محتويات
قانون الإثبات
يعدّ قانون الإثبات من أهمّ القوانين في الدولة؛ لأنّه يضمّ مجموعة من القواعد والإجراءات التي تبيّن كيفية إثبات المسائل المدنية والجزائية عند نشوب النزاعات بين الخصوم، وبالتالي فإنّ قانون الإثبات يبين كيفية إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق المحددة في القانون، وتتنوع طرق الإثبات التي نص عليها قانون الإثبات، ومن هذه الطرق: الأدلة الكتابية والشهادة والإقرار واليمين والقرائن والمعاينة والخبرة، وكل دولة من دول العالم شرعت مثل هذا القانون، وفي الآتي سيتم بيان قانون الإثبات الإماراتي، وموضوع الإثبات، والقواعد العامة في الإثبات، وشروط الواقعة الواجب إثباتها.
قانون الإثبات الإماراتي
نَصَّ المشرِّع الإماراتي على طرق الإثبات التي يستطيع الخصم بواستطها إقامة الحجة أمام القضاء بما يدعيه، وفيما يأتي بيان طرق الإثبات التي نص عليها المشرع الإماراتي في قانون الإثبات الإماراتي:[١]
- الدليل الكتابي: ويعرف الدليل الكتابي على أنّه: "الدليل المحرر كتابة بقصد إثبات التصرف القانوني أو الواقعة القانونية"، وهناك ثلاثة أنواع للدليل الكتابي، كالمحرّرات الرسمية التي ينظمها موظف عام في حدود اختصاصه طبقًا للأوضاع القانونية السائدة، ولهذه المحررات قوة كبيرة في الإثبات، فتعدّ حجة على الناس كافة، ولا يطعن بها إلا بالتزوير، أما المحررات العرفية فهي التي تشتمل على توقيع أو ختم أو بصمة من صدرت عنه، وتعدّ حجة على من صدرت منه دام لم ينكره، وأخيرًا المحررات غير الموقع عليها، التي ليس لها أي قوة في الإثبات إلا في حالات قليلة.
- الشهادة: تعرف الشهادة على أنّها: "إعلان أو تصريح يقدمه شخص حول وقائع معينة عرفها بنفسه شخصيًا"، وبالتالي فإن الشهادة هي خبر، والخبر قد يحتمل الكذب أو الصدق، وبالتالي فإن الدليل الكتابي أقوى من الشهادة في الإثبات.
- القرائن: وتعرف القرينة على أنها: "النتيجة التي يستخلصها القانون أو القاضي من واقعة معلومة لمعرفة واقعة مجهولة"، وهناك نوعين من القرائن، القرائن القانونية التي يستنبطها القانون نفسه، كأن يعتبر القانون التأشير على السند قرينة على حصول الوفاء، والقرائن القضائية، وهي التي يستخلصها القاضي من ظروف الدعوى.
- الإقرار: وهو إخبار الإنسان بحق عليه لشخص آخر وذلك أمام القضاء أثناء السير بالدعوى المتعلقة بالواقعة المراد إثباتها، ويشترط أن يصدر الإقرار عن شخص كامل الأهلية، وأن لا يكذب ظاهر الحال الإقرار.
- اليمين: تعرف اليمين بشكل عام: "قول يتّخذ فيه الحالف ما يعتقد في ضميره شاهدًا على صدق ما يقول"، ولليمين أنواع، اليمين الحاسمة واليمين المتممة، أما اليمين الحاسمة فهي اليمين التي يلجا إليها المدعي بعد أن يفتقد جميع طرق الإثبات، فيقوم بتحليف المدعى عليه اليمين ويحتكم إلى ضميره، وبالنسبة لليمين المتممة فهي تعزز دليلًا ناقصًا في الدعوى.
- المعاينة والخبرة: وهي من الأمور التي تتعلق بالإجراءات أكثر من تعلقها بالقواعد الموضوعية، لكنها تعدّ دليلًا فعالًا في الإثبات.
