قصائد على بحر الرمل

كتابة:
قصائد على بحر الرمل

قصيدة: يا أبا اليقظان أغواك الطمع

قال الشاعر عنترة بن شداد:[١]

يا أَبا اليَقظانِ أَغواكَ الطَمَع

سَوفَ تَلقى فارِسًا لا يَندَفِع

زُرتَني تَطلُبُ مِنّي غَفلَةً

زَورَةَ الذِئبِ عَلى الشاةِ رَتَع

يا أَبا اليَقظانِ كَم صَيدٍ نَج

خالِيَ البالِ وَصَيّادٍ وَقَع

إِن تَكُن تَشكو لِأَوجاعِ الهَوى

فَأَنا أَشفيكَ مِن هَذا الوَجَع

بِحُسامٍ كُلَّما جَرَّدتُهُ

في يَميني كَيفَما مالَ قَطَع

وَأَنا الأَسوَدُ وَالعَبدُ الَّذي

يَقصِدُ الخَيلَ إِذا النَقعُ اِرتَفَع

نِسبَتي سَيفي وَرُمحي وَهُم

يُؤنِساني كُلَّما اِشتَدَّ الفَزَع

يا بَني شَيبانَ عَمّي ظالِمٌ

وَعَلَيكُم ظُلمَهُ اليَومَ رَجَع

ساقَ بِسطامًا إِلى مَصرَعِهِ

عالِقًا مِنهُ بِأَذيالِ الطَمَع

وَأَنا أَقصِدُهُ في أَرضِكُم

وَأُجازيهِ عَلى ما قَد صَنَع

قصيدة: بأبي يا ابن الفروع الناضرة

قال الشاعر الصنوبري:

بأبي يا ابنَ الفروع الناضرهْ

والنجومِ المشرقاتِ الزاهرهْ

لي أخٌ لما رأَى نفسيَ من

وجدها بالراحِ شِبْهَ الطائره

قال شِمْ كفَّ أبي قاسِمِنا

فبحارُ الرّاحِ فيها زاخِره

قلت إنّا قد رُدِدْنَا مرَّةً

وعلى اللهِ تمامُ العاشِرَه

قصيدة: بأبي ساكنة في جدث

قال الشاعر الصنوبري:

بأبي ساكنةٌ في جَدَثٍ

سكنتْ منه إلى غير سَكَنْ

نفسِ فازدادي عليها حزنًا

كلما زاد البلى زاد الحزن

قصيدة: عادة الأيام لا أنكرها

قال الشاعر أبو هلال العسكري:

عادَةَ الأَيّامِ لا أُنكِرُها

فَرَحٌ تَقرُنُهُ لي بِتَرَح

إِن تَكُن تُفسِدُ ما تُصلِحُهُ

فَكَذا الدَهرُ إِذا دَرَّ رَمَح

وَإِذا قامَ عَلى النَهجِ اِنثَنى

وَإِذا سارَ عَلى القَصدِ جَنَح

وَيُرَبيكَ فَلا تَفرَح بِهِ

فَهوَ كَالجازِرِ رَبّى فَذَبَح

غَيرَ أَنَّ النَهيَ مِنهُ كُلَّما

جَمَحَ الدَهرُ بِوادِيَّ كَبَح

لَيسَ لِلعَينِ وَراءَ شَأوِهِ

لِلعُلا وَالمُكرِماتِ مُطَّرَح

شَحَّ بِالعَرضِ وَجادَ بِاللُهى

فَحَوى المَجدَ بِما جادَ وَشَح

فَإِذا هَمَّ بِأَمرٍ نالَهُ

فَسَواءٌ جَدَّ فيهِ وَمَزَح

دارَ في الكَأسِ عَقيقٍ فَجَرى

واطِفُ الدُرِّ عَلَيهِ فَطَفَح

نَصَبَ الساقي عَلى أَقداحِها

شَبَكَ الفِضَّةِ تَصطادُ الفَرَح

قصيدة: وصلت نعم ولكن صلة

قال الشاعر أبو هلال العسكري:

