قصيدة تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
يقول قيس بن الملوح:
تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا
- وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ
- بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا
بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي
- بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً
- بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت
- بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا
فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضى
- وَلَيتَ الغَضى ماشى الرِكابَ لَيالِيا
فَيا لَيلَ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ
- إِذا جِئتُكُم بِاللَيلِ لَم أَدرِ ماهِيا
خَليلَيَّ إِن تَبكِيانِيَ أَلتَمِس
- خَليلاً إِذا أَنزَفتُ دَمعي بَكى لِيا
فَما أُشرِفُ الأَيفاعَ إِلّا صَبابَةً
- وَلا أُنشِدُ الأَشعارَ إِلّا تَداوِيا
وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما
- يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا
لَحى اللَهُ أَقواماً يَقولونَ إِنَّنا
- وَجَدنا طَوالَ الدَهرِ لِلحُبِّ شافِيا
وَعَهدي بِلَيلى وَهيَ ذاتُ مُؤَصِّدٍ
- تَرُدُّ عَلَينا بِالعَشِيِّ المَواشِيا
فَشَبَّ بَنو لَيلى وَشَبَّ بَنو اِبنِها
- وَأَعلاقُ لَيلى في فُؤادي كَما هِيا
إِذا ما جَلَسنا مَجلِساً نَستَلِذُّهُ
- تَواشَوا بِنا حَتّى أَمَلَّ مَكانِيا
سَقى اللَهُ جاراتٍ لِلَيلى تَباعَدَت
- بِهِنَّ النَوى حَيثُ اِحتَلَلنَ المَطالِيا
وَلَم يُنسِني لَيلى اِفتِقارٌ وَلا غِنىً
- وَلا تَوبَةٌ حَتّى اِحتَضَنتُ السَوارِيا
وَلا نِسوَةٌ صَبِّغنَ كَبداءَ جَلعَداً
- لِتُشبِهَ لَيلى ثُمَّ عَرَّضنَها لِيا
خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ الَّذي
- قَضى اللَهُ في لَيلى وَلا ما قَضى لِيا
قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها
- فَهَلّا بِشَيءٍ غَيرِ لَيلى اِبتَلانِيا
وَخَبَّرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ
- لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا
فَهَذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ اِنقَضَت
- فَما لِلنَوى تَرمي بِلَيلى المَرامِيا
فَلَو أَنَّ واشٍ بِاليَمامَةِ دارُهُ
- وَداري بِأَعلى حَضرَمَوتَ اِهتَدى لِيا
وَماذا لَهُم لا أَحسَنَ اللَهُ حالُهُم
