قصيدة تذكرت ليلى والسنين الخواليا

كتابة:
قصيدة تذكرت ليلى والسنين الخواليا

قصيدة تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا

يقول قيس بن الملوح:

تَذَكَّرتُ لَيلى وَالسِنينَ الخَوالِيا

وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا

وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِلَّهُ

بِلَيلى فَلَهّاني وَما كُنتُ لاهِيا

بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي

بِذاتِ الغَضى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا

فَقالَ بَصيرُ القَومِ أَلمَحتُ كَوكَباً

بَدا في سَوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا

فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَوَقَّدَت

بِعَليا تَسامى ضَوءُها فَبَدا لِيا

فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضى

وَلَيتَ الغَضى ماشى الرِكابَ لَيالِيا

فَيا لَيلَ كَم مِن حاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ

إِذا جِئتُكُم بِاللَيلِ لَم أَدرِ ماهِيا

خَليلَيَّ إِن تَبكِيانِيَ أَلتَمِس

خَليلاً إِذا أَنزَفتُ دَمعي بَكى لِيا

فَما أُشرِفُ الأَيفاعَ إِلّا صَبابَةً

وَلا أُنشِدُ الأَشعارَ إِلّا تَداوِيا

وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما

يَظُنّانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا

لَحى اللَهُ أَقواماً يَقولونَ إِنَّنا

وَجَدنا طَوالَ الدَهرِ لِلحُبِّ شافِيا

وَعَهدي بِلَيلى وَهيَ ذاتُ مُؤَصِّدٍ

تَرُدُّ عَلَينا بِالعَشِيِّ المَواشِيا

فَشَبَّ بَنو لَيلى وَشَبَّ بَنو اِبنِها

وَأَعلاقُ لَيلى في فُؤادي كَما هِيا

إِذا ما جَلَسنا مَجلِساً نَستَلِذُّهُ

تَواشَوا بِنا حَتّى أَمَلَّ مَكانِيا

سَقى اللَهُ جاراتٍ لِلَيلى تَباعَدَت

بِهِنَّ النَوى حَيثُ اِحتَلَلنَ المَطالِيا

وَلَم يُنسِني لَيلى اِفتِقارٌ وَلا غِنىً

وَلا تَوبَةٌ حَتّى اِحتَضَنتُ السَوارِيا

وَلا نِسوَةٌ صَبِّغنَ كَبداءَ جَلعَداً

لِتُشبِهَ لَيلى ثُمَّ عَرَّضنَها لِيا

خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ الَّذي

قَضى اللَهُ في لَيلى وَلا ما قَضى لِيا

قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها

فَهَلّا بِشَيءٍ غَيرِ لَيلى اِبتَلانِيا

وَخَبَّرتُماني أَنَّ تَيماءَ مَنزِلٌ

لِلَيلى إِذا ما الصَيفُ أَلقى المَراسِيا

فَهَذي شُهورُ الصَيفِ عَنّا قَدِ اِنقَضَت

