قصائد بشار بن برد في المدح

كتابة:
قصائد بشار بن برد في المدح

قصيدة: جفا وده فازور أو مل صاحبه

قال بشار بن برد في مدح الخليفة مروان بن محمد:[١]

جَفا وِدُّهُ فَاِزوَرَّ أَو مَلَّ صاحِبُه

وَأَزرى بِهِ أَن لا يَزالَ يُعاتِبُه

خَليلَيَّ لا تَستَنكِرا لَوعَةَ الهَوى

وَلا سَلوَةَ المَحزونِ شَطَّت حَبَاِئبُه

شَفى النَفسَ ما يَلقى بِعَبدَةَ عَينُهُ

وَما كانَ يَلقى قَلبُهُ وَطَبائِبُه

فَأَقصَرَ عِرزامُ الفُؤادِ وَإِنَّما

يَميلُ بِهِ مَسُّ الهَوى فَيُطالِبُه

إِذا كانَ ذَوّاقاً أَخوكَ مِنَ الهَوى

مُوَجَّهَةً في كُلِّ أَوبٍ رَكائِبُه

فَخَلِّ لَهُ وَجهَ الفِراقِ وَلا تَكُن

مَطِيَّةَ رَحّالٍ كَثيرٍ مَذاهِبُه

أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما

أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه

إِذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً

صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه

فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ

مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه

إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى

ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه

وَلَيلٍ دَجوجِيٍّ تَنامُ بَناتُهُ

وَأَبناؤُهُ مِن هَولِهِ وَرَبائِبُه

حَمَيتُ بِهِ عَيني وَعَينَ مَطِيَّتي

لَذيذَ الكَرى حَتّى تَجَلَّت عَصائِبُه

وَماءٍ تَرى ريشَ الغَطاطِ بَجَوِّهِ

خَفِيِّ الحَيا ما إِن تَلينُ نَضائِبُه

قَريبٍ مِن التَغريرِ ناءٍ عَن القُرى

سَقاني بِهِ مُستَعمِلُ اللَيلِ دائِبُه

حَليفُ السُرى لا يَلتَوي بِمَفازَةٍ

نَساهُ وَلا تَعتَلُّ مِنها حَوالِبُه

أَمَقُّ غُرَيرِيٌّ كَأَنَّ قُتودَهُ

عَلى مُثلَثٍ يَدمى مِنَ الحُقبِ حاجِبُه

غَيورٍ عَلى أَصحابِهِ لا يَرومُهُ

خَليطٌ وَلا يَرجو سِواهُ صَواحِبُه

إِذا ما رَعى سَنَّينَ حاوَلَ مَسحَلاً

يَجِدُّ بِهِ تَعذامُهُ وَيُلاعِبُه

أَقَبَّ نَفى أَبناءَهُ عَن بَناتِهِ

بِذي الرَضمِ حَتّى ما تُحَسُّ ثَوالِبُه

رَعى وَرَعَينَ الرَطبَ تِسعينَ لَيلَةً

عَلى أَبَقٍ وَالرَوضُ تَجري مَذانِبُه.

قصيدة: أبا مسلم ما طول عيش بدائم

قال بشار بن برد في مدح أبي جعفر المنصور.[٢]

