محتويات
قصص من الحياة عن الفرج بعد الشدة
إن اشتداد الكرب مؤذن بزواله، والعسر يتبعه اليسر، ومن اعتصم بالله -تعالى- جاءه الفرج مسرعاً؛ لأن الفرج بيد الله وحده، والحياة والتاريخ مليء جداً بقصص انفراج الحال بعد عسرته؛ سواء عند الأنبياء أو الصالحين، وقد يطول الكرب كثيراً؛ ولكن الفرج يأتي بعد ذلك معوضاً عن لحظات الحزن والشدة.
قصص الأنبياء عن الفرج بعد الشدة
لقد ابتلي الأنبياء أشد البلاء فصبروا واحتسبوا، ثم جاءهم الفرج من عند الله -تعالى- ومن القصص التي تدل على ذلك ما يأتي:
- نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام
ابتلي بفقد ابنه يوسف -عليه السلام- سنين طويلة، ومن شدة حزنه على ولده فقد بصره لكثرة بكائه عليه، فرد الله له ابنه وبصره كذلك؛ فأتاه الفرج بعد أن فقد جميع الناس حوله الأمل برجوع ابنه يوسف.[١]
- نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام
فقد ابتلي بالمرض الشديد وفقد جميع أولاده، وضاق عليه الأمر ضيقاً شديداً؛ حتى وصل به الحال من الشدة أن باعت زوجته ضفائر شعرها لتطعم نفسها وزوجها، ثم بعد ذلك دعا أيوب -عليه السلام- ربه فاستجاب له، وأبدل حاله ورزقه خيراً مما فقده؛ فرزقه الله ذرية ضعف الذرية الأولى، ومالاً كثيرا طيباً، وشافاه من الأمراض.[٢]
- نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
لقد عانى معاناة شديدة في حياته مع الدعوة إلى الله، فحوصر في شعب أبي طالب ثلاث سنوات، ووصل الحال به ومن معه من المؤمنين أن أكلوا ورق الشجر وجلود الأنعام؛ بسبب ظلم قريش ومنع الطعام عنهم، ثم يأتي الفرج من عند الله -تعالى- عبر حشرة الأرضة التي أكلت الصحيفة، وما فيها من ظلم للمؤمنين وعلى يد بعض من أشراف مكة الذين رفضوا ذلك الظلم.[٣]
وكذلك فقد تحزبت الأحزاب من قريش، ومن قبائل العرب كغطفان ومن حولها، ومن ساندهم من اليهود ضد النبي -صلى الله عليه وسلم- في يوم الأحزاب؛ وحاصروا المسلمين حصاراً شديداً، فأصيب المسلمون برعب شديد وخوف لم يروا مثله في حياتهم، فأنزل الله عليهم السكينة وأيدهم بجنود من عنده؛ فأرسل على المشركين ريحاً شديدة قلعت خيامهم وكفأت قدورهم، حتى انصرفوا وفرج الله على المؤمنين.[٤]
قصص الصالحين عن الفرج بعد الشدة
لجأ كثير من الصالحين إلى الله -تعالى-؛ فأيدهم -تعالى- بفرج من عنده، ومن أخبارهم ما يأتي:[٥]
- الإمام البخاري
الإمام البخاري -رحمه الله- المعروف بجمع الصحيح من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفقد بصره في صغره، فتصاب أمه بحزن شديد على فقدان ولدها لبصره، واغتمت لذلك الأمر غماً شديداً، ولكنها لم تستسلم لذلك، فكانت تكثر من الدعاء وتلح على الله بأن يرجع البصر لابنها.
حتى دعت الله ذات ليلة، فرأت في منامها نبي الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-؛ قد أتاها يخبرها بأن الله قد رد إلى ابنها بصره بكثرة دعائها، فلما أصبحت وجدت أن الله قد ردّ لابنها بصره، وقد شافاه الله وعافاه.
- الإمام أحمد
وذلك في مسألة فتنة خلق القرآن الكريم، حيث رفض الإمام أحمد أن يقول بأن القرآن مخلوق؛ لأن القرآن كلام الله وهو صفة من صفاته -سبحانه-، فعذب الإمام أحمد بن حنبل تعذيباً شديداً من قبل مجموعة من الخلفاء.[٦]
وقد حاولوا كل المحاولات في إقناع الإمام أحمد أن يقول بخلق القرآن؛ ولكن الإمام أحمد رفض ذلك بشدة، ومما لاقاه الإمام أحمد من الفتنة أن بعض الخلفاء أجبروا كل العلماء بالقول بخلق القرآن، ولم يبق مع الإمام أحمد إلا محمد بن نوح -رحمه الله-، وكانوا قد أجبروهم بهذا القول عن طريق الضرب والتعذيب والتشديد عليهم، ولكن الإمام أحمد رفض كل ذلك وبقي مصراً على قوله.[٦]
وكان الخليفة في منطقة طرطوس قد اشتد غضب الناس عليه، وانقسموا وتفرقوا، فخاف المأمون من ثورة الناس؛ فطلب من جنده أن يأتوه بالإمام أحمد ليقتله بيده، فأخذوه مقيداً يسوقونه طرطوس، وكان الإمام أحمد في الطريق مجتهداً بالتضرع إلى الله -تعالى-، وقد سأل الله -تعالى- ألا يلتقي بالخليفة وألا يجتمع معه أبداً.[٦]
واستجاب الله له وفرج عنه؛ حيث جاء الخبر بوفاة الخليفة وهو في ريعان شبابه، ولم يمت بأي سبب من مرض أو تعب أو نحوه، بل مات بقدر من الله.[٦]
المراجع
- ↑ [صهيب فايز عزام]، ذوو الاحتياجات الخاصة في ضوء القرآن والسنة، صفحة 47. بتصرّف.
- ↑ ابن كثير ، تفسير القرآن، صفحة 361. بتصرّف.
- ↑ صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 98. بتصرّف.
- ↑ صفي الرحمن المباركفوري، ارحيق المختوم، صفحة 278. بتصرّف.
- ↑ شريف عبدالعزيز الزهيري (13/4/2017)، "محنة الإمام أحمد بن حنبل رابط المادة"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث شريف عبدالعزيز الزهيري (13/4/2017)، "محنة الإمام أحمد بن حنبل"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 3/2/2022. بتصرّف.