قصة عن حسن الخلق

كتابة:
قصة عن حسن الخلق

قصة عن حسن الخلق

في إحدى القرى البعيدة كانَ هناك شيخ يعيشُ حياةً بسيطة، ويعتمد في تحصيل رزقِه على معالجة الناس، وكان الشيخ حَسَنَ الخلق، يحبّ الناس ولا يتكبّر عليهم، وكان يعاملهم بلطف، ويعالج من كان فقيرًا منهم دون أن يأخذ من الفقراء شيئًا مقابل معالجتهم، وكان أهلُ القرية يحبون الشيخ، ويعتبرونه مَثَلَهم الأعلى سواء كان ذلك في الجانب العلمي والطبي، أم على مستوى حسن الخلق في تعامله مع أهل القرية. وكان الشيخ يذهب في رحلات بحرية مع بعض أهل القرية الذي يعملون في الصيد من أجل أن يتزود ببعض الأعشاب والمواد الطبية الضرورية لعلاج أهلها.


وفي إحدى الليالي، بينَما كان الشيخ في بيته، إذ بباب بيته يُطرَق في ساعة متأخرة من الليل، وإذ به رجل غريب تبدو عليه علامات التعب والإرهاق، استجار بالشيخ بعد أن قُطِعَتْ به السبل وأصابه المرض الشديد، فساعد الشيخ الرجل الغريب على النهوض، وأدخله إلى بيته وعالجه واستضافه ثلاثة أيام، وكان الرجل الغريب قد طلب من الشيخ ألاّ يخبر أحدًا بوجوده عنده، فلبى الشيخ طلب الرجل، ولم يسأله عن السبب الذي دفعه إلى ذلك، وفي اليوم الرابع استيقظ الرجل الغريب قبل استيقاظ الشيخ وغادر بيته دون أن يُعلِمَ الشيخ بذلك، وعندما استيقظ الشيخ بحث عن الرجل الغريب ولم يجده، فعرف أنه قد غادر وعاد إلى بلده.


ومرّت الأيام وجاء موعد ذهاب الشيخ في رحلة عبر البحر إلى بلاد تقع على الضفة الأخرى من ساحل القرية التي يعيش فيها الشيخ، وانطلق البحارة مع بعض رجال القرية في السفينة، وما إن وصلوا إلى منتصف الطريق إذ بالماء يتسرب إلى داخل السفينة من خلال ثقب بسيط موجود في قبوها، فحاول رجال السفينة أن يغلقوا ذلك الثقب لكنه كان يزداد اتساعًا مع مرور الوقت، وهموا بالعودة إلى القرية لكن المسافة المقطوعة كانت كبيرة، فلم يتمكنوا من ذلك.


وبينَما هم على هذه الحال، ظهرت سفينة أخرى في الأفق فاستبشر رجال السفينة والشيخ خيرًا، وعندما اقتربت السفينة الغريبة أصاب رجال القرية الذين كانوا على متن السفينة الدهشة، حيث وجدوا عَلَم القراصنة الأسود يرفرف فوق السفينة الغريبة فأصابهم الفزع، وكان السفينة الغريبة كبيرة الحجم وفيها عدد كبير من القراصنة المحترفين الذي يمارسون السّطو على السفن، فاقتربوا من سفينة أهل القرية ونزلوا فيها، وبدأت عملية نهب السفينة بمن فيها.


وكان زعيم القراصنة يدعو بقيّة رجاله إلى أخذ كلّ ما لدى أفراد القرية حتى وقعت عين زعيم القراصنة في عين الشيخ فعرفه وإذ بزعيم القراصنة ذات الرجل الغريب الذي أقام عند الشيخ، وعندها أمر زعيم القراصنة رجاله بالتوقف فورًا عن أخذ أموال أهل القرية ومساعدتهم على نقل أمتعتهم إلى سفينة القراصنة قبل غرقها، وهنا أصاب الجميع دهشة من موقف زعيم القراصنة، وأدركوا أن هناك أمرًا غريبًا يحدث.


وهنا اقترب زعيم القراصنة من الشيخ وعانقه وساعده على الوصول إلى الضفّة الأخرى، وأمر رجاله بالنزول إلى قبو السفينة وإخراج الماء منها وصيانتها لتعود للعمل من جديد، وتوقَفَ عن عمليات القرصنة تمامًا، وعاش في قرية الشيخ، وهذا بسبب الأثر الطيّب الذي تركه الشيخ في القرصان، وما كان عليه من حسن الخلق عندما لجأ القرصان إلى الشيخ ذات يوم.


الدروسُ المستفادة من هذه القصّة أنّ حسن الخلق يُحبِّب الناس بمن يتمتع بالأخلاق الطيبة، وأن بذرة الخير موجودة في قلوب معظم الناس وإن كانوا أشرارًا في ظاهرهم، وهذا ما تجلى في هذه القصة، حيث ساعد زعيم القراصنة الذي عرف بشدّة البأس وبطشه في الناس رجال القرية وأنقذهم من الغرق، كما أن حسن الخلق يظهر في معاملة الإنسان لغيره، ويؤثّر في تصرفات الآخرين ليصبح الناس على خلق قويم بسبب ما ألِفُوهُ من الناس الذين يتمتّعون بالأخلاق الطيبة.

4587 مشاهدة
للأعلى للسفل
×