موضوع الإثبات
بعد بيان طرق الإثبات في قانون الإثبات الإماراتي، لا بدّ من معرفة ما هو محلّ الإثبات، ويجب معرفة أن محل الإثبات هو ليس الحق ذاته الذي يتعلق به النزاع، إنما مصدر هذا الحق، وبالتالي فإن مصدر الالتزام وحده هو الواقعة القانونية التي تكون محلًا للإثبات، ومن المعلوم أن مصادر الالتزام المنشئة للحقوق هي: العقد والإرادة المنفردة والفعل الضارّ والفعل النافع والقانون، فإذا لم يَفِ المشتري بقيمة البضاعة التي اشتراها من البائع، فإنّ على البائع أن يثبت عدم سداده لقيمتها عن طرق المصدر المنشئ لهذا الالتزام، ألا وهو العقد، أما إذا قام شخص بإيقاع الإيذاء على شخص آخر، فإن المسؤولية التقصيرية تقوم، وعلى الشخص المتضرر أن يثبت الأذى الذي وقع به من خلال إثبات مصدر هذا الأذى وهو الفعل الضار، ومن خلال الأمثلة السابقة تبين أن الواقعة القانونية هي مصدر لكلّ الحقوق، وقد تكون واقعة اختيارية أو واقعة طبيعية.[٢]
القواعد العامة في الإثبات
إنّ هناك قواعد عامّة في الإثبات نصّت عليها معظم قوانين الإثبات في الدول، كما أنّ قانون الإثبات الإماراتي تضمنها في مطلعه، وهذه قواعد مهمّة لا يجوز مخالفتها، وسيتم بيان هذه القواعد بإيجاز:
- الأصل براءة الذمة: هذه القاعدة من القواعد العامة التي أخذت بها جميع الدول؛ لأنّه من الطبيعي أن ذمة كل شخص بريئة، وغير مشغولة بأي حق للآخرين، ومن يدعي خلاف هذه القاعدة عليه أن يثبت ذلك، فكلما أثبت أحد الخصوم أمرًا لصالحه، وجب على الخصم الآخر إثبات عكسه، وبالتالي فإن عبء الإثبات ينتقل بين الخصمين إلى أن يعجز أحدهما عن الإثبات، فيحكم عليه في الدعوى بسبب عجزه.[٣]
- عدم جواز الحكم بالعلم الشخصي: لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الشخصي، وهذا يتحتم على القاضي أن يتقيد بمبدأ الحياد بين الخصوم، وألّا يحكم حسب منظوره الخاص في الدعوى، بل يجب أن يحكم بناءً على الأدلة التي قدمت إليه، ويجب أن يكون الحكم الذي توصل له منطقيًا وسليمًا ومبنيًا على أسس قوية وثابتة.[٤]
شروط الواقعة الواجب إثباتها
حسب ما يبيّن قانون الإثبات الإماراتي وما نصّ عليه، فإن الواقعة المراد إثباتها يجب أن تحقّق مجموعة من الشروط حتى يعدّ إثباتها صحيحًا، ويمكن إجمال شروط الواقعة الواجب إثباتها فيما يأتي:
- أن تكون الواقعة محدّدة تحديدًا نافيًا للجهالة، كأن يستند شخص في إثباته لموضوع ما إلى عقد لم يبين ماهيته، هل هو عقد بيع أم عقد إيجار.
- أن يكون هناك نزاع قائم بين الأفراد حول حقّ معين؛ لأنّ مجرد اعتراف الخصم بوجود هذا الحق بذمته لا يكون هناك داعي لإثباته.
- يجب أن تكون الوقائع الواجب إثباتها متعلقة بالدعوى، فلو كانت غير متعلقة بالدعوى لا تقبل.
- أن تكون الواقعة المراد إثباتها جائزًا إثباتُها وغير مخالفة للنظام العامّ، كإثبات دين قمار.[٥]
المراجع
- ↑ عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 236-267. بتصرّف.
- ↑ السنهوري، الوجيز في للإلتزامات، بيروت: إحياء التراث العربي، صفحة 649--650. بتصرّف.
- ↑ سليمان مرقس (1957)، أحكام الإلتزام، القاهرة: دار النشر للجامعات المصرية، صفحة 888، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ محمد سعيد نمور (2016)، أصول الإجراءات الجزائية (الطبعة الرابعة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 231-233.
- ↑ عباس الصراف، جورج حزبون (2014)، المدخل إلى علم القانون (الطبعة الخامسة عشرة)، عمان-الأردن: دار الثقافة للنشر والتوزيع، صفحة 234-235. بتصرّف.