قصة يونس عليه السلام

كتابة:
قصة يونس عليه السلام

بعثة يونس عليه السلام 

يونس بن متَّى -عليه السلام- من أبناء نبيِّ الله يعقوب -عليه السلام-، حيث إنَّ الله -تعالى- لم يرسله إلى بني إسرائيل بل إلى الآشوريين الذي أسَّسوا الحضارة الآشوريَّة التي تقع حول نهر دجلة في العراق، وشأن نبيِّ الله يونس -عليه السلام- كشأن باقي أنبياء الله -تعالى-، فقد أمدَّه الله -تعالى- بالمعجزة وأنزل إليه الوحي.[١]

استكبار قوم يونس وجحودهم بدعوته 

دعا نبيُّ الله يونس -عليه السلام- قومه إلى عبادة الله -تعالى- وحده وترك عبادة الأصنام، فقابلوا دعوته -عليه السلام- بالاستكبار والعناد، ولم يكتفوا بالإنكار بل تمرَّدوا على نبيِّ الله يونس -عليه السلام- وكذَّبوه.[٢]

غضب يونس من قومه والفرار منهم

ذكر القرآن الكريم خروج نبيِّ الله يونس -عليه السلام- من قريْته، فقال الله -تعالى-: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)،[٣] حيث كان يونس -عليه السلام- قد غضب ويئس من قومه فخرج من القرية فاقداً الأمل في إيمانهم.[٤]

ركوب يونس السفينة

اتَّجه يونس -عليه السلام- إلى السَّفينة المملوءة مع قومٍ كانوا فيها، وكان حِملُ السَّفينة ثقيلاً، فخافوا أن تغرق السَّفينة بهم، فاقترعوا فيما بينهم؛ لإنزال شخصٍ منها، فظهر اسم نبيِّ الله يونس -عليه السلام- في القرعة لأكثر من مرّة، إلَّا أنَّهم رفضوا إخراجه، لكن نبي الله يونس -عليه السلام- قام بإلقاء نفسه في البحر.[٥]

يونس في بطن الحوت

حينما أُلْقِي نبيُّ الله يونس -عليه السلام- في البحر، أرسل الله -تعالى- إليه حوتاً يشقُّ البحر ناوياً التقامه، وأوحى الله -تعالى- للحوت بأن لا يأكل نبيه -عليه السلام- لحماً ولا عظماً، وما عليه إلَّا أن يجعل بطنه سجناً له -عليه السلام-، وذلك لأنّه يئس من قومه وغادرهم.[٥]

دعاء يونس عليه السلام

بيَّن القرآن الكريم حالة نبيِّ الله يونس -عليه السلام- حينما ابتلعه الحوت، فصوَّره بأنَّه كان في الظُّلمات، كاظماً للغيظ، ومعترفاً بذنبه، ويدعُ الله -تعالى- بالتوبة والمغفرة، وقال الصحابي الجليل ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسير الظُّلُمات بأنَّها: ظلمة البحر، واللّيل، والحوت، فدعا يونس -عليه السلام- الله -تعالى- بالتوبة وإخراجه من بطن الحوت.[٦]

وبيّن القرآن الكريم دعاء نبي الله يونس -عليه السلام- في بطن الحوت، قال الله -تعالى-: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)،[٧] فقد تضمَّن دعاء نبي الله يونس -عليه السلام- إثبات عدّة أمور كما يأتي:[٦]

  • اعترافه بذنبه بترك قومه، ويأسه منهم.
  • إثبات الألوهيَّة لله -تعالى-.
  • تنزيه الله -تعالى- عن كلِّ نقصٍ وعيبٍ.

نجاة يونس وعودته للدعوة    

منَّ الله -تعالى- على نبيِّه يونس -عليه السلام- باستجابة دعائه، وقبول توبته -عليه السلام-، فلولا قبول توبته لما نجا يونس -عليه السلام- من بطن الحوت، ولَلَبِثَ فيه إلى يوم القيامة، لكنَّ الله -سبحانه وتعالى- خلَّصه من المحنة والابتلاء، فأمر الله -تعالى- الحوت أن يتوجَّه نحو شاطئ البحر ويقوم بإلقاء يونس -عليه السلام- من بطنه بقذفه إلى اليابسة التي لا شجر فيها ولا نبات. [٨]

