محتويات
- ١ قصيدة: سلوا قلبي غداةَ سلا وتابا
- ٢ قصيدة: إذا كشف الزمان لك القناع
- ٣ قصيدة: سلامٌ من صبا بردى أرق
- ٤ قصيدة: ضروب الناس عشاق ضروبا
- ٥ قصيدة: رماني الدهر بالأرزاء
- ٦ قصيدة: فتى الفتيان
- ٧ قصيدة: جزى الله الأغرّ جزاء صدقٍ
- ٨ قصيدة: إذا رفعوا سمعت لهم عجيجا
- ٩ قصيدة: عذرنا النخلَ في إبداء شوكٍ
- ١٠ قصيدة: ألم ترَ طيئًا وبني كلابٍ
- ١١ قصيدة: حبيبك من تحب ومن تجلّ
- ١٢ قصيدة: لقد ترك الحروب نساء قيس
قصيدة: سلوا قلبي غداةَ سلا وتابا
سَلو قَلبي غَداةَ سَلا وَثابا
- لَعَلَّ عَلى الجَمالِ لَهُ عِتابا
وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ
- فَهَل تَرَكَ الجَمالُ لَهُ صَوابا
وَكُنتُ إِذا سَأَلتُ القَلبَ يَومًا
- تَوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا
وَلي بَينَ الضُلوعِ دَمٌ وَلَحمٌ
- هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَبابا
تَسَرَّبَ في الدُموعِ فَقُلتُ وَلّى
- وَصَفَّقَ في الضُلوعِ فَقُلتُ ثابا
وَلَو خُلِقَت قُلوبٌ مِن حَديدٍ
- لَما حَمَلَت كَما حَمَلَ العَذابا
وَأَحبابٍ سُقيتُ بِهِم سُلافًا
- وَكانَ الوَصلُ مِن قِصَرٍ حَبابا
وَنادَمنا الشَبابَ عَلى بِساطٍ
- مِنَ اللَذاتِ مُختَلِفٍ شَرابا
وَكُلُّ بِساطِ عَيشٍ سَوفَ يُطوى
- وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ وَطابا
كَأَنَّ القَلبَ بَعدَهُمُ غَريبٌ
- إِذا عادَتهُ ذِكرى الأَهلِ ذابا
وَلا يُنبيكَ عَن خُلُقِ اللَيالي
- كَمَن فَقَدَ الأَحِبَّةَ وَالصِحابا
أَخا الدُنيا أَرى دُنياكَ أَفعى
- تُبَدِّلُ كُلَّ آوِنَةٍ إِهابا
وَأَنَّ الرُقطَ أَيقَظُ هاجِعاتٍ
- وَأَترَعُ في ظِلالِ السِلمِ تابا
وَمِن عَجَبٍ تُشَيِّبُ عاشِقيها
- وَتُفنيهِمِ وَما بَرَحَت كَعابا
فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيا فَإِنّي
- لَبِستُ بِها فَأَبلَيتُ الثِيابا
لَها ضَحِكُ القِيانِ إِلى غَبِيٍّ
- وَلي ضَحِكُ اللَبيبِ إِذا تَغابى
جَنَيتُ بِرَوضِها وَردًا وَشَوكًا
- وَذُقتُ بِكَأسِها شهدًا وَصابا
فَلَم أَرَ غَيرَ حُكمِ الله حُكمًا
- وَلَم أَرَ دونَ بابِ الله بابا
وَلا عَظَّمتُ في الأَشياءِ إِلّا
- صَحيحَ العِلمِ وَالأَدَبِ اللُبابا
وَلا كَرَّمتُ إِلّا وَجهَ حُرٍّ
- يُقَلِّدُ قَومَهُ المِنَنَ الرَغابا
وَلَم أَرَ مِثلَ جَمعِ المالِ داءً
- وَلا مِثلَ البَخيلِ بِهِ مُصابا
فَلا تَقتُلكَ شَهوَتُهُ وَزِنها
- كَما تَزِنُ الطَعامَ أَوِ الشَرابا
وَخُذ لِبَنيكَ وَالأَيّامِ ذُخرًا
- وَأَعطِ اللَهَ حِصَّتَهُ اِحتِسابا
