إيذاء أبي لهب للنبيّ
عندما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة يدعو إلى الله -تعالى-، ابتُلي بعددٍ من المؤذين والمكذّبين، وكان منهم عم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبو لهب، وزوجته العوراء أم جميل، وكان أذاهم يفوق أذى الكثير من المشركين، فأنزل الله في حقهما (سورة المسد)، وتوعدهما بالعذاب الأليم.[١]
وأبو لهب هو عبد العزى بن عبدالمطلب، ولقبه أبو لهب لجمال وجهه، فقد كان أحمر الوجه مشرقًا كأنما يشع من وجنتيه اللهب،[٢] وقد اقترن لقبه بما سيؤول حاله يوم القيامة عندما يصيبه لهب جهنم، ومن تكذيبه للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومظاهر إيذائه ما يأتي:
- لما نزل قول الله -تعالى-: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)[٣]
صعد النبي -صلى الله عليه وسلم- جبل الصفا، ونادى بأعلى صوته في بطون قريش، فأسرع الناس لاستطلاع الأمر، ومن لم يستطع أن يذهب أرسل شخصًا مكانه، ولما اجتمعوا قال -صلى الله عليه وسلم-: (أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟).[٤]
(قالوا: نعم، ما جربنا عليك كذبًا قط، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب: تبًا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟، فنزلت السورة: "تبت يدا أبي لهب وتب").[٥][٤]
- تطليق أبنائه لبنات الرسول
كان عتبة بن أبي لهب قد تزوج رقية، وعتيبة بن أبي لهب تزوج أم كلثوم بنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما نزلت سورة المسد أمرهما أبوهما وأمهما أن يطلقا بنات النبي صلى الله عليه وسلم-، فطلقاهما.[٦]
- شتمه وتكذيبه
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأتي القبائل في منى ويدعوهم إلى الدين، وخلفه أبو لهب يكذبه ويشتمه.[٧]
نهاية أبي لهب
أهلك الله -تعالى- أبا لهب بمرض شنيع يسمى: (العدسة)؛ وهي بثور تخرج في الجسم كالطاعون، فلم يقربه أحد من أقاربه، وإنما غسلوه بالماء قذفاً من بعيد، ورجموه حتى دفنوه؛ فاستحق ذلك نتيجة أفعاله.[٨]
إيذاء حمالة الحطب
هي العوراء أم جميل، أروى بنت حرب، أخت أبي سفيان بن حرب،[٩] وقد توعد الله -تعالى- حمالة الحطب بحبل من ليف يلف على عنقها في نار جهنم، ومن صور إيذائها للنبي -صلى الله عليه وسلم-:
- كانت تضع الأشواك والحطب في طريق النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لتؤذيه بشوكها.[١٠]
- لما سمعت ما نزل في زوجها وفيها من القرآن الكريم حملت حجراً كبيرًا؛ لتضرب به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو جالس عند الكعبة، ومعه أبو بكر-رضي الله عنه-، فأخذ الله بصرها فلم تر إلا أبا بكر.[١١]
- وقالت: "يا أبا بكر، بلغني أن صاحبك هجاني، والله لو وجدته لضربته بهذا الحجر، فقال لها أبو بكر: والله ما هجاك، فانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما رأتك"؟ قال: (ما رأتني، لقد أخذ الله بصرها عني).[١١]
- في الحديث الصحيح: (اشْتَكَى رَسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ -أوْ ثَلَاثًا-، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقالَتْ: يا مُحَمَّدُ، إنِّي لَأَرْجُو أنْ يَكونَ شيطَانُكَ قدْ تَرَكَكَ، لَمْ أرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ -أوْ ثَلَاثَةٍ-؛ فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: "وَالضُّحَى* وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى* مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى").[١٢] وكانت تلك المرأة هي العوراء زوجة أبي لهب.[١٣]
المراجع
- ↑ محمد الكتاني، تفسير المنتصر الكتاني، صفحة 8. بتصرّف.
- ↑ خير الدين الزركلي، الأعلام، صفحة 12. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:214
- ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:4973، صحيح.
- ↑ سورة المسد، آية:1
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، صفحة 1840. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 105. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى، الأساس في التفسير، صفحة 2134. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، صفحة 515. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، صفحة 515. بتصرّف.
- ^ أ ب القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، صفحة 235. بتصرّف.
- ↑ سورة الضحى، آية:1- 3
- ↑ محمد الأمين الأرمي، الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، صفحة 332. بتصرّف.