ألقي سيدنا يونس -عليه السلام- على اليابسة وهو مريضٌ؛ وذلك نتيجةً لما حدث له من لبثه في بطن الحوت، لكنَّ عناية الله -تعالى- قد تولته، فأنبت عليه شجرة اليقطين التي ستحميه من حرِّ الشَّمس، وميكروبات اليابسة، لحين استعادة جسده صحَّته.[٨]

بعد أن شُفي يونس -عليه السلام- أعاده الله -تعالى- إلى قومه؛ ليُكمل دعوته، وكانوا قد آمنوا بغيابه عنهم، ليصل عددهم ألف مئةٍ أو يزيدون، قال الله -تعالى-: (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ* فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ)،[٩] قال الله -تعالى-: (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ).[١٠][٨]

دروس وعبر من قصة نبي الله يونس

الدروس والعبر التي يمكن للمسلم الاستفادة منها من قصَة نبيِّ الله يونس -عليه السلام- كثيرة، وسنذكر بعضها فيما يأتي:[١١]

  • الصبر

يستفيد المسلم بالأخص الدَّاعية إلى الله -سبحانه وتعالى- أهمية التّحلّي بالصَّبر تجاه مصاعب الدَّعوة ومهامها؛ فالأنبياء -عليهم السلام- لاقوا أشدَّ الصُّعوبات والعوائق في سبيل طريق الحقِّ ودعوة الناس إلى الخير، فما كان منهم إلَّا الصَّبر، ناظرين إلى الجزاء العظيم الذي أعده الله -تعالى- لهم في الحياة الآخرة.

وتميز أنبياء الله -سبحانه وتعالى- بصبرهم على مهام الدعوة، فلبث سيدنا نوح -عليه السلام- في قومه ألف سنةٍ إلَّا خمسين عاماً يدعوهم إلى الهدى ودين الحق، ولم يؤمن معه إلّا القليل منهم، ونبيُّ الله إبراهيم -عليه السلام- الذي أُلقي في النَّار، واستجاب للرؤية التي رآها في منامه بذبح ابنه اسماعيل؛ فأكرمه الله -تعالى- بكبشٍ عظيمٍ مقابل صبره وتسليمه لأمره.

  • أهميّة الذكر

يظهر هذا جليًّا حينما دعى يونس -عليه السلام- وهو في بطن الحوت، فكان الذكر سبباً لقبول توبته، وإخراجه من بطن الحوت، وتفريج همِّه، فيُسحب للمسلم الحرص على اللجوء إلى الله -تعالى- بالذِّكر والدُّعاء؛ لتفريج همِّه وتحقيق مراده، قال الله -تعالى-: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ).[١٢]

  • حساب العبد على العمل وليس على النتيجة

نبيَّ الله يونس -عليه السلام- ابتلاه الله -تعالى- بالمكوث في بطن الحوت؛ لأنَّه ترك مهمَّته التي كلَّفه الله -تعالى- بها، ولم يبتليه بسبب كفر قومه، أو عدم قدرته على إقناع قومه بالإيمان وترك الشِّرك، فيُستحب للمسلم دعوة النَّاس إلى الخير، والنَّتيجة من الاستجابة أو عدمها يتوكّل فيها على الله -سبحانه وتعالى-.

المراجع

  1. أحمد غلوش، دعوة الرسل، صفحة 254. بتصرّف.
  2. ابن كثير، كتاب قصص الأنبياء، صفحة 387. بتصرّف.
  3. سورة الصافات، آية:139-140
  4. أحمد غلوش، دعوة الرسل، صفحة 256. بتصرّف.
  5. ^ أ ب أنور بن أهل الله، الاعتصام بالله في سبيل النجاة، صفحة 10. بتصرّف.
  6. ^ أ ب ماهر بن مقدم، شرح الدعاء من الكتاب والسنة، صفحة 208. بتصرّف.
  7. سورة الانبياء ، آية:87
  8. ^ أ ب ت صلاح الخالدي، القصص القرآني عرض وقائع وتحليل أحداث، صفحة 1696-1700. بتصرّف.
  9. سورة الصافات، آية:147-148
  10. سورة يونس، آية:98
  11. احمد غلوش، دعوة الرسل، صفحة 261-265. بتصرّف.
  12. سورة الانبياء، آية:87-88
5229 مشاهدة
للأعلى للسفل
×