قصص عن القناعة للصحابة

كتابة:
قصص عن القناعة للصحابة

قناعة عائشة أم المؤمنين

فرض الله -تعالى- في كتابه للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقرابته نصيب من غنائم المسلمين، فكان من نصيب عائشة -رضي الله عنها- في خلافة معاوية بن أبي سفيان مئة ألف درهم أرسلها إليها، فلما وصلت إليها الدراهم كان هناك الكثير من فقراء المسلمين في المدينة المنورة ينتظرون الفرج.[١]

شرعت عائشة -رضي الله عنها- توزّع على فقراء المسلمين من المال، وخادمتها بجانبها تساعدها في ذلك، فما غابت الشمس حتى فرّقتها جميعها ولم تبقِ درهماً واحداً، فلما فرغت من توزيعها قالت لها خادمتها: "لو أبقيت لنا درهما نشتري لحما!" فقالت عائشة -رضي الله عنها-: "لو ذُكِّرت لفعلت!" أي نسيت نفسها وخادمتها من أجل الفقراء -رضي الله عنها وأرضاها-.[١]

قناعة سلمان الفارسي

عندما حضر سلمان الفارسي -رضي الله عنه- الموت عرفوا من وجهه الخوف والانزعاج، فقالوا له: ما يجزعك يا أبا عبد الله، وقد كانت لك سابقة في الخير، شهدت الغزوات والفتوح مع رسول الله -عليه السلام-، فقال سلمان -رضي الله عنه-: يجزعني أن حبيبنا -صلى الله عليه وسلم- حين فارقنا عهد إلينا فقال: (أنْ يكونَ بُلْغةُ أحَدِنا مِن الدُّنيا كزادِ الرَّاكِبِ)،[٢] فهذا الذي أجْزَعَني.[٣]

وعندما توفي -رضي الله عنه- وجدوا أنَّ المال الذي عنده خمسة عشر درهما،[٣] فهذه هي القناعة التي نتعلم منها دروساً من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم-، لا يتنافسون على الدنيا ولا يحرصون عليها، لأنهم علموا أنَّ ما عند الله -تعالى- خير وأبقى.

قناعة عبد الرحمن بن عوف

كان عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- من أغنياء الصحابة الكرام، فالقناعة لا تعني الفقر ولكنَّها تعني أن يكتفي بما عنده من الرزق، ولا يكون حريصاً على جمع المال بالطرق غير المشروعة وأن لا يبخل بما عنده، وكان ابن عوف من أكثر الصحابة قناعة ورضى، فكان ينفق من ماله ما يدلُّ على شدة قناعته وسخائه، ومن مواقفه مع القناعة ما يأتي:[٤]

  • كان عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- تاجراً، فقدمت له قافلة تجارية من الشام في عام الرمادة في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وكان عام مجاعة على المدينة، وقوام هذه القافلة سبعمئة بعير تحمل الزيت والزبيب وسائر أنواع الطعام.

كانت القوافل التجارية تقدم إلى المدينة فيبيعونها للتجار فيربحون من بيعها، لكن عبد الرحمن بن عوف جعل القافلة كلها بكل ما تحمل من طعام لفقراء المسلمين الذين لا يجدون طعاما، طمعاً فيما عند الله -تعالى-.

  • كان له أرض فباعها بأربعين ألف دينار، فقسمها بين الفقراء وأمهات المؤمنين زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت عائشة -رضي الله عنها- حين فعل ذلك: "أما إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لن يحنو عليكن بعدي إلا الصالحون".

عبد الله ابن عمرو بن العاص والقناعة

ورد أنَّه: "جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- فسأله: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم، قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء، قال: فإنَّ لي خادمًا، قال: فأنت من الملوك".[٣]

المراجع

  1. ^ أ ب شمس الدين الذهبي، سير أعلام النبلاء، صفحة 187. بتصرّف.
  2. رواه أحمد، في تخريج المسند، عن سلمان الفارسي، الصفحة أو الرقم:23711، صحيح .
  3. ^ أ ب ت شحاتة صقر، دليل الواعظ إلى أدلة المواعظ، صفحة 263.
  4. محمد عبد الغفار، فضائل الصحابة، صفحة 4. بتصرّف.
2300 مشاهدة
للأعلى للسفل
×