محتويات
من هو سيدنا أيوب عليه السلام؟
لقد كان فيما مضى العدد الكثير من الأنبياء الذين بعثهم الله -تعالى- لأقوامهم، ومن بين هؤلاء الأنبياء كان النَّبي أيوب عليه السَّلام، وهو من أحفاد النَّبي إبراهيم عليه السَّلام، وأمِّه كانت ابنة النَّبي لوط عليه السَّلام، وأمَّا زوجته التي كانت تحبّه كثيرًا فكان جدها النَّبي يوسف عليه السَّلام، ولقد كان أيوب عليه السَّلام رجلًا صالحًا بالإضافة إلى أنَّه كان رجلًا غنيًا يملك الكثير من الأموال والبيوت.[١]
كيف كان سيدنا أيوب يمضي حياته؟
وبما أنَّ أيوب -عليه السَّلام- يعلم أنَّ الله -تعالى- هو المنعم عليه بكل هذه المواشي والأموال، فمن أجل ذلك كان يقضي أوقاته بعبادة الله -سبحانه وتعالى- وشكره على ما أعطاه من هذه النِّعم والأموال، وكان كريمًا سخيًا فلا يخبّئ شيئًا من أمواله، بل كان يعطي لكل محتاجٍ أو سائلٍ من تلك الأموال، وكان يبحث عن الفقراء والمساكين الذين لا يملكون ثمن الطَّعام والملابس ليعطيهم ما يكفيهم لكي يعيشوا مرتاحين، كما أنَّه كان يساعد النِّساء الحزينات اللواتي فقدن أزواجهن، ويعطف على أطفالهنّ اليتامى كيلا يشعروا بفقد الأب كثيرًا والحزن عليه.[٢]
ابتلاء الله تعالى نبيه الصابر أيوب عليه السلام
بماذا ابتلى الله -عزَّ وجل- أيوب عليه السلام؟
إنَّ العمل الصَّالح والكرم الذي اشتُهر به أيوب -عليه السَّلام- كان سببًا لحب النَّاس له، وأن تحبّه الملائكة كذلك وتذكره بالخير، فهذا الأمر قد أغاظ الشيطان، الذي يكره المؤمنين والصالحين والأنبياء، فقال الشيطان: إنَّ أيوب يعبد الله ويشكره لأنَّ لديه مالًا كثيرًا، ولأنّ جسده قويّ وليس فيه أمراض، وكذلك عنده الكثير من الأولاد، ولو لم يكن كذلك لما عبد الله بهذه الطَّريقة.[٣]
فأراد الله -تعالى- أن يرى إبليس أنَّ عبادة النَّبي أيوب -عليه السَّلام- وصلاحه نابعٌ من شدة حبه لله تعالى، ولذلك فقد ابتلى الله -تعالى- النَّبي أيوب -عليه السَّلام- بذهاب أمواله من أغنام وأبقار وجِمال، حتَّى الذين كانوا يرعونها ماتوا، فلم يكن من النَّبي أيوب -عليه السَّلام- إلَّا أن زاد من عبادته وصار يشكر الله -تعالى- ويحمده كثيرًا.[٣]
وبعد ذلك بوقت قصير احترقت أراضي النبي أيوب -عليه السلام- وذهبت المزروعات والثمار والخضراوات وغير ذلك، فلم يكن من النبي أيوب -عليه السلام- إلّا أن حمد الله -تعالى- وشكره قائلًا بأنَّ هذا العطاء كان من الله وقد أخذه، والله -تعالى- أعلم بمصلحتي أين تكون، فاشتعلت نار الحسد في قلب الشيطان وقال إنَّ أيوب يقول هذا الكلام لأنَّ لديه الكثير من الأولاد وهو يشعر بالقوَّة معهم.[٣]
فأراه الله أنَّه على خطأ وإنَّما يتحدَّث هكذا لأنَّه يحقد على أيوب -عليه السَّلام- لأنّ الله -تعالى- يحبه وهو من الصالحين، فأخذ الله جميع أولاد أيّوب عليه السلام، فما كان من أيوب إلَّا أن قال إنَّ لله ما أعطى وله ما أخذ وصبر على هذا الابتلاء.[٣]
ومرَّت الأيام طويلةً على أيوب عليه السَّلام في هذه الابتلاءات وكان أخرها هو ابتلاء الله -تعالى- لأيّوب في جسمه، فأصابته أمراض جلديَّة، وصار جسمه ضعيفًا أيضًا، ولكنّه صبر وقال الحمد لله على كلّ حال في هذه الحياة، فإنّ الله -تعالى- إذا ابتلاني فلكي يختبر صبري، وبعد ذلك بدأ النَّاس ينفرون منه ويخافون على أنفسهم، فذهب ليعيش في بيت من القش وحيدًا وفقيرًا بعد أن كان قويًا ويملك الكثير من الأموال.[٣]
