محتويات
فوائد البخور للحسد
هل الشياطين تخاف من البخور؟
قد يتسائل البعض عن فوائد البخور للحسد، والحقيقة أنّه ليس هنالك فائدة من ذلك، وقد أفتى علماء الأمة الإسلامية بأنّ ذلك ليس له أصل في الشّرع الإسلامي لا في الأدلّة الشرعيّة ولا في كلام الفقهاء، وكذلك لا يجب للمسلم أن يعتقد أنّ شيئًا ما قد يضرّ أو ينفع من دون دليل شرعيّ أو عقليّ،[١] وأمّا اتّخاذ البخور لرد العين والتبرّك به فهو ممّا لا أصل له، وهو من الخرافات التي ينبغي للمسلم الابتعاد عنها، والله أعلم.[٢]
هل كان الرسول يستخدم البخور؟
قبل الحديث عن استخدام رسول الله للبخور لا بد من ذكر الأحاديث التي ورد فيها البخور حيثُ قال رسول الله: "أيما امرأةٍ أصابت بخورًا، فلا تشهدْ معنا العشاءَ الآخرةَ"،[٣] وقال رسول الله في حديثٍ يصفُ به أهل الجنة وما هم به من نعيم: "ومجامِرُهم الأَلُوَّةُ"،[٤] وقال ابن حجر: "ومجامرهم الألوة، الألوة هي العود الذي يُبخر به، قيل جُعلت مجامرهم نفس العود"، والمجامر جمع مجمرة وهي المبخرة وسببُ تسميتها بذلك؛ هو أن الجمر يوضع فيها لتفوح منه رائحة العود أو غيره من البخور.[٥]
ودلت الأحاديث النبوية السابقة أن رسول الله قد استخدمَ البخور وتطيبَ به كما ثبت من كلام ابن عمر رضي الله عنهما، لذلك فلا حرج من استخدامه ولكن ليس بقصد دفع الأذى أو الحسد فلم يثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنه فعل ذلك، وقد جعلَ الإسلام طرائق أُخرى يستطيع العبد من خلالها أن يحمي نفسه من الحسد والعين وما شابه ذلك، والذي ثبت في سنة رسول الله -كما أُسلف في الأحاديث- أنه كان يستخدم البخور ليتطيب به.[٥]
كيف يمكن تحصين النفس من العين والحسد؟
لقد أحاطت الشريعة الإسلامية حياة الفرد من جميعِ نواحيها ولم تترك فجوةً قد تُسببُ ضررًا للإنسان إلا وملأتها بما يُبعدُ عنه الضرر ويُعد الحسد والعين من الآفات التي ينبغي التحصنُ والاحتراز منها وتؤثر على الفرد في حياتِهِ كلها، ولم تغفل الشريعة الإسلامية عن إرشادِ المُسلم لتحصيناتٍ لا يقوى عدوٌ على اختراقِها، وحثت الشريعة المُسلمين على التمسك بها لأهميتها ولشدةِ الحاجةِ لها.[٦]
وقد جاءت هذه التحصينات من حديثُ رسول الله لابن عباس حيث قال: "يَا غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُْمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اُللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَْقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُف"،[٧] وقد تضمن الحديث الشريف أهم ما يحتاجه المسلم فس حياته ليبعد عن نفسه ما يضره ويبقى في حفظ الله، وأما كيف يمكن تحصين النفس من العين والحسد فهو كما يأتي:[٦]
الاستعاذة بالله تعالى
كيف يمكن تحصين النفس من العين والحسد عن طريق للاستعاذة بالله؟
تكون الاستعاذة بالله تعالى عن طريق اللجوء إليه والاستعانة به والاستعاذة به من الحسد والعين كأن يقول العبد: "أعوذ بالله من الحسد أو أعوذ بالله من العين"، والاستعاذةُ من الحسد قد وردت في حديثٍ مرفوعٍ عن رسول الله، ومن صيغِ الاستعاذةِ أيضًا قول: قل أعوذ برب الفلق، أو قراءة سورة الفلق فهي حرزٌ للمسلم من العين والحسد قال ابن القيم: "لما كان الحاسد أعم من العائن، كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة".[٨]
وفي الحديث عن الحسد والعين قال النسفي: "فإن الاستعاذة من شر هذه الأشياء، بعد الاستعاذة من شر ما خلق إشعار بأن شرّ هؤلاء أشدّ وختم بالحسد ليعلم أنه شرّها"، ولهذا فقد حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- على تحصين النفس كل صباح ومساء والاستعاذة بالله تعالى من الشرّور ومن مسببات الأذى للمسلم.[٨]
الذكر الشرعي
ما هو الذكر الشرعي الذي يحمي الإنسان من الحسد والعين؟
بعد الإخلاص والتوكل على الله تعالى يأتي دور الذكر الشرعي في تحصين النفس من العين والحسد وأعظم الذكر هو الحفاظ على تلاوة القرآن الكريم وتدبره، فهو أكثر ما تحاول الشياطين الصدَّ والابتعاد عنه؛ ولذلك أمر الله تعالى بالاستعاذة عند البدء بتلاوة القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ}،[٩] والله أعلم.[١٠]
ومن الآيات التي تدل على حفظ الله تعالى للإنسان بتلاوة القرآن الكريم هو قول الله تبارك وتعالى:{وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا}،[١١] فلا شيء أعظم من تلاوة آيات الله مع الإيمان واليقين بأن الله تعالى هو من يملك أمر الإنسان كله، فمن توكل على الله وأخذ بالأسباب ومنها تحصين النفس بالذكر والقرآن والالتجاء إلى الله تعالى فإنّه يحفظه الله ويكفيه ما همه وضرّه.[١٢]
الدعاء
هل يحمي الدعاء من الحسد والعين؟
يُعرف الدعاء بأنّه الطلب من الله تعالى وحقيقتُه تكون في التذلل والافتقار لله تعالى، والدعاء عبادة يحبها الله تعالى ودعا إليها رسول الله فيجب التزام الدعاء لشأنه العظيم ولفضله وأهميته،[١٣] ومن فضائل الدعاء أنه يحمي العبد من الحسد والعين فقد ثبتَ في سنة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عددٌ من الأدعية التي تحفظ الإنسان وتبعد عنه ما يصيبه من الأمراض والآفات ولا شك أن الحسد أعظمها.[١٤]
