محتويات
قصة عن حق الجار على جاره
لقد وردت قصص كثيرة في احترام حقّ الجار، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- خير الناس وقدوتهم في ذلك، وتبعه الصحابة متأسّين به، وفيما يأتي ذكر بعض القصص التي تُظهر أهمية حقّ الجار في الإسلام:
النبي الكريم وجاره أبو أيوب
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس حرصاً على حق الجوار، فقد قالَ النَبِيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: (أيُّ بُيُوتِ أهْلِنا أقْرَبُ؟ فقالَ أبو أيُّوبَ الأنصاري: أنا يا نَبِيَّ اللَّهِ، هذِه دارِي وهذا بابِي، قالَ: فانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لنا مَقِيلًا، قالَ: قُومَا علَى بَرَكَةِ اللَّهِ).[١]
وفي هذا الحديث دليل واضح على اهتمام النبي -صلى الله عليه وسلم- بحق الجار؛ حيث سأل عن أقرب البيوت إليه؛ وذلك لأن الجار الأقرب هو الأحق بالإكرام من البعيد، وقد كرّم النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- بأن نزل عنده هو وأبو بكر -رضي الله عنه-.
أبو جهم العدوي وجاره بن العاص
أراد أبو جهم العدوي -رضي الله عنه- أن يبيع داره، فتزايد الناس بالثمن حتى عرضت عليه مئة ألف درهم، فقال: هذا ثمن الدار، فبكم تشترون جوار سعيد بن العاص؟ فأنكر عليه أحدهم قائلاً: وهل يشترى الجوار؟ فقال: نعم.[٢]
ثم قال لهم: ردوا عليّ داري وخذوا مالكم، ما أدع جوار رجل إن قعدت سأل عنيّ، وإن رآني رحّب بي، وإن غِبْت حفظني، وإن شهدت قرّبني، وإن سألته قضى حاجتي، وإن لم أسأله بدأني، وإن نابتني جائحة فرّج عني. فبلغ ذلك جاره سعيد بن العاص فبعث إليه بمئة ألف درهم.[٢]
أبو حنيفة النعمان وجاره أبو حماد
أبو حنيفة النعمان الفقيه العالم -رحمه الله-، كان له جار اسمه أَبُو حَمَّاد، وقد كان جَار سوء؛ حيث كان يشرب الخمر ويغنّي ويرفع صوته، ومما كان يغني: "أضاعوني وَأيَّ فَتى أضاعوا"، فأَخذه الحرس لَيْلَة وهو سكران، فسجنوه في سجن الوالي.[٣]
وحينها افتقده أَبُو حنيفَة وفقد صَوته، فَقَالَ: مَا فعل أَبُو حَمَّاد الذي كَانَ يَقُول: أضاعوني وَأي فَتى أضاعوا، قَالُوا: حُبس، قَالَ: مَا علمت، فَلَمَّا أصبح توجه إِلَى الْوَالِي فخلصه من السجن، ثمَّ قَالَ: يَا أَبَا حَمَّاد لم يضيعك جيرانك، وأهداه شيئاً من المال، فَتَابَ إلى الله وصلح حاله.[٣]
حق الجار في القرآن والسنة
لقد عظّم القرآن حق الجار على جاره، فجاء الأمر بحق الجار صريحاً في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّـهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ)،[٤] فقد فصلت الآية الكريمة أنواع الجيران تأكيداً على أهمية العناية بحق الجار، وذكرت الجار القريب والجار الغريب وَالْجَارِ الْجُنُبِ.[٥]
أما السنة النبوية فقد حثّت كذلك على العناية بحق الجار في أحاديث كثيرة، ومن هذه الأحاديث قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ)،[٦] فمن شدة العناية بحق الجار كان الملك جبريل -عليه السلام- يُوصي النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيراً بالجار حتى ظنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّ الله سيجعل للجار حقاً في الميراث لكثرة الوصاية به.
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:3911 ، صحيح.
- ^ أ ب الزمخشري، ربيع الأبرار ونصوص الأخبار، صفحة 393. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد حفظ الرحمن الكملائي، كتاب البدور المضية في تراجم الحنفية، صفحة 35.
- ↑ سورة النساء، آية:36
- ↑ النيسابوري، إيجاز البيان عن معاني القرآن، صفحة 239.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6015، صحيح.