قصص التابعين

كتابة:
قصص التابعين


قصة بكاء عمر بن عبد العزيز

ورد في كتب السيَر مثل كتاب سيَر أعلام النبلاء للإمام الذهبي وكتاب حلية الأولياء لأبي نُعيم الأصبهاني الكثير من القصص التي تُبيّن ورع عمر بن عبد الله -رضي الله عنه- وشدّة خوفه وخشيته من ربّه وكثرة بكائه ونحيبه بسبب ذلك، وفيما يأتي بعض القصص الواردة في هذا الباب:[١]

  • أخبرت فاطمة بنت عبد الملك زوجة عمر بن عبد العزيز عن دخولها مرةً عليه فقالت: "فإذا هو في مصلّاه يده على خدّه سائلةٌ دموعه فقلت: يا أمير المؤمنين ألشيءٍ حدث؟ قال يا فاطمة إنّي تقلدت أمر أمة محمد -صلّى الله عليه وسلّم- فتفكّرت في الفقير الجائع والمريض الضائع والعاري المجهود والمظلوم المقهور والغريب المأسور والكبير وذي العيال في أقطار الأرض فعلمت أنّ ربي سيسألني عنهم وأنّ خصمهم دونهم محمد -صلّى الله عليه وسلّم- فخشيت ألّا تثبت لي حجة عند خصومته فرحمت نفسي فبكيت".
  • جاء رجل إلى عمر بن عبد العزيز وهو خارج في جنازة فشكا له قلّة المال وشدّة الحاجة، وذكّره بسؤال الله -تعالى- له يوم القيامة عن رعيّته، فبكى عمر حتّى جرت دموعه على قضيبٍ كان يستند عليه، وأمر له بعطاء من ماله الخاص ومن بيت المال وخصّص له راتبًا شهريًا.


قصة سعيد بن المسيب مع حديث الرسول

لقد كان سعيد بن المسيّب -رحمه الله- شديد الاحترام والتقدير والتوقير لأحاديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وللأحكام التي صدرت عنه وعن خلفائه الراشدين في شؤون القضاء، فقد روى عن نفسه أنّه كان يُسافر الرحلة ذات الأيّام والليالي طلبًا للحديث الواحد، ولشدّة حرصه على حديث رسول الله زوّجه أبو هريرة -رضي الله عنه- بابنته.[٢]


ومنحه اهتماماً ورعايةً خاصّة فحمل سعيد قسمًا كبيرًا من أحاديث أبي هريرة الصحابي الأكثر رواية للحديث، كما أنّه لازم عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- ونهل منه العلم الكثير، وأخذ الحديث عن كثير من الصحابة ومنهم عثمان وعلي وعائشة وغيرهم كثير، وقد أعانه على ذلك حافظته القوية وشدّة حرصه وتفانيه وحبّه لأخذ العلم من منابعه الصافية.[٢]


قصة عن خشوع زين العابدين في الصلاة

كان زين العابدين بن الحسين -رحمه الله- شديد الخشوع في الصلاة، وقد ذكر الذهبي في السيَر قصة عظيمة تُظهر مدى خشوعه وانغماسه في صلاته وانفصاله عن الدّنيا أثناء الصّلاة، وذلك أنّ حريقًا قد شبّ في بيته وهو بداخله يُصلّي وكان في سجوده.[٣]


فصار الناس ينبّهون وينادون عليه ولكنّه لم يكن ينتبه إليهم ولم يردّ عليهم،[٣] وظلّ ساجدًا حتّى خمدت النار، ولمّا رفع رأسه وانتهى من صلاته سأله الحاضرون عن سبب ذلك فأجاب بقوله: "ألهتني عنها النار الأخرى".[٣]


قصة الحسن البصري مع الرجل الذي اغتابه

كان للحسن البصري -رحمه الله- أسلوبٌ بديع في النهي عن الغيبة وبيان خطرها وأثرها، حيث قال له رجل: إنّك تغتابني، فأجابه الحسن بقوله: "ما بلغ قدرُك عندي أن أحكِّمْك في حسناتي".[٤]


وقد ذُكر له أنّ فلانًا قد اغتابه، فبعث الحسن إليه بطبقٍ فيه حلوى، وقال له: "بلغني أنك أهديت إلي حسناتك فكافأتك"، ولهذا فقد عُدّ أسلوبه من أفضل أساليب التأديب والإرشاد إلى نبذ الغيبة، فهو يُذكّر الآخرين بعقابها وضررها في الآخرة، ويُكافئ عليها بشيء من متع الدنيا وطيّباتها في مقابل ما يحظى به من الحسنات والثواب في الآخرة.[٤]


قصة عدل القاضي شريح

ضرب شُريح القاضي -رحمه الله- أروع الأمثلة في عدله وحُسن قضائه، مما يدلّ على عدل الدين الإسلامي ودقّته وإظهار الحكمة في تطبيقه، فقد كان شُريح قاضيًا زمن خلافة علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وكان لعلي درع سقط عن بعيره فأخذه يهودي وادّعى أنّه له، فاختصم علي واليهودي عند شُريح فطلب شُريح شهودًا من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.[٥]


ولكن لم يكن هناك شهود سوى الحسين وخادم لعلي، فرفض شُريح شهادة الحسين على جلالة قدره وعظمة منزلته وشهادة رسول الله له بالجنة؛ لأنّه ابنٌ لعلي، وقضى بالدرع لليهودي، فلمّا شاهد اليهودي عدله وأمانته ذُهِل لما رأى واعترف بذنبه وأعلن إسلامه، وردّ الدرع إلى صاحبها علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الذي رفض أخذها وأهداها لليهودي وأعطاه فوقها مئتي درهم.[٥]

المراجع

  1. محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 752. بتصرّف.
  2. ^ أ ب محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 681. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 712. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ابن علان، كتاب الفتوحات الربانية على الأذكار النواوية، صفحة 401. بتصرّف.
  5. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، كتاب مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، صفحة 419. بتصرّف.
4846 مشاهدة
للأعلى للسفل
×