قصة عن الصدق والكذب
سيروَى للأطفال قصة عن الصدق والكذب جميلة ومفيدة لهم، كان هناك رجلٌ ثريٌ ويملك معملًا ضخمًا فيه الكثير من الموظفين والموظفات، وكان هذا الرجل الثري رجلًا صادقًا وذا أخلاقٍ حسنةٍ، وكان يمقت الكذب كثيرًا لأنه خلقٌ ذميم، مضت السنون وهذا الرجل في عمله إلى أن طعن في السن وأصبح شيخًا هَرِمًا، فأراد أن يستقيل ولكنّه أحب أن يطمئن على سير عمله، فقرر أن ينَصِّبَ أحد موظفيه، مديرًا لهذا المعمل الذي أنشأه بتوفيقٍ من الله ثم جده وتعبه.
جمع المدير جميع موظفيه وأخبرهم عن نيته بالاستقالة من العمل، وأنه لا يريد أن يترك هذا العمل فيتوارثه أهله ويبيعونه فيضيع ما عمل لأجله كلّ هذه السنين، فقال المدير لموظفيه: بحوزتي بعضًا من البذور، سأوزعها على كل موظفٍ منكم بذرة، وأريد منكم أن تعتنوا بهذه البذرة جيدًا، استغرب الموظفون وتساءل كلٌ منهم عن سر هذا الطلب العجيب، فماذا يريد المدير من هذه البذرة وما هدفه منها، والمدير يقف أمامهم والابتسامة تعلو شفتيه، وفي نفسه غايةٌ يريد أن يحققها لتبدأ قصة عن الصدق والكذب من أعجب ما يكون.
ذهب كل موظف لبيته وهو يحمل هذه البذرة ويروي قصتها لزوجته، وأن عليه الاعتناء بها جيدًا فهي من ستفسح له المجال لاستلام منصب الإدارة، فعلى قدر جمال نبتته وقوتها واشتداد عودها سيكون هذا المنصب قريبًا منه، وبدأ كل موظف بزراعة نبتته وسقايتها والاهتمام بها، وكل يوم كان الموظفون يفاخرون بنبتتهم وكم أصبح طولها ومنهم من نبتت لها الأوراق، في حين الأخر كان يباهي أن نبتته أصبحت في طور البرعمة، إلا موظفٌ وحيدٌ واسمه فادي كان دائمًا ما يشعر بالقلق، ويعود لمنزله حزينًا فبذرته لم تنبت، على الرغم من اعتنائه الشديد بها.
مضت الفترة التي حدّدها لهم المدير وكان على الجميع أن يحضروا البذور التي تحولت لنبتات عديدة، وفادي يشعر بالقلق والخوف فقال لزوجته: ما العمل الآن؟، فأشارت عليه بأن يأخذ قصيص النبتة كما هو، فهو لم يقصر بالاعتناء بها ولكن هذا نصيبه الذي كتبه الله له وعليه بالرضى، اجتمع جميع الموظفون وكلٌ منهم يفاخر الأخر بنبتته إلا فادي كان يقف خجلًا ببذرته التي لم تنبت، دخل المدير ولاحظ النبتات القوية والجميلة التي بحوزة موظفيه فسلم عليهم، ورحب بهم وطلب منهم الجلوس بأماكنهم المخصصة لهم.
إلّا فادي، فقد طلب منه الوقوف جانبًا حاول أن يشرح فادي لمديره، بأنه اهتم جيدًا ببذرته ولم يقصر بالاعتناء بها، ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل، ولم يُلقِ المدير بالًا لكلام الموظف، واكتفى بابتسامةٍ رمقه بها، فقال المدير لموظفيه: المدير الجديد سيكون الموظف فادي، استغرب فادي من هذا القرار، وغضب الجميع واعترضوا عليه، فبذرة فادي لم تنبت وبقيت على ما هي عليه.
فقال المدير: هذا ما أريده وقد ظهر جليًا ما كنت أرنو إليه، فأحجية البذرة ما هي إلا قصة عن الصدق والكذب الذي كنتم تكنونه في أنفسكم، فقد أعطيتكم بذرة فاسدة ولا يمكن أن تنبت بأيّ حالٍ من الأحوال، وصديقكم فادي هو الموظف الوحيد الذي كان صادقًا ولم يبدل البذرة، أما أنتم فقد قمتم بتبديلها عندما وجدتم أنّها لم تنبت، وعملنا هذا يحتاج للصدق والأمانة وهو ما لمسته بفادي، فإياكم والكذب مجددًا فبسببه خسرتم جميعًا فرصة هذا المنصب.