وليحصن الإنسان نفسه من الحسد والعين فعليه بالدعاء إضافةً لحرصه على تلاوة آيات الله تعالى وهي كثيرة منها آية الكرسي والفاتحة والإخلاص والمعوذتين وغيرها من آيات القرآن الكريم التي تحفظ الإنسان، ومن الدعاء الذي ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للوقاية من العين والحسد والأمراض قول: "أذْهِبِ البأسَ ربَّ النَّاسِ، اشْفِ أنت الشَّافي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفاؤُك، شفاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا"،[١٥] وقول: "أَعُوذُ بكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِن كُلِّ شيطَانٍ وهَامَّةٍ، ومِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ"،[١٦] وغيرها مما ورد في سنة النبي عليه الصلاة والسلام.[١٤]
قراءة سورة البقرة
ما دور سورة البقرة في الحماية من الحسد والعين؟
تُعد سورة البقرة من السور العظيمةِ التي تحمي المسلم وتحصنه من العين والحسد والسحر، وقد وردَ فضلها في أحاديث كثيرة إذ قال النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: "لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ"،[١٧] فسورة البقرة نور للبيت وحرزٌ له وطاردةٌ للشياطين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا سورةَ البقرةِ؛ فإنَّ أخْذَها بركةٌ، وترْكُها حسرةٌ، ولا تستطيعُها البطَلَةُ"،[١٨] فبيّن النبي -عليه الصلاة والسلام- أهمية هذه السورة في حفظ الإنسان من البطلة ومن كيدهم؛ وهم السحرة، وهي حرزٌ وحمايةٌ للإنسان.[١٩]
آية الكرسي
هل آية الكرسي تحفظ الإنسان من الحسد والعين؟
تُعدُ آية الكرسي أعظم آية في كتاب الله تعالى، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أحدَ الصحابة، وحثّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على قراءتها في أدبار الصلوات المفروضة وقبل النوم؛ لما لها من فضلٍ عظيمٍ، وقد جاء في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن قرائتها بعد الصلاة تضمن لقارئها الجنة،[٢٠] فمن يتحصن يآية الكرسي وهو متوكلٌ على الله تعالى فقد التجأ لله -تعالى- واعتصم به، فهو الحافظ لعباده والقادر على إبعاد شرّ الشياطين عنهم، وهو القادر على حمايتهم ممّن أراد بهم ضررًا.[٢١]
المعوذتان
كيف تحمي المعوذات الإنسان من الحسد والعين؟
يطلق لفظ المعوذتَين على سورة الفلق وسورة الناس، وقد ورد في السورتين الكثير من أحاديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- التي تبين فضلَ هاتين السورتين، وتبين المنفعة العظيمة التي تعود على المسلم من قراءتهما، فلا يستغني أحد عن هذا الحرز العظيم، فقراءةُ المعوذات تبطل السحر وتُبعد العين والشر، ولا تقِلُّ حاجة الإنسان لهذا الحرز العظيم عن حاجته للماء والهواء.[٢٢]
وأخيرًا فالسحر والعين آفتان تصيبان الإنسان ويرهقانه كما يرهقه المرض، بل وقد تكونان عليه أصعب من المرض الجسدي، لذلك فقد أوجد الله -تعالى- من رحمته للمسلمين حصنًا وذكرًا يقيه هذه الأمراض، فالقرب من الله تعالى والتوكل عليه هو الطريق لحفظ النفس، والالتزام بالذكر الذي حثّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على قراءته، وقراءة الآيات التي تحمي من الحسد وقراءة المعوذتان لما لهما من دور في حفظ الإنسان وإبعاد الشر والأذى عنه.[٢٢]
المراجع
- ↑ "لا يجوز اعتقاد النفع في شيء من غير دليل شرعي أو عقلي"، دار الإفتاء، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-03. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 1423. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:444، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3327، حديث صحيح.
- ^ أ ب ملتقى أهل الحديث، أرشيف ملتقى أهل الحديث، صفحة 466. بتصرّف.
- ^ أ ب خالد الجريسي، التحصين من كيد الشياطين، صفحة 111. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2516، حديث صحيح.
- ^ أ ب محمد بن عبد المعطي، العين حق، صفحة 100. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية:98-100
- ↑ خالد الجريسي، التحصين من كيد الشياطين، صفحة 115. بتصرّف.
- ↑ سورة الإسراء، آية:45
- ↑ خالد الجريسي، التحصين من كيد الشياطين، صفحة 116. بتصرّف.
- ↑ الخطابي، شأن الدعاء، صفحة 4. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الطب والمرضى، صفحة 400. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:3883، سكت أبو داود عن هذا الحديث وقد قال في رسالته إلى أهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3371، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:780، حديث صحيح .
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:804، حديث صحيح.
- ↑ خالد الجريسي، التحصين من كيد الشياطين، صفحة 117. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة القصص، صفحة 5. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة القصص، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 4480. بتصرّف.