فَما لِلنَوى تَرمي بِلَيلى المَرامِيا

فَلَو أَنَّ واشٍ بِاليَمامَةِ دارُهُ

وَداري بِأَعلى حَضرَمَوتَ اِهتَدى لِيا

وَماذا لَهُم لا أَحسَنَ اللَهُ حالُهُم

مِنَ الحَظِّ في تَصريمِ لَيلى حَبالِيا

وَقَد كُنتُ أَعلو حُبَّ لَيلى فَلَم يَزَل

بِيَ النَقضُ وَالإِبرامُ حَتّى عَلانِيا

فَيا رَبِّ سَوّي الحُبَّ بَيني وَبَينَها

يَكونُ كَفافاً لا عَلَيَّ وَلا لِيا

فَما طَلَعَ النَجمُ الَّذي يُهتَدى بِهِ

وَلا الصُبحُ إِلّا هَيَّجا ذِكرَها لِيا

وَلا سِرتُ ميلاً مِن دِمَشقَ وَلا بَدا

سُهَيلٌ لِأَهلِ الشامِ إِلّا بَدا لِيا

وَلا سُمِّيَت عِندي لَها مِن سَمِيَّةٍ

مِنَ الناسِ إِلّا بَلَّ دَمعي رِدائِيا

وَلا هَبَّتِ الريحُ الجُنوبُ لِأَرضِها

مِنَ اللَيلِ إِلّا بِتُّ لِلريحِ حانِيا

فَإِن تَمنَعوا لَيلى وَتَحموا بِلادَها

عَلَيَّ فَلَن تَحموا عَلَيَّ القَوافِيا

فَأَشهَدُ عِندَ اللَهِ أَنّي أُحِبُّها

فَهَذا لَها عِندي فَما عِندَها لِيا

قَضى اللَهُ بِالمَعروفِ مِنها لِغَيرِنا

وَبِالشَوقِ مِنّي وَالغَرامِ قَضى لَيا

وَإِنَّ الَّذي أَمَّلتُ يا أُمَّ مالِكٍ

أَشابَ فُوَيدي وَاِستَهامَ فُؤادَيا

أَعُدُّ اللَيالي لَيلَةً بَعدَ لَيلَةٍ

وَقَد عِشتُ دَهراً لا أَعُدُّ اللَيالِيا

وَأَخرُجُ مِن بَينِ البُيوتِ لَعَلَّني

أُحَدِّثُ عَنكِ النَفسَ بِاللَيلِ خالِيا

أَراني إِذا صَلَّيتُ يَمَّمتُ نَحوَها

بِوَجهي وَإِن كانَ المُصَلّى وَرائِيا

وَما بِيَ إِشراكٌ وَلَكِنَّ حُبَّها

وَعُظمَ الجَوى أَعيا الطَبيبَ المُداوِيا

أُحِبُّ مِنَ الأَسماءِ ما وافَقَ اِسمَها

أَوَ اِشبَهَهُ أَو كانَ مِنهُ مُدانِيا

خَليلَيَّ لَيلى أَكبَرُ الحاجِ وَالمُنى

فَمَن لي بِلَيلى أَو فَمَن ذا لَها بِيا

لَعَمري لَقَد أَبكَيتِني يا حَمامَةَ ال

عَقيقِ وَأَبكَيتِ العُيونَ البَواكِيا

خَليلَيَّ ما أَرجو مِنَ العَيشِ بَعدَما

أَرى حاجَتي تُشرى وَلا تُشتَرى لِيا

وَتُجرِمُ لَيلى ثُمَّ تَزعُمُ أَنَّني

سَلوتُ وَلا يَخفى عَلى الناسِ ما بِيا

فَلَم أَرَ مِثلَينا خَليلَي صَبابَةٍ

أَشَدَّ عَلى رَغمِ الأَعادي تَصافِيا

خَليلانِ لا نَرجو اللِقاءَ وَلا نَرى

خَليلَينِ إِلّا يَرجُوانِ تَلاقِيا

وَإِنّي لَأَستَحيِيكِ أَن تَعرِضِ المُنى

بِوَصلِكِ أَو أَن تَعرِضي في المُنى لِيا

يَقولُ أُناسٌ عَلَّ مَجنونَ عامِرٍ

يَرومُ سُلوّاً قُلتُ أَنّى لِما بِيا

بِيَ اليَأسُ أَو داءُ الهُيامِ أَصابَني

فَإِيّاكَ عَنّي لا يَكُن بِكَ ما بِيا

