قصة حواء زوجة النبي آدم عليه السلام

كتابة:
قصة حواء زوجة النبي آدم عليه السلام

من هي حواء حسب المعتقدات الإسلامية؟

إنّ حوّاء هي زوجة آدم أبي البشر عليه السلام، وهي التي جاء منها البشر وتكاثروا فيما بعد، فمنها ومن آدم عليه السّلام قد انحدرت البشريّة، وإليهما تعود أنساب البشر، فقد بدأت الحياة بعدما خلقهما الله -تعالى- وبعثهما في الجنّة معًا، فقد خلقها الله -تعالى- لتكون إنسًا لآدم عليه السّلام وسكنًا له، وقد وردت قصّتهما في القرآن الكريم في سور كثيرة منها: سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة الأعراف وسورة الإسراء وسورة طه وغيرها.[١]


من هي حواء حسب المعتقدات المسيحية؟

لم ترد قصّة حوّاء في الإنجيل كما وردت في القرآن الكريم، ولكنّ المسيحيين بالرغم من ذلك يعترفون بهذه القصّة؛ إذ إنّهم يؤمنون بما جاء في "العهد القديم" -وهو التوراة- الذي أصبح فيما بعد كتابهم المقدّس، أمّا عن نظرة القساوسة ورجال الدّين المسيحي لحوّاء، فقد كانوا يرون أنّها مصدر الخطيئة الأولى في الدّنيا، ففي نظرهم هي من أخرجت آدم -عليه السّلام- من الجنّة.[٢]


خلق الله تعالى حواء

ممّ خُلقَت حوّاء؟

لقد خلق الله -جلّ وعلا- حوّاء بعدما خلقَ آدم عليه السّلام، فقد بدأ الخلق بخلق آدم من تراب، وإسكانه الجنّة، وكان وحيدًا ليس له أنيسٌ ولا ونيس، فكان يرجو بينه وبين نفسه أن يجد من يؤنسه في الجنة، وكان الله -تعالى- يعلم ما يدور في نفسه، فخلقَ له امرأة من جسده لتؤنسه، فعندما نام خلقها الله من ضلعه، وعندما استيقظ رأى حوّاء أمامه، فسألها من أنت؟ فأجابته بأنّها امرأة، وعندما أراد أن يعرف سبب خلقها أجابته بأنّها قد خلقت ليسكنَ إليها، فسأله الملائكة ماذا يريد أن يسمّيها، فقال: حوّاء، وربّما كان هذا اسمها لأنّها خلقت من كائن حي.[٣]


حواء وزوجها آدم يسكنون الجنة

كيف كان آدم وحوّاء يقضيان وقتهما في الجنة؟

بعد أن خلق الله -تعالى- حواء صارت هي الأنيس والمُسلّي لآدم في الجنّة، وكانا يعيشان حياة هادئة لا يعكّر صفوها شيء، فكانا يمرحان في الجنة ويتناولان من ثمارها، وكانت حياتهما حياة رغيدة كما وصفها القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا}،[٤] فقد أُبيحت لهما الجنة كلها يأكلان ممّا شاءا وينزلان في المكان الذي يشاءان.[٣]


نهي الله حواء وزوجها آدم عن الأكل من شجرة معينة

ما نوع الشجرة التي نُهي آدم عن الأكل منها؟

وبينما آدم وحوّاء قد رُزقا الجنّة ونعيمها، أمرهما الله -جلّ وعلا- بألّا يقتربا من شجرة مُعيّنة، وذلك لئلا يكسبا سخط الله عزّ وجل، يقول تعالى: {وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}،[٤] ولم يبيّن القرآن الكريم نوع هذه الشجرة بل ترك الأمر مجهولًا، ولكنّ أهل الكتاب يقولون إنّها شجرة الخير والشّر، وقد سمّاها إبليس "شجرة الخلد" ليستميل آدم وحوّاء ويوقعهما في المحظور.[٥]


وسوسة إبليس لحواء وزوجها آدم

ما الأسباب التي قدمها إبليس لآدم كي يأكل من الشجرة؟

لقد وسوس إبليس لحوّاء وآدم بأن يأكلا من الشّجرة التي نهاهما الله -تعالى- عن الأكل منها، وقد أغراهما بذلك بأنّ هذه الشّجرة تحديدًا ودون غيرها من الشّجر هي شجرة الخلد، فإن أكلوا منها سيحظون بالخلد في الحياة الدّنيا، وأنّهما سيكونان من الملائكة، وما كان ذلك إلّا كذبًا من إبليس الذي يبدو أنّه كان يعلم عاقبة الأكل من هذه الشجرة، يقول تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ}.[٦][٧]


