قصة الأسد المريض

كتابة:
قصة الأسد المريض

قصة الأسد المريض

كان هناك أسدٌ قويٌّ شجاعٌ يحكمُ غابته بالقوّة والبطش، وكانت جميع الحيوانات تخافُ منه، وترتعد فرائصها ما إن تسمع زئير الأسد أو صوته، كان ذلك الأسد سريعًا وقويًّا يخرج كل صباحٍ للصيد فينقض على فريسته بمخالبه الحادة وأسنانه القوية، ويأكل من فريسته حتى يشبع ثمّ يترك بقيتها ويذهب بطريقه لتأتي الحيوانات الضعيفة وتأكل ما تبقى من فريسة الأسد، ومرّت الأيام على هذا الحال والأسد يزداد جبروتًا وتغطرُسًا، والحيوانات في الغابة تخشى غضبه وتتحاشى مواجهته، وبعد أن مضَت السّنُون بالأسد حوّلته لأسدٍ طاعنٍ في السنّ، لا يقوى على الحِراك ولا حتّى على مطاردة فأر.


جلس الأسد المريض في كهفه وحيدًا حزينًا يفكّر بحاله وكيف يستطيع بعد الآن أن يؤمنَ طعامه وهو على هذه الحالة من التعب والهرم، فهو لا يستطيع أن يخرج من كهفه فتعرف الحيوانات بضعفه ومرضه فيذهب من قلبها احترامه والخوف منه، أو الاستهزاء به والتجرّؤ عليه، وبعد تفكير الأسد المريض مليًّا اهتدى لفكرةٍ ألا وهي أن يخفي عن الحيوانات أنه قد كبر في السن ولكنه سيعلن مرضه، ولأنهم يخافون منه ومن بطشه سيأتون للاطمئنان عليه والدعاء له بالشفاء القريب، وفي هذه الحال سينقض على الحيوان في كهفه ويفترسه ولا يتكبّد عناء مطاردته، وحقًا بدأت الحيوانات بالتوافد على الأسد المريض للسلام عليه والاطمئنان على حاله، وما إن يدخل الحيوان على الأسد حتى ينقض عليه وينشب أظافره في عنقه ليحوله لفريسةٍ يقتات عليها.


ومَضَت الأيّام والأسد المريض سعيدٌ بفكرته وطعامه يحضر بنفسه إليه، ولا يتحمّل تعبًا ولا ألمًا بل يأكل حتّى يشبع طعامًا طازجًا ولذيذًا، وفي يومٍ من الأيّام كان دور الثعلب بالذهاب لزيارة الأسد، وفي الطريق انتاب الثعلب شعورًا بالخوف من ملاقاة الأسد، وبدأ يجهز الكلام المعسول الذي سيلقيه على مسامع الأسد حتى لا يطاله بطشه وغضبه، وماإن وصل الثعلب لباب كهف الأسد حتى لاحظ أن آثار الأقدام لأصدقائه الحيوانات باتجاه واحد، فهي جميعًا تتجه لداخل الكهف، ولم ير أثرًا واحدًا باتجاه الخارج، فتوقف خارج الكهف ولم يدخل وسأل الأسد المريض عن صحّته وحاله كيف أصبح، فأجابه الأسد أنّ حاله بتحسن وأنه سيبرأ من المرض قريبًا، ثم قال الأسد للثعلب: لماذا تقف خارج الكهف هلّا دخلت إلى هنا لتطمئنّ على حالي عن قرب، وأقضي معك بعض الوقت أتناسى فيه مرضي وألمي.


ضحك الثعلب، وقال للأسد: كم أتمنّى ذلك، ولكني أريد أن أسألك سؤالًا لماذا لا أرى آثار الأقدام للحيوانات تخرج من عندك، فلم يجبه الأسد على السؤال ولاذَ بالصمت، فأكمل الثعلب قائلًا كان بودي أن أدخل الكهف لأطمئن عليك عن قرب، ولكني لا أرغب أن تضاف آثار أقدامي لآثار أقدام بقيّة الحيوانات، ونجا الثعلب من خطّة الأسد المريض؛ لأنّه يفكر قبل أن يقدم على أي تصرف، وهذا ما يجبُ أن يتعلّمه البشر فلا يقدموا على أي خطوة دون أن يخطّطوا للموضوع من جميع الجهات، وتلك كانت قصة الأسد المريض.

4076 مشاهدة
للأعلى للسفل
×