قصة زواج الرسول من زينب

كتابة:
قصة زواج الرسول من زينب

قصة زواج الرسول من زينب

من هي المرأة التي أمر الله الرسول أن يتزوجها؟

روى القرآن الكريم قصة زواج الرسول من زينب وذلك في قوله -تعالى- في سورة الأحزاب: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}، فالسيّدة زينب كانت زوجة زيد بن حارثة وهو ابن الرسول الكريم بالتبني قبل الإسلام.[١]


فلمّا جاء الإسلام أبطل التبنّي ونُسب زيد إلى أبيه حارثة، وقد تزوّج زينب بنت جحش ابن عمّة رسول الله؛ ولكنّ هذا الزواج لم يدم طويلًا. وقد كان زيد يشتكي زينب لرسول الله فيجيبه بأن يصبر عليها وينصحه بعدم مفارقتها؛ ولكنّ الله -عزّ وجلّ- أوحى إلى رسوله الكريم أنّ زيدًا سيُطلّق زينب وسيتزوّجها الرسول.[١]


إنّ المرأة التي أمر الله رسوله -عليه الصلاة والسلام- بالزواج منها هي زينت بنت جحش -رضي الله عنها- والتي كان قد تزوج بها زيد بن حارثة.[١]


شبهة إعجاب الرسول بزينب

ما أصل إعجاب النبي بزينب وهي ما زالت زوجة لزيد؟

إنَّ شبهة إعجاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- بزينب هي واحدة من الإسرائيليَّات التي دسَّها يوحنّا الدمشقي بين التابعين، وقد كان ذلك في عهد بن الملك بن مروان وردَّها العلماء وهي من الباطل الذي لا نقاش فيه، فأمَّا القصة التي تناقلوها فهي أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد قصد بيت زيد في بعض أمرٍ له، فردَّت عليه زينب وعلى رأسها ما يستره، فجاءت الريح فأوقعت ما على رأسها فظهرت سافرة، فوقع إعجابها في قلب الرسول عليه الصلاة والسلام.[٢]


وذكر كذلك -وهي من الأمور المردودة التي لا شكَّ فيها- أنَّ زينب قد وقعت في نفس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن تزوجها زيد بن حارثة، وقد كانت قبل ذلك لا تعجبه ويشعر بالجفاء نحوها، فقال سبحان مقلب القلوب، وتلك من الافتراءات الواضحة على سيد الخلق أجمعين، وهذه القصة تتعارض مع عصمته -عليه الصلاة والسلام- بل هي من القصص المؤذية بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم.[٢]


الحكمة في زواج الرسول من زينب

ما سبب أمر الله بزواج النبي من زينب بنت جحش؟

إنَّ الله إذا أراد تشريع أمرٍ فإنَّه يجعل سببًا له، وقد كان زيد بن حارثة هو ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن طريق التبني، وقد حدث ذلك في الجاهليَّة، ولما جاء الإسلام أبطل التَّبني، ولكن من عادة الجاهيَّة أنَّ الرجل لو تبنى ولدًا فلا يصح أن يتزوج امرأة ابنه بالتبني بعد أن يطلقها، ولم تكن زينب بنت جحش على وفاق مع زوجها، فطلَّقها زيد بن حارثة.[٣]


فنزل الأمر الإلهي أن يتزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من زينب بنت جحش بعد زيد، قال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ۚ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}،[٤] وبذلك بطلت العادة الجاهلية وهي التنبي وتزوج النبي بامرأة متبناه سابقًا، والله هو أعلى وأعلم.[٣]


تفسير آية: وتخفي في نفسك ما الله مبديه

ما هو رأي المفسرين في قوله تعالى وتخفي في نفسك ما الله مبديه؟


ابن كثير

ورد في ذلك أنَّ الله قد أطلع نبيه -عليه الصلاة والسلام- أنَّ زينب ستكون واحدةً من أزواجه، ولمَّا كان يأتي زيد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويخبره أنَّه يريد طلاق زينب، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول له أمسك عليك زوجك ولا تطلقها، وهو يخفي في نفسه أمر الله الذي أخبره به أنَّه سيزوجها له.[٥]


الطبري

ذكر الطبري أنه لمَّا أتى زيد بن حارثة يشكو أمره مع زينب بنت جحش ويريد طلاقها كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يأمره بإمساكها وألَّا يطلقها، وهو يخفي في نفسه أمر الوحي الذي جاءه أنَّ زينت بنت جحش ستكون زوجه بعد أن يطلقها زيد بن حارثة، والله هو أعلى وأعلم.[٦]


