قصة الحمار والذئب
في الغابةِ البعيدة كانت تعيش الحيوانات تحت حكم الأسد، وكان أمر ملك الغابة مطاعًا ولا يستطيع أحدٌ أن يرفضه، وكان يوجد في هذه الغابة ذئبٌ مقربٌ من الأسد والحمار الذي تصفه جميع الحيوانات بالحمار الغبي، وفي يومٍ من الأيام قرر الأسد أن يأكل الذئب فقال له الذئب: أنا سأحضِرُ لك الحمار كي تأكله، ذهب الذئب والحمار يأكل العشب من المروج فقال له: سوف أُسرُّ لك بسرٍّ ولكن أريد منك ألّا تفشيه لأحد، فهذا السر سيكون بينك وبين الأسد ملك الغابة.
فرح الحمار لأنّه سيصبح مؤتمَنًا على سِرّ ملك الغابة، وقال الحمار للذئب: تَفضّلْ بالحديث ولن أفشيَ السرّ أبدًا، اقترب الذئب والحمار منصتًا له وكله آذنًا صاغية، فقال له الذئب: إن ملك الغابة يريد أن يُتَوِّجَكَ ملكًا عِوَضًا عنه، فقد وصل لمرحلةٍ بالغةٍ من التعب، فرح الحمار كثيرًا وبدأ بالركض والقفز وهو يقول: سوف أصبحُ ملكًا، سوف أصبح ملكًا، فركض الذئب والحمار تغمره السعادة وقال له: أخْفِض صوتَك، ألم أقلْ لك ألّا تقول هذا السرَّ لأحدٍ.
ذهب الذئب والحمار إلى عرين الأسد وما إن رأى الأسد الحمار انقض عليه وضربه على أذناه فقطعتا، فهرب الحمار من العرين وأستطاع النجاة من الأسد، لحق الذئب بالحمار كي ينجو من غضب الأسد وقال له لماذا هربت ما الذي حصل لك، فرجد الحمار على الذئب وقال له: ألم ترَ كيف أنّ الأسد كان يحاول قتلي، فقال له الذئب: بل إنّ الأسد قطع لك أذناك كي يضع لك التاج على رأسك وإلا كيف ستضع التاج، اقتنع الحمار بكلام الذئب وعاد الحمار والذئب أدراجهما للأسد، وما إن وصل الحمار والذئب إلى العرين حتى قفز الأسد على الحمار وضربه فقطع له ذيله، فركض الحمار عندها هاربًا ولم يلتفت لخلفه أبدًا.
ذهبَ الذئب ثانيةً لِيرى ماذا حصل مع الحمار، وقال له: لماذا تَهرُب من الأسد، فغضب الحمار وقال للذئب: لقد كان صاحبك يريد قتلي وقد نجوت منه بأعجوبة، فضحك الذئب ساخرًا وقال له: يا لَكَ من مسكين، إنّ الأسد قطع لك ذيلك كي تستطيع الجلوس على العرش، وإلّا كيف ستكون ملكًا دون عرش، اقتنع الحمار والذئب يحدّثه بكلامه، واعتذر أشدَّ الاعتذار لأنّه فَهِم الأسد بشكل خاطئ.
ورجع الحمار والذئب مرةً أخرى للعرين، وما إن شاهد الأسد قدومهما حتى انقضّ على الحمار فقتله وبدأ بأكله، وعنما انتهى قال للذئب: خُذْ ما تبقّى من الحمار فكُلْه وأحضر لي القلبَ والمخّ؛ فأنا أحبّ مذاقهما، ذهب الذئب وأخرج المخ وأكله وحضر القلب للأسد، فزأر الأسد غاضبًا وقال للذئب أين: مخّ الحمار، فتعجّب الذئب من كلام الأسد، وقال له وهل من المعقول أن يكون للحمار مخٌّ، ولقد رجع إليكَ ثلاثَ مرات!