قصيدة بك أستجير
بك أستجيرُ ومن يجيرُ سواكا
- فأجر ضعيفا يحتمي بحماكا
إني ضعيفٌ أستعين على قوى
- ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
أذنبت يا ربي وآذتني ذنوبٌ
- مالها من غافر إلا كا
دنياي غرتني وعفوك غرني
- ما حيلتي في هذه أو ذاكا
لو أن قلبي شك لم يك مؤمنا
- بكريم عفوك ما غوى وعصاكا
يا مدرك الأبصار، والأبصار لا
- تدري له ولكنههِ إدراكا
أتراك عينٌ والعيون لها مدى
- ما جاوزته، ولا مدى لمداكا
إن لم تكن عيني تراك فإنني
- في كل شيءٍ أستبين علاكا
يا منبت الأزهار عاطرة الشذا
- هذا الشذا الفواح نفح شذاكا
يا مرسل الأطيار تصدح في الربا
- صدحاتها تسبيحةٌ لعلاكا
يا مجري الأنهار: ماجريانها
- إلا انفعالة قطرةٍ لنداكا
رباه هأنذا خلصت من الهوى
- واستقبل القلب الخلي هواكا
وتركت أنسي بالحياة ولهوها
- ولقيت كل الأنس في نجواكا
ونسيت حبي واعنزلت أحبتي
- ونسيت نفسي خوف أن أنساكا
ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى
- يارب حلواً قبل أن أهواكا
أنا كنت ياربي أسير غشاوةٍ
- رانت على قلبي فضلَّ سناكا
واليوم يا ربي مسحت غشاوتي
- وبدأت بالقلب البصير أراكا
يا غافر الذنب العظيم وقابلا
- للتوب: قلبٌ تائبٌ ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي
- حاشاك ترفض تائبا حاشاكا
يارب جئتك نادماً أبكي على
- ما قدمته يداي لا أتباكى
أنا لست أخشى من لقاء جهنم
- وعذابها لكنني أخشاكا
أخشى من العرض الرهيب عليك يا
- ربي وأخشى منك إذ ألقاكا
يا رب عدت إلى رحابك تائباً
- مستسلما مستمسكاً بعراكا
مالي وما للأغنياء وأنت يا
- رب الغني ولا يحد غناكا
مالي وما للأقوياء وأنت يا
- ربي ورب الناس ماأقواكا
مالي وأبواب الملوك وأنت من
- خلق الملوك وقسّم الأملاكا
إني أويت لكل مأوى في الحياة
- فما رأيت أعز من مأواكا
وتلمّست نفسي السبيل إلى النجاة
- فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر السعادة جاهداً
- فوجدت هذا السر في تقواكا
فليرض عني الناس أو فليسخطوا
- أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا
أدعوك يا ربي لتغفر حَوبتي
- وتعينني وتمدني بهداكا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي
- ماخاب يوما من دعا ورجاكا
يا رب هذا العصر ألحد عندما
- سخّرت يا ربي له دنياكا
علمته من علمك النوويَّ ما
- علمته فإذا به عاداكا
ما كاد يطلق للعلا صاروخه
- حتى أشاح بوجهه وقلاكا
واغتر حتى ظن أن الكون في
- يمنى بني الإنسان لا يمناكا
وما درى الإنسان أن جميع ما
- وصلت إليه يداه من نعماكا؟
أو ما درى الإنسان أنك لو أردت
- لظلت الذرات في مخباكا
لو شئت يا ربي هوى صاروخه
- أو لو أردت لما أستطاع حراكا
يأيها الإنسان مهلا واتئذ
- واشكر لربك فضل ما أولاكا
واسجد لمولاك القدير فإنما
- مستحدثات العلم من مولاكا
الله مازك دون سائر خلقه
- وبنعمة العقل البصير حباكا
أفإن هداك بعلمه لعجيبةٍ
- تزورَّ عنه وينثني عطفاكا
إن النواة ولكترونات التي
- تجري يراها الله حين يراكا
ما كنت تقوى أن تفتت ذرةً
- منهن لولا الذي سواكا
