قصة الغراب والثعلب
في قديم الزمان كان هناك غابة بعيدة تعيش فيها الحيوانات جميعها، فكان فيها الطيور بكل أنواعها، وكان فيها الزواحف، وكان فيها الحيوانات التي تمشي على أيديها وأرجلها مثل: الأسد والكلب والنمر والثعلب والثور والذئب والقط وغيرها من الحيوانات الكثيرة، وكان في هذه الغابة يعيش غراب طيّب ومحبوب وكل الحيوانات تحمل له في قلوبها الاحترام والتقدير لشدّة مساعدته لها، ولكن كان من بين الحيوانات مَن يغار من ذلك الغراب الطيب ويكرهه وهو الثعلب الذي لا يحب أن يكون هنالك حيوان أفضل منه.
كان الثعلب مغرورًا يعتقد أنّ بإمكانه أن يخدع الجميع، وكان يتباهى بتلك الميزة فيه ويظنّ أنّها من علامات الذكاء العالية التي لا يتمتّع بها أحد غيره، فكان الثعلب يحتال على الحيوانات ويسرق منها طعامها ويأكله هو، فكان لا يعمل شيئًا ليكسب منه طعامه، بل يقضي يومه عاطلًا عن العمل لا يعمل ولا يذهب ولا يأتي، بل ينام إلى ما بعد الظهر، ثم يخرج من البيت ليمارس نشاطه اليومي وهو الاحتيال على الحيوانات وسرقة طعامها.
ذات يوم خرج الثعلب من بيته وأراد أن يحتال على البقرة فلم يستطع؛ وذلك لأنّه قد انكشف وصارت الحيوانات تحذّر بعضها بعضًا منه، فطردته البقرة وفوق ذلك رفسته بقدميها وجعلته يطير في الهواء ليحطّ في آخر الغابة، فرأى قطّة تطعم أبناءها، فركض إليها ولكنّ القطّة كانت منتبهة له فهربت إلى داخل منزلها وأغلقت الباب عليها وعلى أولادها، وذهب الثعلب بعد أن أخفق في تحقيق ما يريد.
ظلّ الثعلب في الغابة يمشي من مكان إلى آخر يُحاول الاحتيال على الحيوانات ليسرق منهم الطعام ولكن دون جدوى، فالفيل ضربه بخرطومه، والنمر صاح بوجهه وأرعبه، والقردة رموه بجوز الهند، والنسر حمله بمنقاره عاليًا ورماه في النهر فسبح حتى وصل أسفل إحدى الشجرات، وهناك رأى الغراب الطيّب يقف على الشجرة ويحمل في منقاره قطعة جبن يأكل منها، فلمّا رأى الثعلب قطعة الجبن في فم الغراب سال لعابه وصار يفكّر في طريقة ليسرق قطعة الجبن من الغراب، ولكنّ المشكلة أنّه لا يستطيع تسلّق الشجرة وهي عالية جدًّا.
عندها خطرت على بال الثعلب فكرة ماكرة، فقال للغراب: يا صديقي الغراب، أنت أفضل المخلوقات التي تعيش في هذه الغابة، وكلّ الحيوانات تحبّك ومنذ مدّة سمعت الأسد يحدّث الحيوانات عن صوتك الجميل العذب، فهلّا أسمعتني شيئًا من أغانيك الجميلة؟ عندما سمع الغراب هذا الكلام ظنّ لوهلة أنّ الثعلب صادق فيما يدّعيه، وأراد الغناء ولكنّه انتبه إلى خطّة الثعلب الماكرة، فإذا غنّى فإنّه سيفتح فمه، وستسقط قطعة الجبن من فمه ويأخذها الثعلب، ولكنّ الغراب أخرجَ قطعة الجبن من فمه ووضعها تحت جناحه وصار يغنّي، وعندما شاهد الثعلب ما حدث ولّى مسرعًا من مكانه وعلمَ أنّ خطّته قد كُشِفَت.
العبرة من هذه القصّة أنّ الشخص الطيّب ليس غبيًّا أو أحمق، بل هو شخص لا يحب أن يؤذي الآخرين، والاغترار بالنفس سيورث الشخص الندامة وهو أمر مذموم يكرهه الجميع.
لقراءة المزيد من قِصص الثعلب وحكاياه، اخترنا لك هذه القصّة: قصة البستاني والثعلب.