قصة الحمار والثعلب
كان يا ما كان في قديم الزمان، وفي قصة الحمار والثعلب يُحكى أنّه كانت هناك مجموعةٌ من الحيوانات تقطن غابةً كبيرة ومن بين هذه الحيوانات الحمار والثعلب، وكانت هذه الغابةٌ يعمها الهدوء والاستقرار وتنعم فيها الحيوانات بالأمن والأمان، كان الحمار يمضي أيامه متنعمًا بدفء الشمس متلذذًا بطعم العشب الندي، وهو سعيدٌ مسرور بحياة الدعة والراحة تلك ومعروف عن هذا الحمار تعنته برأيه ورفضه لأي نقاش، وأما الثعلب فهو معروفٌ عنه نشاطه وعمله الدؤوب وكان لا يسكت عن الخطأ أبدًا.
في أحد أيام الصيف وبينما الحمار يجلس بين نباتات البرسيم مترنمًا بصوته وهو يغني للبرسيم ويشبّهُه بأشعة الشمس الصفراء، وإذ بالثعلب يمرّ من أمامه ويستوقفه قائلًا: البرسيم أخضر وليس بالأصفر كما تصفه، فغضب الحمار وقال له: بل البرسيم أصفر، فردّ الثعلب قائلًا: انظر إليه إنه أمامك ألا ترى خضرته، فاستشاط الحمار غضبًا وقال: بل أصفر ولا أراه إلا كذلك، واشتدّ النقاش بين الحمار والثعلب وعَلَت الأصوات.
قرّر الحمار والثعلب الاحتكامَ للأسد، وذهبا وهما ييتناقشان عن لون البرسيم إلى أنْ وصلا لعرين الأسد، وعندما سمع الأسد صوتهما وقد علا وكان الغضب باديًا على كلٍّ منهما سألهما ما الخطب، فتدافع الحمار والثعلب كلٌ منهما يريد الإجابة قبل الآخر حتى زأر بهما الأسد ليلتزما الهدوء، وطلب من الحمار الحديث، فنظر الحمار للثعلب نظرة المنتصر: بما أن الأسد طلب منه الحديث أولًا فهذا يعني أنه أعلى شأنًا منه، فقال له: ياسيدي إن هذا الثعلب يدعي أن البرسيم لونه أخضر وصفرته واضحةٌ للعيان لا تخفى على أحد، وهنا التفت الأسد للثعلب وطلب منه أن يدلي بما عنده، فصرخ الثعلب محتدمًا أن البرسيم أخضر وعلى الحمار أن يصحح خطأه ويعترف بأن البرسيم أخضر، وما إن انتهى الثعلب من الحديث حتى احتدم الشجار بينهما ثانيةً، وعلت أصواتهم جميعًا فكلٌ منهم يريد أن يثبت صحة قوله وخطأ الآخر.
فزأر الأسد بالحمار والثعلب مرةً أخرى، وطلب منهما التزام الصمت ريثما يقضي بينهما، ثم تحدّث الأسد بينه وبين نفسه قائلًا: ترى كيف سأحكم بينهما؛ إن هذه القضيّة من أصعب القضايا؛ لأن البرسيم لونه أخضر، ولكن الحمار لا يتناقش، ثم نظر للحمار والثعلب وأعلن لحظة النطق بالحكم، فأمر بحبس الثعلب شهر وأطلق سراح الحمار، فركض الحمار سعيدًا مسرورًا لأن الأسد حكم له، في حين اعترض الثعلب على هذا الحكم الذي وجده جائرًا بحقه واستحلف الأسد كيف يرى لون البرسيم، فأجابه الأسد: إن البرسيم أخضر، ولكن قمت بحبسك أنت لأنك ناقشت الحمار، فكانت العبرة من هذه الحكاية أنه من الخطأ مناقشة الجاهل إن كان معروفًا عنه تعنّته لرأيِه.