إِذا ما اِستَطالَ الدَهرُ يا أُمَّ مالِكٍ

فَشَأنُ المَنايا القاضِياتِ وَشانِيا

إِذا اِكتَحَلَت عَيني بِعَينِكِ لَم تَزَل

بِخَيرٍ وَجَلَّت غَمرَةً عَن فُؤادِيا

فَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ أَشقَيتِ عِيشَتي

وَأَنتِ الَّتي إِن شِئتِ أَنعَمتِ بالِيا

وَأَنتِ الَّتي ما مِن صَديقٍ وَلا عِداً

يَرى نِضوَ ما أَبقَيتِ إِلّا رَثى لِيا

أَمَضروبَةٌ لَيلى عَلى أَن أَزورَها

وَمُتَّخَذٌ ذَنباً لَها أَن تَرانِيا

إِذا سِرتُ في الأَرضِ الفَضاءِ رَأَيتُني

أُصانِعُ رَحلي أَن يَميلَ حِيالِيا

يَميناً إِذا كانَت يَميناً وَإِن تَكُن

شِمالاً يُنازِعنِ الهَوى عَن شِمالِيا

وَإِنّي لَأَستَغشي وَما بِيَ نَعسَةٌ

لَعَلَّ خَيالاً مِنكِ يَلقى خَيالِيا

هِيَ السِحرُ إِلّا أَنَّ لِلسِحرِ رُقيَةً

وَأَنِّيَ لا أُلفي لَها الدَهرَ راقَيا

إِذا نَحنُ أَدلَجنا وَأَنتِ أَمامَنا

كَفا لِمَطايانا بِذِكراكِ هادِيا

ذَكَت نارُ شَوقي في فُؤادي فَأَصبَحَت

لَها وَهَجٌ مُستَضرَمٌ في فُؤادِيا

أَلا أَيُّها الرَكبُ اليَمانونَ عَرَّجوا

عَلَينا فَقَد أَمسى هَواناً يَمانِيا

أُسائِلُكُم هَل سالَ نَعمانُ بَعدَنا

وَحُبَّ إِلَينا بَطنُ نَعمانَ وادِيا

أَلا يا حَمامَي بَطنِ نَعمانَ هِجتُما

عَلَيَّ الهَوى لَمّا تَغَنَّيتُما لِيا

وَأَبكَيتُماني وَسطَ صَحبي وَلَم أَكُن

أُبالي دُموعَ العَينِ لَو كُنتُ خالِيا

وَيا أَيُّها القُمرِيَّتانِ تَجاوَبا

بِلَحنَيكُما ثُمَّ اِسجَعا عَلَّلانِيا

فَإِن أَنتُما اِسطَترَبتُما أَو أَرَدتُما

لَحاقاً بِأَطلالِ الغَضى فَاِتبَعانِيا

أَلا لَيتَ شِعري ما لِلَيلى وَمالِيا

وَما لِلصِبا مِن بَعدِ شَيبٍ عَلانِيا

أَلا أَيُّها الواشي بِلَيلى أَلا تَرى

إِلى مَن تَشيها أَو بِمَن جِئتُ واشِيا

لَئِن ظَعَنَ الأَحبابُ يا أُمَّ مالِكٍ

فَما ظَعَنَ الحُبُّ الَّذي في فُؤادِيا

فَيا رَبِّ إِذ صَيَّرتَ لَيلى هِيَ المُنى

فَزِنّي بِعَينَيها كَما زِنتَها لِيا

وَإِلّا فَبَغِّضها إِلَيَّ وَأَهلَها

فَإِنّي بِلَيلى قَد لَقيتُ الدَواهِيا

عَلى مِثلِ لَيلى يَقتُلُ المَرءُ نَفسَهُ

وَإِن كُنتُ مِن لَيلى عَلى اليَأسِ طاوِيا

خَليلَيَّ إِن ضَنّوا بِلَيلى فَقَرِّبا

لِيَ النَعشَ وَالأَكفانَ وَاِستَغفِرا لِيا

وإن مت من داء الصبابة فأبلغا

شبيهة ضوء الشمس مني سلاميا


قصائد أخرى لقيس بن الملوح

فيما يأتي مجموعة متنوعة من القصائد لقيس بن الملوح:

