قصة آدم وحواء عليهما السلام

كتابة:
قصة آدم وحواء عليهما السلام

خلق الله تعالى لآدم عليه السلام

ما المقصود بالصلصال؟

ذكر أهل العلم أنّ الأرضَ قبل أن يخلق الله -تعالى- آدم -عليه السلام- كانت تحت سلطان إبليس اللعين، فلمّا كثرَت جرائم الجن أراد الله -تعالى- أن يكون هنالك صنف جديد يسكنون الأرض ويكونون خلائف، فلمّا قال الله -تعالى- للملائكة أنّه يريد خلق آدم قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}،[١] وكان هذا الاستفهام مشروع من الملائكة، فقال لهم: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}،[٢][٣] يعني أنّه يعلم ما يقتضيه الأمر أكثر منهم،[٤] أو ربما يعلم ما سيفعله إبليس بعد خلق آدم؛ إذ إنّ آدم سيكون خليفة الله -تعالى- على الأرض التي كانت في سلطان إبليس.[٣]


فقبض الله -تعالى- قبضة من الأرض فيها من كل ألوان التراب، فبلّ هذا التراب بالماء ثمّ تركه مدّة كي يتحجّر، فصار صلصالًا، وهو أقرب للفخّار غير أنّ النار لم تمسّه بل جفّ وحده، وهكذا ولد آدم ولم يكن له أب أو أم، ولكنّها مشيئة الله تعالى، وكان طوله حينها ستون ذراعًا، وعندما خلقه الله -تعالى- أرسله إلى الملائكة ليسلّم عليهم، فقال لهم: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فكان هذا السلام هو سلام آدم وذريّته من بعده، وقد علّمه الله -تعالى- أسماء كلّ شيء.[٥]


كما يمكنك قراءة قصة آدم عليه السلام لطفلك بالاطلاع على هذا المقال: قصة سيدنا آدم للأطفال


أمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام

هل رفض أحدٌ من الملائكة السجود لآدم؟

عندما خلق الله -تعالى- آدم -عليه السلام- وعرضه أمام الملائكة ونفخ فيه من روحه أمر الملائكة بأن يسجدوا له، فيقول -تعالى- واصفًا هذا المشهد في سورة الحجر: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}،[٦] فسجد الملائكة كلّهم؛ فهم مخلوقات سيمتها الطاعة والتسليم لأوامر الله تعالى.[٧]


رفض إبليس السجود لآدم عليه السلام!

ما حجة إبليس الرجيم حين رفض السجود لآدم عليه السلام؟

ولما أمر الله -تعالى- الملائكة بالسجود لآدم كان إبليس اللعين بينهم، وهو ليس من الملائكة ولكن لمنزلته آنذاك كان يحضر مع الملائكة، فعندما جاء أمر السجود امتثل الملائكة أجمعون إلّا إبليس رفض هذا الأمر بغرور وتجبّر وعلّلَ سبب رفضه بأنّه قد خُلقَ من نار بينما خُلقَ آدم من طين، يقول تعالى: {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ}.[٨][٧]


فبعد أن رفض إبليس السجود لآدم طرده الله من رحمته ومن الجنة، فصار مرجومًا وملعونًا حاقدًا على آدم وعلى ذريته من بعده، وصار شغله الشاغل كيف يوقع آدم في معصية يجعل الله -تعالى- يغضب عليه.[٧]


كما يمكنك التعرّف بشكل تفصيلي على قصة إبليس مع ربّه جل وعلا بالاطلاع على هذا المقال: قصة إبليس مع الله



خلق حواء زوجة آدم من ضلعه وإسكانهما الجنة

من الذي سمّى حواء بهذا الاسم؟

وهكذا عاش آدم -عليه السلام- في الجنة يتبوّأ منها حيث يشاء، وينزل المنزل الذي يشتهي ويأكل ما يشتهي، وكلّ ذلك وهو هانئ البال مرتاح الحال، ولكنّه أحسّ بوحشة ووحدة، فليس هنالك من يسلّيه ولا من يتبادل معه الحديث، فكان الله -تعالى- يعلم ما يدور في نفسه، فذات يوم بينما هو نائم في الجنة استيقظ ليرى أمامه امرأة قد خلقها الله -تعالى- له من ضلعه لتكون سكنًا له ومؤنسًا في هذه الوحشة، فسمّاها حوّاء، وعاشا معًا في الجنة حياة رغيدة لا يعكرها شيء.[٩]


منع الله تعالى آدم وحواء من الأكل من شجرة مخصوصة!

ما هي الشجرة التي مُنع آدم وزوجته من الأكل منها؟

عندما منح الله -تعالى- لآدم وزوجته حواء الحياة السعيدة في الجنة فإنّه قد وضع لهما شرطًا واحدًا عليهما ألّا يجتازانه وألّا يعصيا أمر الله تعالى، وهو عدم الأكل من شجرة ما لحكمة لا يعلمها إلّا الله تعالى، وقيل هي شجرة العنب وقيل التين وقيل الحنطة وقيل غير ذلك وهو من الإسرائيليات والله أعلم بها.[٥]