- مِنَ الحَظِّ في تَصريمِ لَيلى حَبالِيا
وَقَد كُنتُ أَعلو حُبَّ لَيلى فَلَم يَزَل
- بِيَ النَقضُ وَالإِبرامُ حَتّى عَلانِيا
فَيا رَبِّ سَوّي الحُبَّ بَيني وَبَينَها
- يَكونُ كَفافاً لا عَلَيَّ وَلا لِيا
فَما طَلَعَ النَجمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ
- وَلا الصُبحُ إِلّا هَيَّجا ذِكرَها لِيا
وَلا سِرتُ ميلاً مِن دِمَشقَ وَلا بَدا
- سُهَيلٌ لِأَهلِ الشامِ إِلّا بَدا لِيا
وَلا سُمِّيَت عِندي لَها مِن سَمِيَّةٍ
- مِنَ الناسِ إِلّا بَلَّ دَمعي رِدائِيا
وَلا هَبَّتِ الريحُ الجُنوبُ لِأَرضِها
- مِنَ اللَيلِ إِلّا بِتُّ لِلريحِ حانِيا
فَإِن تَمنَعوا لَيلى وَتَحموا بِلادَها
- عَلَيَّ فَلَن تَحموا عَلَيَّ القَوافِيا
فَأَشهَدُ عِندَ اللَهِ أَنّي أُحِبُّها
- فَهَذا لَها عِندي فَما عِندَها لِيا
قَضى اللَهُ بِالمَعروفِ مِنها لِغَيرِنا
- وَبِالشَوقِ مِنّي وَالغَرامِ قَضى لَيا
وَإِنَّ الَّذي أَمَّلتُ يا أُمَّ مالِكٍ
- أَشابَ فُوَيدي وَاِستَهامَ فُؤادَيا
أَعُدُّ اللَيالي لَيلَةً بَعدَ لَيلَةٍ
- وَقَد عِشتُ دَهراً لا أَعُدُّ اللَيالِيا
وَأَخرُجُ مِن بَينِ البُيوتِ لَعَلَّني
- أُحَدِّثُ عَنكِ النَفسَ بِاللَيلِ خالِيا
أَراني إِذا صَلَّيتُ يَمَّمتُ نَحوَها
- بِوَجهي وَإِن كانَ المُصَلّى وَرائِيا
وَما بِيَ إِشراكٌ وَلَكِنَّ حُبَّها
- وَعُظمَ الجَوى أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا
أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها
- أَوَ اِشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا
خَليلَيَّ لَيلى أَكبَرُ الحاجِ وَالمُنى
- فَمَن لي بِلَيلى أَو فَمَن ذا لَها بِيا
لَعَمري لَقَد أَبكَيتِني يا حَمامَةَ ال
- عَقيقِ وَأَبكَيتِ العُيونَ البَواكِيا
خَليلَيَّ ما أَرجو مِنَ العَيشِ بَعدَما
- أَرى حاجَتي تُشرى وَلا تُشتَرى لِيا
وَتُجرِمُ لَيلى ثُمَّ تَزعُمُ أَنَّني
- سَلوتُ وَلا يَخفى عَلى الناسِ ما بِيا
فَلَم أَرَ مِثلَينا خَليلَي صَبابَةٍ
- أَشَدَّ عَلى رَغمِ الأَعادي تَصافِيا
خَليلانِ لا نَرجو اللِقاءَ وَلا نَرى
- خَليلَينِ إِلّا يَرجُوانِ تَلاقِيا
وَإِنّي لَأَستَحيِيكِ أَن تَعرِضِ المُنى
- بِوَصلِكِ أَو أَن تَعرِضي في المُنى لِيا
يَقولُ أُناسٌ عَلَّ مَجنونَ عامِرٍ
- يَرومُ سُلوّاً قُلتُ أَنّى لِما بِيا
بِيَ اليَأسُ أَو داءُ الهُيامِ أَصابَني
- فَإِيّاكَ عَنّي لا يَكُن بِكَ ما بِيا
إِذا ما اِستَطالَ الدَهرُ يا أُمَّ مالِكٍ
