قصة الحمار الغبي

كتابة:
قصة الحمار الغبي

قصة الحمار الغبي

كان هناك مزرعةٌ واسعة يعمُّها الهدوء والطمأنينة، وكان يقطن هذه المزرعة الواسعة فلاحٌ بسيطٌ يعمل بنقل البضائع من السوق إلى قريته، وكان يملكُ حمارًا قويًا ليتحمّل أعباء العمل ومشاقه معه، وفي ليلة صيفية والهدوء يعم أرجاء المزرعة كانت الجنادب تصدر صوتًا موسيقيًا جميلًا، ومن المعروف عن الجنادب أنها تصدر صوتها من احتكاك أجنحتها معًا، والحمار يستمع لصوت الجنادب باستمتاع كبير.


قرّرَ الحمارُ الذّهابَ لمكان تواجد الحنادب ليستمتع أكثر بصوتهم عن قرب، وليسألهم ماهو السر وراء صوتهم المذهل، وما إن اقترب الحمار من الجنادب حتى توقفت عن الغناء وبدأت بالاعتذار إليه؛ لأنها أيقظته وأقلقت راحته، فقد شعرت أنها قد أزعجته بصوتها، فقال الحمار للجنادب: لا تتوقّفوا عن الغناء، فقد كنت مسرورًا بالاستماع إليكم، اندهشت الجنادب من كلام الحمار، وسألته باستغراب: هل حقًا كنت مستمتعًا بأصواتنا؟، فأجاب الحمار: بالتأكيد، فإنّها أصواتٌ جميلة وطلب منهم الاستمرار بالغناء، وذهب ليلستلقي على المرج الأخضر ليستمتع بأصواتهم.


بعد بُرهةٍ قصيرة رجعَ الحمار لعند الجنادب، وقال لهم: أريد أن استفسر منكم عن سرّ صوتكم الجميل، فأنا أتمنّى أن أغني مثلكم بصوت جميلٍ جذاب، نظرت الجنادب لبعضها ضاحكةً، وأخْفَت عن الحمار أنّ هذا الصوت يصدر من احتكاك أجنحتها، والحمار الغبي يظن أن الصوت يصدر من حنجرتها، وقالت الجنادب للحمار الغبي: سنخبر بسر صوتنا ولكن لا تخبر أحدًا بهذا الأمر، وأعطاها العهود والمواثيق بأن يُبقي الأمر سرًا بينهم، فقالت الجنادب للحمار الغبي أن سرّ صوتهم هو قطرات الندى، فهم يشربون كل صباح قطرات الندى من أوراق الشجر.


فرح الحمار الغبي بسرّ الجنادب وقرّر قطع الطعام والاتجاه لشرب قطرات الندى، استيقظ الحمار في الصباح الباكر، وبدأ يجوب المزرعة بحثًا عن قطرات الندى وهو يحلم بصوته الجميل، لم يجد الحمار الغبي الكثير من قطرات الندى ولكنه تحلى بالصبر طمعًا بالصوت الجميل، وبعد أن انتهى الحمار من شرب قطرات الندى القليلة، وقف بمنتصف المزرعة وبدأ بالغناء فشعر وكأن صوته لم يتغير بعد، فقال لنفسه: ربّما أحتاج الكثير من قطرات الندى، وفي هذه الأثناء أحضَرَ الفلّاح طعام الحمار المفضل من العشب والشعير كي يتناوله، فابتعد الحمار الغبي عن الطعام وأصرَّ على شرب قطرات الندى فقط.


في اليوم التالي استيقظ الحمار الغبي باكرًا أكثر من اليوم السابق، وبدأ بالبحث عن قطرات الندى ولم يقنعه عددها القليل، فقال الحمار الغبي بنفسه قطرات الندى هي قطرات الماء نفسها وقرر شرب الماء فقط ريثما يصبح صوته جميل، ولأن الحمار قطع الطعام وبقي على الماء وقطرات الندى فبدأ يصيبه الإعياء والضعف، ولم يعد قادرًا على حمل أي شيء، ولكن الحمار الغبي صبر في سبيل الصوت الجميل.


وفي أحد الأيام وضع الفلاح الأمتعة على ظهر الحمار فوقع مغشيًا عليه، واقتنع الحمار الغبي بعد هذه التجربة أن لكل شخص صفاته وميزاته الخاصة التي يمتاز بها عن غيره ولا يجب أن يقلد أحدًا آخر.

4456 مشاهدة
للأعلى للسفل
×