غواية إبليس لآدم وحوّاء من حقده

ماذا زعم إبليس أنّ هذه الشجرة تفعل مع الآكل منها؟

حينما علم إبليس بتلك المنزلة التي نالها آدم وزوجته في الجنة وأنّ الله -تعالى- نهاهما عن الأكل من شجرة معيّنة فإنّه قد دخل إلى الجنة في فم الأفعى، وكان ذلك بتقدير من الله عز وجل، فدخل مع الأفعى وصار يرغّب آدم وزوجته -عليهما السلام- بالأكل من الشجرة بسبب حقده عليهما، فكأنّه يحمّل آدم مسؤولية طرده من الجنة ومن رحمة الله تعالى، فقال لآدم إنّك إن أكلت مع زوجتك من هذه الشجرة فستنال الخلود في الجنة وتنال كذلك رتبة الملائكة.[١٠]


هل استجاب آدم وحواء لوسوسة إبليس؟

مع كل تلك الإغراءات التي جعلها إبليس اللعين لآدم عند أكله من الشجرة فإنّ قدرَ الله -تعالى- قد نفذ وأكلَ آدم من تلك الشجرة، ووصف الله -تعالى- فعله بأنّه إغواء، يقول -تعالى- في سورة طه: {وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ}.[١١][١٠]


كشف عورة آدم وحواء عليهما السلام

بمَ حاول آدم وحواء أن يسترا عوراتهما؟

عندما أكل آدم وزوجته -عليهما السلام- من الشجرة التي نهيا عنها فإنّه حدث لهما شيء غريب وهو أنّ ما عليهما من لباس قد زال عنهما، وبدت سوآتهما، وقيل هي عوراتهما، فأقبلا على ورق أشجار الجنة يخفيان به ما بدا منهما، يقول تعالى: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ}.[١١][١٠]


عقوبة آدم وحواء على مخالفتهما الأمر الإلهي

ما هي العقوبة الأولى لمخالفة أوامر الله عز وجل؟

حين حذّر الله -تعالى- آدم وزوجته حواء -عليهما السلام- من إبليس اللعين فإنّه قد أخبرهما أنّ همّه هو إخراجهما من الجنّة التي قد طُرد منها، قال تعالى: {فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ}،[١٢] ولكن وقع المحظور، وخرج آدم وزوجته -عليهما السلام- من الجنة لتيدأ بعدها رحلة الشقاء.[١٠]


هبوط آدم وحواء إلى الأرض واستخلافهما

ما مصير الصالحين من بني آدم؟

لم يكن الخروج من الجنة هو العقوبة الوحيدة التي عوقب بها آدم وزوجته عليهما السلام، ولكن قد هبطا إلى الجنة هما وإبليس، وقد أمر الله -تعالى- أن تقوم العداوة بين بني آدم وبين إبليس وقبيله من الشياطين إلى يوم القيامة، وقد تاب الله -تعالى- على آدم -عليه السلام- واجتباه وجعله نبيًّا، فسأل آدم ربّه -تعالى- إن أصلح وتاب هل يعود إلى الجنة؟ فقال تعالى نعم، فمنذ ذلك اليوم صار إعمار الأرض شأنٌ بني آدم، وكان منهم الأنبياء والصالحون ومنهم الذين تمكّن إبليس وقبيله من إغوائهم، فأمّا الصالحون فمصيرهم العودة إلى الجنة التي خرج منها أبوهم، وأمّا المفسدون فمصيرهم الجحيم رفقة إبليس اللعين.[١٣]


العبر المستفادة من قصة آدم وحواء عليهما السلام

ماذا يمكن للمسلم أن يفيد من قصة آدم وحواء؟

لقد مرّ في قصّة آدم وحواء كثير من العبر، ولعلّ أبرزها:[١٣]

  • الشيطان عدو لبني آدم لحقده على أبيهم فعلى الناس معاملته على هذا النحو من خلال الحذر من مكائده ومصائده وعدم الإنصات لوسوسته.
  • الحسد من أخلاق إبليس، فيجب على المسلم ألّا يتخلّق بهذا الخلق، بل يرجو الخير للجميع.
  • البشر خلفاء الأرض، فيجب عليهم إعمارها بما يرضي الله تعالى، والايتعاد عن كلّ عمل أو فعل أو يؤدي إلى غضب الله تعالى.


كما يمكنك أيضًا التعرّف على قصة حواء عليها السلام بالاطلاع على هذا المقال: قصة حواء زوجة النبي آدم عليه السلام

المراجع

  1. سورة البقرة، آية:30
  2. سورة البقرة، آية:30
  3. ^ أ ب ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، القاهرة:دار المعارف، صفحة 89، جزء 1. بتصرّف.
  4. ابن كثير الدمشقي، البداية والنهاية، القاهرة:دار المعارف، صفحة 68 - 70، جزء 1. بتصرّف.
  5. ^ أ ب عبد القادر شيبة الحمد، قصص الأنبياء _ القصص الحق، الرياض:مكتبة فهد الوطنية، صفحة 28 - 32. بتصرّف.
  6. سورة الحجر، آية:28 - 29
  7. ^ أ ب ت ابن كثير الدمشقي، قصص الأنبياء، مكة المكرمة:مكتبة الطالب الجامعي، صفحة 24. بتصرّف.
  8. سورة ص، آية:73 - 78
  9. حسن أيوب، قصص الأنبياء، القاهرة:دار التوزيع والنشر الإسلامي، صفحة 17. بتصرّف.
  10. ^ أ ب ت ث ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، القاهرة:دار المعارف، صفحة 106 - 110، جزء 1. بتصرّف.
  11. ^ أ ب سورة طه، آية:121
  12. سورة طه، آية:117
  13. ^ أ ب ابن كثير الدمشقي، البداية والنهاية، بيروت:مكتبة المعارف، صفحة 79 - 84. بتصرّف.
4583 مشاهدة
للأعلى للسفل
×