قصة الحمار الذكي

كتابة:
قصة الحمار الذكي

قصة الحمار الذكي

حدثَتْ مجرياتُ قصة الحمار الذكي في قريةٍ جميلةٍ يعيش أهلها على ما يزرعونه ويصنعونه بأيديهم، كان هناك شخص في هذه القرية كان قد قام بشِراء أرضٍ لا بأسَ بها، وأصبح بحاجةٍ لثورٍ كي يجر له محراثه وحمارٌ كي يحمل عليه البضائع، وهذا الشخص كان يدعى حمدان وقد وهبه الله -سبحانه وتعالى- ميزةً غريبةً وجميلةً، وهي أنه كان يفهم لغة الحيوانات، فقد كان يجلسُ بالساعات الطوال لينصت للحيوانات وهي تتحدّثُ معًا.


اشترى حمدان حمارًا قويًا، وكانت تبدو عليه علائم الذكاء، فقال حمدان بنفسه: سأطلق عليه لقب الحمار الذكي، واشترى أيضًا ثورًا ذو بنية قوية كي يتحمل العمل ولا يتعب، وبعد فترة بدأ الحمار بالتعب ودائمًا ما يره حمدان مريضًا طريح الفراش، فيحضر له ما لذّ وطاب من العشب والشعير والتمر وأحيانًا كثيرة من الخضروات الطازجة والجزر اللذيذ، وحزن حمدان على الحمار وعلى المال الذي دفعه لقاء هذا الحمار العليل، أما الثور فكان يجرّ المحراث في البستان ولا يرتاح ويصل للمساء منهكَ القوى تَعِبًا لا يقوى حتى على الأكل في أحيانٍ كثيرة.


احتار الرجل كثيرًا في وضع الحمار، فكيف يتحوّل الحمار القويّ فجأةً إلى حمارٍ مريضٍ طريحِ الفراش، فقرّر حمدان أن يكشف السر الذي يكمن وراء الحمار الذكي، فيتنصت على الأحاديث التي تدور بين الحمار والثور علَّه يشكي للثور سبب ألمه، فيفهم حمدان بهذا ما هو السر وراء علته المفاجئة.

رجع الثور من الحقل والغضب بادٍ على وجهه، فقد شعر الثور بالحسد في نفسه للمعاملة اللطيفة التي يتلقاه الحمار من صاحبه بالإضافة إلى الطعام اللذيذ الذي يقدمه له صاحبه، فقال الثور للحمار: يا لكَ من حمار محظوظ، فتساءل الحمار عن السبب وقال للثور: وما السبب، فقال الثور للحمار لأنك تجلس في الإسطبل متنعمًا بالظل والطعام اللذيذ والماء البارد، فلا تعمل تحت أشعة الشمس الحارقة بجر الأثقال وحملها، وكان حمدان يقف خلف السور مستمعًا للحديث الذي يدور بين الحمار الذكي والثور.


ضحك الحمار الذكي بصوتٍ مرتفعٍ مما أغضب الثور فقال له: لماذا تهزضأ بي، فاعتذر الحمار الذكي من الثور وقال له: لم أقصد الاستهزاء بك، ولكنّي سأعْلِمُك سرّ هذه المعاملة الحسنة ولكن إياك أن تخبر أحدًا، فرح الثور كثيرًا لأنه كان ينعم بحياة الرخاء والراحة التي يعيشها الحمار، فقال الحمار للثور: عندما يذهب بك صاحب العمل إلى البستان تظاهَرْ بالتّعب، وما إن يضع عليك المحراث أسقِطْ نفسَك وتظاهَرْ بالإعياء.


وأكملَ: إيّاك أن تقف مهما ضربك، فعليك بالصبر قليلًا، عندها سيتركك ويحضر لك الطعام والماء فلا تقترب من الطعام حتى يصدق مرضك وضعفك، عند ذلك سيعيدك إلى الإسطبل ويعتني بك كما يعتني بي، فرح الثور كثيرًا وقرّر أن يطبق في اليوم التالي ما قاله الحمار الذكي، أمّا حمدان فأضمر في نفسه أن يلقّن هذا الحمار الذكي درسًا لن ينساه.


وفي اليومِ التالي طبق الثور كلام الحمار الذكي حرفيًّا وحقًا رجع حمدان ومعه الثور إلى الإسطبل وأحضر له الطعام اللذيذ والماء البارد، ومن ثمّ اتّجه حمدان لمكان الحمار ماسحًا له على رأسه وهو يقول له: يا حماري العزيز ستعمل بدلًا عن الثور ريثما يستعيد صحته، وذهب به إلى الحقل ليعمل بدلًا عن الثور.


وفي المساء رجع الحمار إلى الإسطبل وهو مغتاظٌ جدًا من الثور، ففكّر الحمار بحِيلةٍ ذكية تنجيه من هذا العمل الشاقّ، فقال للثور هل تعلم ما سمعت اليوم في الحقل، فقال له الثور: ماذا سمعت؟، قال الحمار الذكي: سمعت حمدان يتفق مع الجزار على ثمنك ويقول له لقد أصبح الثور مريضًا ولا حاجة لي به، خاف الثور كثيرًا من كلام الحمار وبدأ بالركض والقفز ليقنع صاحبه بأنه قد شُفي، فليس هناك حاجةٌ لبيعه وذبحه، ضحك حمدان كثيرًا من حيلة الحمار الذكي، وأعْجِبَ بتفكير هذا الحمار الذكي.

5225 مشاهدة
للأعلى للسفل
×