محتويات
قصة يوسف عليه السلام مع إخوته
قصة يوسف -عليه السلام- هي من القصص التي ذكرها الله -تعالى- في القرآن، وسمّيت سورة كاملة باسمها، وفيها من العبر والفوائد ما لا يعد ولا يحصى، وبدأت قصة يوسف في القرآن الكريم برؤيا قصَّها على أبيه، حيث قال له أنه رأى في المنام أحد عشر كوكباً والشمس والقمر ساجدين له.[١]
وقال له يعقوب ألا يقص رؤياه على إخوته حتى لا يكيدوا له، ومن هنا يتبين لنا أمران؛ الأول أن يعقوب -عليه السلام- قد آتاه الله علم تعبير الرؤى، فعلم أن تأويل رؤيا يوسف دلالة على أنه سيكون له شأن عظيم عندما يكبر.[١]
والثاني أن يعقوب يعلم أن إخوة يوسف لا يتمنون له الخير لما قد يكون بين بعض الإخوة من مشاعر الغيرة والحسد وغيرها، وأيضا كانت تبدو على يوسف من الصغر أمارات العلم والمعرفة والتقوى والورع، ولذلك كان أبوه يحبه ويستأثر به في بعض أموره، وظن إخوته أنه يحبه أكثر منهم، ولهذا حذر يعقوب يوسف ألا يخبر أحدا بما رآه.[١]
كيد إخوته له والتخطيط لقتله
يبدو أن إخوة يوسف علموا بطريقة ما بأمر الرؤيا، وعلموا أن يوسف سيكون له شأن عندما يكبر فاجتمعوا فيما بينهم يتباحثون أمره، وأجمعوا على أن أباهم يحب يوسف أكثر منهم وأنه مخطئ في هذا ولا بد من أن يتخذوا قراراً بشأن يوسف حتى يستأثروا بأبيهم وينسى أمره.[٢]
وقال بعضهم نقتل يوسف ثم نتوب بعدها إلى الله، واقترح أحد إخوته ويبدو أنه كان ضد مخططهم ألا يقتلوا يوسف بل أن يقوموا بإلقائه في بئر عميق فيجده بعض المسافرين ويأخذوه معهم إلى منطقة بعيدة، وبذلك يكونون قد تخلصوا منه دون أن يرتكبوا جريمة القتل.[٢]
إلقاء يوسف في البئر
حسم إخوة يوسف أمرهم وقرروا إلقاءه في البئر، وذهبوا إلى أبيهم ليقنعوه أن يأخذوا يوسف معهم للرعي حتى يلعب ويستمتع بوقته، فقال لهم: إنه يخاف أن يأكله الذئب إذا غفلوا عنه، ووعدوه بأن يهتموا به ولا يسمحوا لمكروه أن يصيبه، ولما أخذوه نفذوا مخططهم فألقوه في البئر.[٣]
وعادوا لأبيهم بقميصه وقد وضعوا عليه دم شاة وادعوا أن الذئب قد أكله بينما هم يتسابقون، فتيقن يعقوب -عليه السلام- أنها مكيدة منهم فصبر واحتسب أمره إلى الله -تعالى-.[٣]
بيع يوسف إلى عزيز مصر
مرت قافلة بجانب البئر فأرادوا الشرب فألقوا الدلو فيه فإذا بيوسف يخرج لهم ممسكا بالدلو، فأخذوه أسيرا وباعوه إلى عزيز مصر بدراهم معدودة، وقد كان لا ينجب الأبناء فقال لامرأته أنه قد ينفعنا عندما يكبر ويكون كابن لنا، فعاش يوسف في كنف العزيز وتعلم العلم في قصره ودرس عند أفضل المعلمين، ومكّن الله له في أمره فعاش عيشة الملوك حتى بلغ أشده.[٤]
مراودة امرأة العزيز يوسف وسجنه
لما كبر يوسف وبلغ أشده أُعجبت به امرأة العزيز فقد قيل أنه حاز جمالا لم يحزه أحد في زمانه، فأعدت امرأة العزيز -وقد قيل إن اسمها زليخة- خطة لتختلي بيوسف وأغلقت عليهما أبواب القصر؛ لكنه امتنع عن ذلك وهرب منها فشدت قميصه فتمزق.[٥]
ودخل عليهم العزيز فحاولت اتهام يوسف أنه أراد السوء بها لكن الله أنطق غلاما في المهد فشهد أنه لو كان قميص يوسف تمزق من الأمام فهو الملام، وإن كان تمزق من الخلف فهذا دليل براءته، فعلم حينها العزيز ببراءة يوسف وأن هذا من كيد امرأته.[٥]
دخول يوسف السجن وخروجه منه
بقيت امرأة العزيز تكيد ليوسف حتى دخل السجن، وهو في السجن عرف بتأويل الرؤى وقد عبر رؤيا اثنين دخلا معه السجن فصح تعبيره، وخرج أحدهما وصار مقرباً من الملك، وبقي يوسف في السجن حوالي 9 سنوات، حتى رأى الملك في مصر رؤيا لم يعرف أحد تفسيرها.[٦]
وتذكره الرجل الذي كانه معه في السجن فذكره للملك، فذهبوا إلى يوسف ليعبر لهم الرؤيا فاشترط يوسف أن تثبت براءته أولاً؛ فشهدت امرأة العزيز ببراءته وخرج من السجن وفسر للملك رؤياه وأصبح مقرباً منه وعينه مسؤولاً عن خزائن الأرض.[٦]
تحقيق رؤيا يوسف
بعد أن صار يوسف عزيزاً في مصر جاء إخوته يلتمسون الطعام، وقد أصاب الناس مجاعة آنذاك، فعرفهم وحاك خطة جعلهم يأتونه بأخيه من أمه واسمه بنيامين ووضع سيدنا يوسف -عليه السلام- خطة لإبقاء بنيامين معه.[٧]
وبعدها حزن أبوه حزنا شديدا على فقدان ابن آخر له وابيضت عيناه من الحزن، لكن مشيئة الله كانت أن يلتقي أخيرا بيوسف فبعث يوسف قميصه مع إخوته ليلقوه على وجه أبيه ليرجع بصيراً، وأمرهم يوسف بعد أن عرفوا المكانة التي صار إليها أن يأتوا بأبيهم وأهلهم جميعاً ويسكنوا مصر آمنين مطمئنين.[٧]
ولما وصل يعقوب وزوجته وأبناؤه عنده، رفع يوسف أبويه على العرش وبعدها سجدوا له وسجد إخوته الإحدى عشر معهم، وقد كان السجود في زمانهم من باب التعظيم لا العبادة، وبهذا تكون قد تحققت رؤيا يوسف.[٨]
المراجع
- ^ أ ب ت عز الدين بن عبد السلام، تفسير العز بن عبد السلام، صفحة 109. بتصرّف.
- ^ أ ب السمرقندي، تفسير السمرقندي، صفحة 181. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، صفحة 3808-3811. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو زهرة، زهرة التفاسير، صفحة 3811-3813. بتصرّف.
- ^ أ ب السمرقندي، تفسير السمرقندي، صفحة 187. بتصرّف.
- ^ أ ب السمرقندي، تفسير السمرقندي، صفحة 190-191. بتصرّف.
- ^ أ ب ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 242-249. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير، البداية والنهاية، صفحة 250-251. بتصرّف.