فَلَو طالَعتَ أَحداثَ اللَيالي
- وَجَدتَ الفَقرَ أَقرَبَها اِنتِيابا
وَأَنَّ البِرَّ خَيرٌ في حَياةٍ
- وَأَبقى بَعدَ صاحِبِهِ ثَوابا
وَأَنَّ الشَرَّ يَصدَعُ فاعِليهِ
- وَلَم أَرَ خَيِّرًا بِالشَرِّ آبا
فَرِفقًا بِالبَنينِ إِذا اللَيالي
- عَلى الأَعقابِ أَوقَعَتِ العِقابا
وَلَم يَتَقَلَّدوا شُكرَ اليَتامى
- وَلا اِدَّرَعوا الدُعاءَ المُستَجابا
عَجِبتُ لِمَعشَرٍ صَلّوا وَصاموا
- عَواهِرَ خِشيَةً وَتُقى كِذابا
وَتُلفيهُمُ حِيالَ المالِ صُمًّا
- إِذا داعي الزَكاةِ بِهِم أَهابا
لَقَد كَتَموا نَصيبَ اللَهِ مِنهُ
- كَأَنَّ الله لَم يُحصِ النِصابا
وَمَن يَعدِل بِحُبِّ اللَهِ شَيئًا
- كَحُبِّ المالِ ضَلَّ هَوىً وَخابا
أَرادَ اللَهُ بِالفُقَراءِ بِرًّا
- وَبِالأَيتامِ حُبًّا وَاِرتِبابا
فَرُبَّ صَغيرِ قَومٍ عَلَّموهُ
- سَما وَحَمى المُسَوَّمَةَ العِرابا
وَكانَ لِقَومِهِ نَفعًا وَفَخرا
- وَلَو تَرَكوهُ كانَ أَذىً وَعابا
فَعَلِّم ما اِستَطَعتَ لَعَلَّ جيلاً
- سَيَأتي يُحدِثُ العَجَبَ العُجابا
وَلا تُرهِق شَبابَ الحَيِّ يَأسًا
- فَإِنَّ اليَأسَ يَختَرِمُ الشَبابا
يُريدُ الخالِقُ الرِزقَ اِشتِراكًا
- وَإِن يَكُ خَصَّ أَقوامًا وَحابى
فَما حَرَمَ المُجِدَّ جَنى يَدَيهِ
- وَلا نَسِيَ الشَقِيَّ وَلا المُصابا
وَلَولا البُخلُ لَم يَهلِك فَريقٌ
- عَلى الأَقدارِ تَلقاهُمُ غِضابا
تَعِبتُ بِأَهلِهِ لَومًا وَقَبلي
- دُعاةُ البِرِّ قَد سَئِموا الخِطابا
وَلَو أَنّي خَطَبتُ عَلى جَمادٍ
- فَجَرتُ بِهِ اليَنابيعَ العِذابا
أَلَم تَرَ لِلهَواءِ جَرى فَأَفضى
- إِلى الأَكواخِ وَاِختَرَقَ القِبابا
وَأَنَّ الشَمسَ في الآفاقِ تَغشى
- حِمى كِسرى كَما تَغشى اليَبابا
وَأَنَّ الماءَ تُروى الأُسدُ مِنهُ
- وَيَشفي مِن تَلَعلُعِها الكِلابا
وَسَوّى الله بينَكُمُ المَنايا
- وَوَسَّدَكُم مَعَ الرُسلِ التُرابا
وَأَرسَلَ عائِلًا مِنكُم يَتيمًا
- دَنا مِن ذي الجَلالِ فَكانَ قابا
نَبِيُّ البِرِّ بَيَّنَهُ سَبيلًا
- وَسَنَّ خِلالَهُ وَهَدى الشِعابا
تَفَرَّقَ بَعدَ عيسى الناسُ فيهِ
- فَلَمّا جاءَ كانَ لَهُم مَتابا
وَشافي النَفسِ مِن نَزَعاتِ شَرٍّ
- كَشافٍ مِن طَبائِعِها الذِئابا
وَكانَ بَيانُهُ لِلهَديِ سُبلًا
- وَكانَت خَيلُهُ لِلحَقِّ غابا
وَعَلَّمَنا بِناءَ المَجدِ حَتّى
- أَخَذنا إِمرَةَ الأَرضِ اِغتِصابا
وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي
- وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا
وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ
- إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا
تَجَلّى مَولِدُ الهادي وَعَمَّت
- بَشائِرُهُ البَوادي وَالقِصابا
وَأَسدَت لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ
- يَداً بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا
لَقَد وَضَعَتهُ وَهّاجًا مُنيرًا
- كَما تَلِدُ السَماواتُ الشِهابا
فَقامَ عَلى سَماءِ البَيتِ نورًا
- يُضيءُ جِبالَ مَكَّةَ وَالنِقابا
وَضاعَت يَثرِبُ الفَيحاءُ مِسكًا
- وَفاحَ القاعُ أَرجاءً وَطابا
أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري
- بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ اِنتِسابا
فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ
- إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا
مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدرًا
- فَحينَ مَدَحتُكَ اِقتَدتُ السَحابا
سَأَلتُ الله في أَبناءِ ديني
- فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لي أَجابا
وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ
- إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا
كَأَنَّ النَحسَ حينَ جَرى عَلَيهِم
- أَطارَ بِكُلِّ مَملَكَةٍ غُرابا
وَلَو حَفَظوا سَبيلَكَ كان نورًا
- وَكانَ مِنَ النُحوسِ لَهُم حِجابا
بَنَيتَ لَهُم مِنَ الأَخلاق رُكنًا
- فَخانوا الرُكنَ فَاِنهَدَمَ اِضطِرابا
وَكانَ جَنابُهُم فيها مَهيبًا
- وَلَلأَخلاقِ أَجدَرُ أَن تُهابا
فَلَولاها لَساوى اللَيثُ ذِئبًا
- وَساوى الصارِمُ الماضي قِرابا
فَإِن قُرِنَت مَكارِمُها بِعِلمٍ
- تَذَلَّلَتِ العُلا بِهِما صِعابا
وَفي هَذا الزَمانِ مَسيحُ عِلمٍ
- يَرُدُّ عَلى بَني الأُمَمِ الشَبابا
قصيدة: إذا كشف الزمان لك القناع
قال الشاعر عنترة بن شداد:[٢]
إِذا كَشَفَ الزَمانُ لَكَ القِناعا
- وَمَدَّ إِلَيكَ صَرفُ الدَهرِ باعا
فَلا تَخشَ المَنيَّةَ وَاِلقَيَنه
- ودافِع ما اِستَطَعتَ لَها دِفاعا
وَلا تَختَر فِراشًا مِن حَريرٍ
- وَلا تَبكِ المَنازِلَ وَالبِقاعا
وَحَولَكَ نِسوَةٌ يَندُبنَ حُزن
- وَيَهتِكنَ البَراقِعَ وَاللِفاعا
يَقولُ لَكَ الطَبيبُ دَواكَ عِندي
- إِذا ما جَسَّ كَفَّكَ وَالذِراعا
وَلَو عَرَفَ الطَبيبُ دَواءَ داءٍ
- يَرُدُّ المَوتَ ما قاسى النِزاعا
وَفي يَومِ المَصانِعِ قَد تَرَكن
- لَنا بِفِعالِنا خَبَرًا مُشاعا
أَقَمنا بِالذَوابِلِ سوقَ حَربٍ
- وَصَيَّرنا النُفوسَ لَهَ مَتاعا
حِصاني كانَ دَلّالَ المَناي
- فَخاضَ غُبارَها وَشَرى وَباعَ
وَسَيفي كانَ في الهَيجا طَبيب