قصيدة أَلا مَن لِنَفسٍ حُبُّ لَيلى شِعارُها

أَلا مَن لِنَفسٍ حُبُّ لَيلى شِعارُها

مُشارِكُها بَعدَ العَصِيِّ اِئتِمارُها

بِها عَلَقٌ مِن حُبِّ لَيلى يَزيدُهُ

مُرورُ اللَيالي طولُها وَقِصارُها

وَلَم أَرَ لَيلى بَعدَ يَومَ اِغتَرَرتُها

فَهاجَ خَيالاً يَومَ ذاكَ اِغتِرارُها

مِنَ البيضِ كَوماءِ العِظامِ كَأَنَّما

يُلاثُ عَلى دَعصٍ هَيالٍ إِزارُها

فَما عَوهَجٌ أَدماءُ خَفّاقَةُ الحَشا

لَها شادِنٌ يَدعوهُ وِتراً خِوارُها

رَعَت ثَمَرَ الأَفنانِ ثُمَّ مَقيلُها

كِناسٌ لَدى عَيناءَ عَذبٍ ثِمارُها

بِأَحسَنِ مِن لَيلى وَلا مُكفَهِرَّةٌ

مِنَ المُزنِ شَقَّ اللَيلُ عَنها اِزدِرارُها

وَما قَهوَةٌ صَهباءُ في مُتَمَنِّعٍ

بِحَورانَ يَعلو حينَ فُضَّت شَرارُها

لَها مُحصَناتٌ حَولَها هُنَّ مِثلُها

عَواتِقُ أَرجاها لِبَيعٍ تِجارُها

بِأَطيَبَ مَن فيها وَلا المِسكُ بَلَّهُ

مِنَ اللَيلِ أَروى ديمَةٍ وَقُطارُها


قصيدة وَإِنّي وَإِن لَم آتِ لَيلى وَأَهلَها

وَإِنّي وَإِن لَم آتِ لَيلى وَأَهلَها

لَباكٍ بُكا طِفلٍ عَلَيهِ التَمائِمُ

بُكاً لَيسَ بِالنَزرِ القَليلُ وَدائِمٌ

كَما الهَجرُ مِن لَيلى عَلى الدَهرِ دائِمُ

هَجَرتُكِ أَيّاماً بِذي الغَمرِ إِنَّني

عَلى هَجرِ أَيّامٍ بِذي الغَمرِ نادِمُ

فَلَمّا مَضَت أَيّامُ ذي الغَمرِ وَاِرتَمى

بِيَ الهَجرُ لامَتني عَلَيكِ اللَوائِمُ

وَإِنّي وَذاكَ الهَجرَ ما تَعلَمينَهُ

كَعازِبَةٍ عَن طِفلِها وَهيَ رائِمُ

أَلَم تَعلَمي أَنّي أَهيمُ بِذِكرِها

عَلى حينِ لا يَبقى عَلى الوَصلِ هائِمُ

أَظَلُّ أُمَنّي النَفسَ إِيّاكِ خالِياً

كَما يَتَمَنّى بارِدَ الماءِ صائِمُ


قصيدة تَعَشَّقتُ لَيلى وَاِبتُليتُ بِحُبِّها

تَعَشَّقتُ لَيلى وَاِبتُليتُ بِحُبِّها

وَأَصبَحتُ مِنها في القِفارِ أَهيمُ

وَأَصبَحتُ فيها عاشِقاً وَمُوَلَّهاً

مَضى الصَبرُ عَنّي وَالغَرامُ مُقيمُ

فَيا أَبَتي إِن كُنتَ حَقّاً تُريدُني

وَتَرجو حَياتي بَينَكُنَّ أُقيمُ

فَجُد لي بِلَيلى وَاِصطَنِعني بِقُربِها

أَصيرُ لَها زَوجاً وَأَنتَ سَليمُ

لِلَيلى عَلى قَلبي مِنَ الحُبِّ حاجِزٌ

مُقيمٌ وَلَكِنَّ اللِسانُ عَقيمُ

فَواحِدَةٌ تَبكي مِنَ الهَجرِ وَالقِلى

وَأُخرى تُبَكّي شَجوَها وَتُقيمُ

وَتَنهَشُني مِن حُبِّ لَيلى نَواهِشٌ

لَهُنَّ حَريقٌ في الفُؤادِ عَظيمُ

إِلى اللَهِ أَشكو حُبَّ لَيلى كَما شَكا

إِلى اللَهِ فَقدَ الوالِدَينِ يَتيمُ

