المرأة في الأمثال الشعبية
تعدّ الثقافة الشعبية جزءًا من ذاكرة الشعوب، وتشمل هذه الثقافة الحكايات والأمثال الشعبية والحكم والكثير من فنون التعبير المختلفة، وقد شهدت هذه الأيام وعيًا واهتمامًا متزايدًا في أهمية الثقافة الشعبية، ويعود هذا لعدة أسباب أهمها إثراء الهوية الثقافية في الانفتاح على الآخر، وفهم العلاقات التي تحيط بالمجتمع، على اعتبار أنّ الثقافة لها دور كبير في التأثير في أيّ مجتمع وحالها كحال المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وقد كان للمرأة وجود في الأمثال الشعبية العربية برصيٍد لا يمكن حصره، وصورة المرأة في هذا المجال تكون على مستوى الرمزية والذاتية وارتباطها بالواقع الإنساني، ومن أهم ما تمتاز به المرأة في الأمثال الشعبية العربية اتصافها بالتعدد والاختلاف، فهناك الكثير من الأمثال التي تعلي وترفع من شأن المرأة، وأمثال أخرى تقلل من مكانتها.[١]
قصة مثل: أبصر من زرقاء اليمامة
تعدّ زرقاء اليمامة من الشخصيات العربية القديمة، وهي امرأة يضرب بها المثل في حدّة بصرها، فقد قالت العرب: "أبصر من زرقاء اليمامة" واسمها اليمامة بنت مرة وهي من ذرية سام بن نوح،[٢] وكانت اليمامة جديسية من نجد من أهل اليمامة، وتقع بلدة اليمامة في سهل يشبه الفضاء في فساحته واتساعه، وقد عُرفت زرقاء اليمامة بأنّها أبصر خلق الله عن بعد، وكانت تتمتع بقوة وحدّة في بصرها يجعلها تكشف وتبصر الشعرة البيضاء في اللبن، وقد قيل أنّها سميت بهذا الاسم نسبة إلى عينيها الزرقاوين، وأطلق على بلدها اسم "اليمامة" نسبة لها، وقد روي أنه في إحدى الحروب استتر العدو بين فروع الأشجار وقد رأت زرقاء اليمامة هذا، فأخبرت قومها وأنذرتهم، فسخروا منها ولم يصغوا لها، وعندما وصل الأعداء قاموا بقتل قومها وإبادتهم وتدمير بيوتهم، وقاموا باقتلاع عيني زرقاء اليمامة فوجدوا أنّ عيناها كانتا محشوتان بالإثمد وهو حجر أسود يدق ويكتحل به.[٣]
زرقاء اليمامة في الذاكرة الشعرية
كانت لزرقاء اليمامة حضورًا واضحًا في الشعر العربي القديم، فعند ضرب الأمثلة على حدّة البصر تُذكر زرقاء اليمامة، ومن أشهر الأمثلة على ذلك عندما مدح المتنبي نفسه راح يقول أنه يبصر أكثر مما تبصره زرقاء اليمامة، وكان يقصد بهذا ما يستطيع أن يبصره من خلال خبرته وعلمه، وقد ذكر زرقاء اليمامة في شعره باسم"زرقاء جو" حين قال:[٤]
وأبصَر من زرقاء جو لأنني متى نظرت عيناي ساوهما بصري
يقول الزمخشري: إنّ زرقاء اليمامة تنبأت بقدوم حسان بن تبع عندما قالت: "أقسم بالله لقد دب الشجر... أو حميرًا أخذت شيئًا تجر"، فعند قدوم حسان إلى جديس أخبره رياح بن مرة عن أخته اليمامة التي تستطيع أن ترى القادم من مسيرة يوم وليلة فأمر حسان فرسانه بأن يقطعوا أغصان الأشجار وأن يستتروا بها ويروي الأعشى هذه القصة قائلًا:[٤]
ما نـظرت ذات أشـفار كـنظــرتـهــا حـقاً كـما صــدق الـذئـبـي إذ سـجعا
إذ قلبت مقلـة لـيــسـت بـمقـرفـة إنسـان عيـن ومأقـا لم يـكـن قـمـعا
فنـظـرت نـظـرة لـــيسـت بـكـاذبـة ورفــع الآل رأس الـكلـب فـارتـفــعـا
قــالـت أرى رجــلا فـي كـفه كـتف أو يخـصف الـنعل لهـفي أيـة صنعا
فـكذبـوها بـما قـالت فـصبَّحـهـم ذو آل حـسان يـزجي المـوت والشرعا
فاستنزلوا أهل جو من مساكنهم وهدمـوا شاخـص الـبنـيان فـاتضـعـا
المراجع
- ↑ "صورة المرأة في الأمثال الشعبية"، www.aljabriabed.net. بتصرّف.
- ↑ حسين بن محمد بن الحسن الديار بكري ، تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس، صفحة 203. بتصرّف.
- ↑ "زرقاء اليمامة"، ar.wikipedia.org. بتصرّف.
- ^ أ ب "زرقاء اليمامة .. بين الأسطورة والحقيقة والعبرة"، www.taree5com.com، اطّلع عليه بتاريخ 13/07/2020. بتصرّف.