أَبا مُسلِمٍ ما طُولُ عَيشٍ بِدائِمِ

وَلا سالِمٌ عَمّا قَليلٍ بِسالِمِ

عَلى المَلِكِ الجَبّارِ يَقتَحِمُ الرَدى

وَيَصرَعُهُ في المَأزِقِ المُتَلاحِمِ

كَأَنَّكَ لَم تَسمَع بِقَتلِ مُتَوَّجٍ

عَظيمٍ وَلَم تَسمَع بِفَتكِ الأَعاجِمِ

تَقَسَّمَ كِسرى رَهطُهُ بِسُيوفِهِم

وَأَمسى أَبو العَبّاسِ أَحلامَ نائِمِ

وَقَد كانَ لا يَخشى اِنقِلابَ مَكيدَةٍ

عَلَيهِ وَلا جَريَ النُحوسِ الأَشائِمِ

مُقيماً عَلى اللَذّاتِ حَتّى بَدَت لَهُ

وُجوهُ المَنايا حاسِراتِ العَمائِمِ

وَقَد تَرِدُ الأَيّامُ غُرّاً وَرُبَّما

وَرَدنَ كُلوحاً بادِياتِ الشَكائِمِ

وَمَروانُ قَد دارَت عَلى رَأسِهِ الرَحى

وَكانَ لِما أَجرَمتَ نَزرَ الجَرائِمِ

فَأَصبَحَت تَجري سادِراً في طَريقِهِم

وَلا تَتَّقي أَشباهَ تِلكَ النَقائِمِ

تَجَرَّدتَ لِلإِسلامِ تَعفو سَبيلَهُ

وَتُعري مَطاهُ لِلُّيوثِ الضَراغِمِ

فَما زِلتَ حَتّى اِستَنصَرَ الدينُ أَهلَهُ

عَلَيكَ فَعادوا بِالسُيوفِ الصَوارِمِ

فَرُم وَزَراً يُنجيكَ يا اِبنَ وَشيكَةٍ

فَلستَ بِناجٍ مِن مُضيمٍ وَضائِمِ

لَحى اللَهُ قَوماً رَأَّسوكَ عَلَيهِمُ

وَما زِلتَ مَرؤوساً خَبيثَ المَطاعِمِ

أَقولُ لِبَسّامٍ عَلَيهِ جَلالَةٌ

غَدا أَريَحِيّاً عاشِقاً لِلمَكارِمِ

مِنَ الهاشِمِيِّينَ الدُعاةِ إِلى الهُدى

جِهاراً وَمَن يَهديكَ مَثلُ اِبنِ هاشِمِ

سِراجٌ لِعَينِ المُستَضيءِ وَتارَةً

يَكونُ ظَلاماً لِلعَدُوِّ المُزاحِمِ

إِذا بَلَغَ الرَأيُ المَشورَةَ فَاِستَعِن

بِرأيِ نَصيحٍ أَو نَصيحَةِ حازِمِ

وَلا تَجعَلِ الشُورى عَلَيكَ غَضاضَةً

مَكانُ الخَوافي قُوَّةٌ لِلقَوادِمِ

وَما خَيرُ كَفٍّ أَمسَكَ الغُلُّ أُختَها

وَما خَيرُ سَيفٍ لَم يُؤَيَّد بِقائِمِ

وَخَلِّ الهُوَينا لِلضَعيفِ وَلا تَكُن

نَؤوماً فَإِنَّ الحَزمَ لَيسَ بِنائِمِ

وَحارِب إِذا لَم تُعطَ إِلّا ظُلامَةً

شَبا الحَربِ خَيرٌ مِن قَبولُ المَظالِمِ

وَأَدنِ عَلى القُربى المُقرِّبَ نَفسَهُ

وَلا تُشهِدِ الشُورى اِمرَأً غَيرَ كاتِمِ

فَإِنَّكَ لا تَستَطرِدُ الهَمَّ بِالمُنى

وَلا تَبلُغُ العَليا بِغَيرِ المَكارِمِ

إِذا كُنتَ فَرداً هَرَّكَ القومُ مُقبِلاً

وَإِن كُنتَ أَدنى لَم تَفُز بِالعَزائِمِ

وَما قَرَعَ الأَقوامَ مِثلُ مُشَيَّعٍ

أَريبٍ وَلا جَلّى العَمى مِثلُ عالِمِ

قصيدة: إذا جئته للحمد أشرق وجهه

قال بشار بن برد في مدح خالد بن برمك:[٣]

إِذا جِئتَهُ لِلحَمدِ أَشرَقَ وَجهُهُ

إِلَيكَ وَأَعطاكَ الكَرامَةَ بِالحَمدِ

لَهُ نِعَمٌ في القَومِ لا يَستَثيبُها

جَزاءً وَكَيلُ التاجِرِ المُدُّ بِالمُدِّ.

قصيدة: حييا صاحبي أم العلاء

قال بشار بن برد في مدح عقبة بن سلم والي البصرة:[٤]

