محتويات
اجتماع أصحاب الكهف على الإيمان
يُحكى أنّه كان هناك ملكٌ يُدعى: دَقيونُس، كان دَقيونُس يعبد الأصنام ويأمر قومه بعبادتها، ويقتل من كان من قومه على دين عيسى ابن مريم، فكان شديد الظلم، وكان هناك مجموعة من الفتيان المؤمنين يسكنون تلك المدينة، وكانوا قد اجتمعوا على دين عيسى -عليه السلام-، جعل حاشية دَقيونُس يبحثون في كلّ مكانٍ عمّن لا يزالون على الإيمان ويقومون بجمعهم وتخييرهم بين القتل والكُفر.[١]
خروج أصحاب الكهف إلى الكهف
عندما عَلِم الفِتيَةُ بما يفعله الملك وحاشيته، اجتمعوا يدعون الله ويتوسّلون إليه أن يُخلّصهم من هذه الفتنة، وأن يُسَلِّمهم وأن يَحمي دينَهم، فرَآهم حاشية الملك فأرادوا أن يأخذوهم إلى الملك لينالوا عقابهم وهو القتل، فقاموا بالهروب منهم إلى مكانٍ يُشبه الحجرة الصغيرة في الجبال ويسمى كهفاً، ليختبئوا فيه من ظلم الملك ويحافظوا على دينهم، وجلسوا في الكهف يدعون الله -تعالى- ويُصلّون له ويسبّحونه عسى الله أن يرفع عنهم هذا البلاء.[٢]
قال الله -تعالى-: (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً* إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً).[٣]
نوم أصحاب الكهف 309 سنة في الكهف
أنزل الله -تعالى- على أصحاب الكهف النّوم الثقيل؛ رحمةً منه -تبارك وتعالى- فناموا في الكهف ثلاثمئةٍ وتسع سنوات،[٤] وكانت الشمس تطلع عليهم من اليمين وعند الغروب تأتيهم من الشمال من فتحة صغيرة كانت في أعلى الكهف؛ وذلك حتى لا تؤذيهم أشعّة الشمس وحرارتها.[٥]
قال -تعالى-: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا).[٦]
وكانوا يتقلّبون في نومهم يميناً وشمالاً وذلك من رحمة الله -تعالى- حتى لا تتعفّنَ أجسادهم وتتآكل، ولو نظر الواحد إليهم لخاف منهم وظنّ أنهم مستيقظون؛ لأنّ الله -عز وجل- جعل لهم هيبةً ووقاراً.[٧]
قال -تعالى-: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا).[٨]
استيقاظ أصحاب الكهف من نومهم
عندما استيقظ أصحاب الكهف نظروا إلى بعضهم البعض وتساءلوا كم هي مدّة بقائهم في الكهف؟ قالوا: ربّما نِمنا يوماً أو جزءاً من اليوم، فقال أحدهم: الله أعلم كم يوماً بقينا في هذا الكهف، فليذهب أحدنا ويشتري لنا بهذه النقود التي معنا طعاماً طيّباً حتى نأكل، وليذهب خفية دون أن يُشعِرَ أحداً بمكان وجودنا، لإنهم لو عرفوا مكاننا سوف يقتلوننا أو يعيدوننا إلى دينهم.[٩]
قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا* إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا).[١٠]
نزول أصحاب الكهف إلى المدينة واكتشاف أمرهم
تتابعت القرون على تلك البلدة التي كانوا يعيشون بها، حتى أتاها حاكمٌ صالحٌ يحكمها، وكان القوم يعلمون بقصّة أولئك الفتية الذين هربوا إلى الكهف فكانت مكتوبةً عندهم في ألواح.[١١]
وعندما نزل أحدهم إلى سوق المدينة ليشتريَ لهم طعاماً، فتعجَّب التجار من تلك الدراهم حيث كانت تختلف عن دراهم ذلك الزمان، فذهبوا به إلى الملك فقالوا: هذا رجلٌ وجد كنزاً، فعرفهم الملك واكتشف أمرهم.[١٢]
وفاة أصحاب الكهف
عندما اكتشف الملكُ أمرهم، أسرع صاحبهم إليهم حتى يحذّرهم ويخبرهم بما حصل معه، وركب الملك ومن معه من الناس ليذهبوا إلى الكهف ليرونهم، حتى إذا وصلوا إلى الكهف وجدوهم قد ماتوا جميعاً، فقد جاء أجلهم وحان وقت موتهم بإذن ربهم، فاحتار القوم في أمرهم وكيف لهم أن يُعظِّموا شأن أولئك الفِتية فانتَهوْا إلى أن يقوموا ببناءِ مسجدٍ لهم.[١٢]
قال-تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا).[١٣]
الدروس المستفادة من قصة أصحاب الكهف
هناك بعض الدّروس والعِبر التي قد يستفيدها المسلم من قصة أصحاب الكهف، فيما يأتي ذكرها:[١٤]
- التضحية، والجهاد، والصبر، وتحمّل المشاقّ في سبيل دين الله -عز وجل-.
- صدق التوكّل على الله -عزّ وجل- و التسليم له.
- الثقة بالله -عزّ وجلّ- وأنّ النجاة ورفع البلاء بيده سبحانه.
- اعتزال أهل الكفر والسيئات، وفرارهم بدين الله فنجّاهم الله -عز وجل- من ظلم الحاكم.
فرار أصحاب الكهف بدينهم من ظلم الملك إلى الكهف حتى لا يقتلهم، فأنزل الله عليه النوم فلبثوا ثلاثمئةٍ وتسع سنين ومن ثمّ بعثهم الله -تعالى- واكتشف أهل المدينة أمرهم، ثمّ أماتهم الله -عزّ وجل- فقرّر أهل المدينة أن يبنوا عليهم مسجداً تكريماً لهم.
المراجع
- ↑ أبو جعفر الطبري (2000)، تفسير الطبري جامع البيان (الطبعة 1)، صفحة 606، جزء 17. بتصرّف.
- ↑ أبو محمد البغوي (1420)، تفسير البغوي إحياء التراث (الطبعة 1)، بيروت:دار إحياء التراث العربي، صفحة 174، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية:9-10
- ↑ محمد الشنقيطي (1995)، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، بيروت:دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع، صفحة 207، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ علي الواحدي (1995)، التفسير البسيط (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 139، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية:17
- ↑ وهبة الزحيلي (141)، التفسير المنير للزحيلي (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر المعاصر، صفحة 223، جزء 15. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية:18
- ↑ مقاتل بن سليمان (1423)، تفسير مقاتل بن سليمان (الطبعة 1)، بيروت:دار إحياء التراث، صفحة 579، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية:19-20
- ↑ علي الواحدي (1994)، التفسير الوسيط للواحد (الطبعة 1)، صفحة 141، جزء 3. بتصرّف.
- ^ أ ب يحيى بن سلام (2004)، تفسير يحيى بن سلام (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتب العلمية، صفحة 177، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الكهف، آية:21
- ↑ أبو عبدالله عبد الفتاح بن آدم المقدشي (2017-11-17)، "ثمرات في قصة أصحاب الكهف مع دروس وعبر "، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 23-8-2021. بتصرّف.