قصة السيدة هاجر للأطفال

كتابة:
قصة السيدة هاجر للأطفال

من هي السيدة هاجر؟

في قديم الزَّمان كان هناك نبيٌّ اسمه إبراهيم عليه السَّلام وفي أحد الأيام ذهب بزيارةٍ إلى مدينة مصر مع زوجته سارة، وأثناء تلك الزِّيارة تقدَّم ملك مصر بهديَّةٍ لسارة زوجة إبراهيم -عليه السَّلام- وهي عبارة عن فتاةٍ جميلةٍ جدًا اسمها هاجر، والتي أصبحت فيما بعد والدةً للنَّبي إسماعيل عليه السَّلام.[١]


زواج النبي إبراهيم من السيدة هاجر

كانت سارة هي زوجة إبراهيم عليه السلام، فكانت لا تنجب الأولاد، ومرَّت الأيام من دون أن يرزقهما الله -تعالى- بمولود، فحزنت سارة لهذا الأمر وتمنَّت أن يرزق الله -تعالى- نبيه إبراهيم ولدًا، فجاءت في أحد الأيام وطلبت من إبراهيم -عليه السّلام- أن يتزوَّج من هاجر؛ أملًا في أن يرزقه الله -تعالى- منها بولدٍ، فعمل إبراهيم -عليه السَّلام- بنصيحتها وتزوَّج السَّيدة هاجر.[١]


مولد سيدنا إسماعيل عليه السلام

كان إبراهيم -عليه السلام- وهاجر وسارة يسكنون في ذلك الوقت في فلسطين في بلاد الشَّام، وبعد أن تزوَّج إبراهيم -عليه السَّلام- من السَّيدة هاجر حملت بولدٍ، وقد فرحت كثيرًا لهذا الأمر وفرح النَّبي عليه السَّلام، وبعد مرور مدّة الحمل ولدت السَّيدة هاجر مولودها، وفرح إبراهيم -عليه السَّلام- بهذا المولود فرحًا كبيرًا.[١]

وخاصَّة أنَّه كان قد بلغ من العمر حوالي ستة وثمانين عامًا، وأَطلق عليه اسم إسماعيل؛ وكان يعني هذا الاسم العبد المطيع لله سبحانه وتعالى.[١]


خروج النبي إبراهيم وزوجته هاجر إلى مكة

وبعد أن أنجبت السَّيدة هاجر النَّبي إسماعيل -عليه السَّلام- حزنت السَّيدة سارة كثيرًا لأنَّها لم تُرزق بمولود للنَّبي إبراهيم وغارت منها كثيرًا، فأخبرت النَّبي إبراهيم أن يأخذ سارة إلى مكان بعيد عنها، فقبل إبراهيم -عليه السَّلام- بهذا الأمر وجهَّز أمتعة السفر وأخذ معه بعض التَّمر والماء ليعينه على طريق السَّفر[١]

ولكن لم تكن الغيرة وحدها هي سبب أخذ النَّبي إبراهيم -عليه السَّلام- لابنه إسماعيل وأمِّه هاجر إلى مكة، بل كان هناك أمرٌ من الله -سبحانه وتعالى- للنَّبي إبراهيم بأن يأخذهما إلى مكة، فاجتمع بذلك أمر الله سبحانه وتعالى وغيرة السَّيدة سارة.[١]


لماذا ترك النبي إبراهيم السيدة هاجر وابنه وعاد إلى الشام؟

وصل النَّبي إبراهيم -عليه السَّلام- إلى مكة ومعه زوجته هاجر وابنها الرَّضيع إسماعيل عليه السَّلام، وكان هذا بأمرٍ من الله سبحانه وتعالى،[٢] فوقفت هاجر وبين يديها طفلها الرَّضيع وهي تنظر إلى هذه الأرض الصَّحراء الموحشة، فوضع إبراهيم -عليه السَّلام- التَّمر الذي كان يحمله في رحلته وإناء الماء على الأرض.[٣]

ودارَ ظهره وعاد باتِّجاه بلاد الشَّام تاركًا خلفه زوجته هاجر وابنه الصَّغير في تلك البلاد.[٤] 

استمرَّ إبراهيم بالسَّير وهاجر تجري من خلفه وهي خائفة على نفسها وطفلها، وتسأله لمن يتركهما في هذه الصَّحراء ومن سيعينهما على قسوة البقاء فيها، والنَّبي إبراهيم لا يلتفت ولا يتكلّم مع أنّ قلبه كان معهما، ولكنَّ الله أمره ولا يملك إلَّا الطَّاعة.[٤]