هل حواء هي من أغوت زوجها آدم بالأكل من الشجرة؟

لا يمكن القول إنّ حواء هي من دفعت آدم -عليهما السّلام- ليأكل من الشّجرة، ففي كتاب الله -عزّ وجلّ- قد وردت أكثر من آية في هذه القصّة، ففي بعضها كان قد ذُكر فيها آدم منفردًا يأكل من الشجرة، وفي بعضها قد ذكرا معًا، فلم تكن حواء هي السّبب للوقوع في المعصية، وكان اللوم أوّلًا على آدم -عليه السّلام- كما في عدد من الآيات، منها قوله -تعالى- في سورة طه: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا}.[٨][٩]


وأيضًا مرة أخرى يحذّر الله -تعالى- آدم وحده فيقول:{فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ}،[١٠] وقد حمّله وحده مسؤوليّة الخروج من الجنة كما في قوله تعالى: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ}،[١١] فكلمة "فتشقى" مخاطب بها آدم وحده.[٩]


هل استجاب آدم وحواء لغواية إبليس؟

لقد استجاب آدم -عليه السّلام- لإضلال إبليس له، فأغراه بكلامه وأغواه بما سيلاقيه بعد أن يأكل من هذه الشّجرة، فأغضب ربّه وخرج عن أوامره، ولكنّ ذلك الخروج عن طاعة الله لم يكن بقصد إغضاب الله عزّ وجل؛ بل أراد آدم أن يحصل على الخلود في هذه الجنّة الفاتنة، وقد وصف الله -تعالى- فعل آدم هذا بالعصيان الذي أغواه، يقول تعالى: {وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ}.[١٢][١٣]


ماذا كانت عاقبة الأكل من الشجرة؟

بعدما أكل آدم وحوّاء من هذه الشّجرة وامتثلا لأمر إبليس نزل سخط الله -تعالى- وغضبه عليهما، فأوّل ما بدا هو سوآتهما، فعاتبهما الله -تعالى- على فعلتهما هذه، وصارا يحاولان تغطية سوآتهما من ورق أشجار الجنة، فكان غضب الله -تعالى- وسخطه هو عنوان هذه المرحلة من مراحل حياة آدم وزوجته حواء، يقول -تعالى- مصوّرًا هذا المشهد العصيب من حياة آدم: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ}.[١٤][١٥]


مجيء الأمر الإلهي بالهبوط إلى الأرض

ما مصير الذين يعملون الصالحات في الأرض من بني آدم؟

في اللحظة التي عصى بها آدم وحوّاء -عليهما السلام- أمر الله -تعالى- وامتثلا لأمر الشّيطان وأكلا من ثمار الشّجرة فإنّهما سمعا صوتًا يناديهما، كان ذلك الصوت هو صوت الله عزّ وجل، وسألهما ألم ينهِهما عن الأكل من تلك الشّجرة؟ وكذلك سألهما ألم يحذّرهما من مكائد الشيطان الرجيم؟[١٥]


فبكى آدم وزوجته وتابا إلى الله تعالى، فغفر لهما ولكن للتّكفير عن ذنبهما أمرهما الله بالهبوط إلى الأرض هما وإبليس اللعين ومن ساعده من الحيوانات ليدخل الجنة التي كان مطرودًا منها،[١٥] قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ * وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ}.[١٦][١٥]


استخلاف آدم وحواء في الأرض

كيف بدأت الحياة على الأرض؟

بعد أن اعترف آدم -عليه السلام- بذنبه فإنّ الله -تعالى- قد تاب عليه واجتباه، يقول تعالى: {وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ * ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ}،[١٧] فقد هداه الله -تعالى- وجعله نبيًّا، وجعله خليفة في الأرض هو وبنيه،[١٨] وفي سورة الأنعام يقول تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ}،[١٩] فيقول بعض العلماء معلّقًين على هذه الآية: "أي: يخلف بعضكم بعضًا، واستخلفكم الله في الأرض، وسخَّر لكم جميع ما فيها، وابتلاكم، لينظر كيف تعملون".[٢٠]


وهكذا بدأت حياة البشريّة في الأرض بآدم وحوّاء بدأت بالكدّ والعمل، فالحياة لم تعد بهذه السّهولة، فقد كانوا في الجنّة يعيشون حياةً هانئة سعيدة يحصلون فيها على كلّ ما يتمنونه، ولكن ما إن بدأت حياتهم في الأرض حتّى تغيّرت أحوالهم، ففي هذه الأرض تتناوب فصول السّنة الأربعة، ولكلّ فصلٍ من هذه الفصول احتياجات وأمور خاصّة به، ولا بدّ لهم أن يؤمّنوا المسكن والملبس والمأكل، ليحافظوا على استمراريتهم على هذه الأرض، ولذا بدؤوا بالزّراعة والسّقاية والطحن والخبز ليتمكّنوا من الاستمرار، وكلّما تذكّروا خطيئتهما كانا يبكيان ويستغفران الله على فعلتهما.[١٨]


