قصة (سبقك بها عكاشة)

كتابة:
قصة (سبقك بها عكاشة)
دَرَج على ألسن الناس قول: "سبقك بها عكاشة"؛ عندما يسبقون في الحصول على شيءٍ قبل الآخرين، وينالونه بسبق مبادرتهم، وأصل القول حديثٌ للنبيّ -صلى الله عليه وسلم- عندما طلب منه صحابيٌّ أن يكون له مثل ما لعكاشة رضي الله عنه؛ فكان ردّ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "سبقك بها عكاشة"،[١] وآتيًا بيانٌ لقصّة وسبب قول النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لهذا القول.


أصل قصّة (سبقك بها عكاشة)

ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يحكي لأصحابه عن سبعين ألفاً من أمّته، يدخلهم الله تعالى الجنّة دون سابق حسابٍ؛ فقال لهم صلى الله عليه وسلم: إنّ الأمم عُرضت عليه فرى أنبياء يأتون يوم القيامة ومعهم فردٌ وآخر معه اثنان، ونبيٌّ معه رهطٌ؛ أي عددٌ من الناس أقل من عشرة، ثمّ يرى جمعًا كثير من الناس، تمنّى النبيّ لو كانوا من أمّته؛ فإذا هم قوم موسى عليه السلام، ثمّ يرى جمعًا آخر كبيرًا من الناس يسدّ الأفق من كثرته، فيُخبَر -عليه الصلاة والسلام- أنّ هؤلاء هم قومه، وأنّ بينهم سبعين ألفًا يدخلون الجنّة بغير حسابٍ؛ فسأله عكاشة بن محصن -رضي الله عنه- إن كان هو من بين السبعين ألفًا، فأجابه النبيّ بنعم، وفي روايةٍ أخرى أنّ عكاشة طلب من النبيّ أن يدعو له أن يكون من هؤلاء السبعين ألفًا؛ فدعا له، فسارع صحابيٌّ من الأنصار يسأل النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مثل ما سأله عكاشة، فقال له صلى الله عليه وسلم: سبقك بها عكاشة.[٢][٣]


نصّ حديث (سبقك بها عكاشة)

أخرجَ الشيخان عن ابن عباس -رَضِي اللهُ عَنْهُما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: "عرضت علي الأمم، فأجد النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي يمر معه العشرة، والنبي يمر معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت، فإذا سواد كثير، قلت: يا جبريل، هؤلاء أمتي؟ قال: لا، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد كثير، قال: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم لا حساب عليهم، ولا عذاب، قلت: ولم؟ قال: كانوا لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون"، فقام إليه عكاشة بن محصن، فقال ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "اللهم اجعله منهم"، ثم قام إليه رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: "سبقك بها عكاشة".[١]


سبب قول النبيّ: (سبقك بها عكاشة)

ذكر العلماء أنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يُرد بجوابه: "سبقك بها عكاشة"، أن يخصّ عكاشة دون غيره بفضلٍ أو منزلةٍ أعلى من غيره، لكنّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يرد أن يفتح بابًا يطلب منه الجميع أن يكونوا من السبعين ألفًا؛ فقد يطلبها منه من لا يستحقّها، وقد يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- يقصد أنّ عكاشة بن محصن قد سبقه بهذه الصفة التي تؤهّله لدخول الجنّة من دون حساب، وتلطّف -صلى الله عليه وسلم- بالقول مع الصحابيّ الآخر؛ فلم يقل له: أنت لست منهم، أو ليس فيك ما يؤهّلك لتكون منهم، بل قال له: "سبقك بها عكاشة".[٤][٥]


المراجع

  1. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:5752، حديث صحيح.
  2. محمد بديع موسى (12/4/2011)، "سبقك بها عكاشة"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 21/2/2022. بتصرّف.
  3. "شرح حديث سبقنا بها عكاشة"، الدرر السنية. بتصرّف.
  4. السفاريني، كتاب البحور الزاخرة في علوم الآخرة، صفحة 843. بتصرّف.
  5. السهيلي، كتاب الروض الأنف ت الوكيل، صفحة 173-174. بتصرّف.
4845 مشاهدة
للأعلى للسفل
×