كل العجائب صنعة العقل الذي
- هو صنعة الله الذي سواكا
والعقل ليس بمدرك شيئا اذا
- مالله لم يكتب له الإدراكا
لله في الآفاق آيات لعل
- أقلها هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته
- عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا
- حاولت تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى
- ياشافي الأمراض: من أرداكا؟
قل للمريض نجا وعوفيَ بعد ما
- عجزت فنون الطب: من عافاكا؟
قل للصحيح يموت لا من علةٍ
- من بالمنايا ياصحيح دهاكا؟
قل للبصير وكان يحذر حفرةً
- فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزَّحام
- بلا اصطدام: من يقود خطاكا؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا
- راع ومرعى: ما الذي يرعاكا؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكاء
- لدى الولادة: ما الذي أبكاكا؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه
- فاسأله: من ذا بالسموم حشاكا؟
وأسأله كيف تعيش يا ثعبان أو
- تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت
- شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟
بل سائل اللبن المصفى كان بين
- دمٍ وفرثٍ ما الذي صفاكا؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنايا
- ميت فاسأله: من أحياكا؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً
- فاسأله: مِنْ أين البياضُ أتاكا؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحماً
- فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا؟
قل للنبات يجف بعد تعهدٍ
- ورعايةٍ: من بالجفاف رماكا؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء يربو
- وحده فاسأله: من أرباكا؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا
- أنواره فاسأله: من أسراكا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبعد
- كلّ شيء ما الذي أدناكا؟
قل للمرير من الثمار من الذي
- بالمر من دون الثمار غذاكا؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى
- فاسأله: من يا نخل شق نواكا؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها
- فاسأل لهيب النار: من أوراكا؟
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً
- قمم السحاب فسله من أرساكا؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال
- جرى فسله: من الذي أجراكا؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج
- طغى فسله: من الذي أطغاكا؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا
- فاسأله: من يا ليل حاك دجاكا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً
- فاسأله: من يا صبح صاغ ضحاكا؟
هذي عجائب طالما أخذت بها
- عيناك وانفتحت بها أذناكا!
والله في كل العجائب ماثلٌ
- إن لم تكن لتراه فهو يراكا؟
يا أيها الانسان مهلا ما الذي
- بالله جل جلاله أغراكا
حاذر إذا تغزو الفضاء فربما
- ثأر الفضاء لنفسه فغزاكا
اغز الفضاء ولا تكن مستعمراً
- أو مستغلا باغيا سفّاكا
