قصة امرأة عمران

كتابة:
قصة امرأة عمران

عقم امرأة عمران 

امرأة عمران هي حنة بنت فاقوذا، إمرأةٌ صالحةٌ عابدةٌ، وزوجها عمران كان من عبَّاد بني اسرائيل، وأختها أشباع بنت فاقوذا زوجة نبي الله زكريا كافل مريم، وكانت حنة امرأة عمران عقيمةً لا تنجب، وفي أحد الأيام وهي تستظل تحت الشجر، رأت طيراً يطعم فرخاً له، فتاقت نفسها للولد، فدعت الله -عزّ وجل- أن يرزقها الولد.[١]


حمل امرأة عمران ونذرها 

جامعت إمرأة عمران زوجها فمنَّ الله عليهم وحملت منه بقدرة الله -عزَّ وجل- وكرمه بالرغم من عقمها، وكانت شاكرةً لنعمة الله التي أنعمها عليها، ونذرت بأن يكون ما في بطنها لله -تعالى-، خادماً للبيت محرَّراً،[٢] قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).[٣]


ولادة امرأة عمران ووفاؤها بالنذر 

لمَّا ولدت إمرأة عمران وضعت أنثى، فقالت متحسِّرةً حزينةً إنِّها ظنت أنَّها ستنجب ولداً، وأنها قد نذرت سابقاً أن يكون محرَّراً يخدم البيت، ولكنها جاءت أنثى، والأنثى لا تصلح في بعض الأحوال لدخول القدْس والقيام بخدمة البيت لما يعتريها من الحيض والنفاس.[٤]


لذا دعت الله أن يتقبلها، فتقبلها الله، وأنبتها نباتاً حسناً، وأصلحها خُلُقاً وخَلقاً، ورضي بأن تكون محرَّرةً خالصةً للعبادة، فأصبحت خيراً من آلاف الرِّجال، ويسَّر لها أسباب الصَّلاح، فكانت خادمةً وعابدةً لله تعالى على صغرها وأنوثتها،[٤] قال -تعالى-: (فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثى وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾.[٥]


فاستجاب الله لها دعائها وأجارها وابنها عيسى -عليه السلام- من الشيطان الرجيم، فجاء في الحديث النبويِّ الشريف: (ما مِن مَوْلُودٍ يُولَدُ إلَّا والشَّيْطانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صارِخًا مِن مَسِّ الشَّيْطانِ إيَّاهُ، إلَّا مَرْيَمَ وابْنَها، ثُمَّ يقولُ أبو هُرَيْرَةَ: واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {وَإنِّي أُعِيذُها بكَ وذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ}).[٦]


رعاية الله لابنة امرأة عمران المنذورة 

هلك عمران أثناء حمل مريم، فتوفي وابنته صغيرةٌ تحتاج إلى من يكفلها ويرعاها ليقوم بشؤون حياتها، ولذلك ألقى الرُّعاة قرعةً على من يكفلها، فوقعت على زكريا -عليه السلام-، فكان كافلاً لها وراعياً لمصالحها حتى كبرت، فنشأت مريم على الصلاح والطهارة والعبادة.[٧]


وأكرمها الله -عزَّ وجل-، فكان يأتيها رزقها صباحاً ومساءً بوفرة وبألوان وصنوف من الطعام لم توجد في مثل ذلك الوقت من السَّنة؛ كوجود فاكهة الشتاء في الصيف ووجود فاكهة الصيف في الشتاء، قال -تعالى-: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).[٨][٧]


ولما كبرت مريم انعزلت عن أهلها وعن قومها وعن مخالطة الرِّجال، وتفرَّغت لعبادة الله -تعالى- وطاعته في مكانٍ لا يراها فيه أحد، وعندها بشَّرها جبريل -عليه السلام- بعيسى -عليه السلام-.[٧]


قال -تعالى-: (وَاذكُر فِي الكِتابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِها مَكانًا شَرقِيًّا* فَاتَّخَذَت مِن دونِهِم حِجابًا فَأَرسَلنا إِلَيها روحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا* قالَت إِنّي أَعوذُ بِالرَّحمـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا* قالَ إِنَّما أَنا رَسولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا* قالَت أَنّى يَكونُ لي غُلامٌ وَلَم يَمسَسني بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِيًّا* قالَ كَذلِكِ قالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجعَلَهُ آيَةً لِلنّاسِ وَرَحمَةً مِنّا وَكانَ أَمرًا مَقضِيًّا).[٩]


ما يستفاد من قصة امرأة عمران

ويسفاد من قصَّة حنه إمرأة عمران عدَّة دورسٍ وعبر، منها ما يلي :

  • التوجه إلى الله -تعالى- بالدعاء مع تيقُّن الإجابة.
  • الاستسلام لأوامر الله -تعالى- والرضا بما قسمه لك.
  • الدعاء للأبناء والبنات بالخير والصلاح، وأن يُقبلوا عند الله ليكونوا في منازل عالية ومقامات رفيعة.
  • صلاح الأبناء قد يكون من صلاح الآباء والأمهات.
  • إخلاص النيَّة عند طلب الولد، وأهميَّة دعاء الأم لجنينها قبل الولادة.
  • أهميَّة تعويذ الولد وذريته من الشيطان الرجيم.


كانت حنة امرأة عمران عقيمةً لا تنجب، وفي أحد الأيام دعت ربَّها أن يرزقها الولد فاستجاب لها وحملت من زوجها، لكنها أنجبت أنثى وهي مريم -عليها السلام-، فنذرتها لله ولخدمة البيت، فكانت مريم عابدةً صالحةً خادمةً للبيت، ثمَّ بشرها الله بعيسى ليكون معجزةً للعالمين، ومما يستفاد من هذه القصة أنَّ على المرء اللجوء للدعاء عند الكرب، وإخلاص النية لله تعالى، وتعويذ الذرية من الشيطان.


المراجع

  1. المطهر بن طاهر المقدسي ، البدء والتاريخ، بور سعيد: مكتبة الثقافة الدينية، صفحة 118، جزء 3.
  2. ياسين الخطيب، كتاب الروضة الفيحاء في أعلام النساء، صفحة 1، جزء 11.
  3. سورة آل عمران، آية:35
  4. ^ أ ب عائض بن عبد الله القرني ، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 6، جزء 67.
  5. سورة آل عمران، آية:36
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن ابو هريرة، الصفحة أو الرقم:4548، صحيح.
  7. ^ أ ب ت د وهبة بن مصطفى الزحيلي (1418)، التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج (الطبعة 2)، دمشق:دار الفكر المعاصر ، صفحة 89_90، جزء 89.
  8. سورة آل عمران، آية:37
  9. سورة مريم، آية:16
5225 مشاهدة
للأعلى للسفل
×