يَتيمٌ جَفاهُ الأَقرَبونَ فَعَظمُهُ

ضَعيفٌ وَحُبُّ الوالِدَينِ قَديمُ

وَإِنَّ زَماناً فَرَّقَ الدَهرُ بَينَنا

وَبَينَكِ يا لَيلى فَذاكَ ذَميمُ


قصيدة فَما وَجدُ أَعرابيَّةٍ قَذَفَت بِها

فَما وَجدُ أَعرابيَّةٍ قَذَفَت بِها

صُروفُ النَوى مِن حَيثُ لَم تَكُ ظَنَّتِ

إِذا ذَكَرَت نَجداً وَطيبَ تُرابِهِ

وَخَيمَةَ نَجدٍ أَعوَلَت وَأَرَنَّتِ

بِأَكثَرَ مِنّي حُرقَةً وَصَبابَةً

إِلى هَضَباتٍ بِاللَوى قَد أَظَلَّتِ

تَمَنَّت أَحاليبُ الرِعاءِ وَخَيمَةً

بِنَجدٍ فَلَم يُقدَر لَها ما تَمَنَّتِ

إِذا ذَكَرَت ماءَ الفَضاءِ وَخَيمَةً

وَبَردِ الضُحى مِن نَحوِ نَجدَ أَرَنَّتِ

لَها أَنَّةٌ قَبلَ العِشاءِ وَأَنَّةٌ

سُحَيرٌ فَلَولا أَنَّتاها لَجُنَّتِ

بِأَوجَدَ مِن وَجدٍ بِلَيلى وَجَدتُهُ

غَداةَ اِرتَحَلنا غَدوَةً وَاِطمَأَنَتِ

فَإِن يَكُ هَذا عَهدُ لَيلى وَأَهلِنا

فَهَذا الَّذي كُنّا ظَنَنّا وَظَنَّتِ

أَلا قاتَلَ اللَهُ الحَمامَةَ غَدوَةً

عَلى الغُصنِ ماذا هَيَّجَت حينَ غَنَّتِ

تَغَنَّت بِلَحنٍ أَعجَميٍّ فَهَيَّجَت

هَوايَ الَّذي بَينَ الضُلوعِ أَجَنَّتِ

نَظَرتُ إِلَيهِنَّ الغَداةَ بِنَظرَةٍ

وَلَو نَظَرَت عَيني بِطَرفي تَجَنَّتِ

خَفَت شَجَناً مِن شَجوِها ثُمَّ أَعلَنَت

كَإِعوالِ ثَكلى أُثكِلَت ثُمَّ حَنَّتِ

فَما أَخَّرَت إِذ هَيَّجَت مِن صَبابَتي

غَداةَ أَشاعَت لِلهَوى وَاِرفَأَنَّتِ

أَقولُ لِحادي عيرِ لَيلى وَقَد يَرى

ثِيابِيَ يَجري الدَمعُ فيها فَبُلَّتِ

أَلا قاتَلَ اللَهُ اللَوى مِن مَحَلَّةِ

وَقاتَلَ ذُؤباناً بِها كَيفَ وَلَّتِ

غَبَرنا زَمانا بِاللِوى ثُمَّ أَصبَحَت

بِراقِ اللِوى مِن أَهلِها قَد تَخَلَّتِ

أُلامُ عَلى لَيلى وَلَو أَنَّ هامَتي

تُداوى بِلَيلى بَعدَ يُبسٍ لَبُلَّتِ

بِذي أَشَرٍ تَجري بِهِ الراحُ أُنهِلَت

تَخالُ بِها بَعدَ العِشاءِ وَعَلَّتِ

وَيَبسِمُ إيماضَ الغَمامَةِ إِذ سَمَت

إِلَيها عُيونُ الناسِ حَتّى اِستَهَلَّتِ

حَلَفتُ لَها بِاللَهِ ما حَلَّ بَعدَها

وَلا قَبلَها إِنسِيَّةٌ حَيثُ حَلَّتِ

أَقامَت بِأَعلى شُعبَةٍ مِن فُؤادِهِ

فَلا القَلبُ يَنساها وَلا العَينُ مَلَّتِ

وَقَد زَعَمَت أَنّي سَأَبغي إِذا نَأَت

بِها بَدَلاً يا بِئسَ ما بِيَ ظَنَّتِ

وَما أَنصَفَت أَمّا النِساءَ فَبَغَّضَت

إِلَيَّ وَأَمّا بِالنَوالِ فَضَنَّتِ

فَيا حَبَّذا إِعراضُ لَيلى وَقَولُها

هَمَمتَ بِهَجرٍ وَهيَ بِالهَجرِ هَمَّتِ