فوقفت السَّيدة هاجر لتستفسر منه هل الله -سبحانه وتعالى- هو من أمره بهذا؟ يعني أنّ الله -تعالى- أمره أن يتركهما في بلاد مهجورة؟ فهزَّ رأسه بأنَّ هذا الأمر صحيح، فقالت له: إذا كان هذا الأمرمن الله فاذهب ودعنا، فإنَّ الله لن يضيعنا في هذا المكان.[٤] 

مشى النَّبي إبراهيم -عليه السَّلام- ووقف في مكان بعيد لا تراه فيه هاجر ورضيعها، وتوجَّه إلى الله سبحانه وتعالى، وهو يرجوه ويتضَّرع إليه بألَّا يترك زوجته وابنه وحيدَين في ذلك المكان، وأن يرزقها الطَّعام والشَّراب وأن يجعل الناس يسكنون قربهم ليكونوا عونًا لهم في حال حدث مكروه لا قدر الله، وعاد إلى بلاد الشَّام بعد أن ترك زوجته وابنه في عهدة الله سبحانه وتعالى.[١]


بحث السيدة هاجر عن الطعام والماء

ذهب إبراهيم عليه السَّلام إلى بلاد الشَّام وترك خلفه زوجة وحيدة وطفل رضيعٌ في صحراءٍ مقفرة مع بعض التَّمر والماء، انتهى التَّمر وانتهى الماء وليس حولها ماء ولا طعام، وقفت خائفةً على طفلها فكيف يمكن أن يصبر طفلٌ صغيرٌ على آلام العطش والجوع، وهي تنظر حولها فلا ترى إلَّا رمالًا حارّة وشمسًا حادَّة.[١]

والأرض حولها خالية ليس فيها أحد من بني البشر، ومع ذلك فإنّ مشاعر الأمومة دفعتها لتركض بحثًا عن طعام وشراب لابنها الصغير المسكين، ووقفت هاجر لترى جبلًا صغيرًا بالقرب منها وهو جبل الصَّفا فركضت إليه على أمل أن ترى أي مكانٍ تأوي إليه وتطلب منه المَّاء لرضيعها، فلم ترَ إلَّا الرِّمال تحيط بالمكان من كل جهات ونظرت إلى الجهة الأخرى.[١]

فإذا بها ترى جبلًا صغيرًا وهو جبل المروة، فركضت إليه لتصعد عليه وترى هل من أثرٍ لبشرٍ في هذا المكان، ولكنها لم تر أيضًا إلا الرمال المحرقة الخالية من البشر، واستمرَّت تلك السَّيدة المسكينة في الصُّعود والنُّزول ما بين الصَّفا والمروة سبع مرّات، حتَّى أصابها التعب الشديد فتنظر لصغيرها وتشفق عليه وتدعو الله أن يغيثها هي وابنها.[٥]

تفجّر ماء زمزم

ظلَّت السَّيدة هاجر تركض وتسعى ما بين الصَّفا والمروة، ولكنّها فجأة وقفت قليلًا وإذا بها تسمع صوتًا خفيفًا من بعيد، هدأت وتوقَّفت عن الركض لترى هل حقًا سمعت صوتًا أو أنَّها تتخيل هذا الأمر، فإذا بها تسمع ذات الصَّوت مرَّةً أخرى، فالتفتت لترى أحد الملائكة يقف في مكان ما من تلك الصحراء..[١]

فأحسَّت السيدة هاجر بأنّ فرج الله -تعالى- عليها وعلى ابنها الصغير قد اقترب، وأيقنت أنّ الله -تعالى- لن يتركهما أبدًا. فركضت باتِّجاه المَلَك، وإذا به يضرب الأرض بكعب قدمه فتفجّرت من الأرض مياه زمزم، ومن فرحتها وسرورها ركضت على الماء وبدأت تحوِّطه بيديها وهي خائفةٌ على ضياعه، فبشّرها المَلَك بأنَّ الله لن يضيعها لا هي ولا ابنها.[١]


مجيء القبيلة العربية واستقرارها مع هاجر وابنها

وبعد أن تفجَّرت مياه زمزم للسَّيدة هاجر وابنها إسماعيل عليهما السَّلام، ظلَّت عنده مدّةً طويلةً من الزَّمن، فكانوا يشربون من الماء فقط، وكان الماء فيه فوائد كبيرة فهو يغني عن الطعام أيضًا، وفي هذه الأثناء كانت قبيلةٌ عربيَّةٌ اسمها جرهم تسير بالقرب منهم، فرأوا الطيور تدور في سماء تلك المنطقة.[١]

