مفهوم الإيثار
يعود أصل الإيثار في اللغة إلى آثر يؤثر إيثار، وهو التفضيل والتخصيص، وفي الاصطلاح الشرعي يُطلق الإيثار على من يقدّم الآخر على نفسه في النفع، ودفع الضرر، وهو أعلى مراتب الأخوة، وعرّفه ابن مسكويه فقال: هو فضيلة من فضائل النفس تدفع صاحبها إلى الامتناع عن بعض ما يحتاجه لنفسه ليقدّمه لآخر يستحقه.[١]
وذلك يُعد زهداً في أمر الدنيا، ورغبةً فيما عند الله في الآخرة، وقيل الإيثار هو أن يجود بالمال مع حاجته إليه،[٢] ويعدّ الإيثار أعلى مراتب الكرم والسخاء التي ليس بعدها مرتبة، إذ يقدّم الإنسان للآخر ما يحتاجه، وقد مدح الله -تعالى- الصحابة الذين اتصفوا بالإيثار فقال: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)،[٣] ويعود أصل الإيثار من قوة اليقين بالله والإيمان به، وشدّة محبته، والصبر على بلاء الدنيا ومشقتها.[٢]
الإيثار في الإسلام ومراتبه
يعدّ الإيثار خلقاً من الأخلاق التي جاء فيها الإسلام وأوصى بها، فهو من أعلى مراتب البذل والكرم والعطاء والتقديم للغير، وبناءً على ذلك فقد أثنى الله على ما تخذ الإيثار صفةً له، ووصفهم أنّهم من المفلحين في الدنيا والآخرة.[٤]
قال -تعالى-: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)،[٣] فقد قدّم الأنصار أموالهم وبيوتهم للمهاجرين، ولو كان لهم فيها حاجة، إلّا أنّهم قدموا حاجة إخوانهم على حاجة أنفسهم.[٤]
ووصف ابن تيمية أنّ الإيثار مع الخصاصة هو ما يكون عطاءً ممزوجاً بالحبّ، فهم يقدّمون ما لديهم مع حبّهم في التقديم والعطاء،[٤] وقد جعل ابن القيم للإيثار ثلاث درجات على النحو التالي:[٥]
- إيثار الخلق على النفس بما لا يهدر ديناً، ولا يقطع طريقاً، ولا يأخذ وقتاً، كأن تطعمهم وأنت جائع، بحيث أنّ العطاء لا يؤدي إلى إتلاف أمر من أمور الدين.
- إيثار رضا الله على رضى غيره، ولو أدّى ذلك إلى غضب المخلوق، وهذه درجة الأنبياء، ويتعرض المؤثر في هذه المرتبة إلى الكثير من الابتلاءات والمحن، ويحتاج إلى الصبر.
- القيام بالإيثار ونسبته إلى الله لا إلى النفس، فالله -سبحانه وتعالى- هو المؤثر والمعطي في الحقيقة.
فوائد الإيثار
للإيثار فوائد كثيرة، منها ما يأتي:
- دليل على كمان الإيمان، وحسن الإسلام.[٦]
- دليل على علوّ الهمّة، والتخلص من حبّ الذات الذي ذمّه الإسلام.[٦]
- الدخول ضمن دائرة عباد الله المفلحين.[٦]
- محبّة الآخرين والرحمة بهم.[٦]
- تحقيق محبة الله لعبده، ثمّ رضاه عنه.[٧]
- نشر المحبة والمودّة والألفة بين الناس.[٧]
- دليل على كرم النفس وحبّها للعطاء وتقديم الخير للآخرين.[٧]
- دليل على حسنّ ظنّ العبد بربّه.[٧]
- حسن الخاتمة.[٧]
- جلب البركة وتنمية الخير.[٧]
- علامة من علامات الرحمة التي توجب الجنّة وتنجّي من النار.[٧]
المراجع
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1433)، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 97، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين ، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، صفحة 221، جزء 4. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة الحشر ، آية:9
- ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين (1433)، موسوعة الأخلاق الإسلامية، صفحة 99، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين ، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة 4)، جدة :دار الوسيلة ، صفحة 629-630، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث أمين الشقاوي (2017)، الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة (الطبعة 1)، صفحة 197، جزء 10. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ مجموعة من المؤلفين ، نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (الطبعة 4)، جدة :دار الوسيلة، صفحة 640، جزء 3. بتصرّف.