فَما أُمُّ سَقبَ هالِكٍ في مَضَلَّةٍ

إِذا ذَكَرَتهُ آخِرَ اللَيلِ حَنَّتِ

بِأَبرَحَ مِنّي لَوعَةً غَيرَ أَنَّني

أُجَمجِمُ أَحشائي عَلى ما أَكَنَّتِ

خَليلَيَّ هَذي زَفرَةُ اليَومِ قَد مَضَت

فَمَن لِغَدٍ مِن زَفرَةٍ قَد أَظَلَّتِ


قصيدة أَنيري مَكانَ البَدرِ إِن أَفَلَ البَدرُ

أَنيري مَكانَ البَدرِ إِن أَفَلَ البَدرُ

وَقومي مَقامَ الشَمسِ ما اِستَأخَرَ الفَجرُ

فَفيكِ مِنَ الشَمسِ المُنيرَةِ ضَوءُها

وَلَيسَ لَها مِنكِ التَبَسُّمُ وَالثَغرُ

بَلى لَكِ نورُ الشَمسِ وَالبَدرُ كُلُّهُ

وَلا حَمَلَت عَينَيكِ شَمسٌ وَلا بَدرُ

لَكِ الشَرقَةُ اللَألاءُ وَالبَدرُ طالِعٌ

وَلَيسَ لَها مِنكِ التَرائِبُ وَالنَحرُ

وَمِن أَينَ لِلشَمسِ المُنيرَةِ بِالضُحى

بِمَكحولَةِ العَينَينِ في طَرفِها فَترُ

وَأَنّى لَها مَن دَلَّ لَيلى إِذا اِنثَنَت

بِعَينَي مَهاةِ الرَملِ قَد مَسَّها الذُعرُ

تَبَسَّمُ لَيلى عَن ثَنايا كَأَنَّها

أَقاحٍ بِجَرعاءِ المَراضينِ أَو دُرُّ

مُنَعَّمَةٌ لَو باشَرَ الذَرُّ جِلدَها

لَآثَرَ مِنها في مَدارِجِها الذَرُّ

إِذا أَقبَلَت تَمشي تُقارِبُ خَطوَها

إِلى الأَقرَبِ الأَدنى تَقَسَّمَها البُهرُ

مَريضَةُ أَثناءَ التَعَطُّفِ إِنَّها

تَخافُ عَلى الأَردافِ يَثلُمُها الخَصرُ

فَما أُمُّ خِشفٍ بِالعَقيقَينِ تَرعَوي

إِلى رَشَأٍ طِفلٍ مَفاصِلُهُ خُدرُ

بِمُخضَلَّةٍ جادَ الرَبيعُ زُهائَها

رَهائِمَ وَسمِيٍّ سَحائِبُهُ غُزرُ

وَقَفنا عَلى أَطلالِ لَيلى عَشيَّةً

بِأَجزَعِ حَزوى وَهيَ طامِسَةٌ دُثرُ

يُجادُ بِها مُزنانِ أَسحَمُ باكِرٌ

وَآخَرُ مِعهادُ الرَواحِ لَهُ زَجرُ

وَأَوفى عَلى رَوضِ الخُزامى نَسيمُها

وَأَنوارُها وَاِخضَوضَلَ الوَرَقُ النَضرُ

رَواحاً وَقَد حَنَّت أَوائِلَ لَيلِها

رَوائِحُ لِلإِظلامِ أَلوانُها كُدرُ

تُقَلِّبُ عَينَي خازِلٍ بَينَ مُرعَوٍ

وَآثارِ آياتٍ وَقَد راحَتِ العُفرُ

بِأُحسَنَ مِن لَيلى مِعُيدَةَ نَظرَةٍ

إِلَيَّ اِلتِفاتاً حينَ وَلَّت بِها السَفرُ

مُحاذِيَةً عَيني بِدَمعٍ كَأَنَّما

تَحَلَّبُ مِن أَشفارِها دُرَرٌ غُزرُ

فَلَم أَرَ إِلّا مُقلَةً لَم أَكَد بِها

أَشيمُ رُسومَ الدارِ ما فَعَلَ الذِكرُ

رَفَعنَ بِها خوصَ العُيونِ وَجوهُها

مُلَفَّعَةٌ تُرباً وَأَعيُنُها خُزرُ

وَما زِلتُ مَحمودَ التَصَبُّرِ في الَّذي

يَنوبُ وَلَكِن في الهَوى لَيسَ لي صَبرُ
5877 مشاهدة
للأعلى للسفل
×