وَصَلَت نُعمٌ وَلَكِن صِلَةٌ

تُشبِهُ اللَحظَةَ في اِنتِقالِها

لَستُ أَدري أَتَمَتَّعتُ بِها

أَم بِزَورِ الزورِ مِن خَيالِها

وَمَضى اللَيلُ سَريعًا مِثلَما

أُنشِطَت دَهماءُ مِن عِقالِها

قصيدة: شامَ برق الشام بالروم جزوعا

قال الشاعر أبو المعالي الطالوي:

شامَ بَرقُ الشامِ بِالروم جَزُوعا

فَاِنبَرَت أَجفانُهُ تذري الدُموعا

هَبَّ مِن عَليا دِمَشقٍ مَوهِنًا

هَبَّةَ المِصباحِ في اللَيلِ ذَريعا

جزع الآفاق في هَبَّتِهِ

وَأَتى الروم سُرى الأَيمِ جَزُوعا

خَفَقَت راياتُهُ في أُفقِهِ

خَفَقانَ القَلبِ قَد أَمسى مَرُوعا

وَقَعَت شُعلَتُهُ وَسطَ الحَشا

وَسَناهُ طالَ في الجَوِّ رَفيعا

لَيسَ يَدري وَقعَها غَيرُ شَجٍ

فارَقَ الأَوطان مِثلي وَالرُبوعا

أَو مُعَنّىً بِهَوىً تَيَّمَهُ

مِن غَزالٍ راحَ لِلوَصلِ مَنوعا

يُخجِلُ الشَمسَ سَناءً وَسَنا

وَمَهاةَ الرَملِ جِيدًا وَتَليعا

أَسهَرَ الجَفنَ خَلِيّاً عَن كَرًى

مُقلَةً لَم تُطعَمِ النَومَ هُجُوعا

كَيفَ يَكرى ناظِرٌ فارَقَهُ

ناظِرُ العَيشِ مِنَ اللَيلِ هَزيعا

وَشَبابٍ شَرخُهُ مُقتَبلٌ

كانَ في الصَدِّ لَدى العَبدِ هَزيعا

لَم يَكُن إِلّا كُحُلمٍ وَاِنقَضى

أَو خَيالٍ في الكَرى مَرَّ سَريعا

أَزمَعَت حَسرَتُهُ لا تَنقَضي

آهِ ما أَعجَلَ ما وَلّى زَميعا

لَستُ أَرضى مِنَّةَ السُقيا لَهُ

وَسَحابُ الجفنِ يَسقيهِ الرَبيعا

وَالَّذي هاجَ الجَوى قَمَرِيَّة

بِالضُحى تَهتِفُ بِالأَيكِ سُجوعا

كُلَّما ناحَت عَلى أَفنانِها

هاجَتِ الصَبَّ غَرامًا وَوُلُوعا

وَإِذا غَنَّت لَهُ عَنَّت لَهُ

ذِكرَةٌ لِلشامِ زادَتهُ نُزوعا

يا سَقى اللَهُ حِماها وَابِلًا

مُسبِلَ الطَرفِ مِنَ الغَيثِ هَمُوعا

حَيثُ ربعُ اللَهوِ مِنها آهِلٌ

وَالمَغاني في مَغانيها جَميعا

قصيدة: أيها المولى تلفت للشآم

قال الشاعر أبو المعالي الطالوي:

أَيُّها المَولى تَلَفّت لِلشآم

بأَبي الجَنّةُ وَالبَيتُ الحَرام

وَاِعطَفن نَحوَ حِماها نَظرَةً

تَشفِها مِما اِعتَراها مِن سقام

شِم لَها مُرهَف عَزمٍ طالَ ما

كانَ مِن قَبلُ لَها وَاللَهِ حام

أطعم المَوتَ الزُؤام القابِجي

وَسَقى سَقّاءَهُ كَأسَ الحِمام

فَاِبنُ عُلوان عَلا في أَرضِها

وَاِبنُ بُستان رعى رَعيَ السَوام

زادَ في النَقصِ بِها مَنقوصها

قدوةُ الغاغَةِ بَل شَيخُ العَوام

وَغَدا المَقصورُ في شيعَتِهِ

يَقتَدي لا بِإِمام بَل إِمام

فَإِلَيكُم وَإِلى اللَهِ أَتَت

تَشتَكي الحال بِعَبرات سِجام

تَسأَلُ المَولى أَمانًا مِنهُما

وَمِنَ المَولى لَها نجح المَرام

قَد كَفى ما حَلّها مِن حادِثٍ

هُدَّ وَاللَهِ لَهُ رُكنًا شَمام

فَقَد اِسماعيل مُفتي قُطرِها

الإِمام الحَبرُ وَالبَرّ الهُمام

شَيخُ أَشياخ دِمَشق جادَهُ

سبلُ الأَنواءِ مَوصولُ الرِهام

وَأَدام اللَهُ مَولانا لَنا

رُكنَ مَجدٍ دائِمٍ حَتّى القِيام

قصيدة: يا خليلي احبسا الركب إذا ما

قال الشاعر أبو البحر الخطي:

يا خَلِيلَيَّ احْبِسَا الرَّكْبَ إذَا مَا

جِئْتُمَا عَن أَيْمَنِ الحَيِّ الخِيَامَا

وابلُغَا سُعدَى عن الصَّبِّ الذي

غَادرَتْهُ غَرَضَ السُّقْمِ السَّلامَا

واسْأَلاهَا وارْفُقَا جهدَكُما

عَجَبًا واسْتَفْهِمَاهَا لا مَلامَا

ما لَهَا تحمِلُ أعْبَاءَ دَمِي

وَهْيَ لا تسطيعُ مِنْ ضَعْفٍ قِيَامَا

وبَرِيقٍ لاحَ وَهْنًا بعدَمَا

هَدَأَ الطَّائِرُ في الوَكْرِ ونَامَا

في كَثِيفَاتِ الحَواشي دُلَّجٍ

يتجاوبْنَ فَيُشْبهنَ السَّوَامَا

بِتُّ أَرْنُوهُ بعينٍ ثَرَّةٍ

تَكِفُ الدَّمْعَ فُرَادَى وتُوَامَا

وَهْوَ يَفْرِي حِلَلَ اللَّيّلِ كَمَا

جَرَّدَ الفَارِسُ في الحَرْبِ حُسَامَا

وصَبًا هَبَّتْ سُحَيْرًا فَرَوَتْ

خَبَرًا أوْقَعَ في القَلْبِ كَلامَا

حَدَّثَتْ أنَّ عُرَيبًا باللّوَى

نَقَضُوا العَهْدَ ولمْ يَرْعَوا ذِمَامَا

واسْتَحَلّوا من دَمِ الصَّبِّ ولَمْ

يرْقُبُوا إلاًّ ولمْ يَخْشَوا أَثَامَا

يا عُرَيْبًا حلَّلُوا سفكَ دَمِي

إنَّما حَلَّلتُمُ شَيْئًا حَرَامَا

نمتُمُ عَنْ سَهَرِي لَيلًا بِكُمْ

ومَنَعْتُمْ جفنَ عيني أن يَنَامَا

ما لكُمْ بدَّلْتُمونِي سَادَتِي

بالرِّضَا سُخْطًا وبالوصْلِ انْصِرَامَا

كُلَّما عَنَّ لهُ ذِكْرُكُمُ

أسْبَلَتْ أجفانُهُ الدَّمعَ سِجَامَا

وإذَا غَنَّتْ حَمَاماتُ الحِمَى

حَمَتِ النَّومَ وأَهْدتْهُ الحِمَامَا

لا يَلَذُّ العَيْشَ في يَقِظَتِهِ

لا ولا يَأْلفُ باللَّيْلِ المنَامَا

فَهْوَ بينَ اليَأْسِ مِنْكُمْ والرَّجَا

مَيِّتٌ حَيٌّ فَدَاووهُ لِمَامَا

قصيدة: يا نزولًا بين أجراع الحمى

قال الشاعر أبو بحر الخطي:

يا نُزُولًا بَينَ أَجْرَاعِ الحِمَى

بُعْدُكُمْ عَنْ عَينيَ النَّومَ حَمَى

هَلْ تُعِيرُونَ جُفُونِي هَجْعَةً

أمْ تَرَوْنَ النَّومَ شَيئًا حُرِّمَا

أَرسَلَتْ مِنْ دَمعِها في حُبِّكُمْ

عَارِضًا يَهْمِي وتَيَّارًا طَمَى

وأَسَالَتْ ذَاكَ مُبْيَضًّا فإنْ

طَالَ هَذَا البُعْدُ أجْرَتْهُ دَمَا

إنَّ عَينًا لا تَرَاكُمْ لا تَرَى

فَرْقَ مَا بَينَ هُدَاهَا والعَمَى

وكَذَاكَ السَّمْعُ يشْكُو بَعْدَكُمْ

عَارِضَ الوَقْرِ بِهِ والصَّمَمَا

سَادَتِي أَسْلَمتُ في الحُبِّ لَكُمْ

أَفَيَنْجُو سَالِمًا من أَسْلَمَا

إنْ يَكُنْ أَذنَبْتُ في حُبِّكُمُ

فَأَقيلُونِي ذُنُوبِي كَرَمَا

قصيدة: صاح ما وجدي بسكان المحل

قال الشاعر أبو بحر الخطي:

صَاحِ ما وَجْدي بسُكَّانِ المَحلِّ

بالذي تَحْوِيْهِ أرْقَامُ السِّجِلِّ

فَأَرِحْ جَاريَةَ الأَقْلامِ منْ

خِطَطٍ مَنْ يَبْتدِرْهُنَّ يَكِلِّ

غَيرَ أنِّي أَبْعَثُ الرِّيحَ لَهُمْ

بِسَلامٍ إنْ تَعِدْهُ لا يَمَلِّ

عَبِقٌ يَنْفضُّ رَيَّاهُ عَلَى

كُلِّ حَزْنٍ يَتَخطَّاهُ وسَهْلِ

وكَلامٍ يَستمِلُّ الوَجْدَ مِنْ

خَاطِرٍ ملآنَ مِنْ ذَاكَ ويُمْلِي

يا نُزُولًا بَينَ أجْرَاعِ الحِمَى

وفُؤَادِي حَيْثُمَا حَلُّوا يَحلِّ

وأبَى العُشَّاقُ لَوْلا حَسَدِي

كَلَّ مَنْ يأتِيكُمُ بالكُتْبِ قَبْلِي

لَغَدَا أكْثَرُ ما في الأَرْضِ مِنْ

وَرَقٍ كُتْبي لَكُمْ والخَلْقُ رُسْلِي

يا شَوَى قَلْبي على البُعْدِ فَهَلْ

مِنْ لِقًا يُعدِي علَى ذَاكَ وَوصْلي

وغَزَانِي عَسْكَرُ الشَّوْقِ فَلَمْ

يَكُ عن شَيءٍ سِوَى قَلْبي يَحِلِّ

إنَّ مَنْ أَمْطَرَهُ البُعْدُ وَبَالًا

أفَلا يُنْعشُهُ القُربُ بِوَبْلِ

كُلَّمّا أعْطَشَنِي اليأسُ بِهَيْهَا

تَ مِن الوَصْلِ تَعلَّلتُ بِعَلِّ

كُنْتُ والأرْضُ إذَا صَافَحَها

قَدَمِي أُثْقِلَها أَعْظَمَ ثِقْلِ

قصيدة: شفني وجدي وأبلاني السهر

قال الشاعر محمود سامي البارودي:

شَفَّنِي وَجْدِي وأَبْلانِي السَّهَرْ

وَتَغَشَّتْنِي سَمَادِيرُ الْكَدَرْ

فَسَوادُ اللَّيْلِ مَا إِنْ يَنْقَضِي

وَبَيَاضُ الصُّبْحِ مَا إِنْ يُنْتَظَرْ

لا أَنِيسٌ يَسْمَعُ الشَّكْوَى وَلا

خَبَرٌ يَأْتِي وَلا طَيْفٌ يَمُرْ

بَيْنَ حِيطَانٍ وَبَابٍ مُوصَدٍ

كُلَّمَا حَرَّكَهُ السَّجَّانُ صَرْ

يَتَمَشَّى دُونَهُ حَتَّى إِذَا

لَحِقَتْهُ نَبْأَةٌ مِنِّي اسْتَقَرْ

كُلَّمَا دُرْتُ لأَقْضِي حَاجَةً

قَالَتِ الظُّلْمَةُ مَهْلًا لا تَدُرْ

أَتَقَرَّى الشَّيءَ أَبْغِيهِ فَلا

أَجِدُ الشَّيءَ وَلا نَفْسِي تَقَرْ

ظُلْمَةٌ مَا إِنْ بِهَا مِنْ كَوْكَبٍ

غَيرُ أَنْفَاسٍ تَرامَى بِالشَّرَرْ

فَاصْبِرِي يَا نَفْسُ حَتَّى تَظْفَرِي

إِنَّ حُسْنَ الصَّبْر مِفْتَاحُ الظَّفَرْ

هِيَ أَنْفَاسٌ تقَضَّى وَالْفَتَى

حَيْثُمَا كَانَ أَسِيرٌ لِلْقَدَرْ

قصيدة: بادر الفرصة واحذر فوتها

قال الشاعر محمود سامي البارودي:

بَادِر الْفُرْصَةَ وَاحْذَرْ فَوْتَهَا

فَبُلُوغُ الْعِزِّ في نَيْلِ الْفُرَصْ

وَاغْتَنِمْ عُمْرَكَ إِبَّانَ الصِّبَا

فَهْوَ إِنْ زَادَ مَعَ الشَّيْبِ نَقَصْ

إِنَّمَا الدُّنْيَا خَيَالٌ عَارِضٌ

قَلَّمَا يَبْقَى وَأَخْبَارٌ تُقَصْ

تَارَةً تَدْجُو وَطَوْرًا تَنْجَلِي

عَادَةُ الظِّلِّ سَجَا ثُمَّ قَلَصْ

فَابْتَدِرْ مَسْعَاكَ وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ

بَادَرَ الصَّيْدَ مَعَ الْفَجْرِ قَنَصْ

لَنْ يَنَالَ الْمَرْءُ بِالْعَجْزِ الْمُنَى

إِنَّمَا الْفَوْزُ لِمَنْ هَمَّ فَنَصْ

يَكْدَحُ الْعَاقِلُ فِي مَأْمَنِهِ

فَإِذا ضَاقَ بِهِ الأَمْرُ شَخَصْ

إِنَّ ذَا الْحَاجَةِ مَا لَمْ يَغْتَرِبْ

عَنْ حِماهُ مِثْلُ طَيْر في قَفَصْ

وَلْيَكُنْ سَعْيُكَ مَجْدًا كُلُّهُ

إِنَّ مَرْعى الشَّرِّ مَكْرُوهٌ أَحَصْ

وَاتْرُكِ الْحِرْصَ تَعِشْ فِي رَاحَةٍ

قَلَّمَا نَالَ مُنَاهُ مَنْ حَرَصْ

قَدْ يَضُرُّ الشَّيءُ تَرْجُو نَفْعَهُ

رُبَّ ظَمْآنَ بِصَفْوِ الْمَاءِ غَصْ

مَيِّزِ الأَشْيَاءَ تَعْرِفْ قَدْرَهَا

لَيْسَتِ الْغُرَّةُ مِنْ جِنْسِ الْبَرَصْ

وَاجْتَنِبْ كُلَّ غَبِيِّ مَائِقٍ

فَهْوَ كَالْعَيْرِ إِذَا جَدَّ قَمَصْ

إِنَّمَا الْجَاهِلُ فِي الْعَيْنِ قَذَىً

حَيْثُمَا كَانَ وَفِي الصَّدْرِ غَصَصْ

وَاحْذَرِ النَّمَّامَ تَأْمَنْ كَيْدَهُ

فَهْوَ كَالْبُرْغُوثِ إِنْ دَبَّ قَرَصْ

يَرْقُبُ الشَّرَّ فَإِنْ لاحَتْ لَهُ

فُرْصَةٌ تَصْلُحُ لِلْخَتْلِ فَرَصْ

سَاكِنُ الأَطْرَافِ إِلَّا أَنَّهُ

إِنْ رَأَى مَنْشَبَ أُظْفُورٍ رَقَصْ

وَاخْتَبِرْ مَنْ شِئْتَ تَعْرِفهُ فَمَا

يَعْرِفُ الأَخْلاقَ إِلَّا مَنْ فَحَصْ

هَذِهِ حِكْمَةُ كَهْلٍ خَابِرٍ

فَاقْتَنِصْهَا فَهِيَ نِعْمَ الْمُقْتَنَصْ

قصيدة: الخطايا

قال الشاعر أسامة محمد زامل:

ما بقائي ما انتظاري ما احتمالي!

ما مجيئي ما ذهابي ما قعودِي!

إنْ غدوتُ عاجزًا عنْ حمْلِ سيفِي

للدِّفاع عن كيانِي ووُجودِي

ووقفتُ أبكمًا لا أستطيعُ

أنْ أقولَ لا لأشباهِ القرُودِ

وعجزتُ عنْ رغيفٍ صارَ وعدًا

كاذبًا كالأُخْرَياتِ منْ وعودِي

وشربتُ الطّينَ والأمواهُ تحتِيْ

لعدوُّيْ صَفْوُهَا خلْفَ السُّدودِ

وأكلتُ الجِفتَ والزّيتُ يُضيءُ

كالنّجومِ فوق أجْبالِ جُدودِي

ومشيتُ مشيةَ العُرجانِ كيلا

ينهبَ الوجهُ نصيبي في الطّرودِ

وسقفتُ البيتَ من سَعْفٍ وقصرِيْ

فرسَخيْنِ ليسَ إلّا عنْ حدودِي

وخنَسْتُ كلبَ ليلٍ كلّما شا

بَ الرياحَ نتْنُ بارودِ الجُنودِ

ووصلتُ العتمَ بالنّورِ لأجنيْ

دِرهمَيْنِ اثنيْنِ من نسلِ الهُنودِ

وركِبتُ القدمين كيْ أبيتَ

بين أهلِي والطّريقُ فيْ صُعودِ

وفرِحتُ كلّما ابْتاعَ رئيسيْ

بدمِي سيّارةً من نوعِ "أودِي"

وبردتُ ظفرَ شيخَ فتنةٍ كيْ

أستضيءَ ساعتينِ بالوَقودِ

وخرجتُ حافيًا حتّى أُهنّي

ما تبقىْ مِنْ فلولٍ بالصّمودِ

وشمِتُّ في قريبٍ وفرحتُ

لانتصارِ خصْم أوطانيْ اللّدودِ

وشكرتُ من أتوني باليهود

كونهُمْ عادوا لتعزيزِ صُمودِي
وافْتِكاكِي منْ أساطيرِ جُدودي 
بلْ وتحريرِ نِسائِي مِنْ قُيودِي

والمُناداةِ بحقٍّ في الشّذوذِ

بلْ وإرْجاعِ سَدومَ للوُجودِ

ما دعائي ما بكائي ما صيامي!

ما صلاتي ما ركوعي ما سجودِي!

