قانون العمل الإماراتي

كتابة:
قانون العمل الإماراتي

العمل

قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[١]، من خلال هذه الآية الكريمة تتجلى أهمية العمل في الدين الإسلامي، حيث دعا الإسلام إلى العمل ورغب به، وأمر المسلمين أن يؤدّوا أعمالهم بإتقان وحرص؛ لأنهم مسؤولون أمام الله عن ذلك، وللعمل أهمية كبيرة في حياة الإنسان، لذلك كان من واجب الدول أن تقوم بتنظيم أحكامه وقواعده في قانون خاص به، لذلك ظهر ما يسمى بقانون العمل، وبالتالي سيتم توضيح قانون العمل الإماراتي، وتطور قانون العمل، وسماته.

قانون العمل الإمارتي

يعد قانون العمل الإماراتي من أكثر القوانين في العالم إنصافًا للعامل ومحافظةً على أدنى حقوقه، حيث وفر حياةً كريمة للعامل وأفراد أسرته، حيث أصبح العمال يتركون دولهم توجهًا إلى الإمارات بحثًا عن فرص العمل، ولقانون العمل الإماراتي دور بارز في حياة العامل الإجتماعية، وهذا الدور لا يقتصر على العامل فقط، بل ينعكس بآثاره الإيجابية على المجتمع بأسره، حيث وفر قانون العمل الإمارتي العدالة الإجتماعية والتي ترمي إلى وضع العديد من الضمانات التي تحمي العامل من أي استغلال أو تعسف قد يقع عليه من قبل صاحب العمل.[٢]

خاصة في مجال الأجور، وعدد ساعات العمل اليومية والأسبوعية، إضافةً إلى الإجازات التي يتمتع بها العامل، وعطله الإسبوعية، وغير ذلك من الحقوق التي تنشأ من علاقة العمل بين العمال وأرباب العمل، كما أن قانون العمل يحقق السلم الاجتماعي، لأن الهدف من قانون العمل هو إزالة أي نزاعات وخلافات قد تظهر بين الطبقة العاملة وطبقة أصحاب العمل، فقانون العمل هو قانون إجتماعي بالدرجة الأولى.[٢]

تطور قانون العمل

يعدّ العمل المظهر الرئيس لبقاء الإنسان، حيث من خلاله يسعى الإنسان إلى كَسْب الرزق لتلبية حاجاته الأساسية وحاجات أفراد أسرته، حيث كان الإنسان في العصور القديمة يعمل في قطع الحجارة ونحتها، ومع التطوّر الملحوظ الذي شهدته الدول أصبح يصنع الأدوات بحرفية عالية، ثمّ عمل في مجال الزراعة وصيد الأسمالك، وبعد الثورة الصناعية الضخمة أصبح الفرد قادرًا على إنتاج فائض من حاجاته الشخصية، ممّا أدّى إلى ظهور التبادل السلعي بين الأشخاص عن طريق البيع والشراء.[٣]

ومع تراكم الخبرة الإنتاجية، نشأت حضارات مختلفة، كالحضارة الرومانية التي اشتهرت بصناعة الخشب والبرونز، كذلك الحضارة الفرعونيّة، والتي اشتهرت بإنجاز مشاريع في غاية الإتقان كالأهرامات، وفي العصر الحالي، زاد الضغط على فرص العمل، مما أدى إلى زيادة أعداد العمال وأصحاب العمل في مختلف المجالات المهنية والفنية والصناعية والحرفية والتجارية، حتّى لا يتمكن الطرف القوي بالتعسف على الطرف الضعيف، كان من الضروري تنظيم أحكام العمل وقواعده في قانون خاص به، وتحترم فيه حقوق العامل ومصالحه، ولا تضر بإقتصاد المؤسسة والقائمين عليها، فلجأت الدول إلى تشريع قانون يسمى بقانون العمل، كقانون العمل الإماراتي.[٣]

أهمية قانون العمل الإماراتي

إنّ لقانون العمل الإماراتي أهمية كبرى، حيث ظهرت هذه الأهميّة من خلال حرصِه على حماية العامل واحترام حقوقه ومصالحه، حيث أصبح العمال يتجهون من مختلف الدول إلى دولة الإمارات بحثًا عن فرص العمل، وتتضح أهمية العمل في الآتي:

  • القضاء على أزمة البطالة: تعدّ مشكلة البطالة من المشاكل الصاعدة التي تواجه العالم في الوقت الحالي، حيث تقوم دولة الإمارات بتوفير العديد من فرص العمل للقضاء على ظاهرة البطالة وآثارها الخطيرة التي تقود المجتمعات إلى الإنهيار، حيث إنّ انتشار البطالة يؤدي إلى انتشار الجرائم كالسرقة، وبانتشار الجرائم ينعدم أمن المجتمع واستقراره.[٤]
  • التحكم في سياسة الإستهلاك وتوجيه الإقتصاد في المجتمع: إن زيادة الأعباء المالية التي تقع على صاحب العمل بتوفير الخدمات الصحية والإجتماعية للعمال الذين يعملون لديه، يؤدي إلى زيادة الإنتاج بشكل ملحوظ، مما يؤدي إلى انخفاض الإستهلاك وعلى العكس من ذلك، حيث تزيد القوة الشرائية في يد الطبقة العاملة، ممّا يترتب على ذلك زيادة في الإنتاج ومن ثم زيادة في الإستهلاك، فتظهر الحاجة الملحة لرب العمل باستقطاب العمال، كما أنه من خلال العمل يتم توجيه الأيدي العاملة إلى بعض الصناعات، عن طريق سياسية تحديد الحد الأدني للأجور، وتحديد الحدّ الأقصى للأجور.[٥]

سمات قانون العمل

إنّ الصفة الآمرة قد تغلب على قواعد قانون العمل، وتعني الصفة الآمرة أنه لا يجوز مخالفة أحكام قانون العمل، لأنه يعتبر من فروع القانون العام، والذي تتدخّل الدولة في تنظيمه، فأي مخالفة تعتبر خرقًا لمفهوم السيادة، فلا يجوز لصاحب أن ينقص من مدة الإجازة السنوية التي منحت له بموجب قانون العمل ولو وافق العامل على ذلك، لكن يجوز لهم الإتفاق على زيادة هذه المدة، فقانون العمل يسعى في المرتبة الأولى لحماية حقوق العمال وعدم الانتقاص منها.[٦]

وتتنوّع أحكام قانون العمل بتنوّع الأعمال، حيث إنّ قانون العمل لا ينظم عملًا بعينه، بل ينظم جميع الأعمال التابعة المأجورة، ويحدد ساعات العمل للعمال، والإجازات الخاصة بهم، كما أنّه يحدد الحد الأدنى للأجور، أما المسائل الداخلية المتعلقة بالعمل يترك تنظيمها إلى كل مؤسسة على حدا، وتتميز قواعد قانون العمل الإماراتي بذاتية المصدر، حيث أنها تستند على الظروف الخاصة بكل عمل، مما يجعل أحكامه متميزة عن غيرها من القوانين، فالأهليّة الخاصّة بقانون العمل تختلف عن الاهلية المنصوص عليها في القانون المدني.[٦]

المراجع

  1. سورة التوبة، آية: 105.
  2. ^ أ ب جعفر المغربي (2018)، شرح أحكام قانون العمل (الطبعة الثانية)، عمان-الأردن: دار الثقافة، صفحة 21-22. بتصرّف.
  3. ^ أ ب بشير هدفي (2003)، الوجيز في شرح قانون العمل (الطبعة الثانية)، الجزائر: جسور للنشر والتوزيع، صفحة 15-17. بتصرّف.
  4. أحمد عبدالكريم، أبو شنب (2001)، شرح قانون العمل، عمان-الأردن: دار الثقافة، صفحة 45.
  5. جعفر المغربي (2018)، شرح أحكام قانون العمل (الطبعة الثانية)، عمان-الأردن: دار الثقافة ، صفحة 20-21. بتصرّف.
  6. ^ أ ب جلال مصطفى القريشي (1984)، شرح قانون العمل الجزائري، الجزائر: ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 31-32، جزء 1. بتصرّف.
4202 مشاهدة
للأعلى للسفل
×