قصة حياة الإمام مالك بن أنس

كتابة:
قصة حياة الإمام مالك بن أنس

الأئمة الأربعة

يعدُّ الأئمةُ الأربعة للمسلمين الأئمةَ العظماء عند أهل السنة وهم: الإمام أبو حنيفة، الإمام مالك بن أنس، الإمام الشافعي، الإمام أحمد بن حنبل، وهم علماء الدين الذين يُجمعُ المسلمون جميعُهم من أهل السنة والجماعة بجميع طوائفهم ومذاهبهم على إمامتهم، وهم متَّفقون على أصول الفقه جميعها لكنَّهم اختلفوا في بعض الفروع، وبسبب هذه الفروق والخلافات تشكلت المذاهب الأربعة نسبةً لكل إمام منهم وهي: المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، ويعدُّ الإمام أبو حنيفة التابعي الوحيد بينهم، وفي هذا المقال سيدور الحديث حول الإمام مالك بن أنس وقصة حياة الإمام مالك بن أنس.[١]

الإمام مالك بن أنس

هو الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الحميري الأصبحي المدني -رحمه الله تعالى-، يعدُّ من أشهر الفقهاء والمحدِّثين المسلمين، وهو ثاني أئمة المسلمين الأربعة في مذهب أهل السنة والجماعة، وله المذهب المالكي الشهير في الفقه الإسلامي اعتمدَ في الفتوى على عدَّة مصادر في التشريع وهي: القرآن الكريم، السنة النبوية، الإجماع، عمل أهل المدينة، القياس، المصالح، الاستحسان، العادات والعرف، سد الذرائع، الاستصحاب. اشتُهِر بغزارة علمه وقوَّة ذاكرته في حفظ الأحاديث النبوية الشريفة وصبره وذكائه وهيبته ووقاره وأخلاقه الحسنة الطيبة، وقد أثنى عليه الكثير من العلماء، فقد قال عنه الإمام الشافعي: "إذا ذُكِر العلماء فمالك النجم، ومالك حجَّة الله على خلقهِ بعد التابعين" وفيما يأتي قصة حياة الإمام مالك بن أنس.[٢]

قصة حياة الإمام مالك بن أنس

في الحديث عن قصة حياة الإمام مالك بن أنس -رحمه الله تعالى- لا بدَّ من ذكر تفصيل في مفاصل حياته الهامة، فقد ولد الإمام مالك -رحمه الله- في المدينة المنورة في عام 93 للهجرة الموافق لسنة 711م في خلافة الوليد بن عبد الملك، وترعرع في بيت مشتغلٍ بعلم الأثر وهو من بيوت العلم والحديث وتقصي أخبار صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حفظَ كتاب الله تعالى في أول حياته ثمَّ توجَّه إلى حفظ أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتعلُّم الفقه في الشرع الإسلامي، فأخذَ الفقه من ابن هرمز الذي كان فقيه المدينة في ذلك الوقت ولازمه سبع سنين، كما أخذ العلم أيضًا من نافع مولى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- ولازمه سبع أو ثماني سنين ويعدُّ من أكثر الذين لازموه، وأخذَ عن الشيخ ابن شهاب الزهري وروى عنه 132 حديثًا في الموطأ، وعن الإمام جعفر الصادق وروى عنه 9 أحاديث، وقيلَ أنَّ عدد شيوخه قد بلغ 300 شيخًا من التابعين و600 شيخًا من تابعي التابعين.[٣]

وبعد أن أكمل تعلُّمه وشهدَ له أكثر من سبعين شيخًا بإتمام تعليمه اتَّخذَ مجلسًا خاصًّا به في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة لإعطاء الدروس والإفتاء، وامتازت دروسه بالهدوء والسكينة وإجلال الأحاديث النبوية واحترامها، وكان يعرَف عنه أنه يحذر كثيرًا في الإفتاء فيقول دائمًا: "إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه"، فأصبح بذلك إمام دار الهجرة، وفي قصة حياة الإمام مالك سيُشار إلى المحنة التي تعرَّض لها في عام 146 للهجرة أو 147 من قبل والي المدينة العباسي في بداية استيلاء العباسيين على الحكم وقيل سبب ذلك أنه كان يحدِّث بحديث: "ليس على مستكره طلاق"[٤]، فأشاعَ من يروجون للفتنة أنَّ هذا الحديث يدعو للخروج على بيعة أبي جعفر المنصور فسُجنَ على إثر ذلك وضُربَ بالسياط، وفي عام 179 للهجرة الموافق لعام 796م أصيب الإمام مالك بمرض وبقي يقاوم المرض لمدة اثنين وعشرين يومًا حتى غلبه المرض ومات في ذلك العام، فصلَّت عليه جموع كبيرة بما فيهم أمير المدينة عبد الله بن محمد بن إبراهيم ودُفن في مقبرة البقيع -رحمه الله-.[٣]

