محتويات
التعريف بآل ياسر
ياسر هو والد عمّار، أصله عربي، وأمه سمية كانت جارية لأبي حذيفة المخزومي، فتحالف مع ياسر وزوّجه إياها، فولدت له عمّار، فأعتقه أبو حذيفة، وعمّار هو ابن ياسر بن عامر بن مالك من بني كنانة، كان من السابقين للإسلام هو وأبوه وأمه.
وكانوا من أوائل الصحابة الذين أظهروا إسلامهم في مكة المكرمة؛ لذلك تعذّبوا، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يمرّ عليهم ويصبّرهم.[١] فتظُهر هذه الأسرة تضحيتها وصمودها في وجه الكفر، وتنجو بالإيمان؛ لتكون كلمة الله هي العليا.[٢]
ثبات آل ياسر وصبرهم على العذاب
لقد نال آل ياسر العذاب الأكبر من بين من أسلم؛ فقد كانوا عبيداً في قريش، فأصابتهم قريش بأشد أنواع التعذيب، فكانت أول أسرة تُعذّب كاملة، وضربوا أروع المعاني، وأعظم التضحيات في سبيل الله، فكان بنو مخزوم وهم أسيادهم ينتظرون الشمس حتى تحمى، ثم يخرجون بهم وسط الصحراء، فيُعذّبون، ويُجلدون.[٣]
حتى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم في إحدى المرات: (صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة)،[٤] وقد قيّد أبو جهل يديّ سمية أم عمّار وقدميها بالحبال، ثم طعنها في بطنها، فكانت أول شهيدة نالت المنزلة العظيمة، ومات زوجها ياسر شهيداً أيضاً تحت التعذيب، وكذلك عبد الله بن ياسر رموه بسهم فوقع ميتاً.[٣]
وأما عمّار الناجي الوحيد من هذه الأسرة الطيبة، فقد تفنّنوا بأساليب تعذيبه، حتى أنهم أجبروه على قول كلمة الكفر بلسانه، فقالها مُكْرهاً ليس محقّاً فيما قال، فأنزل الله -سبحانه- الآية القرآنية: (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً)،[٥] ثم لم يكفهم هذا الفعل البشع، بل أجبروه على سبّ النبي -صلى الله عليه وسلم-.[٣]
فذهب إلى النبي حزيناً يشكوا له ما صدر منه بتعذيبهم، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فكيف تَجِدُ قلبَك؟ قال: أَجِدُه مطمئنًّا بالإيمانِ، فقال: يا عمارُ إن عادوا فَعُدْ. فأنزل اللهُ -تعالى-: إِلَّا مَن أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ)،[٦] فقد قال عمّار -رضي الله عنه وأرضاه- كلمة الكفر أو الشتم مجبراً، وقلبه مطمئن صادق بإيمانه، وهذا لا يضرّه.[٣]
نيل آل ياسر للشهادة
إن الشهادة في سبيل الله منزلة عظيمة يختارها الله لمن شاء من عباده الصالحين، رجالاً ونساءً، ويثيبهم على ذلك ما لا يُتخيّل ولا يُحصى، فهم الأحياء عند ربهم، فرحين متنعمين بما وجدوا من خير ونعيم، فطريق الدعوة شاق صعب، محفوفٌ بالمخاطر، وسلعة الله غالية، تحتاج إلى بذل النفس، والمال، والدماء، فلا بد من دفع الثمن.
وسميّة بنت الخياط وزوجها ياسر وابنها عبد الله ممن دفعوا هذا الثمن؛ فقد كانوا من المستضعفين في الأرض، فكانت حياتهم بين العبيد في مجتمعٍ جاهلي لا يرحم، فلما قدم الإسلام بعدله وتحقيق الحرية والمساواة أسلموا، ونالوا به ما نالوا حتى اختارهم الله لمنزلة الشهادة، فقد شهد العالم كله على ثباتهم، وتحملهم ما لا يطيقوا، وارتقوا شهداء بكرامة وعزة.[٧]
الدروس المستفادة من قصة آل ياسر
إن المُطّلع على هذه القصة العظيمة يجد فيها كل الدروس والعبر، ونذكر منها:
- الثبات على الدين أمرٌ شاقّ، لا يكون إلا بالإخلاص والاستعانة بالله -تعالى-.
- الدعوة إلى الله تحتاج إلى جهاد وصبر، وأعداء الإسلام كثر يسعون إلى هدم هذه الدعوة.
- الظلم عاقبته سيئة على أصحابه.
- الإسلام دين العزة، والتضحيات، ومنه نقتبس أثر القدوات.
المراجع
- ↑ النووي، تهذيب الأسماء واللغات، صفحة 37. بتصرّف.
- ↑ رؤوف شبلي، الدعوة الإسلامية في عهدها المكي، صفحة 380-381. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث سعيد بن مسفر، دروس الشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن حجر العسقلاني، في الإصابة، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:648، إسناده لا يصح.
- ↑ سورة النحل، آية:106
- ↑ رواه فتح الباري ، في ابن حجر، عن أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر، الصفحة أو الرقم:12، مرسل.
- ↑ خالد الراشد، دروس الشيخ خالد الراشد، صفحة 6-8. بتصرّف.