فوائد صلاة قيام الليل
اعتنى النبي -صلى الله عليه وسلم بقيام الليل، وأولاه اهتمامًا كبيرًا، فقد كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، وكان يجتهد فيه اجتهادًا عظيمًا، فقد ورد في الحديث الشريف: (أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هذا يا رَسولَ اللَّهِ، وقدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ؟ قالَ: أفلا أُحِبُّ أنْ أكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ).[١]
وفي هذا الحديث دلالة على عظم هذه الصلاة وفضلها الكبير، فرغم زحمة واجباتِ النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ إلا أنه لم يتركها يومًا، وذلك لفضائلها وفوائدها العظيمة، ومن أهم فوائدها ما يأتي:[٢]
- صلاة قيام الليل من أعظم أسباب دخول الجنة، وقد جاء في الحديث الشريف قوله -عليه الصلاة والسلام-: (أَيُّها الناسُ أَفْشُوا السلامَ، وأَطْعِمُوا الطعامَ، وصَلُّوا والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلوا الجنةَ بسَلَامٍ).[٣]
- لقيام الليل فضل كبير فهو سبب رفع الدرجات في الجنة يوم القيامة، فقد جاء في الحديث قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ في الجنةِ غُرَفًا يُرَى ظاهِرُها من باطِنِها، وباطِنُها من ظاهِرِها، أعدَّها اللهُ تعالى لِمَنْ أطعمَ الطعامَ، وألانَ الكلامَ، وتابعَ الصِّيامَ، وصلَّى بِالليلِ والناسُ نِيامٌ).[٤]
- عد الله -تعالى- أهل القيام من المحسنين المستحقين لرحمته وعفوه وجنته يوم القيامة، يقول -تعالى-: (كانُوا قَلِيلا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).[٥]
- امتدح الله -عز وجل- أهل القيام، وعدهم من جملة عباده الأبرار، وهذه منزلة عظيمة، يقول -تعالى- في مدح عباده الأبرار: (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا).[٦]
- أهل قيام الليل لا يتساوون مع غيرهم، فقد نفى الله التسوية بينهم وبين غيرهم من العباد ممن لم يتصف بصفتهم، فقال -تعالى-: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ).[٧]
- أهل قيام الليل مشهود لهم بالإيمان الكامل، فقد قال -تعالى- عنهم: (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).[٨]
- إن قيام الليل من أهم أسباب تكفير الذنوب، وهو دأب الصالحين، وسبب من أسباب التقرب إلى الله -تعالى-، وهو أفضل صلاة بعد صلاة الفريضة.
- قيام الليل شرف للمؤمن، وذلك لقوله جبريل -عليه السلام- للنبي الكريم: (يا محمدُ عِشْ ما شئتَ فإنك ميِّتٌ ، وأحبِبْ ما شئتَ، فإنك مُفارِقُه، واعملْ ما شئتَ فإنك مَجزِيٌّ به، واعلمْ أنَّ شرَفَ المؤمنِ قيامُه بالَّليلِ، وعِزَّه استغناؤه عن الناسِ).[٩]
- إن مما يغبط عليه المسلم قيامه في الليل، وذلك لعظم أجره، فهو خير من الدنيا وما فيها، كما أنّ قراءة القرآن أثناء قيام الليل مغنمةٌ عظيمة.
حكم صلاة قيام الليل
إن صلاةَ قيام الليل من النوافل المطلقة، وهي سنة مؤكدة أمر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وحرص عليها حرصًا شديدًا،[١٠] ومن الأدلةِ الشرعية على استحباب صلاة قيام الليل قوله -تعالى-: (يا أيها الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلً).[١١]
وقوله -تعالى- أيضًا: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)،[١٢] وقوله -تعالى-: (كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).[٥]
وقت صلاة قيام الليل
يبدأ وقت صلاة قيام الليل من بعد صلاة العشاء، ويجوز أن يصليها المسلم في أي وقت من أوقات الليل، أوله أو أوسطه أو آخره، وقد صلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلاة قيام الليل في كل تلك الأوقات، إلا أن أفضل أوقات صلاة الليل الثلث الأخير من الليل، ففيها يتعرض المسلم للنفحات الربانية، وهي ساعة نزوله -تعالى-، وساعة المغفرة وقبول الدعاء.[١٣]
وفي الحديث الشريف: ( يَنزِلُ اللهُ تبارك وتعالى حين يبقى ثُلُثُ الليلِ الآخِرُ كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدنيا فيقولُ من يسألُني فأُعطيَه من يدعوني فأستجيبَ له من يستغفرُني فأغفرَ له).[١٤]
المراجع
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين ، الصفحة أو الرقم:4837 .
- ↑ سعيد بن علي بن وهف القحطاني، صلاة التطوع، الرياض:مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان، صفحة 113 - 119. بتصرّف.
- ↑ رواه الترمذي ، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن سلام ، الصفحة أو الرقم:2485 ، خلاصة حكم المحدث صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في صحيح الجامع، عن أبو مالك الأشعري ، الصفحة أو الرقم:2123 ، حسنه الألباني.
- ^ أ ب سورة الذاريات، آية:17 - 18
- ↑ سورة الفرقان، آية:64
- ↑ سورة الزمر، آية:9
- ↑ سورة السجدة، آية:15- 16
- ↑ رواه الألباني ، في السلسلة الصحيحة، عن سهل بن سعد الساعدي وجابر بن عبدالله وعلي بن أبي طالب ، الصفحة أو الرقم:831 ، خلاصة حكم المحدث حسن بجموع الطرق.
- ↑ محمد بن إبراهيم بن عبد الله التويجري، مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة (الطبعة 11)، المملكة العربية السعودية:دار أصداء المجتمع، صفحة 532. بتصرّف.
- ↑ سورة المزمل، آية: 1- 4
- ↑ سورة الإسراء، آية:79
- ↑ أبو مالك كمال بن السيد سالم (2003)، صحيح فقه السنة وأدلته وتوضيح مذاهب الأئمة، القاهرة:المكتبة التوفيقية، صفحة 400، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1145.