- فَشَأنُ المَنايا القاضِياتِ وَشانِيا
إِذا اِكتَحَلَت عَيني بِعَينِكِ لَم تَزَل
- بِخَيرٍ وَجَلَّت غَمرَةً عَن فُؤادِيا
فَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ أَشقَيتِ عِيشَتي
- وَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ أَنعَمتِ بالِيا
وَأَنتِ الَّتي ما مِن صَديقٍ وَلا عِداً
- يَرى نِضوَ ما أَبقَيتِ إِلّا رَثى لِيا
أَمَضروبَةٌ لَيلى عَلى أَن أَزورَها
- وَمُتَّخَذٌ ذَنباً لَها أَن تَرانِيا
إِذا سِرتُ في الأَرضِ الفَضاءِ رَأَيتُني
- أُصانِعُ رَحلي أَن يَميلَ حِيالِيا
يَميناً إِذا كانَت يَميناً وَإِن تَكُن
- شِمالاً يُنازِعنِ الهَوى عَن شِمالِيا
وَإِنّي لَأَستَغشي وَما بِيَ نَعسَةٌ
- لَعَلَّ خَيالاً مِنكِ يَلقى خَيالِيا
هِيَ السِحرُ إِلّا أَنَّ لِلسِحرِ رُقيَةً
- وَأَنِّيَ لا أُلفي لَها الدَهرَ راقَيا
إِذا نَحنُ أَدلَجنا وَأَنتِ أَمامَنا
- كَفا لِمَطايانا بِذِكراكِ هادِيا
ذَكَت نارُ شَوقي في فُؤادي فَأَصبَحَت
- لَها وَهَجٌ مُستَضرَمٌ في فُؤادِيا
أَلا أَيُّها الرَكبُ اليَمانونَ عَرَّجوا
- عَلَينا فَقَد أَمسى هَواناً يَمانِيا
أُسائِلُكُم هَل سالَ نَعمانُ بَعدَنا
- وَحُبَّ إِلَينا بَطنُ نَعمانَ وادِيا
أَلا يا حَمامَي بَطنِ نَعمانَ هِجتُما
- عَلَيَّ الهَوى لَمّا تَغَنَّيتُما لِيا
وَأَبكَيتُماني وَسطَ صَحبي وَلَم أَكُن
- أُبالي دُموعَ العَينِ لَو كُنتُ خالِيا
وَيا أَيُّها القُمرِيَّتانِ تَجاوَبا
- بِلَحنَيكُما ثُمَّ اِسجَعا عَلَّلانِيا
فَإِن أَنتُما اِسطَترَبتُما أَو أَرَدتُما
- لَحاقاً بِأَطلالِ الغَضى فَاِتبَعانِيا
أَلا لَيتَ شِعري ما لِلَيلى وَمالِيا
- وَما لِلصِبا مِن بَعدِ شَيبٍ عَلانِيا
أَلا أَيُّها الواشي بِلَيلى أَلا تَرى
- إِلى مَن تَشيها أَو بِمَن جِئتُ واشِيا
لَئِن ظَعَنَ الأَحبابُ يا أُمَّ مالِكٍ
- فَما ظَعَنَ الحُبُّ الَّذي في فُؤادِيا
فَيا رَبِّ إِذ صَيَّرتَ لَيلى هِيَ المُنى
- فَزِنّي بِعَينَيها كَما زِنتَها لِيا
وَإِلّا فَبَغِّضها إِلَيَّ وَأَهلَها
- فَإِنّي بِلَيلى قَد لَقيتُ الدَواهِيا
عَلى مِثلِ لَيلى يَقتُلُ المَرءُ نَفسَهُ
- وَإِن كُنتُ مِن لَيلى عَلى اليَأسِ طاوِيا
خَليلَيَّ إِن ضَنّوا بِلَيلى فَقَرِّبا
- لِيَ النَعشَ وَالأَكفانَ وَاِستَغفِرا لِيا
وإن مت من داء الصبابة فأبلغا
- شبيهة ضوء الشمس مني سلاميا
قصائد أخرى لقيس بن الملوح
فيما يأتي مجموعة متنوعة من القصائد لقيس بن الملوح:
قصيدة أَلا مَن لِنَفسٍ حُبُّ لَيلى شِعارُها
أَلا مَن لِنَفسٍ حُبُّ لَيلى شِعارُها
- مُشارِكُها بَعدَ العَصِيِّ اِئتِمارُها
بِها عَلَقٌ مِن حُبِّ لَيلى يَزيدُهُ
- مُرورُ اللَيالي طولُها وَقِصارُها
وَلَم أَرَ لَيلى بَعدَ يَومَ اِغتَرَرتُها
- فَهاجَ خَيالاً يَومَ ذاكَ اِغتِرارُها
مِنَ البيضِ كَوماءِ العِظامِ كَأَنَّما
- يُلاثُ عَلى دَعصٍ هَيالٍ إِزارُها
فَما عَوهَجٌ أَدماءُ خَفّاقَةُ الحَشا
- لَها شادِنٌ يَدعوهُ وِتراً خِوارُها
رَعَت ثَمَرَ الأَفنانِ ثُمَّ مَقيلُها
- كِناسٌ لَدى عَيناءَ عَذبٍ ثِمارُها
بِأَحسَنِ مِن لَيلى وَلا مُكفَهِرَّةٌ
- مِنَ المُزنِ شَقَّ اللَيلُ عَنها اِزدِرارُها
وَما قَهوَةٌ صَهباءُ في مُتَمَنِّعٍ
- بِحَورانَ يَعلو حينَ فُضَّت شَرارُها
لَها مُحصَناتٌ حَولَها هُنَّ مِثلُها
- عَواتِقُ أَرجاها لِبَيعٍ تِجارُها
بِأَطيَبَ مَن فيها وَلا المِسكُ بَلَّهُ
- مِنَ اللَيلِ أَروى ديمَةٍ وَقُطارُها
قصيدة وَإِنّي وَإِن لَم آتِ لَيلى وَأَهلَها
وَإِنّي وَإِن لَم آتِ لَيلى وَأَهلَها
- لَباكٍ بُكا طِفلٍ عَلَيهِ التَمائِمُ
بُكاً لَيسَ بِالنَزرِ القَليلُ وَدائِمٌ
- كَما الهَجرُ مِن لَيلى عَلى الدَهرِ دائِمُ
هَجَرتُكِ أَيّاماً بِذي الغَمرِ إِنَّني
- عَلى هَجرِ أَيّامٍ بِذي الغَمرِ نادِمُ
فَلَمّا مَضَت أَيّامُ ذي الغَمرِ وَاِرتَمى
- بِيَ الهَجرُ لامَتني عَلَيكِ اللَوائِمُ
وَإِنّي وَذاكَ الهَجرَ ما تَعلَمينَهُ
- كَعازِبَةٍ عَن طِفلِها وَهيَ رائِمُ
أَلَم تَعلَمي أَنّي أَهيمُ بِذِكرِها
- عَلى حينِ لا يَبقى عَلى الوَصلِ هائِمُ
أَظَلُّ أُمَنّي النَفسَ إِيّاكِ خالِياً
- كَما يَتَمَنّى بارِدَ الماءِ صائِمُ
قصيدة تَعَشَّقتُ لَيلى وَاِبتُليتُ بِحُبِّها
تَعَشَّقتُ لَيلى وَاِبتُليتُ بِحُبِّها
- وَأَصبَحتُ مِنها في القِفارِ أَهيمُ
وَأَصبَحتُ فيها عاشِقاً وَمُوَلَّهاً
- مَضى الصَبرُ عَنّي وَالغَرامُ مُقيمُ
فَيا أَبَتي إِن كُنتَ حَقّاً تُريدُني
- وَتَرجو حَياتي بَينَكُنَّ أُقيمُ
فَجُد لي بِلَيلى وَاِصطَنِعني بِقُربِها
- أَصيرُ لَها زَوجاً وَأَنتَ سَليمُ
لِلَيلى عَلى قَلبي مِنَ الحُبِّ حاجِزٌ
- مُقيمٌ وَلَكِنَّ اللِسانُ عَقيمُ
فَواحِدَةٌ تَبكي مِنَ الهَجرِ وَالقِلى
- وَأُخرى تُبَكّي شَجوَها وَتُقيمُ
وَتَنهَشُني مِن حُبِّ لَيلى نَواهِشٌ
- لَهُنَّ حَريقٌ في الفُؤادِ عَظيمُ
إِلى اللَهِ أَشكو حُبَّ لَيلى كَما شَكا
- إِلى اللَهِ فَقدَ الوالِدَينِ يَتيمُ
يَتيمٌ جَفاهُ الأَقرَبونَ فَعَظمُهُ
