قصة موت سقراط

كتابة:
قصة موت سقراط

قصة موت سقراط

لقد حملت قصة موت سقراط في طيّاتها كثيرًا من العبر والمواقف المؤثّرة التي استحقّت التخليد في ثنايا الكتب والأفكار، فقد شغلت الفكر الفلسفي في اليونان وأوروبا والعالم كله المهتم بهذه الفلسفة[١]، وكانت قصة موته كما يأتي:


نقد سقراط للمجتمع والديمقراطية

كيف كان سقراط يرى نفسه؟


لقد كان سقراط يعتقد في قرارة نفسه أنّه رسول من الآلهة لكي يهدي الناس، فكان يصدع بآرائه أمام الناس ويناقش دعاة الحكمة ويعرّيهم ويثبت للناس أنّهم ليسوا بحكماء وإنّما أدعياء للحكمة لا أكثر، فنقم عليه أولئك الناس بعدما رأوا الشبان ينصرفون من حولهم ويتحلّقون حول سقراط، وكان كثير منهم ممّن لهم صلات برجالات الدولة والمجتمع الذي يحكم أثينا آنذاك.[١]


كما كان سقراط ينتقد الديمقراطية التي كان لها الحكم في أثينا، ويهاجمها هجومًا عنيفًا أشدّ من الهجوم الذي قد شنّته عليها الأرستقراطية، فلم تكد الديمقراطية تطوي صفحة الأرستقراطية حتى جاءها هجوم سقراط العنيف، فنقم عليه أنصارها وحسبوه على السفسطائيين وحاربوه، فتقدم ثلاثة من أعداء سقراط بدعوى ضده للمحكمة.[١]


محاكمة سقراط

ما التهمة التي وجهت لسقراط؟


لقد تقدّم بدعوى للمحكمة ثلاثة من أعداء سقراط هم: مليتس، وأنيتس، وليكون، وهؤلاء الثلاثة كانوا واجهة للشعب المتعالم والمدعي للحكمة الذي هزمه سقراط، وكذلك واجهة لدعاة الديمقراطية، فتقدموا بتهم شتى من مثل أنّ سقراط يزعزع استقرار المجتمع وأنّه يسخر من العادات والأعراف والقوانين، وكان المعروف حينها أن يقف المتهم أمام القضاة خانعًا ذليلًا يطلب العفو والرحمة، وقد يحضر زوجته وأبناءه ليثير شفقة القاضي عليه، ولكنّ سقراط لم يكن كذلك، بل وقف ودافع عن نفسه لأنّه رأى في أفعال غيره منافاة للرجولة والأخلاق التي يدافع عنها بشدة.[٢]


وعندما رأى القضاة أنّ سقراط لم يتذلّل بل وقف ودافع عن نفسه بكل جرأة، صار عندهم قناعة أنّ سقراط هذا كما قيل عنه يهاجم العادات والأعراف لأنّه لم يفعل ما فعله غيره من خضوع وتذلّل، وفوق ذلك لم ينفِ سقراط التهم الموجهة إليه، بل صار يهاجم القضاة ويسخر منهم ويشفق على جهلهم، فطلب أعداء سقراط أن يُعدم، وكانت العادة أنّه إن ثبتت التهمة على المتهم فإنّه يجب أن يقترح عقوبة ويقترح خصومه عقوبة والقضاء يختار منها، فلمّا طلبوا من سقراط أن يختار عقوبة سخر منهم، فحكموا عليه بالإعدام بأن يحتسي السم.[٢]


سجن سقراط

لماذا رفض سقراط الهروب من السجن؟


حكم على سقراط بالموت بتناول سم الشوكران، وبقي في السجن مدة لا بأس بها من الزمن، وقد حاول تلامذته -كما يروي تلميذه أفلاطون- أن يقنعوه بأن يهرب من السجن كما هرب حكيم آخر من قبل، ولكنّه رفض الفكرة لأنّها تخالف مبادئه في اتباع القوانين السائدة ولو كانت ظالمة، وفي ذلك ردّ على الذين قالوا إنّ سقراط ثائر على الأعراف والتقاليد والقوانين،[٢] وبقي في محبسه وأبعد نساءه وأبناءه عن السجن لئلّا يجزعوا ويحدثوا جلبة، فجاءه الحارس بقدح من السم وشربه سقراط، وبعد مدة من الزمن لم يعد يشعر بأجزاء جسمه شيئًا فشيئًا حتى مات.[٣]



لقراءة المزيد، انظر هنا: من هو سقراط.

المراجع

  1. ^ أ ب ت زكي نجيب محمود، أحمد أمين، قصة الفلسفة اليونانية، القاهرة:مؤسسة هنداوي، صفحة 73 - 78. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت زكي نجيب مَحمود، أَحمد أمين، قصّة الفلسفة اليونانيّة، القاهرة:مؤسسة هنداوي، صفحة 78 - 82. بتصرّف.
  3. جورج رديبوش، سقراط، مدينة 6 أكتوبر - مصر:منشورات المركز القومي للترجمة، صفحة 261. بتصرّف.
4330 مشاهدة
للأعلى للسفل
×