فضل الإمام مالك بن أنس

بعد المرور على قصة حياة الإمام مالك بن أنس -رحمه الله- يجدر بالذكر أن يُشار بكلمات الإجلال لمكانة الإمام مالك وفضله بين العلماء، فقد كان -رحمه الله- ذا مكانةٍ كبيرة بين العلماء ويجلُّه الخلفاء، فيروى عن الإمام مالك أنَّه قال: "لمَّا حجَّ أبو جعفرٍ المنصور، دعاني فدخلت عليه فحادثته، وسألني فأجبته، فقال: إنِّي عزمتُ أن آمر بكتابكِ هذه التي قد وضعت، يعني الموطأ، فتُنسَخ نُسَخًا، ثم أبعث إلى كل مصرٍ من أمصار المسلمين منها نسخةً، وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدوها إلى غيرها، ويدَعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث، فإنِّي رأيت أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم، فقلتُ: يا أمير المؤمنين، لا تفعل هذا، فإنَّ الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، وروَوْا رواياتٍ، وأخذ كل قومٍ بما سبق إليهم، وعمِلوا به ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم، وإنَّ ردَّهم عما اعتقدوه شديد، فدَعِ الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلدٍ لأنفسهم، فقال: لَعَمْري لو طاوعتني على ذلك، لأمرتُ به".[٥]

وقد شهدَ له كثير من العلماء الكبار من أهل الفقه والحديث بمكانته العظيمة وفضله الجليل، كالشافعي وسفيان بن عيينة والبخاري وغيرهم، فيقول الإمام سفيان بن عيينة: "وما نحن عند مالك بن أنسٍ؟، إنما كنا نتَّبِع آثار مالكٍ وننظر الشيخ، إذا كان كتب عنه مالك كتبنا عنه"، وأمَّا الشافعي فيقول فيه: "لولا مالكٌ وابن عيينة، لذهب علم الحجاز"، حيثُ يعتبرون أنَّ الإمام مالك قد حفظَ علم أهل المدينة المنورة، ويقول الإمام البخاري صاحب صحيح البخاري الشهير: "أصحُّ الأسانيد كلها: مالك، عن نافعٍ، عن ابن عمر"، وقال الإمام يحيى بن معينٍ أيضًا: "مالك بن أنس من حُجَج الله على خَلْقه"، عدا عن كونه أحد أئمة المسلمين الأربعة ومذهبه من أكبر المذاهب الإسلامية عند أهل السنة والجماعة.[٥]

من أقوال الإمام مالك بن أنس

للإمام مالك بن أنس -رحمه الله- الكثير من الأقوال المعبِّرة الثمينة، التي تنطوي على قدر كبير من المعاني العظيمة وكانت بمثابة عبَر وعظات على مرِّ الزمان، فقد كان علامة عصره وفقيه زمانه، ولا يمكن المرور على حياة الإمام مالك دون ذكر بعض من أقواله فيما يأتي:[٥]

  • كل أحدٍ يؤخذ من قوله ويُترَك، إلا صاحب هذا القبر -صلى الله عليه وسلم-.
  • العلم نورٌ يجعله الله حيث يشاء، ليس بكثرة الرواية.
  • حق على من طلب العلم أن يكون له وقارٌ وسكينة وخشية، والعلم حسَن لِمَن رُزق خيره، وهو قسم من الله، فلا تمكِّن الناس من نفسك؛ فإن مِن سعادة المرء أن يوفَّق للخير، وإن من شِقْوة المرء ألا يزال يخطئ، وذلٌّ وإهانةٌ للعلم أن يتكلَّمَ الرجل بالعلم عند مَن لا يُطيعه.
  • إذا لم يكن للإنسان في نفسه خيرٌ، لم يكُنْ للناس فيه خير.
  • تعلَّمِ الأدبَ قبل أن تتعلمَ العلم.

المراجع

  1. "الأئمة الأربعة"، ww.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 09-06-2019. بتصرّف.
  2. "مالك بن أنس"، www.marefa.org، اطّلع عليه بتاريخ 09-06-2019. بتصرّف.
  3. ^ أ ب "مالك بن أنس"، www.wikiwand.com، اطّلع عليه بتاريخ 09-06-2019. بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سير أعلام النبلاء، عن ابن عباس، الصفحة أو الرقم: 8/80، لم يرد في المرفوع، وإنما هو موقوف على ابن عباس.
  5. ^ أ ب ت "إمام دار الهجرة مالك بن أنس"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 09-06-2019. بتصرّف.
5725 مشاهدة
للأعلى للسفل
×