قصة الأسد والبطة
البطة من المخلوقات اللطيفة المحبّبة للإنسان بمنظرها الجميل ولونها الصافي، والأسد من الحيوانات القوية الشرسة والذي يهابه كل من رآه بالإضافة لمنظره الجميل، وأبطال هذه القصة هما الأسد والبطة، جرت قصة الأسد والبطة في يوم صيفيّ جميل، حيث استيقظت البطة مذعورة من حلمها وهي تصرخ وتنادي بكلمة: أنقذوني أنقذوني، وهي تسير مذعورةً في الغابة إذ بأسد يقف أمام كهفه شارد الذهن حزين، التفت الأسد والبطة تسير أمامه باضطراب فقال لها ما الذي حدث لك.
قالت البطة للأسد: رأيت أبي في حلمي يحذرني من ابن آدم ويقول لي: إيّاك أن تأمني جانبه؛ فابن آدم خائن ومتوحش وسيقتلك يومًا ما، فتعجب الأسد والبطة تقص عليه حلمها وقال لها: أليس من الغرابة أن أرى نفس حلمك، فقد رأيت أبي هذه الليلة في حلمي وهو يحذرني من ابن آدم ويقول لي لا تأمن جانبه يا بني، ذهب الأسد والبطة للبحث عن ابن أدم هذا وليتعرّفا ما السر الذي يكمن وراء ابن آدم وخوف الجميع منه.
أثناء سير الأسد والبطة في الغابة إذ بحمار يركض خائفًا وهو يلهث من تعبه، فاستوقفه الأسد وقال له: لماذا تركض هكذا؟ وما الذي يخيفك؟، فأجاب الحمار أركض خوفًا من ابن آدم فأنا هاربٌ منه، استغرب الأسد منه فكيف يهرب حمارٌ قويٌ مثله من ابن آدم ترى وما هي صفات ابن آدم؟، فقال الحمار أنت لا تعرف ابن آدم فقد استعبدني وضربني بالسوط ووضع لي الحبل في عنقي كي يقودني إلى أي مكانٍ يريده.
بقي الأسد والبطة متعجبين من ابن آدم ومن هو إلى أن شاهدا جملًا ضخمًا يركض بذعرٍ وقد انقطعت أنفاسه، فقال له الأسد هون عليك يا صديقي ماذا بك وما الذي يطاردك، فأجاب الجمل: إنه ابن آدم وأظن أنه عند المغيب سيكون هنا، فقال له الأسد ألا تستحي بحجمك الكبير وسنامك المرتفع أن تهرب خوفًا من ابن آدم، فقال الجمل للأسد والبطة: أنتما لم ترياه فلقد استعبدني وظلمني ووضع الحديد في فمي وربطني بحبلٍ حتى أن ابنه الصغير يستطيع قيادتي بهذا الحبل، ازاداد تعجب الأسد والبطة من قوة ابن آدم وما يملكه من حيلٍ وخططٍ للسيطرة على الحيوانات.
وعند المغيب ظهر بالأفق رجلٌ يحمل على ظهره الأخشاب وبيده فأس، فوقف الأسد والبطة أمامه وقالا له: هل أنت ابن آدم، فأجابهما بالطبع لا فأنا نجارٌ وخائف من ابن آدم وهو ليس ببعيدٍ عن هنا، هل تستطيع أن تجيرني أيها الأسد القوي من ابن آدم، فقال له الأسد حسنًا قف خلف ظهري ولا تخف من شيء، فوقف النجار خلف الأسد وبدأ بصناعة قفصٍ من الأخشاب التي بحوزته، فقال له الأسد والبطة: ماذا تصنع؟، فأجابهما أصنع كوخًا صغيرًا للنمر فقد استدعاني كي أبني له كوخًا يحميه من ابن آدم، فقال له الأسد: أنا ملك الغابة وأنا أحق منه بهذا الكوخ فأرجو أن تبني لي كوخًا مثله.
وافق النجار وبدأ ببناء القفص للأسد وعند الانتهاء منه، قال للأسد: هلَّا جربته يا سيدي فلقد انتهيت، دخل الأسد إلى القفص فأغلق النجار الباب فقال له الأسد: إنه صغيرٌ جدًا، ضحك الرجل بسخريةٍ من الأسد وقال له: أنا ابن آدم الذي كنت تحذرني، وها أنت الآن وقعت أسيرًا بين يدي، فعليك أن تعلم أن الحذر لا ينجي من القدر.