- يُداوي رَأسَ مَن يَشكو الصُداعا
أَنا العَبدُ الَّذي خُبِّرتَ عَنهُ
- وَقَد عايَنتَني فَدَعِ السَماعا
وَلَو أَرسَلتُ رُمحي مَع جَبانٍ
- لَكانَ بِهَيبَتي يَلقى السِباعا
مَلَأتُ الأَرضَ خَوفًا مِن حُسامي
- وَخَصمي لَم يَجِد فيها اِتِّساعا
إِذا الأَبطالُ فَرَّت خَوفَ بَأسي
- تَرى الأَقطارَ باعًا أَو ذِراعا
قصيدة: سلامٌ من صبا بردى أرق
قال الشاعر أحمد شوقي: [٣]
سلامٌ من صَبا بردى أرقُّ
- ودمعٌ لا يُكَفكِفُ يا دمشقُ
وَمَعْذرة اليَرَاعةِ والقَوافِي
- جَلَال الرّزْء عـن وصفٍ يدقُّ
وذِكْرَى عن خواطِرِها لقَلْبِي
- إليك تلفتٌ أبدًا وخفقُ
وبِي ممًّا رَمَتكَ بهِ الّليالِي
- جِرَاحَات لَها في القَلْبِ عُمْقُ
دخلتك والأصِيْلُ لهُ ائتلاقٌ
- ووجهك ضاحك القسمات طلق
وتحتَ جنانِك الأنهارُ تَجْري
- ومِلءُ رُبَاك أوراٌق ووُرْقُ
وَحَولِي فتيةٌ غرّ صباح
- لهم في الفضلِ غاياتٌ وسَبقُ
عَلى لَهَواتِهِم شُعَراءُ لُسنٌ
- وَفي أَعطافِهِم خُطَباءُ شُدقُ
رُواةُ قَصائِدي فَاعجَب لِشِعرٍ
- بِكُلِّ مَحَلَّةٍ يَرويهِ خَلقُ
غَمَزتُ إِباءَهُمْ حَتّى تَلَظَّتْ
- أُنوفُ الأُسدِ وَاضطَرَمَ المَدَقُّ
وَضَجَّ مِنَ الشَكيمَةِ كُلُّ حُرٍّ
- أَبِيٍّ مِن أُمَيَّةَ فيهِ عِتقُ
لَحاها اللهُ أَنباءً تَوالَتْ
- عَلى سَمعِ الوَلِيِّ بِما يَشُقُّ
يُفَصِّلُها إِلى الدُنيا بَريدٌ
- وَيُجمِلُها إِلى الآفاقِ بَرقُ
قصيدة: ضروب الناس عشاق ضروبا
ضُروبُ الناسِ عُشّاقٌ ضُروبا
- فَأَعذَرُهُم أَشَفُّهُمُ حَبيبًا
وَما سَكَني سِوى قَتلِ الأَعادي
- فَهَل مِن زَورَةٍ تَشفي القُلوبا
تَظَلُّ الطَيرُ مِنها في حَديثٍ
- تَرُدُّ بِهِ الصَراصِرَ وَالنَعيبا
وَقَد لَبِسَت دِمائَهُمُ عَلَيهِم
- حِدادًا لَم تَشُقَّ لَها جُيوبًا
أَدَمنا طَعنَهُم وَالقَتلَ حَتّى
- خَلَطنا في عِظامِهِمِ الكُعوبا
كَأَنَّ خُيولَنا كانَت قَديمًا
- تُسَقّى في قُحوفِهِمِ الحَليبا
فَمَرَّت غَيرَ نافِرَةٍ عَلَيهِم
- تَدوسُ بِنا الجَماجِمَ وَالتَريبا
يُقَدِّمُها وَقَد خُضِبَت شَواها
- فَتىً تَرمي الحُروبُ بِهِ الحُروبا
شَديدُ الخُنزُوانَةِ لا يُبالي
- أَصابَ إِذا تَنَمَّرَ أَم أُصيبا
أَعَزمي طالَ هَذا اللَيلُ فَاِنظُر
- أَمِنكَ الصُبحُ يَفرَقُ أَن يَؤوبا
كَأَنَّ الفَجرَ حِبٌّ مُستَزارٌ
- يُراعي مِن دُجُنَّتِهِ رَقيبا
كَأَنَّ نُجومَهُ حَليٌ عَلَيهِ
- وَقَد حُذِيَت قَوائِمُهُ الجُبوبا
كَأَنَّ الجَوَّ قاسى ما أُقاسي
- فَصارَ سَوادُهُ فيهِ شُحوبا
كَأَنَّ دُجاهُ يَجذِبُها سُهادي
- فَلَيسَ تَغيبُ إِلّا أَن يَغيبا