- ضَعيفٌ وَحُبُّ الوالِدَينِ قَديمُ
وَإِنَّ زَماناً فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا
- وَبَينَكِ يا لَيلى فَذاكَ ذَميمُ
قصيدة فَما وَجدُ أَعرابيَّةٍ قَذَفَت بِها
فَما وَجدُ أَعرابيَّةٍ قَذَفَت بِها
- صُروفُ النَوى مِن حَيثُ لَم تَكُ ظَنَّتِ
إِذا ذَكَرَت نَجداً وَطيبَ تُرابِهِ
- وَخَيمَةَ نَجدٍ أَعوَلَت وَأَرَنَّتِ
بِأَكثَرَ مِنّي حُرقَةً وَصَبابَةً
- إِلى هَضَباتٍ بِاللَوى قَد أَظَلَّتِ
تَمَنَّت أَحاليبُ الرِعاءِ وَخَيمَةً
- بِنَجدٍ فَلَم يُقدَر لَها ما تَمَنَّتِ
إِذا ذَكَرَت ماءَ الفَضاءِ وَخَيمَةً
- وَبَردِ الضُحى مِن نَحوِ نَجدَ أَرَنَّتِ
لَها أَنَّةٌ قَبلَ العِشاءِ وَأَنَّةٌ
- سُحَيرٌ فَلَولا أَنَّتاها لَجُنَّتِ
بِأَوجَدَ مِن وَجدٍ بِلَيلى وَجَدتُهُ
- غَداةَ اِرتَحَلنا غَدوَةً وَاِطمَأَنَتِ
فَإِن يَكُ هَذا عَهدُ لَيلى وَأَهلِنا
- فَهَذا الَّذي كُنّا ظَنَنّا وَظَنَّتِ
أَلا قاتَلَ اللَهُ الحَمامَةَ غَدوَةً
- عَلى الغُصنِ ماذا هَيَّجَت حينَ غَنَّتِ
تَغَنَّت بِلَحنٍ أَعجَميٍّ فَهَيَّجَت
- هَوايَ الَّذي بَينَ الضُلوعِ أَجَنَّتِ
نَظَرتُ إِلَيهِنَّ الغَداةَ بِنَظرَةٍ
- وَلَو نَظَرَت عَيني بِطَرفي تَجَنَّتِ
خَفَت شَجَناً مِن شَجوِها ثُمَّ أَعلَنَت
- كَإِعوالِ ثَكلى أُثكِلَت ثُمَّ حَنَّتِ
فَما أَخَّرَت إِذ هَيَّجَت مِن صَبابَتي
- غَداةَ أَشاعَت لِلهَوى وَاِرفَأَنَّتِ
أَقولُ لِحادي عيرِ لَيلى وَقَد يَرى
- ثِيابِيَ يَجري الدَمعُ فيها فَبُلَّتِ
أَلا قاتَلَ اللَهُ اللَوى مِن مَحَلَّةِ
- وَقاتَلَ ذُؤباناً بِها كَيفَ وَلَّتِ
غَبَرنا زَمانا بِاللِوى ثُمَّ أَصبَحَت
- بِراقِ اللِوى مِن أَهلِها قَد تَخَلَّتِ
أُلامُ عَلى لَيلى وَلَو أَنَّ هامَتي
- تُداوى بِلَيلى بَعدَ يُبسٍ لَبُلَّتِ
بِذي أَشَرٍ تَجري بِهِ الراحُ أُنهِلَت
- تَخالُ بِها بَعدَ العِشاءِ وَعَلَّتِ
وَيَبسِمُ إيماضَ الغَمامَةِ إِذ سَمَت
- إِلَيها عُيونُ الناسِ حَتّى اِستَهَلَّتِ
حَلَفتُ لَها بِاللَهِ ما حَلَّ بَعدَها
- وَلا قَبلَها إِنسِيَّةٌ حَيثُ حَلَّتِ
أَقامَت بِأَعلى شُعبَةٍ مِن فُؤادِهِ
- فَلا القَلبُ يَنساها وَلا العَينُ مَلَّتِ
وَقَد زَعَمَت أَنّي سَأَبغي إِذا نَأَت
- بِها بَدَلاً يا بِئسَ ما بِيَ ظَنَّتِ
وَما أَنصَفَت أَمّا النِساءَ فَبَغَّضَت
- إِلَيَّ وَأَمّا بِالنَوالِ فَضَنَّتِ
فَيا حَبَّذا إِعراضُ لَيلى وَقَولُها
- هَمَمتَ بِهَجرٍ وَهيَ بِالهَجرِ هَمَّتِ