القرطبي

إنَّ هذه الآية قد نزلت في شأن زيد بن حارثة وزينب بنت جحش، وقد ذكر كل من عمر وعائشة -رضي الله عنهما- أنَّه ما نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آيةً أشد عليه من هذه الآية، ولو كان يكتم شيئًا من الوحي لكتم هذه الآية، فالذي أخفاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نفسه أنَّه كان على علمٍ بطلاق زيد بن حارثة لزينب، ومع ذلك كان يأمره أن يبقيها ولا يطلقها.[٧]


البغوي

إنَّ تفسير قول الله تعالى وتخفي في نفسك ما الله مبديه، ذكر علي بن الحسين أنَّ الله -تعالى- كان قد أعلم نبيه -عليه الصلاة والسلام- بأنَّه سيزوجه زينب بعد أن يطلقها زيد، فلمَّا جاء زيد إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يخبره أنه يريد طلاقها أخبره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يمسكها.[٨]


السعدي

أي أنَّ الذي أخفاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو زواجه من زينب بعد أن يطلقها زيد بن حارثة، ومع علمه -صلى الله عليه وسلم- بذلك إلا أنَّه أخبر زيد بأن يمسكها ولا يطلقها، ولم يسعَ في طلاقها من زوجها مع علمه بحدوث ذلك.[٩]


تفسير آية: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها

ما هي أقوال أئمة التفسير في قول الله فلما قضى زيد منها وطرا؟


ابن كثير

أي لمَّا انتهى زيد بن حارثة من زوجه زينب -رضي الله عنهما- وفارقها وطلقها زوّجها الله لنبيه -عليه الصلاة والسلام- من فوق سبع سماوات، ودخل عليها النبي -عليه الصلاة والسلام- من دون مهرٍ أو عقد أو شهودٍ أو شيء مما يتطلبه النكاح، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بزيد ليخطبها له، "قالَ زيدٌ: فانطلقتُ، فقلتُ: يا زَينبُ أبشِري، أرسلَني إليْكِ رسولُ اللهِ يذْكرُكِ، فقالت: ما أنا بصانعةٍ شيئًا حتَّى أستأمرَ ربِّي، فقامت إلى مسجِدِها، ونزلَ القرآنُ، وجاءَ رسولُ اللهِ فدخلَ بغيرِ أمرٍ"،[١٠] والله أعلى وأعلم.[١١]


الطبري

أي بعد أن طلّق زيد بن حارثة زوجته زينب بنت جحش -رضي الله عنهما- وبانت منه وانتهى الأمر، زوجه الله -تعالى- زينب بأمرٍ من سبحانه.[١٢]


القرطبي

قال ابن عباس الوطر هو الجماع، أي لما قضى منها زيد وطره وطلقها، زوجها الله له، وذكر بعضهم أنّ الوطر هو الطلاق.[١٣]


البغوي

قال البغوي في تفسيره الوطر أي الحاجة من الزواج، ومن ذلك أنّ زوجة المتبنّى يصح الزواج منها حتى بعد الدخول، وقد كانت زينب بنت جحش تتفاخر على زوجات الرسول بأن الله زوّجها من فوق سبع سماوات، بينما قد زوّجهنّ أولياؤهنّ.[١٤]


السعدي

ذكر السعدي أنَّه لما طابت نفس زيد منها، وفارقها ورغب عنها، زوجها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ لإبطال عادة عدم الزواج بزوجة المتبنّى.[١٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت الكتاني، محمد المنتصر، تفسير المنتصر الكتاني، صفحة 5. بتصرّف.
  2. ^ أ ب جامعة المدينة العالمية، الدخيل في التفسير جامعة المدينة، صفحة 97. بتصرّف.
  3. ^ أ ب عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن، صفحة 665. بتصرّف.
  4. سورة الأحزاب، آية:37
  5. ابن كثير، تفسير ابن كثير ت سلامة، صفحة 425. بتصرّف.
  6. الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر، صفحة 274. بتصرّف.
  7. القرطبي، شمس الدين، تفسير القرطبي، صفحة 190. بتصرّف.
  8. البغوي ، أبو محمد، تفسير البغوي طيبة، صفحة 355. بتصرّف.
  9. عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن، صفحة 665. بتصرّف.
  10. رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3251، حديث صحيح.
  11. ابن كثير، تفسير ابن كثير ت سلامة، صفحة 425. بتصرّف.
  12. [الطبري، أبو جعفر، تفسير الطبري جامع البيان ت شاكر، صفحة 275. بتصرّف.
  13. القرطبي، شمس الدين، تفسير القرطبي، صفحة 194. بتصرّف.
  14. البغوي ، أبو محمد، تفسير البغوي طيبة، صفحة 356. بتصرّف.
  15. عبد الرحمن السعدي، تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن، صفحة 665. بتصرّف.
5219 مشاهدة
للأعلى للسفل
×