أُقَلِّبُ فيهِ أَجفاني كَأَنّي
- أَعُدُّ بِهِ عَلى الدَهرِ الذُنوبا
وَما لَيلٌ بِأَطوَلَ مِن نَهارٍ
- يَظَلُّ بِلَحظِ حُسّادي مَشوبا
وَما مَوتٌ بِأَبغَضَ مِن حَياةٍ
- أَرى لَهُمُ مَعي فيها نَصيبا
عَرَفتُ نَوائِبَ الحَدَثانِ حَتّى
- لَوِ اِنتَسَبَت لَكُنتُ لَها نَقيبا
وَلَمّا قَلَّتِ الإِبلُ اِمتَطينا
- إِلى اِبنِ أَبي سُلَيمانَ الخُطوبا
مَطايا لا تَذِلُّ لِمَن عَلَيها
- وَلا يَبغي لَها أَحَدٌ رُكوبا
وَتَرتَعُ دونَ نَبتِ الأَرضِ فينا
- فَما فارَقتُها إِلّا جَديبا
إِلى ذي شيمَةٍ شَعَفَت فُؤادي
- فَلَولاهُ لَقُلتُ بِها النَسيبا
تُنازِعُني هَواها كُلُّ نَفسٍ
- وَإِن لَم تُشبِهِ الرَشَأَ الرَبيبا
عَجيبٌ في الزَمانِ وَما عَجيبٌ
- أَتى مِن آلِ سَيّارٍ عَجيبا
وَشَيخٌ في الشَبابِ وَلَيسَ شَيخًا
- يُسَمّى كُلُّ مَن بَلَغَ المَشيبا
قَسا فَالأُسدُ تَفزَعُ مِن قُواهُ
- وَرَقَّ فَنَحنُ نَفزَعُ أَن يَذوبا
أَشَدُّ مِنَ الرِياحِ الهوجِ بَطشًا
- وَأَسرَعُ في النَدى مِنها هُبوبا
وَقالوا ذاكَ أَرمى مَن رَأَينا
- فَقُلتُ رَأَيتُمُ الغَرَضَ القَريبا
وَهَل يُخطي بِأَسهُمِهِ الرَمايا
- وَما يُخطي بِما ظَنَّ الغُيوبا
إِذا نُكِبَت كِنانَتُهُ اِستَبَنّا
- بِأَنصُلِها لِأَنصُلِها نُدوبا
يُصيبُ بِبَعضِها أَفواقَ بَعضٍ
- فَلَولا الكَسرُ لَاِتَصَلَت قَضيبا
بِكُلِّ مُقَوَّمٍ لَم يَعصِ أَمرًا
- لَهُ حَتّى ظَنَنّاهُ لَبيبا
يُريكَ النَزعُ بَينَ القَوسِ مِنهُ
- وَبَينَ رَمِيِّهِ الهَدَفَ المَهيبا
أَلَستَ اِبنَ الأُلى سَعِدوا وَسادوا
- وَلَم يَلِدوا اِمرَءًا إِلّا نَجيبا
وَنالوا ما اِشتَهَوا بِالحَزمِ هَونًا
- وَصادَ الوَحشَ نَملُهُمُ دَبيبا
وَما ريحُ الرِياضِ لَها وَلَكِن
- كَساها دَفنُهُم في التُربِ طيبا
أَيا مَن عادَ روحُ المَجدِ فيهِ
- وَعادَ زَمانُهُ التالي قَشيبا
تَيَمَّمَني وَكيلُكَ مادِحًا لي
- وَأَنشَدَني مِنَ الشِعرِ الغَريبا
فَآجَرَكَ الإِلَهُ عَلى عَليلٍ
- بَعَثتَ إِلى المَسيحِ بِهِ طَبيبا
وَلَستُ بِمُنكِرٍ مِنكَ الهَدايا
- وَلَكِن زِدتَني فيها أَديبا
فَلا زالَت دِيارُكَ مُشرِقاتٍ
- وَلا دانَيتَ يا شَمسُ الغُروبا
لِأَصبِحَ آمِنًا فيكَ الرَزايا
- كَما أَنا آمِنٌ فيكَ العُيوبا
قصيدة: رماني الدهر بالأرزاء
قال الشاعر المتنبي:[٥]
رَماني الدَهرُ بِالأَرزاءِ حَتّى
- فُؤادي في غِشاءٍ مِن نِبالِ
فَصِرتُ إِذا أَصابَتني سِهامٌ
- تَكَسَّرَتِ النِصالُ عَلى النِصالِ
وَهانَ فَما أُبالي بِالرَزايا
- لِأَنّي ما اِنتَفَعتُ بِأَن أُبالي
وَهَذا أَوَّلُ الناعينَ طُرًّا