حَيِّيا صاحِبَيَّ أُمَّ العَلاءِ

وَاِحذَرا طَرفَ عَينِها الحَوراءِ

إِنَّ في عَينِها دَواءً وَداءً

لِمُلِمٍّ وَالداءُ قَبلَ الدَواءِ

رُبَّ مُمسٍ مِنها إِلَينا عَلى رَغ

مِ إِزاءٍ لا طابَ عَيشُ إِزاءِ

أَسقَمَت لَيلَةَ الثُلاثاءِ قَلبِي

وَتَصَدَّت في السَبتِ لي لِشَقائِي

وَغَداةَ الخَميسِ قَد مَوَّتَتني

ثُمَّ راحَت في الحُلَّةِ الخَضراءِ

يَومَ قالَت إِذا رَأَيتُكَ في النَو

مِ خَيالاً أَصَبتَ عَيني بِداءِ

وَاِستَخَفَّ الفُؤادُ شَوقاً إِلى قُر

بِكَ حَتّى كَأَنَّني في الهَواءِ

ثُمَّ صَدَّت لِقولِ حَمّاءَ فينا

يا لقَومي دَمي عَلى حَمّاءِ

لا تَلوما فَإِنَّها مِن نِساءٍ

مُشرِفاتٍ يَطرِفنَ طَرفَ الظِباءِ

وَأَعينا اِمرَأً جَفا وُدَّهُ الحَيُ

وَأَمسى مِنَ الهَوى في عَناءِ

اِعرِضا حاجَتي عَلَيها وَقولا

أَنَسيتِ السَرارَ تَحتَ الرِداءِ

وَمَقامي بَينَ المُصَلّى إِلى المِن

بَرِ أَبكي عَلَيكِ جَهدَ البُكاءِ

وَمَقالَ الفَتاةِ عودي بِحِلمٍ

ما التَجَنّي مِن شيمَةِ الحُلَماءِ

فَاِتَّقي اللَهَ في فَتىً شَفَّهُ الحُب

بُ وَقَولُ العِدى وَطولُ الجَفاءِ

أَنتِ باعَدتِهِ فَأَمسى مِنَ الشَو

قِ صَريعاً كَأَنَّهُ في الفَضاءِ

فَاِذكُري وَأيَهُ عَلَيكِ وَجودي

حَسبُكِ الوَأيُ قادِحاً في السَخاءِ

قَد يُسيءُ الفَتى وَلا يُخلِفُ الوَع

دَ فَأَوفي ما قُلتِ بِالرَوحاءِ

إِنَّ وَعدَ الكَريمِ دَينٌ عَلَيهِ

فَاِقضِ وَاِظفَر بِهِ عَلى الغُرَماءِ

فَاِستَهَلَّت بِعَبرَةٍ ثُمَّ قالَت

كانَ ما بَينَنا كَظِلِّ السَراءِ

يا سُلَيمى قومي فَروحي إِلَيهِ

أَنتِ سُرسورَتي مِنَ الخُلَطاءِ.

قصيدة: يطوف العفاة بأبوابه

قال بشار بن برد في مدح قيس ومضر:[٥]

يَطوفُ العُفاةُ بِأَبوابِهِ

كَطَوفِ الحَجيجِ بِبَيتِ الحَرَم

أَبى طَلَلٌ بِالجِزعِ أَن يَتَكَلَّما

وَماذا عَلَيهِ لَو أَجابَ مُتَيَّما

وَبِالفِرعِ آثارٌ بَقينَ وَباللِوى

مَلاعِبُ لا يُعرَفنَ إِلاّ تَوَهُّما

إِذا ما غَضِبنا غَضبَةً مُضَرِيَّةً

هَتَكنا حِجابَ الشَمسِ أَو تُمطِرَ الدَما

إِذا ما أَعَرنا سَيِّداً مِن قَبيلَةٍ

ذُرى مِنبَرٍ صَلّى عَلَينا وَسَلَّما

وَإِنّا لَقَومٌ ما تَزالُ جِيادُنا

تُساوِرُ مَلكاً أَو تُناهِبُ مَغنَما

خَلَقنا سَماءً فَوقَنا بِنُجومِها

سُيوفاً وَنَقعاً يَقبِضُ الطَرفَ أَقنَما

وَمَحبِسِ يَومٍ جَرَّتِ الحَربُ ضَنكَهُ

دَنا ظِلُّهُ وَاِحمَرَّ حَتّى تَحَمَّما

تَفَوَّقتُ أَخلافَ الصِبا وَتَقَدَّمَت

هُمومِيَ حَتّى لَم أَجِد مُتَقَدَّما

فَهَذا أَوانَ اِستَحيَتِ النَفسُ وَاِرعَوى

لِداتي وَراجَعتُ الَّذي كانَ أَقوَما

وَيَومٍ كَتَنّورِ الإِماءِ سَجَرنَهُ

وَأَوقَدنَ فيهِ الجَزلَ حَتّى تَضَرَّما

رَمَيتُ بِنَفسي في أَجيجِ سَمومِهِ

وَبِالعيسِ حَتّى بَضَّ مِنخَرُها دَما.

المراجع

  1. "جفا وده فازور أو مل صاحبه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  2. " أبا مسلم ما طول عيش بدائم"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  3. "إذا جئته للحمد أشرق وجهه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  4. "حييا صاحبي أم العلاء"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
  5. "يطوف العفاة بأبوابه"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 8/12/2021.
6246 مشاهدة
للأعلى للسفل
×