إنْ رقبتُ دهمَهمْ مسْرىْ رسُولي

وكفى غرْبٌ وأغنَى عنْ رُدودِي

وشهدتُ ضربَهم أُختيْ بنيسَ

ملقيًا لومي عليْها في برودِ

وخنقت الحقّ وهْوَ لي أبٌ نصْـ

رًا لمن زوّج أمّي من يهودِي

قصيدة: هزئت مية أن ضاحكتها

قال الشاعر تميم بن أبي مقبل:

هَزِئَتْ مَيَّةُ أَنْ ضَاحَكْتُهَا

فَرَأَتْ عَارِضَ عَوْدٍ قَدْ ثَرِمْ

وبَيَاضًا أَحْدَثَتْهُ لِمَّتِي

مِثْلَ عِيدَانِ الحَصَادِ المُنْحَصِمْ

يا ابْنَة الرِّحَّالِ لَوْ جَارَيْتِني

سَالِفَ الدَّهْرِ لجَارَيْتِ الرَّقِمْ

وخُصُومٍ شُمُسٍ أَرْمِي بِهِمْ

شُعَبَ الجَوْرِ إِذَا لْمْ يَسْتَقِمْ

وقُعُودِي عِنْدَ ذِي غَادِيَةٍ

تَقْذِفُ الأَعْدَاءَ عَنِّي بِالكَلِمْ

نَتَنَادَى ثُمَّ يَنْمِي صَوْتَنَا

صَلَقٌ يَهْدِمُ حَافَاتِ الأُطُمْ

وحَنِين مِنْ عَنُودٍ بَدْأَةٍ

أَقرَعِ النقْبَةِ حَنَّانِ لَحِمْ

قصيدة: غادروني بالأثيل والنقا

قال الشاعر محيي الدين بن عربي:

غادَروني بِالأَثيلِ وَالنَقا

أَسكُبُ الدَمعَ وَأَشكو الحُرَقا

بِأَبي مَن ذُبتُ فيهِ كَمَدًا

بِأَبي مَن مُتُّ مِنهُ فَرَقا

حُمرَةُ الحَجلَةِ في وَجنَتِهِ

وَضَحُ الصُبحِ يُناغي الشَفَقا

قَوَّضَ الصَبرُ فَطَنَّبَ الأَسى

وَأَنا ما بَينَ هذَينِ لَقا

مَن لِبَثّي مَن لِوَجدي دُلَّني

مَن لِحُزني مِن لِصَبٍّ عَشِقا

كُلَّما ضَنَّت تَباريحُ الهَوى

فَضَحَ الدَمعُ الجَوى وَالأَرَقا

فَإِذا قُلتُ هَبوا لي نَظرَةً

قيلَ ما تُمنَعُ إِلّا شَفَقا

ما عَسى تُغنيكَ مِنهُم نَظرَةٌ

هِيَ إِلّا لَمحُ بَرقٍ بَرَقا

لَستُ أَنسى إِذ حَدا الحادي بِهِم

يَطلُبُ البَينَ وَيَبغي الأَبرَقا

نَعَقَت أَغرِبَةُ البَينِ بِهِم

لا رَعى اللَهُ غُرابًا نَعَقا

ما غُرابُ البَينِ إِلّا جَمَلٌ

سارَ بِالأَحبابِ نَصّاً عَنَقا

قصيدة: نطح الغفر بطينا زابنا

قال الشاعر محيي الدين بن عربي:

نطح الغفرُ بُطينًا زابنا

والثريا كُللت بالأفقِ

دبر القلب بهقعاتٍ على

شَولةٍ طالعةٍ بالمشرق

هَنعة الأنعام في أفلاكها

ذرعت بلدتها في الغَسَقِ

نثرةُ الذابحِ للطرفِ رات

بلعًا يشكو كمينَ الحُرَق

جبهةُ السعد إذا ما زَبَرَتْ

علمها وسط خباءٍ أزرق

صَرفَ المقدمُ عَوَّاء له

مؤخر يثقله في الطرق

وسماك سَبحتْ أرجلُه

رِشاءٍ طالعٍ كالزورَق

قصيدة: مل بنا يا سعد وانزل بالحجون

قال الشاعر أبو الحسن الششتري:

مِلْ بِنا يا سعْدُ وانزِلْ بالحجُونْ

هذه الأعْلاَم تبْدو للعُيونْ

والْتفتْ غرْبِيَّها كَيُما تَرَى

نارَ مَنْ تهْواهُ بِالشّعبِ اليمينْ

للقِرَى شُبَّتْ قديمًا نارُها

وهِيَ لا تُطْفى على طولِ السنينْ

قَرِّب النَّفْس ولاَ تَبْخَلْ بِها

إِن أردْتَ الشُّرب من عَين اليقينْ

هِمْ بحَرْف العَيْنِ واعْشَق أهْلهُ

تَعْلم المعْنى مِنَ السّرِّ المصُونْ

جَرِّرْ الذَّيْلَ ولا تَلْوِ على

ذُلِّ هذا الكَوْنِ واصْبرْ للمُجون

قصيدة: أيها الساعي على آثارنا

قال الشاعر الأفوه الأودي:[٢]

أَيُّها الساعي عَلى آثارِنا

نَحنُ مَن لَستَ بِسَعّاءٍ مَعَه

نَحنُ أَودٌ حينَ تَصطَكُّ القَنا

وَالعَوالي لِلعَوالي مُشرَعَه

يَومَ تُبدي البيضُ عَن لَمعِ البُرى

وَلِأَهلِ الدارِ فيها صَعصَعَه

ثُمَّ فينا لِلقِرى نارٌ يُرى

عِندَها لِلضَيفِ رُحبٌ وَسِعَه

قصيدة: ردت الروح على المضنى معك

قال الشاعر أحمد شوقي:[٣]

ردّت الروحُ على المضنى معك

أحسنُ الأيامِ يوم أرجعَك

تَبعًا كانت ورقَّا في النوى

وقليل للهوى ما أتبعك

إن يكنْ إثرُك لم يهلكْ أسًى

هو ملاك إليه أستشفعك

مر من بعدك ما روّعني

أتُرى يا حلو بُعدى روّعك

قمتَ بالبينِ وما جرّعني

وحملتُ الشَّطرَ ممّا جرّعَكْ

كم شكوتُ البثَّ يا ليلُ إلى

مطلعِ البدرِ عسى أن يُطلِعَكْ

قصيدة: لاح شيب الرأس مني فاتضح

قال الشاعر أبو العتاهية:

لاحَ شَيبُ الرَأسِ مِنّي فَاِتَّضَح

بَعدَ لَهوٍ وَشَبابٍ وَمَرَح

فَلَهَونا وَنَعِمنا ثُمَّ لَم

يَدَعِ المَوتُ لِذي لُبٍّ فَرَح

يا بَني آدَمَ صونوا دينَكُم

يَنبَغي لِلدينِ أَن لا يُطَّرَح

وَاحمَدوا اللَهَ الَّذي أَكرَمَكُم

بِنَبيٍّ قامَ فيكُم فَنَصَح

بِنَبيٍّ فَتَحَ اللَهُ بِهِ

كُلَّ خَيرٍ نِلتُموهُ وَشَرَح

مُرسَلٌ لَو يُوزَنُ الناسُ بِهِ

في التُقى وَالبِرِّ شالوا وَرَجَح

فَرَسولُ اللَهِ أَولى بِالعُلى

وَرَسولُ اللَهِ أَولى بِالمِدَح



لقراءة المزيد من الموضوعات ذات الصّلة، اخترنا لك هذا المقال: بحر الرمل في الشعر الحر.

المراجع

  1. "يا أبا اليقظان أغواك الطمع"، الديوان، اطّلع عليه بتاريخ 18/01/2021م.
  2. "أيها الساعي على آثارنا"، ديواني، اطّلع عليه بتاريخ 18/01/2021م.
  3. "آه لو تعلم عندي موقعك"، المكتبة الشاملة الحديثة، اطّلع عليه بتاريخ 18/01/2021م.
4228 مشاهدة
للأعلى للسفل
×