كما يمكنك قراءة قصة حواء لطفلك بالاطلاع على هذا المقال: قصة حواء للأطفال


تكاثر البشرية

من أين جاء البشر؟

لقد مضت حياة آدم وحوّاء في هذه الدّنيا بين العمل والجد والتفكير بكيفيّة البقاء في هذه الحياة والاستغفار عن ذنبهم الذي بدر منهم، ومن ثمّ بدأت أعدادهم بالتّكاثر، فأنجبتْ حوّاء بنتًا وولدًا، ثمّ أنجبت بنتًا وولدًا، وهكذا أصبح عدد سكّان الأرض ستة أفراد، ففرح آدم وحوّاء بما آتاهم الله تعالى، وهكذا مضت الأيّام إلى أن شبّ الأولاد وأصبحوا شبابًا، وهم قابيل وهابيل، وأقليما ولوزا كما يُروى.[٢١]


العبر المستفادة من قصة حواء زوجة آدم عليه السلام

كيف يجعل المسلم من قصة حواء عبرة له؟

ثمّة الكثير من العبر يمكن للمسلم أن يستفيد منها في قصة آدم -عليه السلام- وزوجته حواء، ومنها:[٢١]

  • تكريم الله -عزّ وجل- بني آدم دون سائر مخلوقاته، فخصّهم بأشياء لم تكُن لغيرهم من الخلق، ومن ذلك خلقُ آدم بيده، وتعليمه أسماء الأشياء واستخلافه في الأرض.
  • عدم نسيان الإنسان أنّه قد خلق من تراب، فلا شيء يميّزه على إخوانه من البشر، والتفاضل بينهم يكون بالتقوى والاستقامة.
  • الحذر من وسوسة الشّيطان الرجيم الذي هو عدوّ لآدم وأبنائه، والعلم بأنّه يحقد عليهم لأنّه يعتقد أنّهم سبب طرده من الجنة بينما السبب هو غروره وتكبره.
  • الإنسانٌ مخلوقٌ ضعيف معرّض للخطأ فهو غير معصوم.
  • وجوب التوبة عندما يرتكب الإنسان إثمًا أو معصية، وعليه ألّا ييئس من مغفرة الله -تعالى- ورحمته، فالله -تعالى- هو الغفور الرحيم الذي يغفر الذّنوب والزلّات، فقد قبل الله -تعالى- توبة آدم -عليه السلام- بعد أن أخطأ.


للتعرّف إلى قصة آدم عليه السلام كاملة يمكنك الاطلاع على هذا المقال: قصة آدم وحواء عليهما السلام

المراجع

  1. مصطفى عبد العظيم أحمد، حواء في اليهودية والمسيحية والإسلام دراسة مقارنة، صفحة 195. بتصرّف.
  2. مصطفى عبد العظيم أحمد، حوّاء في اليهوديّة والمسيحية والإسلام دراسة مقارنة، صفحة 191. بتصرّف.
  3. ^ أ ب فَضل حسن عبّاس، قصصْ القرآن الكَريم، عمان - الأردن:دار النفائس، صفحة 135. بتصرّف.
  4. ^ أ ب سورة البقرة، آية:35
  5. فضِل حسَن عباس، قصَص القرآن الكَريم، عمان - الأردن:دار النفائس، صفحة 137. بتصرّف.
  6. سورة الأعراف، آية:20
  7. فَضل حَسن عباس، قِصص القُرآن الكريم، عمان - الأردن:دار النفائس، صفحة 135. بتصرّف.
  8. سورة طه، آية:115
  9. ^ أ ب فضل حسن عباس، قصص القرآن الكريم، عمان - الأردن:دار النفائس، صفحة 137. بتصرّف.
  10. سورة طه، آية:117
  11. سورة طه، آية:117
  12. سورة طه، آية:121
  13. ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، القاهرة:دار المعارف، صفحة 106، جزء 1. بتصرّف.
  14. سورة طه، آية:121
  15. ^ أ ب ت ث ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، القاهرة:دار المعارف، صفحة 121، جزء 1. بتصرّف.
  16. سورة طه، آية:123 - 127
  17. سورة طه، آية:121 - 122
  18. ^ أ ب ابن كثير الدمشقي، البداية والنهاية، القاهرة:دار المعارف، صفحة 68، جزء 1. بتصرّف.
  19. سورة الأنعام، آية:165
  20. عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي _ تيسير الكريم الرحمن، صفحة 282. بتصرّف.
  21. ^ أ ب ابن كثير الدمشقي، البداية والنهاية، القاهرة:دار المعارف، صفحة 92، جزء 1. بتصرّف.
4581 مشاهدة
للأعلى للسفل
×