محتويات
ما هي قصة النمرود مع إبراهيم عليه السلام؟
لقد كان النمرود يدّعي الإلوهيّة، فلمّا دعاه إبراهيم -عليه السلام- لعبادة الله الواحد تجبّر وحاجّ إبراهيم في ربّه، فيذكر الطبري أنّ إبراهيم -عليه السلام- خرج مع الناس لجلب الميرة -أي المؤونة- من النمرود، فكان كلّما وصل إليه رجلٌ سأله النمرود من ربّك؟ فيقول: أنت، فلمّا وصل إبراهيم -عليه السلام- سأله النمرود من ربّك؟ فقال: ربي الذي يحيي ويميت، وجرت بينهما المناظرة المعروفة.[١]
بينما يذكر ابن كثير في البداية والنهاية أنّ إبراهيم -عليه السلام- قد دعا النمرود للإيمان بالله -تعالى- فأخذته العزّة بالإثم، وأصرَّ على ادّعائه الربوبيّة قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.[٢][٣]
وقال علماء السلف إنّ النمرود لمّا قال له إبراهيم -عليه السلام- إنّ الله يحيي ويميت فإنّه أتى برجلين ممّن صدر حكم بإعدامهما فأمر بواحد فقُتِل، وأمر بالآخر فأُطلقَ سراحه، وهذا مخالف لما أراده إبراهيم -عليه السلام- من قوله إنّ الله يحيي ويميت، فلمّا رأى إبراهيم إصراره على الكفر وعلى محاولته تشعيب المناظرة قال إنّ الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب، وهنا بُهِتَ النمرود بعدما أفحمه نبيّ الله إبراهيم عليه السلام.[٣]
كيف كانت نهاية النمرود؟
يقول ابن الأثير في نهاية النمرود أنّ بعوضةً قد دخلت في منخره وبقيت تعذّبه أربعمئة سنة، وبعدها أهلكه الله تعالى،[٤] بينما يذكر السمرقنديّ في تفسيره أنّ البعوضة مكثَت في رأسه أربعين يومًا تأكلُ من دماغه إلى أن هلَك،[٥] ويقولون أيضًا أنّ الله -تعالى- قد أهلكه بالنّار، فالله أعلم.[٦]
إنّ نهاية النمرود قد وردت في كتب التفاسير، وذُكِرَت قصص كثيرة تروي قصّة موته، ولكنّها كلّها -كما قال بعض العلماء- أقربُ إلى الإسرائيليّات، وإن كانت من الإسرائيليّات فلا ينبغي أن تُصدّق ولا أن تُكذّب، ولكن لا مانع من تناقل قصص إهلاك الطغاة لما فيها من العِبرة شرط ألّا يدّعى امرؤ أنّها مرويّة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما لم يكن فيها حديث صحيح.[٧]
من هو النمرود؟
لقد اختلف المؤرّخون في اسم النمرود بن كنعان، فقال بعضهم هو النمروذ بالذال، وقيل النمرود بالدال،[٨] وقال الطبريّ هو نمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح،[٩] بينما ذكر ابن كثير أقوالًا فيه، فقال بعضهم هو النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وقال غيرهم هو نمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشد بن سام بن نوح، والله أعلم.[١٠]
هل ذكر اسم النمرود في القرآن الكريم؟
لم يُذكر اسم النمرود في القرآن الكريم صراحة، ولكنّه ذُكِرَ بما يُشير إليه من خلال سرد قصّته مع نبي الله إبراهيم عليه السلام، فقال -تعالى- في سورة البقرة: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.[٢][١١]
ما العبر المستفادة من قصة النمرود؟
لا شكّ أنّ المتبصّر في القرآن الكريم يجد في طيّاته كثيرًا من العبر:[١٢]
- أنّ العبد الواثق بالله -تعالى- ينبغي له أن يصدع بالحقّ ولا يداهن الطواغيت والجبابرة، وأن يعلم أنّ الله -تعالى- ناصر عبده ولو بعد حين.
- أنّ العبد يجب أن يعلمَ أنّه مهما أوتى من قوّة وسلطان فهو يبقى عبدٌ ضعيفٌ لا يسعه سوى أن يطيع الله تعالى، وأن يمتثل لأوامره ولا يدّعي لنفسه ما ليس له.
- أنّ ديدن الظالمين هو الجهل والغرور والتكبّر، ونهايتهم -غالبًا- ما تكون واحدة وهي الهلاك بصورة مروّعة، والله أعلم.
المراجع
- ↑ أبو جعفر الطبري، كتاب تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك، صفحة 287. بتصرّف.
- ^ أ ب سورة البقرة، آية:258
- ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 343. بتصرّف.
- ↑ أبو الحسن ابن الأثير، الكامل في التاريخ، صفحة 104. بتصرّف.
- ↑ أبو الليث السمرقندي، تفسير السمرقندي بحر العلوم، صفحة 622. بتصرّف.
- ↑ محمد صالح المنجد، سلسلة القصص، صفحة 22. بتصرّف.
- ↑ "هل تصح قصة موت النمرود ببعوضة دخلت في منخره؟"، الإسلام: سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 2020-11-11. بتصرّف.
- ↑ المغامسي، تأملات قرآنية، صفحة 26. بتصرّف.
- ↑ أبو جعفر الطبري، كتاب تاريخ الطبري تاريخ الرسل والملوك، صفحة 287. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 342. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 342. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 342. بتصرّف.