وكان العرب يعرفون أنَّ الطَّير لا يأتي إلَّا على المكان الذي يكون فيه الماء، فبعثوا رجلًا منهم ليتفقد تلك المنطقة، فإذا به يعود إلى قبيلته ليخبرهم أنَّ هناك ماء وتقوم عنده امرأةٌ وطفلها، فجاءت قبيلة جرهم واستأذنت هاجر بالبقاء معها عند الماء، ففرحت هاجر بهذا العرض لأنَّ وجودهم يؤنس وحدتها ويُذهب خوفها من هذه الصَّحراء.[١]

فجاءت قبيلة جرهم واستأذنت هاجر بالبقاء معها عند الماء، ففرحت هاجر بهذا العرض لأنَّ وجودهم يؤنس وحدتها ويُذهب خوفها من هذه الصَّحراء، ولكنَّها نبَّهتهم بأنَّ هذا الماء ملكٌ لها وحدها، فوافقوا على هذا الأمر وبعثوا رسولًا منهم لاستدعاء باقي قبيلتهم، وعاشت السَّيدة هاجر معهم سعيدةً بعد أن آنس الله وحدتها ورزقها الطَّعام والشَّراب.[١]

ونشأ إسماعيل عليه السَّلام، وترعرع بينهم وتعلَّم منهم اللغة العربية.[١]


زواج إسماعيل عليه السلام ووفاة أمّه

كبر إسماعيل بين أهل قبيلة جرهم وتعلَّم الحديث باللغة العربيَّة منهم، حتَّى إنَّه كان يتحدّها أفضل منهم وكلامه كان أجمل، فأحبُّوه وزوَّجوه فتاة منهم، ولكن فرحته لم تكن طويلة فقد ماتت أمّه هاجر وحزن عليها كثيرًا، ولكنّه قدر الله -تعالى- على كلّ الناس، وصار إسماعيل -عليه السلام- يخرج للعمل خارج البيت ويترك امرأته في البيت إلى أن يعود.[١]

وذات يوم في أثناء غيابه عن البيت جاء أبوه إبراهيم -عليه السَّلام- ليتفقَّد أحواله بعد هذه المدة الطويلة التي لم يرَه فيها لا هو ولا أمّه، فلم يجده في البيت، فسأل عنه فأخبرته زوجته أنّه يعمل خارج البيت وأنّ أمّه قد ماتت، فلم يخبرها إبراهيم -عليه السلام- عن حقيقته، وسألها عن حالهم فشكت له زوجته الفقر الذي يعيشون فيه مع أنّهم لم يكونوا فقراء.[١]
فترك لابنه رسالةً بأن يطلِّقها لأنَّها تتحدَّث عنه بسوء ولا تصبر على المعيشة معه، فطلَّقها إسماعيل -عليه السَّلام- تنفيذًا لوصية والده، ولأنّ والده من الأنبياء فلا بدّ أن يكون الله -تعالى- راضيًا عن عمله هذا وإلّا لكان منعه، وعاد إبراهيم -عليه السَّلام- مرَّةً أخرى ليتفقد أحوال ابنه الذي كان قد تزوّج زوجة جديدة بعد التي طلقها.[١]
ولكنّه لم يجد ابنه في البيت ووجد زوجته، فسألها عن حالها وحال زوجها فشكرت الله على حالهم وعلى معاملة زوجها، فترك رسالةً لابنه بأن يحافظ على زوجته؛ لأنّها زوجةٌ صالحةٌ.[١]


ماذا تعلمنا اليوم من قصة السيدة هاجر؟

ولقد كانت قصَّة السيدة هاجر تدلُّ على الكثير من العبر والعظات هي كالآتي:[١]

  • الصَّبر ينجي من كثير من المحن والابتلاءات في الحياة، فقد صبرت هاجر على سكنها في الصَّحراء فعوَّضها الله -تعالى- بماء وفير وأناس طيّبون.
  • التَّوكل على الله سبحانه وتعالى، وتسليم جميع الأمور إليه فهو لا يترك عباده في ضيقٍ إلَّا وفرَّجه عليهم.
  • ضرورة التسليم بأوامر الله سبحانه وتعالى، فها هو إبراهيم -عليه السَّلام- يترك ابنه مع زوجته في صحراءٍ مقفرةٍ بعد أن أمره الله بهذا.
  • الاعتصام بالله ينجي الإنسان من المخاطر.

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف "The Story of Zam Zam water", islam, Retrieved 27/9/2021. Edited.
  2. عائض القرني، دروس الشخ عائض القرني، صفحة 5. بتصرّف.
  3. "History Of Zamzam Water, Its Importance And Benefits", zamzam., Retrieved 27/9/2021. Edited.
  4. ^ أ ب ت "Hajar (as) and the Miracle of Zamzam", muslimhands, Retrieved 27/9/2021. Edited.
  5. ياسين الخطيب، الروضة الفيحاء في أعلام النساء، صفحة 3. بتصرّف.
5496 مشاهدة
للأعلى للسفل
×