فَما أُمُّ سَقبَ هالِكٍ في مَضَلَّةٍ
- إِذا ذَكَرَتهُ آخِرَ اللَيلِ حَنَّتِ
بِأَبرَحَ مِنّي لَوعَةً غَيرَ أَنَّني
- أُجَمجِمُ أَحشائي عَلى ما أَكَنَّتِ
خَليلَيَّ هَذي زَفرَةُ اليَومِ قَد مَضَت
- فَمَن لِغَدٍ مِن زَفرَةٍ قَد أَظَلَّتِ
قصيدة أَنيري مَكانَ البَدرِ إِن أَفَلَ البَدرُ
أَنيري مَكانَ البَدرِ إِن أَفَلَ البَدرُ
- وَقومي مَقامَ الشَمسِ ما اِستَأخَرَ الفَجرُ
فَفيكِ مِنَ الشَمسِ المُنيرَةِ ضَوءُها
- وَلَيسَ لَها مِنكِ التَبَسُّمُ وَالثَغرُ
بَلى لَكِ نورُ الشَمسِ وَالبَدرُ كُلُّهُ
- وَلا حَمَلَت عَينَيكِ شَمسٌ وَلا بَدرُ
لَكِ الشَرقَةُ اللَألاءُ وَالبَدرُ طالِعٌ
- وَلَيسَ لَها مِنكِ التَرائِبُ وَالنَحرُ
وَمِن أَينَ لِلشَمسِ المُنيرَةِ بِالضُحى
- بِمَكحولَةِ العَينَينِ في طَرفِها فَترُ
وَأَنّى لَها مَن دَلَّ لَيلى إِذا اِنثَنَت
- بِعَينَي مَهاةِ الرَملِ قَد مَسَّها الذُعرُ
تَبَسَّمُ لَيلى عَن ثَنايا كَأَنَّها
- أَقاحٍ بِجَرعاءِ المَراضينِ أَو دُرُّ
مُنَعَّمَةٌ لَو باشَرَ الذَرُّ جِلدَها
- لَآثَرَ مِنها في مَدارِجِها الذَرُّ
إِذا أَقبَلَت تَمشي تُقارِبُ خَطوَها
- إِلى الأَقرَبِ الأَدنى تَقَسَّمَها البُهرُ
مَريضَةُ أَثناءَ التَعَطُّفِ إِنَّها
- تَخافُ عَلى الأَردافِ يَثلُمُها الخَصرُ
فَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَقيقَينِ تَرعَوي
- إِلى رَشَأٍ طِفلٍ مَفاصِلُهُ خُدرُ
بِمُخضَلَّةٍ جادَ الرَبيعُ زُهائَها
- رَهائِمَ وَسمِيٍّ سَحائِبُهُ غُزرُ
وَقَفنا عَلى أَطلالِ لَيلى عَشيَّةً
- بِأَجزَعِ حَزوى وَهيَ طامِسَةٌ دُثرُ
يُجادُ بِها مُزنانِ أَسحَمُ باكِرٌ
- وَآخَرُ مِعهادُ الرَواحِ لَهُ زَجرُ
وَأَوفى عَلى رَوضِ الخُزامى نَسيمُها
- وَأَنوارُها وَاِخضَوضَلَ الوَرَقُ النَضرُ
رَواحاً وَقَد حَنَّت أَوائِلَ لَيلِها
- رَوائِحُ لِلإِظلامِ أَلوانُها كُدرُ
تُقَلِّبُ عَينَي خازِلٍ بَينَ مُرعَوٍ
- وَآثارِ آياتٍ وَقَد راحَتِ العُفرُ
بِأُحسَنَ مِن لَيلى مِعُيدَةَ نَظرَةٍ
- إِلَيَّ اِلتِفاتاً حينَ وَلَّت بِها السَفرُ
مُحاذِيَةً عَيني بِدَمعٍ كَأَنَّما
- تَحَلَّبُ مِن أَشفارِها دُرَرٌ غُزرُ
فَلَم أَرَ إِلّا مُقلَةً لَم أَكَد بِها
- أَشيمُ رُسومَ الدارِ ما فَعَلَ الذِكرُ
رَفَعنَ بِها خوصَ العُيونِ وَجوهُها
- مُلَفَّعَةٌ تُرباً وَأَعيُنُها خُزرُ
وَما زِلتُ مَحمودَ التَصَبُّرِ في الَّذي
- يَنوبُ وَلَكِن في الهَوى لَيسَ لي صَبرُ