قصة الأميرة النائمة
في أحد الأيام كان هناك ملك وملكة يعيشان في أحد القصور الجميلة، وينعمان بحياة رغيدة يملؤها الحبُّ والودُّ والأمان، وكانت أمنيتهما أن يرزقهما الله بطفل أو طفلة كي يشعرا بالسكينة والاستقرار، وكانت لهما تلك الأمنية، إذ رزقهما الله تعالى بعد عدة سنوات بطفلة آيةً في الجمال دارت حولها فيما بعد أحداث قصة سميت قصة الأميرة النائمة.
فرِحَ الملك بقدوم الأميرة الصغيرة فرحًا شديدًا، وهذا ما جعلَه يقيم حفلاً ضخمًا بهذه المناسبة السعيدة، ودعا الملك إلى هذا الاحتفال سبع جنيات كي تتمنّى كل منهنَّ أمنية للأميرة الصغيرة، فتمنّت الأولى بأن تصبح الأميرة أفضل جنية في العالم، وتمنّت الثانية بأن تمتلك الأميرة الصغيرة عقلَ ملاكٍ، وتمنّت الثالثة أن تكون الحسناء الصغيرة رشيقة، وتمنّت الرابعة أن تصبح الأميرة راقصة، وتمنّت الخامسة أن يكون صوتُ الأميرة أخّاذًا في الغناءِ، وتمنّت السادسة أن تصبح الأميرة عازفة ماهرة، وما إن بدأت الجنية السابعة بسرد أمنيتها إذ دخلت جنية عجوز شريرة لم يدْعُهَا الملك إلى الاحتفال.
وعندما علمت الجنية العجوز بأمر الاحتفال، وأنه لم يتم دعوتها إليه غرقت في موجة من الغضب، وتنبأت بموت الأميرة الصغيرة عندما تبلغ السادسة عشر من عمرها، وأن موتها سيكون من وخز سيصيب إصبعها من آلة الغزل، وما إن قالت الجنية العجوز هذا القول حتى اختفت عن الأنظار، وانفجر القصر بالبكاء حزنًا على المصير الذي ستؤول إليه الأميرة الصغيرة.
شعر الملك وزوجته بالقلق الشديد على الطفلة الصغيرة، فاستدعيا جنية طيّبة حتى تطمئنهم على مستقبل الأميرة الصغيرة وما تنبأت به الجنية الشريرة العجوز، فأخبرتهما أن الأميرة لن تموت في السن التي أخبرت عنها الجنية الشريرة، لكنها ستنام 100 عامٍ، أُصيب الملك بعد ذلك بحالة من الذعر خوفًا من بداية قصة الأميرة النائمة عندما تبلغ ستة عشر عامًا، فأمر الملك بأن تُجمع جميع آلات الغزل الموجودة في مملكته، وأن يتم حرقها بالكامل حتى لا تصاب الصغيرة بوخز من إحدى هذه الآلات.
وفي أحد الأيام بعد بلوغ الأميرة الصغيرة ستة عشر عامًا أخذت تلهو في حديقة القصر، وسمعت صوتًا يأتي من أعلى البرج، فإذا بعجوزٍ جالسة مع آلة غريبة الشكل، سألت الأميرة عن هذه الآلة فأجابتها العجوز بأنها آلة للغزل، وطلبت من الأميرة أن تجربها بنفسها، وما إن لمست الأميرة آلة الغزل حتى أصابها وخز من الآلة فسقطت مغشيًا عليها، ليتبين بعد ذلك أن هذه العجوز صاحبة آلة الغزل هي الجنيةُ العجوز ذاتُها.
ما إن مضى بعض الوقت حتى اكتشف الجميع إصابة الأميرة الصغيرة بوخز آلة الغزل، وعمَّ الحزن جميعَ أرجاء القصر لما أصابها، وهنا قالت الجنيّة الطيبة إنّها ستجعل كل من في القصر ينامون 100 عامٍ حتى لا تفزع الأميرة النائمة عندما تستيقظ من نومها، وأن من سيوقظها هو أمير وسيم سيأتي بعد 100 عام من بداية قصة الأميرة النائمة مع حالة فقدان الوعي التي ستستمر حتى استيقاظها.
وبعد 100 عام مرَّ أمير وسيم من جانب القصر، وسأل عن أهله وعن الذي يمكثون فيه فأجابه شيخٌ بأن هذا القصر لا يدخله أحد، وأن فيه أشجارًا عملاقة لأنه بقي مهجورًا لمدة 100 عامٍ، كما أنه يحتوي على تنين ضخم يهاجم كل من يدخل إلى القصر، وهنا جاء دور الجنيّة الطيبة كي تعطي الأمير سيفًا صقيلاً يقطع به الأشجار ويقتل به التنين، وبعد أن قتل الأمير الوسيم التنين تبين أن هذا التنين هو الجنيّة العجوزُ ذاتُها، وبعد ذلك اقترب الأمير الوسيم من الأميرة النائمة فاستيقظت واستيقظ كل من في القصر بعد 100 عام، وعندها شكر الملك والملكة الأمير الوسيم على إيقاظه للأميرة النائمة، وانتهت قصة الأميرة النائمة بزواجها من الأمير الوسيم، وأُقيمَ احتفال كبير بهذه المناسبة، وعمَّ الفرح جميع أرجاء القصر.
وفي قصة الأميرة النائمة العديد من العبر، حيث إن الحسد لا يولد إلا البغضاء والكراهية، فهو يصيب القلوب بالعمى، ويجعل المرء لا يميز بين الخير والشر، كما أنه يعود على صاحبه بالسوء في الدرجة الأولى، وأن الحزن مهما طال فلا بد أي يأتي ذلك اليوم الذي يعم فيه الفرح، وينتشر السرور إلى النفوس التي عاشت حالت الحزن للعديد من السنوات، والعبرة الأخيرة المستفادة أن الشر لا يدوم مهما طال به الأمد، فلا بد للخير أن ينتصر عليه في يوم من الأيام حتى لو بعد 100 عامٍ.