إياك أن ترقى بالاستعمار في
- حرم السموات العلا إياكا
إن السموات العلا حرمٌ طهورٌ
- يحرق المستعمر الأفاكا
اغز الفضاء ودع كواكبه سوابح
- إن في تعويقهن هلاكا
إن الكواكب سوف يفسد أمرها
- وتسيء عقباها إلى عقباكا
ولسوف تعلم أن في هذا قيام
- الساعة الكبرى هنا وهناكا
أنا لا أثبط من جهود العلم أو
- أنا في طريقك أغرس الأشواكا
لكنني لك ناصح فالعلم إن
- أخطأت في تسخيره أفناكا
سخّر نشاط العلم في حقل الرخاء
- يصغ من الذهب النضار ثراكا
سخّره يملأ بالسلام وبالتعاون
- عالماً متناحراً سفاكا
وادفع به شر الحياة وسوءها
- وامسح بنعمى نوره بؤساكا
العلم إحياءٌ وإنشاءٌ وليس
- العلم تدميراً ولا إهلاكا
فإذا أردت العلم منحرفاً فما
- أشقى الحياة به وما أشقاكا
قصيدة مولد الهدى
طافت بأسماع الزمانِ بشائرُهْ
- فهفا له قلبُ الزمانِ وخاطرُه
وتَعلّقتْ عينُ الحياةِ بدار
- آمنةٍ تُناجي ليلَها وتُساهره
فإذا مهادٌ أشرقتْ جَنَباتُه
- وزكتْ بأعطار السماءِ ستائره
وإذا وليدٌ لفلفتْ أمجادُه
- أعطافَه، وتَحوّطتْه مَفاخره
وإذا ملائكُ حولَه يَستبشرونَ
- به وجبريلُ الأمين يُسامره
وإذا بعرسٍ في السموات العُلى
- زُهْرُ الكواكبِ حُوره وجآذره
وإذا بوجه الأرض مَزهوٌّ ومُستَعْلٍ
- على وجه السماء يفاخره
وإذا بنار الفُرْسِ تخمد فجأةً
- ولسانُها المشبوب يسكن ثائره
وإذا بذُعرٍ يأخذ الإيوانَ فاهتَزتْ
- به شُرُفاتُه ومَقاصره
وإذا بحيرةُ ساوةٍ رِيعتْ فَغَاضَ
- مَعينُها، وتَشرّبتْه مَغاوره
وإذا بليل الجاهليّةِ يختفي
- وتذوب في النّور السنيِّ دياجره
وإذا بماضي الناس يستر وجهَه
- خجلاً ليحتلَّ الصدارةَ حاضره
وإذا ببعثٍ دافقٍ ينساب في
- بادي الوجودِ فتستقيه حواضره
وإذا لسانُ الدهرِ يسأل حائراً
- هذا السنا الأخّاذُ أين مَنائره؟
وإذا مُجيبٌ في السماء: محمّدٌ
- هو وحدَه وحيُ السنا ومَصادره
للهُ أكبرُ يا محمّدُ: أنتَ أَجفانُ
- الهدى، وفؤادُه، ومشاعره
والعدلُ أنتَ رسولُه، بل أنتَ مَشْرِقُه
- ومنكَ شُموسُه وزواهره
والمجدُ أنتَ، فمنكَ أولُ بَدئه
- وإليكَ يرجع يا محمّدُ آخره
وإذا تَضوّعَ في الورى حَسَبٌ وطابَ
- فمنكَ وحدَكَ طيبُه ومَجامره
أمّا البيانُ فأنتَ ناظمُ عِقدِهِ
- وإليكَ يُنسب دُرُّه وجواهره
لكَ من جوامعه، ومن آياتهِ
- ما أعوزتْ أشباهُه ونظائره
ولكَ البدائعُ تفتن الفصحى ويَحسُدُ
- فنَّها السحرُ البديع وساحره
يكفيكَ أن الجِذعَ حنَّ حنينُهُ
- لما استبان إليه أنكَ هاجره
وكفاكَ أنكَ لم تقلْ: إلّا هَزَتَ
- الدهر، واهتزّتْ إليكَ منابره
قصيدة ليس الاستشهاد موتاً
لا تُراعوا من دماء الشهداء
- لا يُنال المجدُ إلّا بالدماء
واستعدّوا بضحايا جُدُد
- يتساقون المنايا سُعداء
ليس تبني أمّةٌ مجداً إذا
- لم يكن فوق ضحاياها البناء
يا بني الوادي المفدّى أنتمو
- مَعقِدُ الآمالِ، عنوانُ الرجاء
فاستعدّوا لتُجيبوا داعياً
- عن قريبٍ سوف يدعو للفداء
واطلبوا العيشَ كريماً، فإذا
- وجبَ الموتُ: فمُوتوا كرماء
قصيدة يا سيد الخلق
رفقا بقلبى كفانى منك هجرانا
- وارحم فجفنى يبيت الليل يقظانا
