محتويات
صلاة الجماعة
الصّلاة لغة: الدعاء، لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ}،[١] أي ادع لهم، وشرعاً: عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتّكبير، ومختتمة بالتّسليم،[٢] والصّلاة هي الصّلة بين العبد وربّه، وهي موجودةٌ في الشّرائع السّماوية السّابقة، والدّليل قوله تعالى: {يا مَريَمُ اقنُتي لِرَبِّكِ وَاسجُدي وَاركَعي مَعَ الرّاكِعينَ}،[٣] ولكن ليست كصلاة المسلمين من حيث الأوقات والهيئات، وقد فرضها الله تعالى ليلة الإسراء والمعراج، وهي ثاني أركان الإسلام وأهمّها بعد الشّهادتين، وقد ذكرت في القرآن أكثر من ستّين مرّة مقترنة بالزّكاة ومفردة،[٤] والجماعة لغة: عدد كل شيء وكثرته، والجمعُ: تأليف المتفرِّق؛ وفي الاصطلاح الشّرعيّ: تطلق على عدد من النّاس، مأخوذة من معنى الاجتماع، وأقل ما يتحقّق به الاجتماع اثنان: إمام ومأموم، وفي هذا المقال سيتمّ بيان فوائد صلاة الجماعة.[٥]
حكم صلاة الجماعة
قبل الحديث عن فوائد صلاة الجماعة، يجب معرفة حكم صلاة الجماعة، فقد اختلف العلماء في حكم صلاة الجماعة، فذهب البعض إلى أنّها فرض عين على البالغين من الذّكور دون الإناث مع خلوّهم من الأعذار المعتبرة التي تسقط الوجوب، وذهب آخرون إلى أنّها فرض كفاية، فإن تهاون بها الجميع أثموا وقوتلوا حتّى يقيموها، ودليلهم قول النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم: "ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بَدْو لا تُقَام فيهِم الصلاةُ إلا قد استحوذَ عليهم الشّيطانُ، عليكَ بالجماعةِ فإنّما يأكلُ الذّئبُ من الغنمَ القاصيةَ"،[٦] بينما ذهب آخرون إلى أنّها سنّة مؤكّدة، واستدلّوا بقول النّبيّ –صلّى الله عليه وسلّم-: "صلاةُ الجماعةِ تفضلُ على صلاةِ الفذِّ بسبعٍ وعشرينَ درجةً"،[٧] فقالوا لو لم تكن صلاة الفذّ صحيحة لما فاضل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بينها وبين صلاة الجماعة، وكذلك لو لم يكن لمن صلّى منفردًا درجات لما زاد عليه من صلّى في جماعة، وهذا الفضل يعتبر أيضًا من فوئد صلاة الجماعة .[٨]
فوائد صلاة الجماعة
لبيان فوائد صلاة الجماعة، بعد معرفة حكمها، واختلاف العلماء فيه، وأيّا كان الرّأي الصّحيح إلّا أنّ فوائد صلاة الجماعة كثيرة وعظيمة ، ومنافعها متعدّدة وجليلة على الأمّة جمعاء، وقد شرعت من أجل هذه الفوائد والمنافع صلاة الجماعة، ومن فوائد صلاة الجماعة:[٩]
- شرع الله صلاة الجماعة على هذه الأمّة لتحافظ على تعاضدها وتحاببها وتراحمها، كالصّلوات الخمس وصلاة الجمعة وصلاة العيدين والوقوف بعرفة.
- التّعبّد لله تعالى بهذا الاجتماع، بزيادة الثّواب، والخوف من العقاب، والرّغبة فيما عند الله تعالى.
- زيادة المودّة والتّحابب فيما بينهم، وتفقّد بعضهم البعض، بعيادة مرضاهم وتشييع موتاهم
- سبب في تعارف المسلمين على بعضهم البعض، وزيادة الألفة فيما بينهم.
- ومن فوائد صلاة الجماعة تعلّم ما يفتقر إليه المسلم من أمور دينه، من الإمام أو من المأمومين.
- تعويد الأمة الإسلامية على الاجتماع وعدم التفرق، من خلال المحافظة على الجماعة، فصلاة الجماعة تشكّل ولاية مصغّرة يقودها الإمام.
- الجهر بأعظم شعيرة من شعائر المسلمين، وهي اجتماعهم للصّلاة، وإظهار تعاضدهم وتحاببهم وتكاتفهم من خلال اجتماعاتهم الدّوريّة لغيظ الكفّار والمنافقين.
- تعويد المسلم على ضبط النّفس من خلال التزامه بالإمام في قيامه وركوعه وسجوده وتسليمه.
- إحساس المسلمين بالمساواة فيما بينهم، وتحطيم الفوارق الإجتماعية من خلال وقوفهم جميعًا ضمن صفوف متساوية في المسجد خلف إمام واحد؛ يتحرّكون بحركته، وينصتون لقراءته.
فضل صلاة الجماعة
إنّ الصّلاة فريضة من الفرائض التي افترضها الله سبحانه على عباده، وقد تمّ بيان فوائد صلاة الجماعة، ومن عظم أهمية الصّلاة في الإسلام أن ثواب أدائها في جماعة أفضل بكثير من صلاتها منفرداً، وإن المتأمل في القرآن الكريم، يجد أن الله -تبارك وتعالى- أمر بالمحافظة على أداء الصّلاة في وقتها، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا}[١٠]، ومن فضائل صلاة الجماعة:[١١]
- تزيد صلاة الجماعة على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة.