- لِأَوَّلِ مَيتَةٍ في ذا الجَلالِ
كَأَنَّ المَوتَ لَم يَفجَع بِنَفسٍ
- وَلَم يَخطُر لِمَخلوقٍ بِبالِ
صَلاةُ الله خالِقِنا حَنوطٌ
- عَلى الوَجهِ المُكَفَّنِ بِالجَمالِ
عَلى المَدفونِ قَبلَ التُربِ صَونًا
- وَقَبلَ اللَحدِ في كَرَمِ الخِلالِ
فَإِنَّ لَهُ بِبَطنِ الأَرضِ شَخصًا
- جَديدًا ذِكرُناهُ وَهُوَ بالي
وَما أَحَدٌ يُخَلَّدُ في البَرايا
- بَلِ الدُنيا تَؤولُ إِلى زَوالِ
أَطابَ النَفسَ أَنَّكَ مُتَّ مَوتًا
- تَمَنَّتهُ البَواقي وَالخَوالي
وَزُلتِ وَلَم تَرى يَومًا كَريهًا
- يُسَرُّ الروحُ فيهِ بِالزَوالِ
رِواقُ العِزِّ حَولَكِ مُسبَطِرٌّ
- وَمُلكُ عَلِيٍّ اِبنِكِ في كَمالِ
سَقى مَثواكَ غادٍ في الغَوادي
- نَظيرُ نَوالِ كَفِّكِ في النَوالِ
لِساحيهِ عَلى الأَجداثِ حَفشٌ
- كَأَيدي الخَيلِ أَبصَرَتِ المَخالي
أُسائِلُ عَنكِ بَعدَكِ كُلَّ مَجدٍ
- وَما عَهدي بِمَجدٍ عَنكِ خالي
يَمُرُّ بِقَبرِكِ العافي فَيَبكي
- وَيَشغَلُهُ البُكاءُ عَنِ السُؤالِ
وَما أَهداكِ لِلجَدوى عَلَيهِ
- لَوَ أَنَّكِ تَقدِرينَ عَلى فَعالِ
بِعَيشِكِ هَل سَلَوتِ فَإِنَّ قَلبي
- وَإِن جانَبتُ أَرضَكِ غَيرُ سالي
نَزَلتِ عَلى الكَراهَةِ في مَكانٍ
- بَعُدتِ عَنِ النُعامى وَالشَمالِ
تُحَجَّبُ عَنكِ رائِحَةُ الخُزامى
- وَتُمنَعُ مِنكِ أَنداءُ الطِلالِ
بِدارٍ كُلُّ ساكِنِها غَريبٌ
- طَويلُ الهَجرِ مُنبَتُّ الحِبالِ
حَصانٌ مِثلُ ماءِ المُزنِ فيهِ
- كَتومُ السِرِّ صادِقَةُ المَقالِ
يُعَلِّلُها نِطاسِيُّ الشَكايا
- وَواحِدُها نِطاسِيُّ المَعالي
إِذا وَصَفوا لَهُ داءً بِثَغرٍ
- سَقاهُ أَسِنَّةَ الأَسلِ الطِوالِ
وَلَيسَت كَالإِناثِ وَلا اللَواتي
- تُعَدُّ لَها القُبورُ مِنَ الحِجالِ
وَلا مَن في جَنازَتِها تِجارٌ
- يَكونُ وَداعُها نَفضَ النِعالِ
مَشى الأُمَراءُ حَولَيها حُفاةً
- كَأَنَّ المَروَ مِن زِفِّ الرِئالِ
وَأَبرَزَتِ الخُدورُ مُخَبَّآتٍ
- يَضَعنَ النَقسَ أَمكِنَةَ الغَوالي
أَتَتهُنَّ المُصيبَةُ غافِلاتٍ
- فَدَمعُ الحُزنِ في دَمعِ الدَلالِ
وَلَو كانَ النِساءُ كَمَن فَقَدنا
- لَفُضِّلَتِ النِساءُ عَلى الرِجالِ
وَما التَأنيثُ لِاِسمِ الشَمسِ عَيبٌ
- وَلا التَذكيرُ فَخرٌ لِلهِلالِ
وَأَفجَعُ مَن فَقَدنا مَن وَجَدنا
- قُبَيلَ الفَقدِ مَفقودَ المِثالِ
يُدَفِّنُ بَعضُنا بَعضًا وَتَمشي
- أَواخِرُنا عَلى هامِ الأَوالي
وَكَم عَينٍ مُقَبَّلَةِ النَواحي
- كَحيلٌ بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ
وَمُغضٍ كانَ لا يُغدي لِخِطبٍ
- وَبالٍ كانَ يُفكِرُ في الهُزالِ