أتيت والحب يدعونى ويدفعنى
- والشوق بين ضلوعى شب نيرانا
وجئت والدمع منهل ومنهمر
- ينساب من جفنى المقروح طوفانا
فارحم دموعى , لا تطرد شفاعتها
- فالدمع يشفع للعشاق أحيانا
يسلو المحبون أحيانا إذا يئسوا
- وقد يئست فما حاولت سلوانا
حبى إليك عجيب فى تصرفه
- إن زاد يأسى يزيد القلب تحنانا
يا سيد الخلق , يا خير الورى نسبا
- هل تسأل الله لى عفوا وغفرانا
هذى ذنوبى جلت لست أذكرها
- إلا استبدت بى الأحزان ألوانا
مولاى يا خير من أرجو شفاعته
- إذا شفعت فذنبى كله هانا
فاشفع فأنت شفيع الناس كلهموا
- ولم يشفع سواك الله إنسانا
أعطاك ربك مـــــا لم يعطه أحدا
- علما وحلما وإخلاصا وإيمانا
وأنت أعظم خلق الله مكرمة
- وأنت أطهرهم حســـا ووجدانا
أتيت والكون أعمى فى جهالته
- والناس كانوا بـــه صما وعميانا
فشاع نورك يجلو كل مظلمة
- و فاض هديك يهدى الإنس والجانا
وساد عدلك يمحو كل مظلمة
- وشاد نبلك للأخلاق بنيانا
أتيت والناس أجناس ممزقة
- فاضت قلوبهمو بغيا وعدوانا
فرحت تمحو فروق الجنس بينهمو
- حتى جعلتهمو فــــى الله إخوانا
ساويت بالحق بين الناس كلهمو
- فالعبد والسيد الجبار سيانا
أتيت والناس فى أديانهم عجب
- حيران قلد فى الإشراك حيرانا
ألغو عقولهمو حتــــــــى لتحسبهم
- أوثان تعبد دون الله أوثانا
فقمت تدعو إلها واحدا أحدا
- رب السماء ورب الأرض رحمانا
دعوتهم يعبدون الله فامتلئوا
- حقدا وزادوا على الكفران كفرانا
وبيتوا الغدر واستلوا سيوفهمو
- وحاصروا البيت أشياخا وشبانا
فلم يروعك سيف الكفر منصلتا
- ولم يخفك عدو الله غضبانا
ومدك الله بالآيـــــــات عاجلة
- فجاء يسعى إليك النصر عجلانا
وأقبل الفتح وانسابت مواكبه
- ودان لله والإسلام من هان
أتيت والعرب البادون قد ملكوا
- أعنة القول واقتادوه فرسانا
إن ينظموا سحروا أو ينثروا بهروا
- هم الفصاح جلوا قسا وسحبانا
فجائك الله بالقرآن معجزة
- تحدث اللسن تجويدا وإتقانا
قالوا هى الشعر أين الشعر من سور
- تهدى الحياتين دنيانا وأخرانا
تجرى الحقائق فى القرآن مرسلة
- والشعر يجرى خيالات وأوزانا
قالوا هى السحر أين السحر من درر
- ضاءت فكانت يواقيتا وعقبانا
السحر يجرى ضلالات مزورة
- وتلك تجرى هدايات وفرقانا
الله أنزلها بالحق بينة
- فبان منها جبين الحق وازدانا
الله أنزلها أيــــا مفصلة
- ففصلت لرءوس القول تيجانا
هبوا يحامونها حتى إذا عجزوا
- عن آية سجدوا لله إذعانا
وقال كل تعالى الله منزلها مولاى
- علما ونورا وتشريعا وتبيانا
جئت إلــــــى الدنيا بمعجزة
- كانت وما برحت للحق عنوانا
يا سيدى كل شئ كان يعوزه
- ميزانه فأتـــــــى القـــــرآن ميزانا
موسى أتى بالعصا تنساب لاقفة
- ما خيل السحر ثعبانا فثعبانا
وجاء عيسى يداوى كل ذى سقم
- ويرجع الميت حيا مثلما كان
المرسلون أتــــى كل بمعجزة
- كانت تبين عــــــن الدنيا إذا بان
وأنت جئت إلــــــى الدنيا بباقية
- حسناء كانت لعين الخلد إنسانا
نقلت للملأ الأعلــــــى وما فتئت
- تحيــــــــى وتنشئ أجيالا وأزمانا
مولاى يــــــا سيد الدنيا وصفوتها
- أدرك فقـد غرقت فى الشر دنيانا