- يعصم الله المصلّين مع الجماعة من الشّيطان.
- يزداد فضل الصّلاة مع الجماعة بزيادة عدد المصلّين.
- براءة من النّار، وبراءة من النّفاق لمن صلَّى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك تكبيرة الإحرام.
- من صلّى الصّبح في جماعة فهو في ذمّة الله وأمانه حتّى يمسي.
- من صلّى الفجر في جماعة ثمّ جلس فذكر الله حتّى طلعت الشمس فله أجر حجّة وعمرة.
- من صلّى العشاء في جماعة فكأنّما قام نصف اللّيل، ومن صلّى الصّبح في جماعة فكأنّما صلّى اللّيل كلّه.
- اجتماع ملائكة اللّيل والنّهار في صلاة الفجر والعصر، ثم يعرجون، فيخبرون الله تعالى -وهو أعلم بذلك- بأنّهم تركوا عباده وهم يصلّون.
- عجب الله تعالى من الصّلاة في الجماعة؛ لمحبته لها.
- التّبكير إلى المساجد وانتظاره الصّلاة مع الجماعة هو في صلاة، قبل قيامها وبعد انتهائها، مادام في مصلّاه.
- تدعو الملائكة لمن أدّى الصّلاة مع الجماعة قبل الصّلاة وبعدها مادام في مصلّاه، ما لم يُحْدِث أو يرتكب أذى.
- فضل الصف الأول وميامن الصفوف في صلاة الجماعة، وفضل وصلها.
- مغفرة الله ومحبته لمن وافق تأمينه تأمين الملائكة.
- المشي إلى المساجد لأداء فريضة من فرائض الله تعالى، فإنّ خطوتيه إحداهما تحطّ خطيئة والأخرى ترفع درجة.[١٢]
- عظم الدّرجات في الجنّة بكثرة الذّهاب إلى المساجد لأداء فرائض الله تعالى.[١٢]
- المحافظة على أداء صلاة الجماعة سبب في كمال إيمان العبد.[١٢]
أعذار التّخلّف عن صلاة الجماعة
لقد سبق بيان معرفة فوائد صلاة الجماعة، وكذلك حكمها، وقد علّق أكثر أهل العلم على الحديث الشّريف: "مَن سمِع النِّداءَ فلم يُجِبْ فلا صلاةَ له إلَّا مِن عذرٍ"،[١٣] وقالوا بأنّ النّفي هنا في قوله "لا صلاة" ليس المراد به نفي الصّحّة، وإنّما نفي الكمال، فلا تكمل صلاة من سمع النّداء إلا في المسجد، وقالوا بأنّ هذا الكمال كمال واجب، وليس كمال استحباب، فإنّ الحضور إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة واجب الرّجال دون النّساء، ولا يحلّ لهم التّخلف عنها إلّا لعذر، لقول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "وَلقَدْ رَأَيْتُنَا وَما يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ"،[١٤] إلّا أنّ هناك أعذار شرعية تبيح التّخلّف عن الجماعة، كحضور الطّعام ونفسه تتوق إليه[١٥] ومن الأعذار المبيحة أيضًا مدافعة الأخبثين، للحديث عائشة -رضي الله عنها- عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "لا صلاةَ بحَضْرَةِ طعامٍ ، ولا وهو يُدافِعُه الأَخْبَثانِ"،[١٦] ومن الأعذار أيضاً أن يكون هناك مطر ووحل فإنّ ذلك يشكّل مشقّة في حضور المساجد فللإنسان أن يصلّي في بيته، وكذلك الخوف على النّفس أوالأهل أو المرض،[١٧] فمن كان مهدّدًا في نفسه أو في أهله أو في ماله فله أن يتخلّف عن الجماعة، والمراد بسماع النداء في الحديث السّابق، أن يكون من مؤذّن صوته مسموع عادة.[١٥]
المراجع
- ↑ سورة التّوبة، آية: 103.
- ↑ "في تعريف الصلاة، وفضلها، ووجوب الصلوات الخمس:"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 06-11-2019.
- ↑ سورة آل عمران، آية: 43.
- ↑ "تعريف الصلاة وأهميتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
- ↑ د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صلاة الجماعة - مفهوم، وفضائل، وأحكام، وفوائد، وآداب في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 5-8. بتصرّف.
- ↑ رواه النووي ، في المجموع ، عن أبو الدرداء، الصفحة أو الرقم: 4/182، إسناده صحيح.
- ↑ رواه لألباني، في صحيح النسائي، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 836، صحيح.
- ↑ "مذاهب العلماء في حكم صلاة الجماعة "، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
- ↑ "فوائد صلاة الجماعة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 103.
- ↑ د. سعيد بن وهف القحطاني، كتاب صلاة الجماعة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 31-54. بتصرّف.
- ^ أ ب ت "فضل صلاة الجماعة"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 2064.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 654، صحيح.
- ^ أ ب "ما هي الأعذار التي تبيح للرجل ترك الجماعة"، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 07-11-2019. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع ، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 7509، صحيح.
- ↑ د. سعيد بن وهب القحطاني، صلاة الجماعة في ضوء الكتاب والسنّة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 97. بتصرّف.