قصة الحمار الحزين
يُروى في قديم الزمان قصة الحمار الحزين، هو حمار متذمّر في أمور حياته كلّها، وكان صاحبه رجلٌ بسيط يعامل جميع حيواناته التي في الحظيرة بطيبةٍ وحنان، وفي يوم من الأيام اقترب هذا الرجل البسيط من الحمار، وبدأ يحادثه وكأنّه شخص أمامه، فقال له: يا حماري العزيز ما لي أراك دائمًا متجهّم الوجه، ولا تشعر بالسعادة مهما حاولت إسعادك، فبدأ الحمار الحزين بالنهيق والاعتراض على كلّ شيء، فاعترض على حبّ الرجل لبقرتهِ الحَلوب، واعترض على صوت الدجاج والديك الذي يوقظه كلّ صباح.
احتار الرجل البسيط في أمر هذا الحمار الحزين، فقرّر بيعه لأنّه لم يعد باستطاعته تحمُّل كسلِه، فقد حاول معه كثيرًا من أجل أن يساعده في حمل الأخشاب، أو حتى نقل المياه من البئر القريب لبيته من أجل سقاية أصدقائه الحيوانات ولم يفلح، وفي يومٍ من الأيام جاء جاره الفلاح وطلب إليه أن يبيعه الحمار، فقال الرجل للفلاح سأبيعك إياه ولكن يجب أن تعلم أن هذا الحمار الحزين كسولٌ جدًا، وربما لن تستطيع الاستفادة منه البته، ضحك الفلاح من كلام الرجل، وشَكرَ له صِدقه بوصف الحمار وعدم غشه له، ولأن الرجل كان صادقًا قرر الفلاح أن يشتري هذا الحمار ليؤدبه.
اشترى الفلاح الحمار الحزين وانتقل به لمزرعته والحمار الحزين يودع صاحبه وحظيرته القديمة ويحلم بحياةٍ مريحة أكثر، في اليوم التالي استيقظ الفلاح النشيط قبل صياح الديك، وبدأ بتجهيز خضاره التي يريد بيعها للسوق وأيقظ الحمار الحزين معه، في البداية اعترض الحمار بالنهيق والرفس والإضراب عن الطعام، ولكن تحت إصرار الفلاح اضطر لمرافقته وحمل الخضراوات عليه.
أثناء سير الحمار الحزين وصاحبه الجديد الفلاح النشيط مرا بالقرب من حظيرته القديمة، ووجد أصدقاءه وصاحبه القديم مازالوا يغطون بنوم عميق، وبقي على هذه الحال مدةً من الزمن يستيقظ والظلام لا يزال باقيًا والناس والحيوانات جميعهم نيام، بدأ يظهر على الحمار الحزين السخط والتذمر من حياته الجديدة التي يعيشها ونظام الاستيقاظ باكرًا الذي فُرض عليه، وشعر وكأن صاحبه الجديد، إنما اشتراه ليذلّه وينتقم منه بهذا العمل الشاق وحرمانه من نومة الفجر.
فكر الحمار الحزين كثيرًا بخُطّة يتفلت بها من هذا العمل المضني فلجأ لحيلةٍ خطرت له، وبدأ بتطبيقها على الفور فتظاهر بالعجز والضعف وعدم قدرته على حمل أي شيء، وباءت محاولات الفلاح النشيط بالفشل ولم يستطع من تغير عادة هذا الحمار الحزين، فباعه لصديقه والذي يعمل بدبغ الجلود، فرح الحمار كثيرًا لأنه تخلص من حياة العناء والاستيقاظ باكرًا وحمل الخضراوات ظانًّا أنه سيرتاح عند الدباغ، بالفعل كان عمل الدباغ لا يبدأ إلا بعد شروق الشمس ريثما ينتهي الجزّارون من عملهم.
اصطحب الدباغ الحمار إلى العمل بعد شروق الشمس ووضع عليه الجلود التي تحتاج للدبغ وكانت رائحتها كريهةً جدًا، فأصبح الحمار الحزين أكثر حزنًا بعمله الجديد، وتيقن عند ذلك أن عدم راحته لم تكن من قلة النوم أو الاستيقاظ باكرًا، ولم تكن من نوع الأحمال التي يحملها، بل نبعت من قلبه الساخط الذي لم يعرِفِ الرّضا والشكر قطّ.