أَسَيفَ الدَولَةِ اِستَنجِد بِصَبرٍ
- وَكَيفَ بِمِثلِ صَبرِكَ لِلجِبالِ
فَأَنتَ تُعَلِّمُ الناسَ التَعَزّي
- وَخَوضَ المَوتِ في الحَربِ السِجالِ
وَحالاتُ الزَمانِ عَلَيكَ شَتّى
- وَحالُكَ واحِدٌ في كُلِّ حالِ
فَلا غيضَت بِحارُكَ يا جَمومًا
- عَلى عَلَلِ الغَرائِبِ وَالدِخالِ
رَأَيتُكَ في الَّذينَ أَرى مُلوكًا
- كَأَنَّكَ مُستَقيمٌ في مُحالِ
فَإِن تَفُقِ الأَنامَ وَأَنتَ مِنهُم
- فَإِنَّ المِسكَ بعضُ دَمِ الغَزالِ
قصيدة: فتى الفتيان
مِنّا فَتى الفِتيانِ وَالجودِ مَعقِلٌ
- وَمِنّا الَّذي لاقى بِدِجلَةَ مَعقِلا
وَمِنّا أَميرا يَومِ صِفّينَ وَالَّذي
- أَعادَ قَضاءَ الأَشعَرِيِّ مُغَربَلا
قصيدة: جزى الله الأغرّ جزاء صدقٍ
قال الشاعر عنترة بن شدّاد:[٧]
جَزى اللَهُ الأَغَرَّ جَزاءَ صِدقٍ
- إِذا ما أوقِدَت نارُ الحُروبِ
يَقيني بِالجَبينِ وَمَنكِبَيهِ
- وَأَنصُرُهُ بِمُطَّرَدِ الكُعوبِ
وَأُدفِئُهُ إِذا هَبَّت شَمال
- بَليلاً حَرجَفًا بَعدَ الجَنوبِ
أَراهُ أَهلَ ذَلِكَ حينَ يَسعى
- رُعاءُ الحَيِّ في طَلَبِ الحَلوبِ
فَيُخفِقُ تارَةً وَيُفيدُ أُخرى
- وَيَفجَعُ ذا الضَغائِنِ بِالأَريبِ
إِذا سَمِنَ الأَغَرُّ دَنا لِقاءٌ
- يُغِصُّ الشَيخَ بِاللَبَنِ الحَليبِ
شَديدُ مَجالِزِ الكَتِفَينِ نَهدٌ
- بِهِ أَثَرُ الأَسِنَّةِ كَالعُلوبِ
وَأُكرِهُهُ عَلى الأَبطالِ حَتّى
- يُرى كَالأُرجُوانِيِّ المَجوبِ
أَلَستَ بِصاحِبي يَومَ اِلتَقَين
- بِسَيفَ وَصاحِبي يَومَ الكَثيب
قصيدة: إذا رفعوا سمعت لهم عجيجا
إِذا رَفَعوا سَمِعتَ لَهُم عَجيجًا
- عَجيجَ مُحَلِّئٍ نَعَمًا نِهالا
وَمَن سَمَكَ السَماءَ لَهُ فَقامَت
- وَسَخَّرَ لِاِبنِ داوُدَ الشَمالا
وَمَن نَجّى مِنَ الغَمَراتِ نوحًا
- وَأَرسى في مَواضِعِها الجِبالا
لَئِن عافَيتَني وَنَظَرتَ حِلمي
- لَأَعتَتِنَن إِنِ الحَدَثانُ آلا
إِلَيكَ فَرَرتُ مِنكَ وَمِن زِيادٍ
- وَلَم أَحسِب دَمي لَكُما حَلالا
وَلَكِنّي هَجَوتُ وَقَد هَجَتني
- مَعاشِرُ قَد رَضَختُ لَهُم سِجالا
فَإِن يَكُنِ الهِجاءُ أَحَلَّ قَتلي
- فَقَد قُلنا لِشاعِرِهِم وَقالا
وَإِن تَكُ في الهِجاءِ تُريدُ قَتلي
- فَلَم تُدرِك لِمُنتَصِرٍ مَقالا
تَرى الشُمَّ الجَحاجِحَ مِن قُرَيشٍ
- إِذا ما الأَمرُ في الحَدَثانِ عالا
بَني عَمِّ الرَسولِ وَرَهطَ عَمرٍ
- وَعُثمانَ الَّذينَ عَلَوا فَعالا
قِيامًا يَنظُرونَ إِلى سَعيدٍ
- كَأَنَّهُمُ يَرَونَ بِهِ هِلالا
ضَروبٍ لِلقَوانِسِ غَيرِ هِدٍّ
- إِذا خَطَرَت مُسَوَّمَةً رِعالا
قصيدة: عذرنا النخلَ في إبداء شوكٍ
