قصة الصحابي الذي حج سرًّا

كتابة:
قصة الصحابي الذي حج سرًّا

قصة الصحابي الذي حجَّ سراً

خالد بن الوليد الصحابي الذي حج سراً

رُوي في كتب التّاريخ أنّ خالد بن الوليد -رضي الله عنه- خرج من منطقة تُدعى الفِراض متوجّهاً إلى مكّة المكرمة سرّاً، وقد كان معه عدد من أصحابه فحجّ ثمّ رجع، ولم يخبر أحداً إلّا بعض أصحابه، فانتشر الخبر بين الجنود، فطلبه صاحب السّاقة؛ أي مؤخرة الجيش، فجاء إليه هو وأصحابه وقد حلقوا روؤسهم بعد الحجّ، وكان ذلك في خلافة أبي بكر الصّديق -رضي الله عنه-، وكان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قد توجّه للحجّ دون إخبار خليفته.[١]


قصة حج خالد بن الوليد سراً

توجّه خالد بن الوليد -رضي الله عنه- إلى الفِراض؛ تخوم الشّام والعراق والجزيرة، فسار إليها في شهر رمضان ولم يصمه ذلك العام؛ لأنّهم كانوا في سفر للغزو، وعندما اجتمعت جيوش المسلمين في الفِراض، اجتمعت عليهم الرّوم، وطلبوا مدداً من الفرس وممّن كان حولهم، فكان بينهم نهر الفرات فاصلاً، فأبى خالد بن الوليد -رضي الله عنه- تجاوزه باتجاههم، ممّا أجبرهم هم على اجتيازه وملاقاة المسلمين، فالتقى الجيشان، وأبلى المسلمون بلاءً حسناً، وهُزمت الرّوم شرّ هزيمة، وأوقعوا فيهم أعداداً كبيرة من القتلى قُدّر عددهم بمئة ألف قتيل.[٢]


ثمّ بقي خالد بن الوليد -رضي الله عنه- ومن معه في الفِراض عشرة أيام، ثمّ أذن لجنده الرّجوع إلى الحيرة، وكان الموافق حينها الخامس والعشرون من ذي القعدة في العام الثّاني عشر للهجرة، فعيّن عاصم بن عمرو في مقدّمة الجيش، وشجرة بن الأعزّ في السّاقة.[٢]


وذهب إلى مكّة مع عدد من أصحابه، وسلك طريقاً غير معتادة دون أن يكون معه دليل، وأسرع في الصّحراء مع أنّ الطّريق صعبة، فوصل إلى مكّة في وقت الحجّ، وحجّ ومَنْ معه، ثمّ عاد وأدرك آخر الجيش ولم يكونوا قد وصلوا الحيرة بعد.[٣]


فعاتبه أبو بكر وعاقبه على ذلك عندما سمع بالخبر؛ بأن حوّل مسيره من العراق إلى بلاد الشّام، ثمّ أمدّه بجموع من المجاهدين، فكانت غزوة اليرموك، وقد كتب له أبو بكر: "سر حتى تأتي جموع المسلمين باليرموك فإنهم قد شجُوا وأشجَوا وإياك أن تعود لمثل ما فعلت، فإنه لم يشج الجموع من الناس بعون الله شجاك، ولم ينزع الشّجى من النّاس نزعك، فليهنئك أبا سليمان النيّة والخطوة، فأتمم يتمم الله عليك، ولا يدخلنّك عجب فتخسر وتخذل، وإياك أن تدل بعمل فإن الله له المنّ وهو ولي الجزاء"، ومعنى كلمة شجى: حزن.[٣]


تعريف بخالد بن الوليد

هو خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي، كُنّي بأبي سليمان، ولُقّب بسيف الله المسلول، وهو قائد شجاع عرف في قومه قبل إسلامه، فقد شارك معهم في غزوة أحد وكان السّبب في هزيمة المسلمين.[٤]


أسلم خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في السّنة السّابعة للهجرة بعد صلح الحديبية وغزوة خيبر، واشترك في غزوات كثيرة مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وفي عهد أبي بكر -رضي الله عنه- حارب المرتدّين، وتوفي في حمص وقيل في المدينة المنورة في السّنة الواحدة والعشرين للهجرة.[٤]