هل بقي سيدنا أيوب وحيدًا أم بقيت زوجته معه؟
وبعد أن ابتلى الله أيوب -عليه السَّلام- مدَّةً طويلةً من الزَّمن كانت قد وصلت تلك المدة إلى ثماني عشرة سنة، قضاها النبي أيوب -عليه السلام- بالصَّبر والشُّكر معًا، وكانت زوجته معه في تلك الأحوال، فقالت له يومًا ألا تدعو الله أن يشفيك، فأخبرها أيوب -عليه السَّلام- أنَّ الله قد أنعم عليه سبعين سنة من الغنى والمال والقوة، وهو لم يصبر سوى سبعة عشر سنة،[٤] فصبرت معه زوجته واحتسبت أمورها عند الله، وكانت تمسك يد زوجها وتساعده في قضاء حاجاته وفي أموره كلها، فقد كانت زوجة صابرة صالحة تحب زوجها كثيرًا.[٥]
دعاء سيدنا أيوب ربّه جلّ وعلا
ماذا دعا أيوب عليه السلام ربه؟
كانت زوجة أيوب -عليه السلام- تعمل في البيوت كي تحضر الطعام لزوجها المبتلى والصابر، وفي أحد الأيام أغلق جميع الناس أبوابهم في وجه زوجته وطردوها، فما كان منها إلا أن باعت ضفائر من شعرها لامرأة عجوز مقابل أن تعطيها رغيفين من الخبز، ولما عادت إلى زوجها أيّوب -عليه السلام- لتطعمه الطعام سألها من أين أحضرت ثمنه وهو خائف، فنظرت إلى الأرض وهي حزينة وخلعت الحجاب عن رأسها لتريه أنَّها باعت شعرها وأخبرته بالقصة، فحزن أيوب -عليه السلام- كثيرًا لهذا الأمر، فتضرع إلى الله -تعالى- وقال يارب: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}،[٦] يعني أنّه يقول يارب أنت أعلم بما أصابني وأنت الرحمن الرحيم [٧]
للتعرّف إلى كيفية التفصيلات المتعلقة بدعاء سيدنا أيوب يمكنك الاطلاع على هذا المقال: دعاء سيدنا أيوب عليه السلام
هل استجاب الله تعالى لسيدنا أيوب؟
بعد أن انتهى من الدعاء، نزل جبريل -عليه السلام- بأمر من الله سبحانه وتعالى، وأمسك بيد أيوب -عليه السلام- وبشره بالفرج وبكشف البلاء وطلب منه أن يضرب الأرض بقدمه، وأعانه جبريل على هذا الأمر لأنه كان ضعيفا ومريضًا، فنبع من الماء ينبوعًا اغتسل به فعاد قويًا وصحيحًا، كما كان من قبل الابتلاء، وأعطاه الله ضعف المال والأولاد الذي كان عنده لقاء صبره وشكره، وبعث الله غيمتين أمطرتا لأيوب عليه السلام ذهبًا وفضة.[٧]
ما هي الدروس التي تعلمناها من قصة سيدنا أيوب عليه السلام؟
ومن العبر التي يمكن الاستفادة منها من قصة أيوب -عليه السَّلام- ما يأتي:[٧]
- الصبر خلق عظيم عند الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى لن يضيع الله أجر الصابر، فسيكون له أجران في الدُّنيا وفي الأخرة سيكون الجنَّة هي أجره.
- الشكر وحمد الله -سبحانه وتعالى- على النعم هي أحد الأسباب لاستمرار نعمه سبحانه وتعالى وزيادتها.
- اليأس خلق سيئٌ ومصدره الشَّيطان، فهو ليس من أخلاق المؤمين ولا الأنبياء.
في الليلة القادمة ما رأيك أن نقرأ سويًا قصة النبي سليمان بالاطلاع على هذا المقال: قصة النبي سليمان للأطفال
المراجع
- ↑ ابن كثير ، البداية والنهاية، صفحة 506-507. بتصرّف.
- ↑ الخازن، تفسير الخازن لباب التأويل في معاني التنزيل، صفحة 235. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج مجموعة من المؤلفين، أرشيف منتدى الفصيح. بتصرّف.
- ↑ محمد علي الصابوني، روائع البيان تفسير آيات الأحكام، صفحة 430. بتصرّف.
- ↑ أحمد حطيبة، تفسير أحمد حطيبة، صفحة 6. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنبياء، آية:83
- ^ أ ب ت النويري، نهاية الإرب في فنون الأدب، صفحة 162-163. بتصرّف.