قال الشاعر ابن الرومي:[٩]
عَذَرْنَا النَّخل في إبداء شوكٍ
- يذودُ به الأناملَ عن جناهُ
فما للعَوْسج الملعون أبدى
- لنا شوكًا بلا ثمرٍ نراهُ
تُراه ظنَّ فيه جَنىً كريمًا
- فأظهر عُدَّةً تحمي حماهُ
فلا يتسلَّحنَّ لدفع كفٍّ
- كَفاه لُؤْمُ مَجناه كفاهُ
قصيدة: ألم ترَ طيئًا وبني كلابٍ
قال الشاعر أبو العلاء المعري:[١٠]
أَلَم تَرَ طَيئًا وَبَني كِلابٍ
- سَمَوا لِبِلادِ غَزَّةَ وَالعَريشِ
وَلَو قَدِروا عَلى الطَيرِ الغَوادي
- لَما نَهَضَت إِلى وِكرٍ بِريشِ
إِذا آتاكَ هَذا الدَهرُ مُلكًا
- فَما لَكَ مِن أَقَذّ وَلا مَريشِ
يُجَوِّزُ كَونَ راعي الضَأنِ قَيلًا
- وَأَن تُدعى الخِلافَةُ في الحَريشِ
قصيدة: حبيبك من تحب ومن تجلّ
قال الشاعر أحمد شوقي:[١١]
حَبيبُكَ مَن تحبُّ ومن تُجِلّ
- ومَن أحببتُ للحالَيْنِ أهلُ
ومَن يَجزيكَ عن ودٍّ بودّ
- ومالكُ مُهْجتي سَمْحٌ وعَدْلُ
إذا ما الحبُّ لم يكسبْكَ عزًّا
- فكلُّ مودّةٍ في النّاسِ خَتْلُ
وفضلٌ منكَ أن تَرعى وِدادًا
- وليسَ لمَن تودّ عليك فضلُ
بلوت النّاسَ خدنًا بعد خدْنِ
- فَما للمَرءِ غيرُ النّفسِ خِلُّ
وطالَعتُ الأمورَ فكلُّ صعبٍ
- إذا لَزِمَ الرّجالَ الصبرُ سَهلُ
قصيدة: لقد ترك الحروب نساء قيس
لَقَد تَرَكَ الحُروبُ نِساءَ قَيسٍ
- مُكِبّاتٍ عَلى كُحلٍ مَضيضِ
أَرادوا وائِلًا لِيُطَحطِحوها
- فَبادوا دونَ أَبطَحِها العَريضِ
المراجع
- ↑ "سلو قلبي غداة سلا وثابا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22. بتصرّف.
- ↑ "قصيدة إذا كشف الزمان لك القناع"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدة سلام من صبا بردى"، الموسوعة الشاملة، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدةضروب الناس عشاق ضروبا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدة: رماني الدهر بالأرزاء حتى"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدة: فتى الفتيان"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدة: جزى الله الأغر جزاء صدق"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدة إذا رفعوا سمعت لهم عجيجا"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدة: عذرنا النخل في إبداء شوك"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "قصيدة ألم ترَ طيئًا وبني كلاب"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "حبيبك من تحب ومن تجل"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.
- ↑ "لقد ترك الحروب نساء قيس"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-22.