتذار، التهنئة، الشكر، الشكوى، الشوق، وقد بدأت هذه الرسائل على يد ابن المقفع في العصر العباسي الأول وبلغت أوجها في العصر العباسي الثاني، ومن أشهر الرسائل الإخوانية في العصر العباسي الثاني: رسالة ابن الوردي في رثاء الإمام هبة الله الشافعي، ورسائل إخوان الصفا، وهي عبارة عن مجموعة من الرسائل الفلسفية بمواضيع علمية متنوعة، وقد اعتبرها البعض موسوعة علمية شاملة.[٤]


الوصايا

وهي كتابات نثرية وأقوال برع باستخدامها الخلفاء العباسيون، والوصية قول حكيم بين شخصين الموصي فيها شخص ذو خبرة وافية من تجارب الحياة، أبرزها ما كان يكتبه الخليفة لولده يوصيه فيها بإقامة حدود الله ومراعاتها في حكمه وخلافته.[٥]


التوقيعات

فن كتابي نثري تألق في عهد الدولة العباسية، وهي شيء رسمي خاص للخليفة والولاة المنتشرين في الدولة التابعين لهم، ويكون على شكل تذييل في نهاية الرسالة من الخليفة يوافق بها على ما جاء أو يقدم بها تحذيرًا ونصحًا معينًا.[٦]


المناظرات

وقد كانت من أنواع الكتابات النثرية المعروفة والمرموقة في ذلك الوقت، وكانت تشهدها العديد من مجالس الخلفاء والولاة.[٧]


أبرز كتاب العصر العباسي الثاني

لمعت أسماء كتاب كثر في العصر العباسي الثاني، ومنهم:


المراجع

  1. شوقي ضيف، العصر العباسي الثاني، صفحة 513. بتصرّف.
  2. ^ أ ب شوقي ضيف، العصر العباسي الثاني، صفحة 513-515. بتصرّف.
  3. شوقي ضيف، العصر العباسي الثاني، صفحة 551-553. بتصرّف.
  4. شوقي ضيف، العصر العباسي الثاني، صفحة 562-563. بتصرّف.
  5. د روداك النورسي، وصايا الأدباء والخلفاء والحكماء في العصر العباسي: دراسة فنية، صفحة 127-128. بتصرّف.
  6. يونس اللهيبي، أدب زهاد التابعين، موضوعاته وفنونه، سلسلة الرسائل والدراسات الجامعية، صفحة 73-74. بتصرّف.
  7. شوقي ضيف، العصر العباسي الثاني، صفحة 535. بتصرّف.
  8. د جنان الهماوندي، رحلة أبي دلف مسعر بن مهلهل الخزرجي، صفحة 9. بتصرّف.
  9. أحمد بن الحسين، مقامات بديع الزمان الهمذاني، صفحة 3. بتصرّف.
  10. أبو محمد بن عثمان الحريري، مقامات الحريري: المقامات الأدبية، صفحة 3. بتصرّف.
6116 مشاهدة
للأعلى للسفل
×