فضائل خالد بن الوليد

كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- من أشراف قريش في الجاهلية، وكان قائداً فذّاً، فأسندوا إليه القبّة وأعنّة الخيل، والمقصود بالقبّة ما كانوا يضربونها يجمعون فيها ما يجهّزون به الجيش، ويُقصد بأعنّة الخيل أي انّهم كانوا يقدّمونه على خيولهم في حروب قريش.[٥]


وظلّ بعد إسلامه شجاعاً مغواراً، فلم يترك غزواً أو فتحاً إلّا شارك فيه، إلى أن بات جسده ما فيه موضع شبر إلّا وفيه طعنة أو ضربة، ولكنّه لم يمت في أحد غزواته، إنّما مات على فراشه.[٦]


وأمّا الغزوات التّي شارك فيها بعد إسلامه، فقد كان أوّلها غزوة مؤتة، في السّنة الثّامنة للهجرة، بعد أن استشهد القادة الثّلاث الذّين عيّنهم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فأجمع المسلون على خالد بن الوليد -رضي الله عنه- واختاروه قائداً لهم، فكان سبب في نصرهم.[٦]


كما شهد فتح مكّة وغزوة حُنيْن، وبعد وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- شارك في محاربة المرتدّين، ومحاربة مسليمة الكذّاب، وكان أبو بكر الصّديق -رضي الله عنه- يعيّنه أميراً على الجند، ثمّ غزا في العراق.[٦]


وشارك في غزوة كاظمة التي أنهت وجود الفرس فيها، ثمّ غزا بلاد الشّام وحارب الرّوم في غزوة اليرموك وأنهى وجودهم، كما حاصر دمشقاً وفتحها مع أبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم-.[٦]


وقد ورد عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أحاديث شريفة تبيّن رفعة مكانة خالد بن الوليد في الإسلام، فقد قال عنه: (خالد بن الوليد سيف من سيوف اللَّه سلّه اللَّه على المشركين)،[٧][٨] وقد قال فيه أيضاً: (وأَمَّا خَالِدٌ: فإنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أدْرَاعَهُ وأَعْتُدَهُ في سَبيلِ اللَّهِ)،[٩] وأَعْتُدَهُ يعني؛ الأسلحة والدّواب وكلّ ما يستعمل في الحروب.[١٠]

خلاصة المقال: يتحدث المقال عن قصة الصحابي الذي حجّ سراً؛ وهو خالد بن الوليد، ثم يعرض المقال تعريف بهذا الصحابي وأهم فضائله.


المراجع

  1. عز الدين ابن الأثير (1997)، الكامل في التاريخ (الطبعة 1)، بيروت:دار الكتاب العربي، صفحة 246، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب إسماعيل بن كثير (1997)، البداية والنهاية (الطبعة 1)، صفحة 535-536، جزء 9. بتصرّف.
  3. ^ أ ب محمد رضا (1950)، أبو بكر الصديق أول الخلفاء الراشدين (الطبعة 2)، صفحة 129-130. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، الموسوعة التاريخية الدرر السنية، صفحة 167. بتصرّف.
  5. عز الدين ابن الأثير (1994)، أسد الغابة (الطبعة 1)، صفحة 140، جزء 2. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ت ث شمس الدين الذهبي (2006)، سير أعلام النبلاء، القاهرة:دار الحديث، صفحة 223-224، جزء 3. بتصرّف.
  7. رواه ابن كثير ، في مسند الفاروق ، عن أبو العجفاء السلمي ، الصفحة أو الرقم:677.
  8. ناصر الدين الألباني (2009)، السراج المنير في ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير (الطبعة 3)، صفحة 706، جزء 2. بتصرّف.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1468، صحيح.
  10. موسى العازمي (2011)، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون (الطبعة 1)، الكويت:المكتبة العامرية، صفحة 99، جزء 4. بتصرّف.
4338 مشاهدة
للأعلى للسفل
×